النهار
الخميس 4 يوليو 2024 02:27 صـ 27 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

القوى السياسية والعسكريون يباركون تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة

اختتمت الدورة الـ26 للقمة العربية أعمالها في مدينة شرم الشيخ بمصر وكان من أهم ما خرجت به التأكيد على استمرار عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد جماعة الحوثي في اليمن، والتنسيق من أجل تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة.

ليس هذا فحسب، بل إن البيان الختامى خرج بالعديد من التأكيدات من خلال بيان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، ومن هذه التأكيدات استمرار عملية عاصفة الحزم ضد مسلحي جماعة الحوثي حتى استسلامهم وعودة الشرعية الممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.

القمة نجحت بدرجة كبيرة من خلال عرض قضايا غير تقليدية تخص الدول العربية. كذلك التوافق على ما تم التوصل إليه من قرارات, وهو الأمر الذى يحدث للمرة الأولى فى تاريخ انعقاد القمم العربية السابقة ...

نحاول من خلال الملف الآتى استعراض رد فعل القوى السياسية لما توصلت إليه القمة العربية وكذلك امكانية التنفيذ بالإضافة إلى رأى الخبراء العسكريين والسياسيين فى القوة العربية المشتركة الجارى تشكيلها وتأسيسها ..

 

هل تنجح الجامعة العربية فى تشكيل القوة المشتركة؟

فور إعلان وزير الخارجية سامح شكري، عن إطار زمنى لتشكيل القوة العربية المشتركة وطرح تكوينها خلال 4 أشهر، أعربت أحزاب وقوى سياسية عن سعادتها بهذه المبادرة، ولكنها حذرت من عدم تطبيقها على أرض الواقع، نظرًا لما تمر به الدول العربية حاليًا من صراعات وأحداث قبلية، خاصًة بعدما نجح التحالف العربى الذى تقوده السعودية، فى ضرب معاقل الحوثيين فى اليمن، بعد طلب من الرئيس عبدربه منصور هادي، من دول الخليج بالتدخل.

وشدد اتحاد نواب مصر على ضرورة الإسراع فى تفعيل هذا القرار تحت شعار "جيش عربى موحد"، على أن يصاحبه تفعيل العمل العربى المشترك فى جميع المجالات، مُحذرًا فى الوقت ذاته، من تجاهل بعض قيادات الدول العربية لفكرة الخطر والمصير المشترك، فيما طالب حزب "المؤتمر"، خلال بيان له بضرورة تفعيل نتائج وتوصيات القمة، رافضًا ألا يتم تطبيقها فى ظل الأخطار التى تواجهها المنطقة.

وأكد البرلمانى السابق ياسر القاضي، أن إيران أصبحت عدوًا بارزًا، وطالب بالانتباه للأخطار التى تواجه الدول العربية فى المنطقة، فيما شدد البرلمانى السابق، الدكتور  أيمن أبوالعلا، على أن مشروع البيان الختامى للقمة العربية، فى شرم الشيخ، كان مُلبيًا لطموحات الشعوب العربية، مطالبًا بضرورة توحد الدول العربية من أجل أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن قرار إنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريًا تأخر كثيرًا.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد أعلن أن القادة العرب قرروا خلال القمة العربية، إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة واستمرار العمل والتواصل والتنسيق معًا لخدمة القضايا العربية المشتركة، واعتمد الإعلان الختامى للقمة، تشكيل القوة العربية المشتركة اختياريًّا بين الدول الأعضاء خلال المدة المحددة.

وأكد مشروع البيان الختامى لأعمال "القمة العربية"، الذى رفعه وزراء الخارجية إلى القادة، على إنشاء قوة عسكرية عربية، تُشارك فيها الدول اختياريًا، وتتدخل هذه القوة عسكريًا لمواجهة التحديات التى تهدد أمن وسلامة أى من الدول الأعضاء، وذلك بناءً على طلب من الدولة المعنية، وأيّد الإجراءات العسكرية التى يتخذها التحالف العربى ضمن عملية "عاصفة الحزم".

وعن إمكانية إنشاء قوة تدخل عربية خلال الفترة القليلة المقبلة، وأبرز المعوقات والتحديات التى قد تواجه الدول لدى تنفيذها، وغيرها من التساؤلات، استطلعت جريدة "النهار"، آراء خبراء استراتيجيين وعسكريين، وكانت البداية مع الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، الذى أشاد باتفاق القادة العرب على إنشاء "قوة تدخل"، تُشارك فيها الدول اختياريًا.

وأعرب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية، عن تفاؤله بسرعة دخول هذه المبادرة إلى حيز التنفيذ، وقال: "سيتم تنفيذ هذه المبادرة قريبًا، مفيش تهريج فى هذا الأمر.. ده مبدأ وتم الاتفاق عليه وخرجت توصية بذلك، ولكن هناك تحديات إقليمية ودولية ستواجه الدول عند التنفيذ وما بعده، وبالتالى سيتم تعطيل القوة العربية أو تحجيم الهدف النهائى المرجو تنفيذه".

وأوضح الزنط، أن هناك حوالى من 7 إلى 10 دول فقط ستُشارك فى قوة التدخل العربية، كما حدث مؤخرًا فى اليمن، وواصل حديثه قائلًا: "هناك دول لن تستطيع المشاركة لأسباب عدة، على سبيل المثال هناك دول معترضة أو دستورها لا يسمح لها، وذلك بجانب الدول الوظيفية، أى أنّ قراراتها الخاصة بها تكون فى يد دولة أخرى، لذا لا تستطيع المشاركة".

الباحث السياسي، أكد أنّ الأهم من تنفيذ القرار، هو الهدف من هذه القوة، وقال: "يجب تحديد الهدف من إنشاء قوة تدخل عربية، المستهدف، النوعية، الهيكل التنظيمى والنظم التدريبية، وهل هى أمنية أم قتالية؟، ما مدى تأثير القرار السياسى على هذه القوة؟، فهذه التجربة نجحت فى اليمن، فهل تتدخل فى العراق أو لبنان أو ليبيا وغيرها إذا احتاج الأمر؟".

وتساءل فى ختام تصريحاته: "هل الإدارات السياسية فى الدول التى بها نزاع وعدم استقرار لديها القوة والجرأة لإعادة تجربة اليمن التى أثبتت نجاحها؟، والسؤال الأهم هل أمريكا ستستمح بهذا السيناريو أم لا؟".

فيما أكد الدكتور عبد الغفار شُكر، رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، لـ"النهار"، أنّ الظروف المحيطة بالدول العربية تؤدى إلى تشكيل قوة تدخل عربية بالقوة، مُشيرًا إلى أنّ دول الخليج هى المستفيدة بتشكيل هذه القوة، ولديها الإمكانات المادية التى تسمح بذلك، الأمر الذى سيعود عليها بالنفع لسنوات قادمة، فى ظل التهديدات التى يتعرض لها الأمن الخليجى بشكل عام والسعودى بشكل خاص، من إيران.

وأكد شُكر أنّه لا يعتقد مشاركة الدول العربية كافة فى القوة، وأن الدول التى ستُشارك ستُحدد عددًا معينًا من الجنود وتسليحهم ولكنهم لن يُغادروا بلادهم، وقال: "الدول المشاركة فى القوة ستُحدد عددا معينا وتُسلحه حتى يكون جاهزًا للتحرك فى حالة الضرورة، ومن الممكن أنّ يكون لهذه القوة قائد وأركان حرب وهيئة قيادة، ولن تُشكل خطرًا على أحد؛ حيث أنّ عملها سيقتصر عند التهديد والتحدى مثلما حدث فى اليمن، بعد التطورات العاصفة من الحوثيين خلال الفترة الأخيرة، والخطر الذى شكلوه على السعودية، واقترابهم من السيطرة على مضيق باب المندب، ما دفع التحالف للتدخل".

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، تساءل عن كيفية تشكيل هذه القوة؟، ومن الذى سيقوم بتشكيلها؟، وأوضح أنّ المفاوضات بين الأطراف المعنية سترد على هذه الأسئلة، مؤكدًا أنّ هناك تحديات ستواجه الدول عند التنفيذ، ومنها المعارضة الخاصة بالبلدان المشاركة فى هذه القوة، وتابع: "ليس شرطًا أنّ تتفق القوى السياسية على ما يحدث، فيجب أنّ يكون هناك ضوابط وضمانات للجميع، حيث إن البلاد لها سلطة تشريعية يجب الرجوع إليها، وليس حقا مطلقا للحاكم".

وفى السياق ذاته، أكد الدكتور محمد شوقى عبدالعال، وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة وأستاذ القانون الدولي، أنّ إنشاء قوة تدخل عربية أمر لا مفر من تنفيذه فى القريب العاجل جدًا، خاصًة أنّ الوضع الحالى فى الدول العربية لا يسمح بأى تأخير، وقال: "الوضع الآن أشبه بشخص يجب أن يجرى عملية جراحية وإلا سيموت.. المسألة حياة أو موت، إنشاء القوة ضرورة قصوى وليس محل سؤال".

وعن المعوقات التى من الممكن أن تواجه الدول العربية لدى تنفيذ الفكرة، شدد أستاذ القانون الدولي، خلال تصريحاته الخاصة لـ"النهار"، أنّه سيتم تذليل أى عقبات ستواجه هذا المشروع حتى يتم تنفيذه قريبًا دون تأخير، لأن الوضع فى الدول العربية لا يسمح بالتأخير، وتابع: "مفيش معوقات هتواجه الدول لتطبيق الفكرة على أرض الواقع، الأمر سيتم تنفيذه بشكل كويس".

ولم يختلف رأى اللواء طلعت مُسلم، الخبير العسكرى والاستراتيجي، كثيرًا عن سابقيه، حيث توقع أنّ تبدأ الدول فى تنفيذ هذا القرار دون تأخير، وأنّ يكون هناك اجتماع لأركان حرب الدول العربية، لبحث القوة العربية المشتركة، خاصًة أنّ انخراط القوى السياسية والقادة فى إدارة الأزمات فى الوقت الحالى أمر فى غاية الصعوبة، فى ظل تلاحق الأحداث على الساحة العربية.

وحدد الخبير العسكري، خلال حديثه لـ"النهار"، المعوقات التى ستواجه الدول فى أربعة أسئلة، وهي: "من الذى سيُحدد المهام والأوامر التى ستصدر للقوة العربية؟، ما علاقتها بجيوش الدول المشاركة؟، ما هى مصادر تمويل هذه القوة؟، وكيفية التأمين؟"، مؤكدًا أنّ هذه الأسئلة التى طرحها، بسبب الدروس الناتجة عن التعاون العربى السابق والمشاكل التى واجهتهم.

بينما أعرب اللواء محمد على بلال، قائد القوات المصرية فى حرب الخليج الثانية، عن ثقته فى البدء بتنفيذ هذا المشروع فى القريب العاجل، وقال: "على أرض الواقع هناك 9 دول بخلاف مصر، مشاركة فى التحالف العربى فى اليمن، وهذه الدول أيضًا هى التى ستُشارك فى قوة التدخل العربي، أى أنّ نصف الدول العربية تقريبًا مع هذا القرار، الذى سيتم تنفيذه خلال 3 أو 4 شهور تقريبًا، حتى لو لم تنضم الدول الأخرى له".

وأكد قائد القوات المصرية فى حرب الخليج الثانية، لـ"النهار"، أنّ هناك دولًا تتحفظ على القوة العسكرية المشتركة، وتساءل عن كيفية وطريقة استخدام هذه القوة؛ وإدارتها بشكل سليم، وعن أبرز المعوقات التى ستواجهها، قال: "لابد أنّ يكون أى قرار لها بموافقة جامعة الدول العربية، حيث إنها تابعة لها، فما حدث فى اليمن لم يعترض عليه أحد، لأنه كان أمر واقعي، من غير المعقول الاعتراض عليه، ولكن فى أى موقف آخر يجب أن يكون بموافقة من الجامعة، ما قد يُعطل العمل والتكوين.".