النهار
السبت 21 سبتمبر 2024 04:51 مـ 18 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الرئيس التركي: مستعدون لتطبيع العلاقات مع سوريا وأرغب في لقاء الأسد النائبة ريهام عبدالنبي: حالات النزلات المعوية في أسوان بدأت بالإنحسار تامر فرج: أنا أوسم من أحمد حلمي.. وكنت أتزوج إليسا في هذه المرحلة تامر فرج: تزوجت 6 مرات لكنني لست شخص مزواج بل رجل يبحث عن السعادة تامر فرج عن قلة أعماله: القائمين على الصناعة مش شايفني.. وتلت تربعهم يعرفوني خالد عبدالغفار: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 80 مليون و578 ألف خدمة خالد سرحان رئيسًا لـ لجنة تحكيم مسابقة شباب مصر بالإسكندرية السينمائي وزير الصحة يكشف تفاصيل ”النزلات المعوية” بأسوان.. وطلب عاجل للمواطنين فيلم «رفعت عيني للسما» ينافس في مهرجان شيكاغو بدورته الـ 60 وزير الصحة: نقوم بفحص الشبكات الداخلية للمياه بالمنازل الخاصة بمصابين أسوان تفاصيل انتعاش سعر”إنتل”سهم وصفقة الاستحواذ عليها من ”كوالكوم” أستاذ طب شرعي لـ”النهار”: تطورات كبيرة شهدها ”الطب الشرعي” خلال السنوات الأخيرة

تقارير ومتابعات

المواطن الإلكترونى.. نعمة أم نقمة؟

تحول المواطن المصرى خلال السنوات القليلة الماضية إلى مواطن إلكترونى، جميع مفردات حياته تسيطر عليها الكروت الذكية والفيزات وكروت الائتمان.

والكارت الذكى عبارة عن كارت مزود بشريحة خاصة ووحدة تشغيل دقيقة يمكن أن تحتفظ بقدر من المعلومات يعادل أضعاف تلك الشريحة المغناطيسية الموجودة بكارت الائتمان، كما أن بيانات الكروت الذكية تكون بمأمن عن الاستبدال والتغير لأنها تكون محمية بواسطة مفاتيح حماية، بالإضافة إلى أنه يتم تضمين معظم وحدات التشغيل الدقيقة الموجودة داخل آليات مشفرة قائمة على عمليات حسابية معقدة.

البعض أكد أن التعامل بالكروت الذكية "الإلكترونية"عائق ورفضها، والبعض الآخر وجد فى هذه البطاقات ضالته المنشودة .. السطور التالية تحمل كل ما يمس الكارت الذكى ما له وما عليه ومدى تقبل المصريين له.

أدخلت مصر بعد  ثورة يناير2011 الكارت الذكى فى التعاملات الاستهلاكية بدءا بمنظومة السلع التموينية والخبز بالإضافة إلى محاولات تطبيقها على الطاقة سواء الغاز والكهرباء والبوتاجاز وأيضا بمنظومة التأمين الاجتماعى الشامل وما زالت منظومة الكارت الذكى تسمح بإضافة خدمات إلكترونية جديدة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه ونشر العدالة الاجتماعية. 

وأجرى الدكتور أحمد حسن الليثى أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعة حلوان، دراسة علمية على (115) مستهلكا و(37) من بقالي التموين فى أربع محافظات (السويس- المنوفية- حلوان- بنى سويف) مع فريق علمى على جدوى استخدام الكروت الذكية حول الحصول على في التموين السلعى لمحدودى الدخل(المعروف بكارت الأسرة) وكان الهدف من استخدام الكروت الذكية هو القضاء على الفساد فى تهريب التموين السلعى من قبل بعض البقالين والمساعدة على وصول الدعم لمستحقيه. وقال الليثى إن المشكلات التى واجهت تطبيق الكروت الذكية فى بادئ الأمر هو احتياج المواطن المصرى لنشر ثقافة الكروت الذكية لأنها تنظم عملية صرف السلع التموينية بطريقة تحد من الفساد وتسهم فى معرفة المواطن للكمية المنصرفة والكمية المتبقية من التموين السلعى وكذلك أسعار السلع المنصرفة وتمكنه كذلك من الحصول على الخدمة من أى مركز توزيع سلع تموينية قريب من مسكنه، وأسهم كذلك فى إمكانية تحديد الاحتياج للسلع التموينية فى كل محافظة من محافظات الجمهورية وفقا لإحصائيات دقيقة، كما تم استخدام الكروت الذكية أيضا فى صرف معاش الضمان الاجتماعي فى بعض محافظات الجمهورية من مكاتب البريد، مما ساعد على تقديم الخدمة للمواطنين بصورة أفضل وأسرع مما كانت عليه سابقا حيث أسهمت الكروت الذكية فى القضاء على الزحام أمام منافذ الصرف فى الوحدات الاجتماعية، وأسهمت كذلك فى فصل الخدمة المالية عن الخدمةالاجتماعية فى قيام الباحثين الاجتماعيين بعملهم الأساسي وهو بحث الحالات الاجتماعية وتقديم الخدمة لمستحقيها.

 ويرى الدكتور أحمد الليثى أن الكروت الذكية كما تم استخدامها فى العمليات الائتمانية والسلع التموينية سوف تحقق انتشارا تدريجيا أكبر فى الفترة المقبلة فى مجالات صرف المنتجات البترولية خاصة البنزين والسولار وأسطوانات البوتاجاز ومترو الأنفاق وغيرها، كما يجب على الوزارة المعنية الرقابة والمتابعة لنظم تطبيق الكروت الذكية لتحسين الخدمات المقدمة من خلاله.

على جانب آخر يؤكد سامى إبراهيم محمود مدير العلاقات العامة بوزارة التنمية الإدارية أن الهدف من تقديم الخدمات بالكروت الذكية هى صرف (السلع التموينية / الخبز المدعم / أسطوانات بوتاجاز  جار تنفيذها) والتأمين الصحى ليشمل كافة المواطنين وحتى نضمن صرف خدمات للمستحقين لهذه الخدمات وتوفير مناخ حضارى لصرف الحقوق والتوسع فى تسهيل صرف الخدمات للمواطنين بناء على قاعدة معلومات لدعم متخذ القرار.

وأكد مدير العلاقات العامة بوزارة التنمية الإدارية أن الكروت الذكية تيسر على المواطنين الحصول على مستحقاتهم بسهولة وتقضى على السوق السوداء.

وأشار إلى أنه تم حتى الآن تسليم 19 مليون بطاقة، للمواطنين مستحقى الخدمات، مؤكدا أنه من الممكن أن  تسمح المنظومة بإضافة خدمات حكومية جديدة  تقدم بالكروت الذكية .

فيما ترى الدكتورة ريهام على رئيس الجمعية المصرية للعلاج المعرفى والسلوكى أن استخدام التكنولوجيا الحديثة المتمثلة بالكروت الذكية هى فى حد ذاتها تغير فى طريقة التعامل، وفى الفكر أيضا حيث تبدأ تنظر إلى حياتك كلها على أنها تمشى بشكل إلكترونى موضوعى فتبدأ فى التعامل مع الأجهزة الحديثة وعليك أن تكتسب مهارات معينة حتى تستطيع أن تتعامل مع المجتمع بشكله الجديد وهذا التغيير سيغير من أفكار المجتمع عامة.

وأضافت أنه عندما يتم التعديل في المنظومة الإلكترونية (الكارت الذكى) المميكن تكون هناك شفافية مما يقلل من الفساد والسرقة، إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من أن الأمية المنتشرة في الشارع المصري، قد تساهم من ناحية أخرى فى تسهيل سرقة الخدمات المدعومة.

من جانبه أكد الدكتور هشام رامى الأمين العام للصحة النفسية بوزارة الصحة، أن البطاقة الذكية ستجعل المواطن المصرى أكثر تحضرا في تعاملاته وفى سلوكه وسيكون هناك نظام من خلال الكروت الذكية يجعل المواطن يلتزم بها، وأن النظام الإلكترونى سيساهم فى الإنتاج وتوفير الاستهلاك من خلال احتساب نظام النقاط التى أوضحها وزير التموين، وبالتالى سيحسن من القدرات العقلية وسيشعر المواطن بالعدالة الاجتماعية فى المجتمع مما سيكون له مردود إيجابى على الصحة النفسية  للإنسان .

وحذرت الدكتورة إيمان جابر طبيبة نفسية ومدير إدارة الأطفال والمراهقين بالأمانة العامة للصحة النفسية، من أن التلاعب فى نظام الكروت الذكية، بأخذ سلع مدعومة أو إضافية بدون الكارت سيؤدى إلى آثار سلبية على نفسية وحياة المواطن، وخصوصاً إذا حدثت اختراقات فى هذه المنظومة فلن يستجيب لها الناس وتساءلت ما الفائدة إذا، ونحن نرى فى بعض الأحيان اختراقات بطرق ملتوية بالحصول على سلع مدعومة من غير الكارت الذكى عن طريق دفع رشاوى مالية مثلاً.

أما فتحية السيد الباحثة فى قطاع البحوث والتسويق والدراسات السلعية والمعلومات بوزارة التجارة والصناعة، فقالت إن تطبيق  نظام الدعم بدأ مع نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1941 حيث تقرر توزيع كوبونات على المواطنين لاستخدامها فى شراء عدد معين من السلع الضرورية مثل السكر والشاى والكيروسين، وفى ثمانينيات القرن الماضى كان الدعم يغطى 20 سلعة قامت الحكومات المتعاقبة بالخفض التدريجى لعدد من السلع حتى وصل إلى  أربعة أصناف هى الخبز البلدى والدقيق والسكر وزيت الطعام كما قامت بخفض عدد المستفيدين من الدعم عن طريق تقسيمهم إلى مجموعتين أصحاب البطاقات الخضراء وهم محدودو الدخل ويستحقون دعما كليا وأصحاب البطاقات الحمراء ويستحقون دعما جزئيا .

وتضيف فتحية السيد أن الإنتاج اليومى من الخبز المدعم ما بين 230 إلى 250 مليون رغيف وتبلغ التكلفة الفعلية للرغيف 33 قرشا وبلغ حجم الدعم الموجه للخبز 22 مليار جنيه قبل أن تتجه الحكومة إلى إبقائه عينيا مع تبنى منظومة تحرير الدقيق والتوزيع الإلكترونى له بواقع 5 أرغفة يوميا للفرد وقد وفرت هذه المنظومة 5 مليارات جنيه سنويا .

ويؤكد على عبد الحميد بالإدارة المركزية لدراسات ميزان المدفوعات فى وزارة التجارة والصناعة، أن الدعم أهم القضايا الرئيسية فى الاقتصاد انطلاقا من الدور الاجتماعى للدولة تجاه الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة وهى لها علاقة بالسياسات الاجتماعية، والعهد الدولى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الذي  يؤكد على وجوب أن توفر الدولة لمواطنيها السكن والتعليم والغذاء وهو ما يسمى في مصر بالدعم، ولكن رأت الحكومة أن أفضل وسيلة لوصول السلع المدعمة إلى مستحقيها هى عن طريق  الكروت الذكية والتى ستدخل فيها البنزين والمازوت فضلا عن منظومة الخبز وأسطوانات البوتاجاز المطبقة حاليا .

كما ترى الدكتورة حنان أبو سكين مدرس العلوم السياسية والخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الهدف من البطاقات الذكية هو ضمان حصول المواطن على السلعة بإيجابية وسهولة بدلا من الوقوف وتضييع الوقت، والانتظار فى طوابير طويلة وبالنهاية هناك احتمال أن يحصل على السلعة أو لا، مما يوجد حالة من التوتر والمشاحنات بين مقدم السلعة أو الخدمة وبين مستقبلها وهو الزبون .

واعتبرت أيضا من النتائج الإيجابية للكروت الذكية، تقليل الفساد، فالمواطن لا يتعامل مع الموظف مما يقلل من فرص دفع الرشاوى، فكل المعاملات تتم إلكترونيا لضمان وصول الدعم  الحقيقى إلى مستحقيه  .

وتضيف الدكتورة حنان أبوسكين أن التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين نوعية الخدمات الاجتماعية وضمان وصولها لكافة المستحقين دون تمييز يحتاج إلى عدة عوامل من أهمها توجيه مزيد من الموارد لهذه الخدمات، ولكن  كيف يتم  تمويل هذه الخدمات. وهنا يمكن للحكومة الاعتماد على مجموعة متكاملة من الآليات مثل: إعادة توزيع مخصصات الإنفاق العام، تحسين آليات مكافحة التهرب الضريبى، فرض ضرائب على ذوى الدخل المرتفع وهنا يتوقف نجاح الحكومة على  القدرة الفنية والسياسية على تطبيق هذه الآليات فى إعادة توزيع هذه المخصصات أو حتى جزء منها للارتقاء بمستوى العديد من الخدمات العامة حيث يقدر الإنفاق على دعم الطاقة بنحو سبعة أضعاف الإنفاق على الصحة، على سبيل المثال، وقد أوضحت الدراسات أن ٦٠ % من دعم الطاقة  يذهب إلى أعلى شريحة دخلية وهى20 %.

وشددت حنان على ضرورة قيام الحكومة بحل مشاكل المواطنين الذين يجهلون استخدام الكروت الإلكترونية عن طريق دورات تدريبية حتى لا يقعوا فريسة للاستغلال والجهل الإلكترونى.