”فلاش باك” على الجريمة.. ”الطب الشرعي” يفضح جرائم المتهمين عبر حقائق لا تقبل الشك
دور كبير تلعبه مصلحة الطب الشرعي فى حل لغز العديد من القضايا، لتقدم لجهات التحقيق تقارير وافية، عما يعرض عليها من أمور، وتكشف الكثير من جوانب القضية، لتضع تصورًا كاملًا أمام جهات التحقيق، يساهم فى تحقيق العدالة، وكان لها أكبر الآثر فى حل أعقد القضايا التاريخية كقضية مقتل "هبة ونادين"، والمصرفية "نيفين لطفى"، و"سوزان تميم"، وغيرها.
المخدرات تفضح فتوح وصاصا..
قدم الطب الشرعي تقرير وافً حول مطرب المهرجانات عصام صاصا، عقب اتهامه فى قضية "قتل خطأ"، وظهر آثار لمخدر الحشيش والترامادول، وأيضا مشتقات الميثامفيتامين وبناء على هذا التقرير قررت، النيابة ضبطه وإحضاره في قضية دهس شاب اعلى الطريق الدائري، بعد ثبوت القيادة تحت تأثير المخدر، وهى القضية التى صدر فيها حكم بحبس 6 أشهر.
كما كشف تقرير مصلحة الطب الشرعى احتواء العينة المأخوذة من أحمد فتوح لاعب نادى الزمالك ومنتخب مصر، المتهم بقتل مواطن بطريق الخطأ على المادة مخدر الحشيش، وهو ما يغير من مجريات القضية، وهى القضية التى شهدت أخر جلساتها 16 سبتمبر الماضي.
مواجهة مع السفاح..
لم يقف الطب الشرعي عن حد قضايا تحليل المخدرات ولكنه لعب دورًا كبيرًا فى كشف قضايا القتل، وفند ادعاءات المتهمين ونفيهم فى كثير من درجات التقاضى اقدامهم على تنفيذ الجريمة.
ورد بتقرير بنتيجة العينة التي تسلمتها جهات التحقيق، بأن "سفاح التحمع"، يتعاطى كوكتيل مخدرات، وتضمن التقرير تعاطي المتهم "كريم.م." عدة مواد مخدرة تضمنت "الحشيش والآيس وأقراص ترامادول"، إضافة إلى منشطات جنسية، وهو ما توافق مع اعترافات المتهم.
كما كشفت تقرير الطب الشرعي لجثث ضحايا وجود آثار تعذيب متفرقة علي جثث الضحايا وكسر بالرقبة نتيجة الخنق بالحبال والسلاسل لجميعهن، وآثار حرق وتعذيب على الأيدي للجثث، موضحًا التقرير وجود طمس لكافة معالم وجه أحد الضحايا نتيجة التعذيب الشديد على وجهها، كما أن المتهم كان يمارس الرذيلة مع جثث ضحاياه بعد وفاتهن.
بعد استخراج رفات ضحايا "سفاح الجيزة"، لم تكن المعالم واضحة، وهذا وضع جهات التحقيق فى حيرة، تستلزم ضرورة تحديد هوية أصحابها، ليأتي دور الطب الشرعي، ومن خلال إجراء تطابق للبصمة الوراثية للرفات، مع البصمة الوراثية لعائلات الضحايا أمكن التوصل إلى هويتهم، عن طريق أبحاث المقارنة.
مقتل "شيماء جمال"..
كشف تقرير الطب الشرعى في مقتل المذيعة المصرية، شيماء جمال، عن مفاجآت أظهرت تعرضها للتعذيب وكسور بالرقبة والعظام. وأوضح التقرير أن المذيعة، التي قتلت على يد زوجها المستشار أيمن حجاج وشريكه، كما تم تقييدها بجنزير حديدى وضربها على رأسها بمؤخرة مسدس، كما تبين وجود كسر بالعظمة الهلامية في الرقبة نتيجة خنقها بجنزير وسلاسل حديدية، مع وجود طمس لكافة معالم وجه الراحلة نتيجة لسكب مادة حارقة على وجهها وجزء من الصدر.
تطورات ملحوظة..
تقول الدكتورة مها غانم، أن هناك 4 أقسام مهمة بمصلحة الطب الشرعي، يقوم كل قسم من هذه الأقسام بمهمات متعددة واختصاصات متنوعة، من أجل الكشف عن الجرائم ومعاونة القائمين على القضاء في الفصل في القضايا المنظورة أمامهم.
وتضيف "غانم" أن من بين أهم اختصاصات "الطب الشرعي، تشريح جثث المتوفين فى الجرائم الجنائية، الكشف الطبى على المصابين فى القضايا الجنائية والمدنية، وفحص أحراز المضبوطات فى القضايا الجنائية، تقدير السن فى الأحوال التى يتطلبها القانون، والتعامل مع الحوادث والكوارث الجماعية، وحضور حالات تنفيذ أحكام الإعدام القضائى، والمثول أمام المحاكم لإبداء الرأى الفنى فى تقاريرهم، وغيرها.
وتتابع أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، لقد شهدت معامل الطب الشرعي تطورات ملحوظة، خلال الفترة الأخيرة، وتم إدخال أجهزة ومعدات حديثة تعزز من قدرة المعامل على إجراء التحاليل بدقة أكبر، كما تساعد هذه الأجهزة في تقديم رؤى دقيقة لجهات التحقيق، حول مختلف الأمور التى تعرض عليها، مما يمكنها من تأكيد أو نفي التصورات المتوفرة لديها، وتقديم دلائل جديدة إذا لزم الأمر.
وتابعت مدير مركز السموم السابق في حديثها لـ"جريدة النهار"، أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الطب الشرعي، أولها هو كيفية تقديم المحاضر من الجهات المختصة، حيث يتعين أن تكون المحاضر كاملة منذ البداية بدلاً من أن تكون مبدئية، كما أن المتخصصين في الطب الشرعي عادة لا يشاركون مباشرة في معاينة مسرح الجريمة، حيث يقوم فريق الأدلة الجنائية بهذه المهمة، وهذه الفرق قد لا توفر دائماً صورة دقيقة أو قد تكون الصورة التي تقدمها متناقضة مع ما يورده الطب الشرعي.
وأوضحت أستاذة الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية، أن من بين الصعوبات التى تواجه الطب الشرعي تعاملهم مع عدد كبير من القضايا، مشيرةً إلى أن بعض الدول العربية، بدأت في فصل قضايا المسؤولية الطبية عن القضايا الأخرى للحد من الضغط على الطب الشرعي، وخصصت فرقًا مختلفة لكل نوع من القضايا، كما أن بعض الدول أنشأت أقسامًا متخصصة لتقدير العاهات بجانب الطب الشرعي، لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة.
واستكملت حديثها قائلة، يتعامل الطب الشرعي مع مجموعة متنوعة من القضايا بما في ذلك حالات الاعتداء والاغتصاب، وتقدير العاهات والمسؤولية الطبية، مما يتطلب تحسينات مستمرة في طرق العمل والتدريب لمواكبة تطورات المجال.
تاريخ الطب الشرعي..
قال عبد الرازق مصطفي، المحامي والخبير القانوني، إن مصطلح الطب الشرعي أو علم الأمراض الجنائي أو طب القانون جميعها مسميات لأحد أفرع أو تخصصات الطب والتي تعنى بالحالات الطبية والتي لها طابع جنائي، أو قضايا جنائية تحتاج إلى تفسير طبي.
وأشار عبد الرازق، في تصريحات لـ"جريدة النهار"، يمكن تقسيم الطب الشرعي نظرياً إلى قسمين رئيسيين: الطب الشرعي الإكلينيكي والطب الشرعي التشريحي، الطب الشرعي الإكلينيكي يتعلق بقضايا الأحياء، مثل الإصابات، العنف ضد الأطفال، الاعتداءات الجنسية، تحديد السن ونسبة العجز في إصابات العمل. أما الطب الشرعي التشريحي فيتعامل مع قضايا الوفيات، بما في ذلك القتل العمد، القتل الخطأ، الانتحار، واستخراج الجثث، يتداخل هذان المجالان عملياً بسبب الترابط بين القضايا المختلفة، مثل الإصابة التي قد تؤدي إلى الوفاة أو قضايا الاعتداء الجنسي التي قد تُصنف كحالات انتحار.
وأوضح الخبير القانوني، الطبيب الشرعي، الذي يكون عادة طبيباً عاماً ثم يتخصص في الطب الشرعي، يتولى مهام متعددة تشمل معاينة مسرح الجريمة، تحديد سبب الوفاة من خلال التشريح، الكشف على المصابين، قضايا العنف، الاعتداءات الجنسية وتحديد نسبة العجز، يُعتبر الطب الشرعي من الأدلة الأساسية في التحقيقات الجنائية، حيث يلعب دوراً حاسماً في توضيح الأمور وإرساء العدالة، وفي مصر، تم تأسيس أول أقسام الطب الشرعي في عهد محمد علي باشا، وتطورت لاحقاً بجهود الخديوي إسماعيل لتصبح من أهم الأدوات في تحقيق الجنايات.
واستكمل حديثه قائلا: فيما يتعلق بكيفية تعامل الدفاع مع تقارير الطب الشرعي، نتبع إجراءات قانونية دقيقة وفقاً للقوانين والقرارات الصادرة عن وزير الصحة واللوائح المتبعة، يعتبر تقرير الطب الشرعي من الأدلة الأساسية في تحديد ما إذا كانت الجريمة قد حدثت أم لا، ويتم تقييم دقته وموضوعيته بجدية تامة.
ونهي حديثه، يتكون تقرير الطب الشرعي من ثلاثة أقسام رئيسية: الديباجة التي تتضمن معلومات عن الطبيب المسؤول ومؤهلاته وتفاصيل انتدابه، الشرح الذي يصف الفحوصات التي أجراها الطبيب، وأخيراً النتيجة التي تتضمن الاستنتاجات حول مدى صحة الأدلة وما إذا كانت تدعم وقوع الجريمة، بناءً على ذلك، يلعب تقرير الطب الشرعي دوراً حاسماً في دعم أو تفنيد القضايا الجنائية.