غلق محطة مصر لحين إشعار آخر..وسائقى الميكروباص ينتهزون الفرصة للغلاء
أبواب زجاج مغلقة بسلاسل حديد وكراسى خشبية وأفراد أمن وبعض العاملين، وقضبان خالية من القطارات وأرصفة يتبخر من عليها المواطنين، هو الحال الذى لم يتوقعه أحد داخل محطة السكة الحديد منذ نشأتها فى أواسط القرن التاسع عشر.
"نقف منذ فض الاعتصام فى 14 أغسطس الجارى لحماية المحطة فهى بيتنا الثانى الذى نشقى من أجله"، كلمات بسيطة بدأ بها الأستاذ مصطفى مهران، مدير عام محطة القاهرة، حديثه، وأضاف نقوم بنقل ما يزيد عن 500 مليون راكب فى السنة، نصل بهم إلى أقصى الشمال والجنوب، نعتاد على الزحمة وكثرة الطلبات من الركاب، ولكن الآن ومنذ ما يقرب من ثلاث أسابيع نقف فى حالة سكون نحمى المحطة، يأتى إلينا بعض المواطنين يريدون السفر ولكن الدواعى الأمنية وحماية أرواح المواطنين أهم من كل شىء.
ويؤكد مصطفى أنه رغم الحروب التى خاضتها مصر إلا أن قرار غلق أبواب المحطة لم يحدث من قبل، وفى أثناء ثورة 25 يناير تم تشغيل عدد من القطارات لنقل الركاب ولم يتم الغلق.
ورغم سلاسل الحديد التى تغلق الأبواب يقف بعض الركاب يطالبون بعودة حركة القطارات لأهميتها، يقول الحاجة عبد الوهاب مجاهد، "القطار وسيلة مريحة للانتقال خاصة عند السفر مسافات بعيد والوصول إلى مدن الصعيد، وإلى جانب راحتها فهى آمنة كثيرا عن الطريق البرى، فرغم الحوادث التى تحدث فيها إلا أنها أقل من حوادث الطريق البرى، ونريد أن تعود إلينا سريعا فهى العمود الفقرى للمسافرين".
يشير مأمور المحطة، العميد سمير عبد المنعم إلى أن الأمن داخل المحطة ثابت ولا يوجد أى مخاطر عليها، وعندما حدثت اشتباكات جامع الفتح وقسم الأزبكية كان هناك خطة لحماية المحطة رغم الهجوم الذى حدث عليها، ونتيجة للحالة الثورية والوطنية التى يشعر بها الجميع هذه الفترة، يتفهم المواطنون أهمية حماية المكان والأرواح، يأتى إلينا يوميا مئات الركاب ممن لا يعرفون أن حركة القطارات مغلقة وتتعامل الأفراد معهم بكل هدوء لتشرح لهم الموقف ويتفهمون الأمر ويبحثون عن وسيلة أخرى للمواصلات.
ولم يجد المواطنون وسيلة انتقال أخرى للسفر غير "الميكروباص الأجرة"، والتى لم يرحم بعض سائقيها الظروف الاقتصادية وقاموا برفع سعر الأجرة، التى تصل إلى الأضعاف فى وقت الذروة من جانب آخر، يزيد بعض سائقى الميكروباص فى الأجرة، فهم وسيلة الانتقال الوحيدة التى يمكن أن يستخدمها الركاب الآن، تقول الحاجة نادية محمد، "يستغل السائقون بعض الأوقات لرفع الأسعار، فهم يعرفون أنهم أصبحوا وسيلة السفر الوحيدة الآن، نريد رقابة أكثر من ذلك فقد وصلت أجرة السفر إلى الإسكندرية 50 جنيها و70 بعد أن كانت 25 جنيها فقط".
وتشير سهام عادل إلى أن السائقين يسيرون بسياسة "لوى الذراع" يتفقون على سعر مرتفع حتى لا نستطيع ترك أحدهم والذهاب مع الآخر، فرض الحظر الذى يجعلهم يعملون نصف الوقت هو السبب فى ارتفاع الأسعار، ولكن هذا إجراء أمنى لا يمكن أن يدفع ثمنه المواطنون.
أما عبد الوهاب السيد، أحد سائقى الميكروباص الأجرة على خط الإسكندرية، يقول، هناك مواقف مخصصة للسفر نمنع فيها زملائنا السائقين من رفع الأسعار حتى نجذب الزبائن إلينا، "الموسم انضرب" نحاول خلال اليوم الحصول على قسط العربية ومصاريف اليوم فقط.
ويشرح محمد مراد، أحد منظمى موقف ميكروباص رمسيس، مشكلة رفع الأسعار ويقول، نحاول هنا فى الموقف الالتزام بالأسعار ونجبر السائقين فى بعض الأحيان على الالتزام رغم طلباتهم الملحة فى رفع الأسعار، فهم يعتبرون وقت الصيف هو الموسم الخاص بهم يكثر السفر إلى الإسكندرية ومرسى مطروح والمدن الساحلية، وسفر البعض الآخر لقضاء الإجازة مع الأهل فى الصعيد، فكل هذا كان يدخل عليهم الكثير من الأموال، التى يسدون بها احتياجاتهم وأقساطهم، ولكن مع الحظر وقلة حركة السفر، أصبح من يسافر هو المضطر للضرورة القصوى، جعل السائقين يبحثون عن الحصول على الأموال بأى طريقة ولو على حساب المسافرين.
ويضيف أحمد سيد، يعمل الكمين على الطريق على حماية الجميع، ففى وقت الحظر لا يسمح لأحد السائقين الخروج على الطريق بمفرده، بل يقوم بالانتظار حتى يجتمع 5 عربات سويا وتسير خلفهم عربة من الجيش لتأمين نصف الطريق حتى يصلوا إلى المنطقة الآمنة وتتركهم، هذه من أهم مميزات تواجد الكمائن، فكان السائقين يواجهون بعض البلطجية على الطريق ووجود الكمائن تجعل الطريق خال منهم.
أما بالنسبة لارتفاع الأسعار التى يعانى منها المواطنون، يمكن لكل مواطن أن يبلغ عند أقرب كمين الضابط أن السائق يرفع الأسعار، فهم من حقهم ضبط السائق والتعامل معه بالقانون، ولكن ما نلاحظه أن المواطنين يوافقون السائق بحجة "عايزين نروح أو نوصل شغلنا بأى ثمن" ثم يعودون ليشتكوا فى السر، لو اعترض كل المسافرين على الأجرة، ووقفوا فى وجه الغلاء لم يستطع أحد السائقين أن يقوم بها مرة أخرى.