النهار
الأربعاء 23 أكتوبر 2024 06:19 صـ 20 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

أموال المصريين بالبنوك في خطر!

منذ إعلان مؤسسة "موديز أنفستورز سيرفس" عن تخفيض الدين السيادي بالعملة الأجنبية لمصر إلي CAA1 بدلاً من B3، لعدم قدرتها علي سداد مديوناتها الخارجية، وانتاب المسئولون في مصر بشكل عام والمواطنون البسطاء بشكل خاص، حالة من الخوف والقلق علي احتمالية فقدان بعضهم لمراكزهم والبعض الآخر لفقدان الأموال التي يدعوها في البنوك.

وبالرغم من حالة الهلع التي انتابت المواطنين، إلا أن خبراء الاقتصاد أكدوا أن الأموال في أمان تام، نافيين وجود أي نية لفرض ضرائب علي الودائع البنكية للأفراد بعد أزمة قبرص، مؤكدين أن الاتجاه السائد هو تشجيع السلوك الادخاري للمواطنين، وذلك وفقاً لما سبق وصرح به هشام رامز، محافظ البنك المركزي المصري.

كما قلل خبراء الاقتصاد من أهمية تصنيف "موديز"؛ الذي وضع مصر في مرحلة الدول القريبة من التعثر، بعدما صنفها في مستوي متساوٍ مع باكستان وكوبا والأكوادور، وأقل بدرجتين من مستوي اليونان، باعتبار أن ذلك وضع مؤقت سيتحسن مع استقرار الأوضاع السياسية المضطربة في البلاد، ولكنهم أكدوا علي ارتفاع الأسعار وزيادة الدين الخارجي.

يري حسام ناصر، نائب رئيس البنك المصري لتنمية الصادرات سابقاً، أن السبب الرئيسي لهذا التصنيف هو تخفيض التصنيف الائتماني للسندات الحكومية المصرية للمرة الرابعة مع زيادة شراء البنوك الـ5 لتلك السندات، وزيادة تعرض النظام المصرفي للمخاطر من وجهة نظر موديز، مضيفاً أن ما يجعل "موديز" تلجأ لتخفيض التصنيف للبنوك، هو تخفيض جديد للتصنيف الائتماني لمصر، وتأثر ربحية البنوك أو تأثر جودة أصولها وأرباحها.

واعتبر أن هذه الخطوة سوف تزيد من الأعباء والتكلفة في تعاملات البنوك المصرية مع البنوك الخارجية مما سيؤدي بالتبعة إلي زيادة أعباء وصعوبات الاقتصاد القومي إلي جانب زيادة تكلفة وأسعار السلع المستوردة من مستلزمات الإنتاج إلي الآلات والمعدات و قطع غيار المصانع وصولاً للسلع المستوردة وأسعار السلع الأساسية.

وفي ختام تصريحاته، أشار ناصر إلي أن خفض تصنيف البنوك ما هو إلا زيادة للمخاطر ومن ثم طلب البنوك والمؤسسات الخارجية مزيد من الشروط عند فتح الاعتمادات أو خطوط الائتمان للاستيراد.

ومن جانبه، أكد الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أن التخفيض الائتماني المستمر لمصر مع نظرة مستقبلية علي الاقتصاد سوف يكون له توابع عديدة، وعلي رأسها انخفاض "الجنيه المصري" أمام العملات الاجنبية وفي مقدمتها "الدولار الأمريكي"، مما يؤدي الي ارتفاع الأسعار وتأكل المدخرات المصرية بالجنيه المصري التي يودعها المواطنين بالبنوك.

الخبير الاقتصادي أشار إلي أن التراجع في التصنيف سوف يُكلف الاقتصاد المصري الكثير، وقال: "لذا يجب علينا وعلي متخذي القرار والمهمومين بشئون الوطن والمواطن دراسة جميع الأسباب التي استندت إليها الوكالة الدولية عند تخفيضها لدرجة الجدارة الائتمانية لمصر".

وأضاف الشريف أن انخفاض التصنيف بسبب أحداث العنف والانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي، بالإضافة إلي الإعلان عن دخول البلاد مرحلة التقشف مع تراجع موارد النقد الأجنبي من السياحة والإستثمار المباشر وفقد ثلث الاحتياطي من النقد الاجنبي ووجود أزمة سيولة بالجهاز المصرفي، مُنتقداً في الوقت ذاته التصريحات الحكومية المتضاربة في الآونة الأخيرة، والتي أكدت أن البلاد علي وشك الإفلاس عقب ضياع 436 مليار جنيه من الموازنة العامة!.

واختتم أستاذ الاقتصاد تصريحاته بأن استمرار انخفاض التصنيف الائتماني لمصر سيؤدي الي ارتفاع التضخم والبطالة وارتفاع الأسعار، الأمر الذي يؤدي إلي تراجع قيمة العملة المصرية وتصبح بلا قيمة مقارنةً بالعملات الأجنبية، مطالباً الحكومة باتخاذ قررات جدية لإنقاذ الاقتصادي المصري بالتزامن مع تراجع المظاهرات وعودة الأمن، من أجل عودة الاستثمارات الأجنية وعودة الثقة في نمو الاقتصاد ومعها سيتغير التصنيف الائتماني إلي الأفضل.

فيما اعتبر الخبير الاقتصادي جلال الجوادي، أن تأثير تراجع تصنيف البنوك سوف يكون علي علاقتها بحسابات المراسلين والمستثمرين بالخارج، بحيث سيكون لها حدود معينة في الائتمان، وكذلك تقليل السحب علي المكشوف، لافتاً إلي أن أكثر البنوك التي ستضرر بذلك هي بنوك القطاع العام ذات حجم المعاملات الخارجية المرتفعة، كما أنه لن تستطع التوسع في الائتمانيات المحلية للشركات الكبيرة والتي تعتمد علي الاستيراد، وعدم القدرة علي فتح اعتمادات مالية مرتفعة لهم.

وعن مواجهة آثار ذلك التصنيف المتدني، قال مدير الرقابة علي النقد سابقاً بالبنك المركزي، ليس في يد أي بنك فعل شيء، مؤكداً أنها عوامل خارجة عن يد البنك المحلي ولا يستطيع مواجهتها، إلا بعد تحسن الوضع الاقتصادي واستقراره، الأمر الذي سيؤدي إلي ارتفاع التصنيف مرة أخري.