النهار
السبت 29 يونيو 2024 06:23 مـ 23 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

رفعت سيد أحمد يكتب: الصراع علي سوريا.. متي تنتهي المؤامرة ؟ (1)

د . رفعت سيد أحمد
د . رفعت سيد أحمد

* لا نبالغ إذ قلنا أن الصراع الدائر اليوم في سوريا ، هو في أصله ، (صراع علي سوريا) وليس فحسب في داخلها ، حيث تجاوز الصراع مطالب الإصلاح السياسي / الاقتصادي المشروعة لفئات عديدة من الشعب السوري ، إلي توظيف ، وصل إلي حد التآمر الخارجي علي " سوريا الدولة " ، وليس (سوريا - النظام) ، تحت لافتات مضللة ، وخادعة تارة باسم الثورة وأخري باسم الطائفية ، والمذهبية ، وثالثة باسم حقوق الإنسان.
إن الأمر في تقديرنا تجاوز ذلك تماماً ، بعد أكثر من عامين علي اندلاع الأحداث ، ووضح جلياً أننا أمام تكتل دولي واسع الطيف تقوده واشنطن ودول الخليج لتفكيك سوريا ، وإنهاء دورها القومي ، الحاضن للمقاومة ، والداعم الرئيس لها في المنطقة وتحديداً في (لبنان والعراق وفلسطين).


* صحيح ، ثمة فساد واستبداد وحقوق إنسان مهضومة كانت ولاتزال قائمة في سوريا خلال الأربعين عاماً الماضية ، ولكن بالمقابل كانت هناك ممانعة للمشروع الإسرائيلي والأمريكي ، سواء بشكل مباشر أو عبر الحلفاء من المقاومة العربية ، ونحسب أن ثورات ما سُمي بالربيع العربي لا يستقيم أن نطلق عليها اسم ثورة دونما موقف واضح وجلي من (إسرائيل) والعداء الأمريكي للحقوق العربية في فلسطين والعراق ؛ وإذا ما غاب هذا البعد عن تلك الثورات فهي حتماً ليست (ثورات) ، بل ومن المحتمل جداً أن تصبح (ثورة مضادة) بالمعني المباشر للكلمة ، مضادة لثورات وأشواق الشعوب الحقيقية ، إذ أن تجارب المنطقة خلال المائتي عام الماضية منذ اصطدامها بالاستعمار الغربي ، أكدت نتيجة رئيسية منطقية وهي أنه لا يستقيم أن تساند (الثورات الحقيقية) قوي الهيمنة والاحتلال ، فهذا خلل في قانون التاريخ ، وإذا ما طبقنا الآية الكريمة " وما جعل الله لمؤمن من قلبين في جوفه " فإن الله ما جعل لثائر من ثوار الربيع العربي الحقيقي الجارية أحداثه الدامية هذه الأيام ، من قلبين في جوفه فهو إما ثائر وإما C.I.A ، وهذا هو الحال تحديداً في الأزمة السورية ، وهو سر تعقيداتها المتتالية ، إن ما يجري هناك هو صراع ، وفوضي ، ومؤامرة علي سوريا ، مستغلة أوضاعاً اقتصادية وسياسية ومذهبية متوترة ، لتحدث تفكيكاً وانهياراً (للدولة) وللنسيج الاجتماعي الواحد ، وللأسف لعبت (الجامعة العربية) ومنظومة الخليج العربي التي كانت بلدانها وفقاً للمعايير الحقيقية لعلم الثورات هي الأولي بالثورة وبالربيع العربي الحقيقي ، ولكنها الفوضي في المفاهيم والقصف الإعلامي المزيف للحقائق الذي جعل من الحق باطلاً ومن الباطل حقاً.


* إن تفكيك سوريا وإنهاء دورها العربي المعادي لإسرائيل والمدافع عن الحقوق الفلسطينية هو الهدف الأبرز لما يجري في سوريا وهو عين ما صرح به قادة الكيان الصهيوني أكثر من مرة ، من أنهم يتمنون ، بل ويسعون إلي إسقاط نظام بشار الأسد ، كتمهيد منطقي لضرب منظومة المقاومة العربية والإسلامية المعادية لتل أبيب ممثلة في حزب الله وإيران وبعض حركات المقاومة الفلسطينية (مثل الجهاد الإسلامي في فلسطين وحماس الداخل وليس حماس الخارج !! حيث هنالك فارق كبير من وجهة نظرنا ليس هنا مقام إبرازه) ، ومن هذه التصريحات وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما يجري في سوريا بأنه " مجزرة تجري ضد المدنيين بمساعدة إيران وحزب الله " ، وقال إن ذلك يكشف وجه محور الشر هذا بكامل بشاعته ، كما دعا داني أيالون - نائب وزير الخارجية الإسرائيلي - إلي إرسال قوات دولية إلي سوريا ، وهو ما دعا إليه أيضاً الرئيس شيمون بيريز .


وتصاعدت حدة التصريحات بحديث نائب رئيس الحكومة وزعيم حزب كاديما شاؤول موفاز عن جريمة ضد الإنسانية في سوريا ، واعتبر أن " صمت قوي العالم يتناقض مع المنطق الإنساني برمته " ، وأشار إلي أن العالم يكتفي فقط بالإدانة المتراخية بدلاً من التدخل للإطاحة بالأسد . تصريحات تبدو وأنها صادرة عن قادة لمنظمات حقوق إنسان وليس لقتلة محترفين ضد الشعب الفلسطيني.


بالإضافة لذلك يأتي تصريح صرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إفرام هاليفي بأن عدم الاستقرار في سورية يشكل مخاطر أمنية صارخة بالنسبة لإسرائيل ولكنه أيضا يوفر فرصة لتوجيه ضربة قوية لطموحات إيران الإقليمية وبرنامجها النووي.


جاء ذلك في مقابلة أجرتها صحيفة 'لوس أنجليس تايمز' الأمريكية مع هاليفي'وهو الآن محلل سياسي بارز.
ويذكر أن جدلا يسود في إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة حول الحكمة من شن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
ويعتقد هاليفي الذي تولي أيضا رئاسة جهاز الإستخبارات الإسرائيلية (الموساد) في الفترة من 1998 إلي''2002 إن إسرائيل يجب أن تركز أيضا علي استغلال الفرصة لضرب إيران سياسيا ودبلوماسيا من خلال إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد الحليف القوي لإيران.


وقال المسئول الإستخباراتي السابق إن إسرائيل يجب أن تنظر إلي إيران وسورية باعتبارهما طرفين في نفس المشكلة. ووصف هاليفي سورية بأنها 'حصان طروادة' بالنسبة لإيران حيث أستثمرت طهران جهودا ضخمة لتأمين سورية كشريك كبير ، فالأقلية العلوية قريبة من الشيعة في إيران والجيش السوري يعتمد في الأساس علي القيادة العلوية ولديه وحدات من العلويين فقط وهذا مايزيد من أهمية الاستثمار الايراني.
وأضاف هاليفي أن سورية هي السبيل لتسليح إيران لحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة. وأوضح قائلا 'إذا سقط النظام في سورية وتم طرد الإيرانيين سيمثل ذلك هزيمة مشينة بالنسبة لإيران'.


وقال إنه لا يعتقد في التقارير التي تتحدث عن جهود تنظيم القاعدة لتكوين معقل له في سورية وإنه ليس قلقا تجاه أن يحل نظام سني مسلم محل نظام الأسد العلوي وهو أيضا أكثر عداء لإسرائيل. وقال إن''أي بديل لبشار الأسد أفضل " .


هذه التصريحات الإسرائيلية وغيرها تؤكد أننا إذا لم نكن إزاء (مؤامرة) علي سوريا فنحن علي الأقل إزاء توظيف واستفادة إسرائيلية كبري من هذه الأزمة وأنها تقدم لها خدمة جليلة كما أكد قادة الكيان الصهيوني .