«اشتراطات صارمة ومصنع التوريد في دائرة الاتهام»..عضو اتحاد الصناعات يكشف كواليس غلق فروع «بـ لبن»

في أعقاب الجدل المثار حول غلق 122 فرعًا من سلسلة محال «بـ لبن»، أوضح المهندس أسامة الشاهد، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ورئيس الغرفة التجارية بالجيزة، أن أزمة الغلق ترتبط بمجموعة من الاشتراطات الصحية والبنائية التي تُعد أساسًا للحصول على الترخيص اللازم لمزاولة النشاط في قطاع الأغذية.
وأشار الشاهد، في تصريحاته الخاصة لـ«النهار»، إلى أن اشتراطات الترخيص تبدأ من البنية الأساسية للمنشأة، والتي يجب أن تتضمن تهوية مناسبة، وفصل واضح بين مناطق التجهيز الغذائي والأماكن الخاصة بالرعاية الصحية والنظافة، إلى جانب ضرورة أن تكون الأرضيات من مواد مانعة للانزلاق وسهلة التنظيف، وألا يقل ارتفاع السقف في أماكن العمل عن 180 سنتيمترًا.
وأكد أن هذه الاشتراطات تمثل خط الدفاع الأول لضمان سلامة الغذاء وصحة المستهلك، وهي ما يُبنى عليه لاحقًا إصدار الترخيص وتسجيل المنتجات.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن الترخيص الصحي للمحال لا يعتمد فقط على البنية، بل على إجراءات صحية دقيقة تشمل شروط التخزين والحصول على شهادات صحية للعاملين يتم تجديدها دوريًا بعد الكشف الطبي، وتتضمن آلية المتابعة الصحية نوعين من الفحص: الأول ظاهري، يتم عبر لجان تضم مفتش الصحة وطبيبًا من الجهات المختصة، ويتم خلاله الكشف عن علامات الفساد الظاهرة في المنتجات مثل العفن أو التغير في اللون والرائحة، بالإضافة إلى التأكد من صلاحية أدوات التحضير والنظافة العامة، أما النوع الثاني فهو الفحص المعملي، الذي يتضمن تحليل عينات من المنتجات الغذائية لتحديد مدى مطابقتها للمواصفات وسلامتها من الأمراض والملوثات التي لا تظهر بالفحص الظاهري.
أما فيما يتعلق بأزمة «بـ لبن»، فقد أوضح الشاهد أن هناك عدة سيناريوهات لغلق المحال، منها أن تكون بعض الفروع مطابقة للشروط بالفعل، لكن يتم اتخاذ قرار الغلق الجماعي بناءً على اكتشاف مخالفة في المصنع المُغذي للفروع، فإذا ثبت وجود مشكلة في خط إنتاج المصنع، فإن جميع المنتجات المتداولة في الفروع تصبح مشكوكًا في سلامتها، ومن ثم يتم اتخاذ قرار الغلق كإجراء احترازي لحماية المستهلك.
وأضاف أن هناك حالات أخرى قد يتم فيها تصنيع المنتج جزئيًا في المصنع وجزئيًا في الفروع نفسها، وفي هذه الحالة يكون الغلق احترازيًا أيضًا لحين التأكد من سلامة عملية التصنيع بأكملها، خصوصًا وأن البيع يتم مباشرة للجمهور، ما يضاعف من أهمية ضمان الجودة والصلاحية.
وأشار الشاهد إلى أن السبب الدقيق وراء غلق فروع «بـ لبن» لم يتضح بشكل نهائي، سواء كان نتيجة خلل في التوريد من المصنع، وهو ما يؤدي إلى غلق كلي، أو نتيجة خلل جزئي في بعض الفروع، ما يستدعي تدخلًا فنيًا لتحديد المسؤوليات بدقة.
واعتبر الشاهد أن تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي في الأزمة جاء في توقيت بالغ الأهمية، نظرًا لتأثير غلق هذه الفروع على ما يقرب من 25 ألف أسرة عاملة، أي ما يعادل نحو 100 ألف فرد، بخلاف العاملين في شركات التوريد وسلاسل الإمداد المرتبطة، وقد وجّه الرئيس بفتح تحقيق في الواقعة من خلال نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة، الدكتور خالد عبدالغفار، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بالحفاظ على التوازن بين الرقابة الصحية من جهة، وضمان استقرار سوق العمل من جهة أخرى.
واختتم الشاهد حديثه بتسليط الضوء على جانب تنظيمي مهم، وهو أن ترخيص المحال الغذائية يتبع في بعض الأحيان المحليات، وفي أحيان أخرى وزارة السياحة، ما يؤدي إلى تداخل في الصلاحيات، مشددا على ضرورة حسم هذه المسألة وتحديد الجهة المسؤولة بوضوح قبل المضي قدمًا في أي إجراءات، بما يضمن وضوح المساءلة ومنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً.