خبير عالمي يوضح دور البدائل الخالية من الدخان في تقليل المخاطر الصحية
![](https://media.alnaharegypt.com/img/25/02/10/1105320.webp)
شدد الدكتور كونستانتينوس فارسالينوس، الخبير في الصحة العامة والحد من مخاطر التبغ، على أهمية تبني استراتيجيات أكثر واقعية لمكافحة التدخين، بدلًا من "شيطنة" البدائل المبتكرة، على حد وصفه. جاءت تصريحاته خلال زيارته الأخيرة إلى الإمارات، حيث التقى بخبراء ومسؤولين لمناقشة أحدث التطورات في هذا المجال، وذلك ضمن مشاركته في أحد المنتديات المتخصصة التي عُقدت في دبي خلال المعرض العالمي للسجائر الإلكترونية.(World Vape Show)
ناقشت الندوات والجلسات الحوارية في المنتدى اللوائح التنظيمية واستراتيجيات التسويق لتطوير المنتجات، مع تسليط الضوء على أحدث الابتكارات والتوجهات في قطاع السجائر الإلكترونية وأجهزة التدخين البديلة. وفي هذا السياق، أوضح الدكتور فارسالينوس، الذي يمتلك خبرة بحثية تمتد لأكثر من عقد في دراسة آثار التدخين وبدائله، أن المشكلة الأساسية لا تكمن في النيكوتين بحد ذاته، وإنما في عملية احتراق التبغ.
وأشار إلى أن السجائر التقليدية تعتمد على حرق المواد العضوية عند 800 درجة مئوية، مما يؤدي إلى إنتاج آلاف المواد الكيميائية الضارة. في المقابل، توفر البدائل الخالية من الدخان مثل السجائر الإلكترونية، التبغ المُسخّن، وأكياس النيكوتين، خيارات أقل خطورة للمدخنين البالغين الذين لا يستطيعون الإقلاع نهائيًا. وأوضح أن هذه المنتجات المبتكرة تندرج ضمن مفهوم الحد من المخاطر، الذي لا يعني القضاء التام على المخاطر، لكنه يسهم في تقليل التعرض للمواد الضارة المرتبطة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب.
وأضاف "فارسالينوس": "على مدار 60 عامًا، نعلم أن التدخين التقليدي يسبب أضرارًا صحية جسيمة، ومع ذلك لا يزال هناك 1.2 مليار مدخن حول العالم. للأسف، لم تطور العلوم الطبية علاجًا فعالًا يضمن الإقلاع عن التدخين، حيث لا تتجاوز معدلات النجاح 20% حتى في أفضل الظروف. لذا، من الضروري توفير خيارات بديلة للمدخنين البالغين غير القادرين على التوقف نهائيًا، علمًا بأنه أفضل خيار يمكن لأي مدخّن أن يتخذه هو الإقلاع عن تدخين السجائر واستخدام النيكوتين من أساسهما".
وبصفته أحد الباحثين الذين استند الاتحاد الأوروبي إلى دراساتهم في إعداد الإطار التنظيمي للسجائر الإلكترونية، شدد "فارسالينوس" على الفرق الجوهري بين السجائر التقليدية وأنظمة توصيل النيكوتين الإلكترونية، وهو غياب الاحتراق في الأخيرة. وأوضح: "منتجات التبغ المُسخّن تعمل عند درجات حرارة أقل بكثير، مما يلغي الاحتراق تمامًا، وبالتالي يقلل من إنتاج المواد الضارة."
كما أكد فارسالينوس على ضرورة التمييز بين النيكوتين والدخان، موضحًا أن النيكوتين بحد ذاته ليس مادة مسرطنة، ولا يُشكِّل خطرًا كبيرًا على صحة القلب والأوعية الدموية. واستشهد بدراسات أجرتها جامعة كارولينسكا السويدية، والتي أشارت إلى أن استخدام أكياس النيكوتين لا يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
وفي ظل اتجاه بعض الدول إلى فرض قيود صارمة أو حظر على السجائر الإلكترونية والبدائل الأخرى، يرى "فارسالينوس" أن التشريعات يجب أن تكون أكثر توازنًا. وقال: "من المهم عدم تشجيع غير المدخنين على استخدام النيكوتين، مع وضع لوائح صارمة لمنع بيع هذه المنتجات للقُصَّر. لكن في الوقت ذاته، يجب تحقيق توازن يمنع معاقبة المدخنين البالغين الذين يبحثون عن بدائل أقل خطورة. فالحظر ليس حلًا فعالًا، لأن تعقيدات الصحة العامة غالبًا ما تتجاوز الحلول المباشرة."
وتأتي تصريحات "فارسالينوس" في وقت تتزايد فيه النقاشات حول السياسات التنظيمية لبدائل التدخين، حيث بدأت بعض الحكومات في إعادة تقييم نهجها تجاه هذه المنتجات. ومع تزايد الاهتمام بنهج الحد من المخاطر كبديل عن الحظر المطلق، يظل السؤال مطروحًا: هل حان الوقت لاعتماد مقاربة جديدة أكثر واقعية في التعامل مع أزمة التدخين؟