10 تأثيرات سلبية جراء الحرب التجارية الحالية على الاقتصاد العربي

حددت الدكتورة منال خيري، أستاذ مناهج الاقتصاد بجامعة حلوان، 10 تأثيرات سلبية جراء الحرب التجارية الحالية التي بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية بفرض رسوم جمركية على الكثير من الدول، موضحة أن الاقتصاد العربي يستأثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة من هذه الحرب التجارية ومن التعريفات الجمركية المفروضة.
وقالت في تصريحات خاصة لـ «النهار»، إن أبرز التأثيرات تتمثل في:
ارتفاع في أسعار السلع والمنتجات
- تعتمد العديد من الدول العربية اعتمادا كبيرا على الواردات خاصة من الصين. وإذا فرضت بكين تعريفات جمركية على السلع أو المواد الخام الأميركية، فستؤدي الزيادة في تكاليف السلع الصينية التي تحتوي على مكونات أميركية إلى ارتفاع أسعارها. وبذلك، سترتفع الأسعار من المنتج الرئيسي إلى المستورد، وبالتالي إلى المستهلك العربي.
- بسبب الاضطرابات التي تسببها الحرب التجارية في سلاسل الإمداد العالمية، قد يضطر المنتجون إلى تغيير مصادر المواد الخام نتيجة زيادة تكاليفها متأثرة بالرسوم الجمركية. وهذا قد يؤدي إلى تعطيل الإنتاج ونقص في السلع. ومع استمرار الطلب عليها، سيرتفع سعر المنتج النهائي، مما يزيد من الأعباء المالية على المستوردين العرب، وبالتالي يؤدي إلى زيادة الأسعار على المستهلك في المنطقة.
ارتفاع معدلات التضخم
ضمن التأثيرات، عندما ترتفع تكاليف المواد الخام والسلع المستوردة نتيجة للتعريفات الجمركية أو تقلبات الأسعار العالمية، يترتب على الشركات زيادة أسعار خدماتها ومنتجاتها للحفاظ على هوامش الربح، وهذا الارتفاع في الأسعار سيؤدي إلى جعل الخدمات والسلع أكثر تكلفة بالنسبة للمستهلك العربي. وبالتالي، سيعاني المستهلك من زيادة تكاليف المعيشة، مما يساهم في ارتفاع معدلات التضخم في الدول العربية وهو ما يعرف بالتضخم المستورد.
رفع أسعار الفائدة
أيضاً زيادة التعريفات الجمركية داخل الولايات المتحدة ستؤدي إلى رفع الأسعار، مما سيؤثر بشكل مباشر على مستويات التضخم في الاقتصاد الأميركي.
وهذا الارتفاع قد يدفع الفيدرالى الإمريكى إلى اتخاذ قرارات اقتصادية مؤثرة مثل تباطؤ عمليات خفض أسعار الفائدة التي كان قد بدأها سابقًا، وإذا استمرت مستويات التضخم في الارتفاع، قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى للحد من التضخم، مما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي.
وإذا تقرر رفع الفائدة في الولايات المتحدة، قد تضطر بعض البنوك المركزية العربية إلى اتخاذ خطوات مماثلة لرفع أسعار الفائدة في دولها بهدف السيطرة على التضخم وجذب المدخرات المحلية
تباطؤ النمو الاقتصادى
ستتأثر الاقتصادات التي تعتمد على تصدير سلعها ومنتجاتها بارتفاع الأسعار كما أسلفنا في الفقرات السابقة، مما سوف يؤدي إلى تباطؤ الاستهلاك، وبالتبعية إلى تباطؤ نمو دخل الشركات العالمية، الأمر الذي سينعكس سلبا على هذه الاقتصادات وينتج عنه تباطؤ اقتصادي عالمي.
انخفاض أسعار الطاقة
كما تم ذكره سابقًا، فإن تأثير التعريفات الجمركية والحرب التجارية سيؤديان إلى تباطؤ اقتصادي في العديد من الشركات والدول المتأثرة، مما سينعكس بدوره على القطاع الصناعي ويؤدي إلى انخفاض الطلب على الطاقة.
والدول التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة، التي تشكل المصدر الرئيسي للإيرادات في موازنتها، ستكون الأكثر تأثرًا بهذا التباطؤ.
وفي حال استمرار هذا التراجع، قد تضطر هذه الدول إلى اتخاذ تدابير تقشفية مثل تقليص الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية والخدمات العامة. على جانب آخر، من العوامل التي ستزيد الضغط على أسعار الطاقة هو الضغط المستمر من الرئيس الأميركي على أوبك لخفض أسعار النفط بهدف الحد من مستويات التضخم وتهدئة الأوضاع الاقتصادية داخل الولايات المتحدة، خاصة مع تأثير ارتفاع الأسعار على المواطن الأميركي.
التأثير السلبي على القطاع الصناعي العالمي والعربي
تشكل كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وكندا نحو 51% من مستويات التصنيع العالمية، مما يعكس الدور الكبير الذي تلعبه هذه الدول في الاقتصاد العالمي.
رغم أن بعض الدول العربية تعمل ضمن المنظومة الصناعية العالمية وتسعى جاهدة للعثور على مكان لها في سلاسل الإمداد العالمية، فإن أي اضطراب في هذه السلاسل نتيجة للحروب التجارية قد يؤثر بشكل مباشر على قدرة هذه الدول على الوصول إلى المواد الخام والمعدات اللازمة لتطوير صناعاتها. وهذا سيؤدي إلى زيادة التكاليف وخلق تحديات في نقل السلع، مما يؤثر سلبًا على قدرة هذه البلدان على المنافسة في الأسواق العالمية.
التأثير على مستوى المعيشة
- مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية سيعمل المستهلكون على تغيير تفضيلاتهم.
وهذا التغيير في أنماط الاستهلاك سيؤثر بشكل ملحوظ على جودة الحياة، حيث قد تجد الأسر نفسها مضطرة للحد من بعض النفقات غير الضرورية، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الاستهلاك في العديد من القطاعات وانخفاض مستوى الرفاهية .
التأثير على قوى العمل ومعدلات البطالة
بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض مستويات البيع لدى الشركات المستوردة، سيكون على هذه الشركات اتخاذ تدابير لتقليص التكاليف مثل خفض الأجور أو تقليص حجم العمالة بهدف الحفاظ على استدامتها في السوق في ظل تراجع الإيرادات. هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادة معدلات البطالة في القطاعات المتأثرة، مما يشكل ضغطًا إضافيا على سوق العمل.
التأثير على البورصات
تؤثر الحروب التجارية على أرباح الشركات وتوزيعات الأرباح وبالتالي أسعار الأسهم .مما يدفع المستثمرون في أسواق الأسهم الذين يمتلكون أسهمًا بتلك الشركات الى بيع الاسهم خوفًا من استمرار التراجع. وهذا سيؤدي إلى انخفاض كبير في قيمة الأسهم، وبالتالي انخفاض عام في الأسواق المالية العالمية.
والأسواق المالية في الدول العربية ليست بمعزل عن هذه التأثيرات، فهي ترتبط بالحركة العامة للأسواق العالمية، لذلك فإن التقلبات في الأسواق العالمية قد تمتد لتؤثر على أسواق المال في البلدان العربية وجذب الاستثمارات وعمليات التنمية بها.
التأثير على المؤسسات المالية والمصرفية
يمكن أن تؤثر الحرب التجارية بشكل أعمق للغاية على القطاع البنكي العالمي وشركات التأمين. فمع تراجع أرباح الشركات العالمية ، قد تجد العديد من الشركات نفسها غير قادرة على الوفاء بمديونياتها العالمية.
وأكدت الدكتورة منال خيري، أن القطاع البنكي العالمي سيكون أحد أبرز القطاعات المتأثرة، حيث ستواجه البنوك ضغوطًا شديدة نتيجة لارتفاع حالات التعثر، وتضطر البنوك التي قدمت قروضًا لهذه الشركات إلى تحمل خسائر ضخمة، مما قد يؤدي إلى أزمة سيولة أو انخفاض في قيم الأصول.
وأوضحت أن البنوك العربية تتعرض لموجات من التقلبات في أسعار الصرف، وزيادة في كلفة التمويل، وارتفاع في نسب المخاطر المتعلقة بالاستثمار، وفي ظل هذه الظروف، ستجد الحكومات العربية نفسها أمام تحديات جديدة في الحفاظ على استقرار القطاع المالي المحلي، وقد تضطر إلى اتخاذ تدابير نقدية ومالية صارمة للتعامل مع التأثيرات السلبية المحتملة.