رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة للنهار: المصالح الشخصية عطلت خروج قانون الإيجار القديم وحكم الدستورية ”إنقاذ من الموت”
في خطوة طال انتظارها، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا يقضي بعدم دستورية تثبيت الأجرة في عقود الإيجار القديم، مما اعتبره كثيرون انفراجة في ملف الإيجار القديم، الذي ظل لعقود طويلة متجمدًا، وأثقل كاهل الملاك بسبب الإيجارات الرمزية التي لم تعد تُناسب المتغيرات الاقتصادية.
هذا الحكم أثار جدلا واسعا بين الملاك والمستأجرين، في ظل توقعات بتعديل جذري في قوانين الإيجار القديم، وسط مخاوف من عدم تحقيق توازن بين حقوق الطرفين.
لمعرفة المزيد عن موقف الملاك وتطلعاتهم ومخاوفهم من القانون الجديد المتوقع صدوره بعد حكم المحكمة الدستورية، أجرت جريدة النهار المصرية، حوارا مع مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف اتحاد ملاك الإيجار القديم.
وإلى نص الحوار:
كيف استقبلتم حكم المحكمة الدستورية الأخير؟
استقبلنا هذا الحكم بفرحة لا توصف، كنا نشعر طوال السنوات الماضية وكأننا نعيش حالة من التجميد الظالم لحقوقنا، فهذا الحكم بمثابة "إنقاذ من الموت"، لأن الوضع الراهن كان يهددنا ويهدد ممتلكاتنا التي تُركت دون صيانة بسبب العائد الهزيل من الإيجارات.
الحقيقة أن هذا الحكم يمثل بداية الطريق نحو استعادة حقوق الملاك، نحن عانينا لأكثر من 27 عاما بسبب المماطلة في تعديل قوانين الإيجار القديم،وخلال هذه المدة كان يتم التلاعب بنا من مجلس النواب والحكومة، فرغم رغم الوعود المتكررة من الحكومات السابقة ومجلس النواب، لكن لم يكن هناك أي تحرك حقيقي.
تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر 2023، بضرورة خروج قانون جديد لتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر، أعطانا أملا كبيرا، وهذا الحكم جاء ليترجم تلك الوعود إلى خطوة عملية قابلة للتنفيذ.
لكن لماذا تأخر إصدار قانون جديد للإيجار القديم كل هذه السنوات؟
السبب الرئيسي هو وجود تعارض مصالح داخل مجلس النواب نفسه، هناك بعض النواب الذين يستفيدون بشكل مباشر من الوضع الحالي لقانون الإيجار القديم، وبالتالي لم يكن من مصلحتهم تمرير أي تعديل لصدور القانون للنور.
كم يبلغ عدد المستفيدين من حكم المحكمة الدستورية؟
الحكم يخدم شريحة ضخمة من المجتمع، نحن نتحدث عن نحو 25 مليون مالك متضررين من الوضع الحالي، حيث يوجد حوالي 2.5 مليون وحدة إيجار قديم، ولتوضيح الصورة، كل وحدة إيجار قديم عادة ما يكون لها أكثر من 10 ورثة، ما يعني أن الحكم ينعكس إيجابيا على أعداد كبيرة.
في المقابل، عدد المستفيدين من المستأجرين لا يتجاوز 3 ملايين شخص، ونصف هذه الشقق مغلقة ولا تستخدم. هذه الأرقام وحدها كفيلة بأن تُظهر مدى اختلال التوازن الحالي.
ما هي أبرز مطالب الملاك في القانون الجديد؟
مطالبنا بسيطة وواضحة، وتتمثل في كل من :
تحديد قيمة إيجارية عادلة: نرفض الحلول الرمزية مثل تحويل الإيجار من 5 جنيهات إلى 50 جنيهًا فقط. نحن نطالب بوضع حد أدنى للإيجارات لا يقل عن 2000 جنيه حسب المنطقة والموقع.
تقليل المدة الانتقالية: يجب ألا تتجاوز المدة الانتقالية 3 سنوات. هناك مقترحات بمدة تصل إلى 15 سنة، وهذا أمر غير مقبول؛ لأنه يعني عمليًا أن المالك سيستلم العقار منهارًا أو في حالة متهالكة.
حل أزمة الشقق المغلقة: نطالب بأن تُجبر الشقق المغلقة منذ أكثر من 3 سنوات على الإخلاء الفوري. كما يجب إنهاء العقود في حالة امتلاك المستأجر لوحدات أخرى.
إصلاح العقارات المتهالكة: هناك عقارات قديمة آيلة للسقوط، وهذه تحتاج إلى قرارات فورية بالسماح للمالك بهدمها وإعادة بنائها.
كيف تابعتم حادثة مقتل المالك الأخيرة على يد المستأجر؟
هذه الحادثة ليست مجرد جريمة قتل، بل هي انعكاس لوضع قانوني واجتماعي متأزم خلقه قانون الإيجار القديم، استمرار العمل بهذا القانون لم يفقر الملاك فقط، بل تجاوز ذلك إلى إهدار أرواحهم، نحن نتحدث عن مأساة حقيقية، حيث يُمنح المستأجر حقوقا غير متوازنة على حساب المالك، مما يدفع بالبعض منهم إلى استخدام العنف إذا طالب المالك بحقه أو حاول تعديل الوضع.
ما حدث مؤخرًا يذكرنا بحادثة "قهوة أسوان" يوم 2 نوفمبر 2024 في مصر الجديدة، عندما لقي نجل مالك عقار مصرعه على يد مستأجر في ظروف مشابهة، وللأسف، هذه الجرائم ليست استثناءا بل تكرار لنزاعات مميتة بين الملاك والمستأجرين بسبب قانون غير عادل.
هل ترون أن هذه الحوادث مرتبطة بقانون الإيجار القديم؟
بلا شك، كل التحقيقات في الجرائم السابقة أثبتت أن السبب الرئيسي كان النزاعات بين المالك والمستأجر، التي تدور في إطار قانون أعطى المستأجر حقًا غير متكافئ، هذا القانون خلق نوععا من القوة الوهمية لدى المستأجرين، حيث يشعرون بأنهم محميون بشكل مطلق، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق المالك.
في ظل غياب التوازن القانوني، يتحول النزاع إلى حالة من الاحتقان التي قد تصل إلى حد حمل السلاح واللجوء للعنف. هذه الحوادث هي نتيجة مباشرة لوضع قانوني غير مستقر يستمر المسؤولون في تجاهله رغم كل المناشدات والمآسي.
ما تأثير استمرار هذا الوضع على المجتمع؟
استمرار العمل بقانون الإيجار القديم يُعمق الفجوة بين الملاك والمستأجرين، مما يؤدي إلى احتقان اجتماعي ينعكس في هذه الجرائم المؤسفة، الملاك يشعرون بالإحباط والظلم، بينما المستأجرون يتمسكون بمكتسبات غير عادلة.
إذا لم يتم تعديل هذا القانون بشكل عاجل، سنشهد المزيد من التوترات وربما مزيدا من الحوادث المأساوية، هذه الجرائم لا تقتصر آثارها على الأطراف المباشرة فقط، بل تهدد الاستقرار المجتمعي بأسره.
هل تقدمتم بمشروع قانون؟ وما أبرز ملامحه؟
نعم، قدمنا مشروع قانون متكامل يضم 6 مواد رئيسية، أبرزها:
إنهاء عقود الإيجار القديم تدريجيًا: تنتهي عقود الإيجار السكني بعد مدة انتقالية لا تتجاوز 3 سنوات، وغير السكني بعد سنة واحدة.
إخلاء الوحدات المغلقة: أي وحدة مغلقة لمدة 3 سنوات أو أكثر تُخلى فورا، خاصة إذا كان المستأجر يمتلك وحدات أخرى.
زيادة الإيجارات تدريجيا: يتم رفع القيمة الإيجارية بشكل يتناسب مع السوق العقاري الحالي، مع وضع حد أدنى للإيجار حسب كل منطقة.
حماية الملاك في حالة العقارات المتهالكة: يحق للمالك طلب إخلاء العقار الآيل للسقوط وهدمه وإعادة بنائه فورا.
آليات سريعة لحل النزاعات: يتم اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لحسم أي نزاعات تتعلق بتسليم العقار بعد انتهاء المدة القانونية أو طلب تعويضات.
ماذا لو تأخر إصدار القانون إلى ما بعد الدورة البرلمانية الحالية؟
إذا لم يصدر القانون قبل يوليو المقبل، سيفتح المجال أمام الملاك للمطالبة بزيادة الإيجارات وفق القيمة السوقية الحالية، هذا الوضع سيخلق أزمة بين الملاك والمستأجرين، لذلك نحن نضغط لضمان صدور القانون قبل نهاية الدورة البرلمانية المقرر نهايتها في يوليو.
كيف تابعتم تشكيل النواب لجنة لدراسة حيثيات حكم الدستورية بشأن الإيجار القديم
نثمن قرار رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي الأحد الماضي بتشكيل لجنة مشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية، تختص بإجراء تحليل شامل لحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا بشان عدم دستورية بعض مواد قانون الإيجار القديم، بما يمكن المجلس من فهم وتقييم كل الجوانب المرتبطة بالإيجار القديم والتوصل للبدائل والحلول المناسبة لها وفق خطة ومنهجية عمل متأنية.
وأعتقد أن الفترة القادمة ستغير من الوضع عما كان سابقا، لأن الفرصة ستكون متاحه للمالك وللمستأجر لعرض رؤيتهم واوضاعهم وبالتالي الخروج بحلول عادلة تضمن حل الأزمة .
ما رسالتكم الأخيرة لمجلس النواب؟
نطالب المجلس بأن يُراعي العدالة في صياغة القانون الجديد، نحن لا نريد طرد المستأجرين أو تحميلهم فوق طاقتهم، ولكننا في الوقت ذاته نطالب بحقوقنا كمالكين، يجب أن يكون هناك توازن حقيقي بين الطرفين.
أيضا، على المجلس أن يتحلى بالشفافية في مناقشة هذا الملف، وألا يسمح للمصالح الشخصية بتعطيل القانون، في النهاية، نحن كملاك لا نطلب سوى قيمة عادلة لعقاراتنا، تسهم في ترميمها والحفاظ عليها بدلا من تركها للانهيار.