بعد بيان الدراسات وصول سعر طن الحديد لـ 50 ألف جنيه
الحكومة تبحث كيفية ضبط أسعار مواد البناء لإيقاف نزيف القطاع العقاري
البستاني: عدم ثبات أسعار مواد البناء لفترات طويلة يسبب مشكلة للشركات
العدل: الشركات تحملت الخسائر ولابد من ضبط أسعارها الفترة المقبلة
الجلاد: نقص السيولة النقدية وارتفاع التكاليف أبرز تحديات القطاع العقاري
عبد الحميد: العمارة الخضراء أحد بدائل التغلب على ارتفاع تكاليف الاسكان التقليدي
أكد مطورون عقاريون أن الحكومة تقوم حالياً بدراسة ملف مواد البناء، وكيفية الحد من الزيادة المستمرة في أسعارها؛ خاصة بعد بيان الدراسات الخاصة بالسوق وصول سعر طن الحديد إلى أكثر من 50 ألف جنيه للطن خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على أداء الشركات العقارية.
وأشاروا إلى أن المطورين عقدوا اجتماعات مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان من أجل تدشين تسهيلات متعددة تساعد المطورين على التغلب على الارتفاع المستمر في التكاليف.
وأوضحوا أنه لابد من تدشين قرارات خاصة بمواد البناء من أجل وقف نزيف القطاع العقاري، بسبب الارتفاع المستمر فيها، بالاضافة إلى ضرورة تدشين بدائل لمواد البناء المحلية التي تشهد ارتفاعاً مستمراً بدون أي أسباب، مشددين على ضرورة ضبط اسعارها من أجل استقرار أسعار العقرات في السوق خلال الفترة المقبلة.
في البداية قال المهندس محمد البستاني نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية في تصريحات خاصة لـ «النهار»، إن عدم ثبات أسعار مواد البناء لفترات طويلة يؤدي إلى مشكلة لدي الشركات العقارية التي لا تمتلك خبرات كافية للتعامل مع الأزمة، كونه يمثل أزمة في تقدير استثمارات المشروع، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار العقارات بنسب متفاوتة أمر طبيعي في ظل ارتفاع الطلب المستمر على العقارات.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء سيلقي بظلاله على أسعار المشروعات خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع طرح الشركات مراحل جديدة لها في المشروعات المتفاوتة.
وشدد أنه مع شدة المنافسة بين المشروعات في شرق وغرب القاهرة، سيكون رفع أسعار العقارات بشكل محسوب ومقرر وفق تكاليف تنفيذ المشروعات، مستبعداً أن تعمل شركات العقارات على تعظيم الأرباح الخاصة بها، كون السوق لن يتقبل الزيادات الجزافية غير المدروسة في الأسعار.
ولفت إلى أن السوق سيشهد طفرة في حجم التعاملات خلال الفترة المقبلة مدفوعاً بوجود مخزون من المشروعات المطروحة للبيع، سواء للمشروعات الجديدة أو التي تم تسويق مراحل بها، بالإضافة إلى أن اتجاه المطورين إلى تنفيذ المشروعات الخدمية خلق شريحة جديدة من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في العقارات غير السكنية.
وأكد أن عدم استقرار أسعار مواد البناء ينذر بأزمة كبيرة ستؤثر بشكل سلبي على تنفيذ المشروعات العقارية؛ خاصة التي تم تسويق مراحل متعددة منها.
وأشار إلى أن المشكلة التي تواجه المطورين العقاريين هي عدم الاستقرار النسبي في أسعار الأراضي ومواد البناء، وهو ما يمثل أزمة في تخطيط المشروعات بشكل جيد، موضحاً أن المشروعات التي يتم تخطيطها حالياً تواجه أزمة وضع خطة استثمارية واضحة بسبب عدم استقرار أسعار مواد البناء والأراضي.
وأوضح أن المشكلة الأكبر حالياً هي قيام الشركات بتنفيذ المشروعات بالتكاليف الجديدة على الرغم من قيامها بتسويق المشروع منذ فترة، وهو ما يجعل هناك فجوة تمويلية كبيرة ستتحملها الشركات من أجل تسليم المشروعات التي قامت بتسويقها خلال السنوات الأخيرة الماضية.
من جانبه أكد الدكتور محمود العدل رئيس مجلس إدارة شركة MBG للتطوير العقاري، أن القطاع العقاري في مصر عاني مؤخرا من العديد من الأزمات، بداية من أزمة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وأخيرا ارتفاع سعر الصرف لأكثر من مرة، والذي أدى إلى زيادة سعر الدولار وما ترتب عليه من زيادة أسعار مواد البناء بأكثر من ١٠٠%، مما شكل عبئا كبيرا على المطورين العقاريين في تنفيذ واستكمال مشروعاتهم.
وأوضح العدل أن المطورين العقاريين في العاصمة الجديدة، قاموا ببيع وحداتهم العقارية بمختلف أنواعها سواء السكنية والتجارية والطبية والادارية، منذ ٣ سنوات بسعر يتناسب مع سعر التكلفة في تلك الفترة، ولكن واجهتهم مشكلة فرق السعر عند البدء الفعلي في البناء بعد ارتفاع اسعار الخامات لما يزيد عن ١٢٠%، مما أدى إلى تحقيق المطورين لخسائر مادية كبيرة، وعدم قدرتهم على مطالبة العملاء بزيادة سعر الوحدة، لأن العقد شريعة المتعاقدين.
وأضاف أن زيادة الطوابق السكنية والتجارية الذي يطالب به المطورون في العاصمة لا تشكل أي اعباء على الدولة، بل ستساهم بشكل كبير في تعويض خسائر المطورين وتساعدهم في استكمال مشروعاتهم، مؤكدا على أنه سيتم تنفيذها بعد عمل الدراسات اللازمة وتحت إشراف المهندسين الاستشاريين.
ولفت العدل إلى أن هناك شركات عقارية تحملت الخسائر المادية وقادرة على الاستمرار في العمل واستكمال مشروعاتها، وهناك شركات أخرى توقفت تماما ولم تستطع استكمال مشروعاتها، لذلك يناشد الدولة بزيادة الاهتمام بالمطورين وشركات التطوير العقاري لأهميتهم في زيادة الدخل القومي المصري وتوفير المزيد من فرص العمل، حيث يشارك القطاع العقاري بنسبة ٢٠% من الدخل القومي، كما يعمل به أكثر من ٢٠% من سكان مصر.
ويرى المهندس مصطفى الجلاد عضو مجلس إدارة جمعية مطورى القاهرة الجديدة والعاصمة الادارية، أن ارتفاع معدلات التضخم والحرب الروسية الأوكرانية ضاعفت التحديات التى يعانى منها العالم ومصر جزء لا يتجزأ من هذه التحديات، وهو ما أدى إلي تباطؤ فرص التعافي السريع في القطاعات الاقتصادية وعلي رأسها القطاع العقاري المصري.
وقال إن القطاع العقاري في مصر تمكن من إثبات قوته وصلابته بعدما أخذت تتوالى عليه الأزمات بداية من تحرير سعر الصرف في عام 2016 مرورًا بأزمة فيروس كورونا، وتبع ذلك الحرب الروسية على أوكرانيا .
وأكد أن القطاع العقاري يواجه عدد كبير من التحديات علي رأسها ارتفاع أسعار مواد البناء، وهو الأمر الذى أثر على معدلات تنفيذ المشروعات والتى تشهد تراجعًا منذ عامين تأثرًا بظروف جائحة كورونا بما قد يؤثر على معدلات التسليم المستهدفة والمواعيد المتفق عليها مع العملاء، وجميعها أمور خارجة عن إرادة الشركات.
وشدد على أن أزمة التمويل العقاري تكمن في طول الإجراءات وصعوبتها وليس الفائدة فقط، كما أن الوقت الحالى هو الأنسب لأن يكون للقطاع الخاص نصيب أكبر في إنتاج وحدات الإسكان المتوسط وفوق المتوسط والفاخر، فالدولة تقدم وحدات جاهزة كاملة التشطيب بتقسيط على 20 و30 عامًا، وهو أمر يصعب على القطاع الخاص القيام به فى ضوء التحديات وأسعار الأراضي الحالية.
وأوضح الجلاد أن من أكبر التحديات للقطاع العقاري والشركات هو نقص السيولة النقدية وارتفاع التكاليف بصورة تهدد إمكانية استكمال المشروعات التى تم بيع وحداتها للعملاء إلى جانب انخفاض القوى الشرائية للعملاء فى مقابل ارتفاع أسعار الوحدات، بما يصعب مهمة تلبية الاحتياجات المستقبلية للعملاء من الوحدات السكني مؤكدا أن التمويل العقاري لم يعد المفتاح السحري لحل الأزمة فى ظل تشعب المشكلات التى تواجه القطاع مؤكدا أن أزمة التمويل العقاري تكمن في طول الإجراءات وصعوبتها وليس الفائدة فقط .
وأكد أن هناك ارتفاع في أسعار الأراضي في ظل ارتفاع التكلفة الاستثمارية للمشروعات العقارية مطالبا بإعادة النظر في أسعار الأراضي فضلاً عن دراسة إمكانية منح فترات سماح من أقساط الأراضي لمدة لا تقل عن 3 سنوات بدون فوائد لتحقيق توازن مع ارتفاع أسعار الأراضي.
وأبدى تفاؤله الدائم بإمكانية الرهان علي القطاع العقاري لجذب النقد الأجنبي، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة إقبالًا أكبر من المستثمرين وصناديق الاستثمار الأجنبية في ظل إعلان الدولة عن خطة واضحة للتخارج من بعض القطاعات الاقتصادية ومنها القطاع العقاري.
من جانبها أكدت مي عبد الحميد الرئيس التنفيذي لصندوق الاسكان الاجتماعي والتمويل العقاري، أن الصندوق يؤمن بأهمية البناء الاخضر في إيجاد وحدات سكنية صديقة البيئة ومنخفضة التكاليف في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء التقليدي ؛مشيرة إلى أن الصندوق بدأ منذ 2018 في تنفيذ مبادرة العمارة الخضراء بالتعاون مع البنك الدولي، والتي تستهدف تنفيذ نحو 25 ألف وحدة سكنية بالمدن الجديدة وهي: أسوان الجديدة، حدائق العاصمة، أكتوبر الجديدة، العبور الجديدة، والعاشر من رمضان، لافتة إلى أن صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري تمكن من الوصول إلى الفئات الأقل دخلا للاستفادة من برنامج سكن لكل المصريين، كما وفر المزيد من فرص حصول المرأة على وحدات سكنية.
اوضحت ان بناء وحدات سكنية خضراء صديقة للبيئة كان حلمًا كبيرًا على المستوى المحلي نظرًا للفائدة الكبيرة لها في توفير الطاقة وتحسين جودة الحياة للمواطنين، مضيفةً أن بناء مثل هذه الوحدات السكنية يرفع من تكلفة البناء بنسبة تتراوح من ١٠: ١٥٪، ولكن فوائده على المدى المتوسط تفوق بكثير تلك التكلفة نظراً للوفرة الكبيرة التي سيشعر بها المواطن في تكاليف استخدام المياه والكهرباء نتيجة للاعتماد على الطاقة الشمسية والمصادر المتجددة، وأن نسبة التوفير قد تتجاوز الـ20٪ في فاتورة استهلاكات المواطن الشهرية.
وأضافت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، أن دعم المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية IFC، ساهم في تحويل هذا الحلم إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع خلال الفترة الماضية في ضوء المعونات الفنية التي قدموها، معربة عن تطلعها للمزيد من التعاون المثمر مع المؤسسات الدولية، خصوصًا على الجانب التقني مع مؤسسة التمويل الدولية IFC.
وقالت، إن مصر في طريقها لصنع تجربتها الخاصة في مجال الإسكان الأخضر، حيث أطلق الصندوق بالتعاون مع البنك الدولي ومركز بحوث البناء والإسكان مبادرة "العمارة الخضراء" في عام 2020، لبناء وحدات سكنية خضراء للمواطنين محدودي الدخل، موضحة أن التجربة المصرية في مرحلتها الأولى، والتي تنتهي بنهاية عام ٢٠٢٤، تهدف للوصول إلى ٢٥ ألف وحدة سكنية بنظام تصنيف الهرم الأخضر للإسكان الاجتماعي، وتم بالفعل البدء في البناء خلال المرحلة الماضية.
ولفتت إلى أن للبناء الاخضر مستقبل واعد بالسوق المصرية وخاصة أنه أكثر جودة لمستوى المعيشة ويساعد على توفير حوالي 20%من فواتير الكهرباء موضحة أن الصندوق يبحث مع جهات التمويل الدولية المختلفة الحصول فرص تمويل أقل تكلفة للبناء الاخضر في مصر.
أشارت إلى أن تكلفة الوحدة بنظام البناء الاخضر تصل 360الف جنيه وأنه جاري العمل على تنفيذ 7آلاف في مدينة حدائق العاصمة وقدم تمت الترسية على المقاولين وهناك 8الاف وحدة أخرى في مراحل الطرح بالمدن الجديدة بالعاشر من رمضان واكتوبر الجديدة وأسوان الجديدة والعبور الجديدة والمنيا الجديدة ومدينة الغردقة.
ونوهت إلى أنه في المراحل المقبلة للمشروع الاخضر سوف يتم التنسيق مع جهات ذات خبرة لتدريب العاملين والمقاولين على طرق الانشاء وبناء القدرة المؤسسية لشركات المقاولات والمطورين العقاريين ولاسيما أن الصندوق لا يمانع من دخول القطاع الخاص كمطور عقاري بهذا المجال الجديد على سوق العقارات المصرية.
وأضافت الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري: نهدف إلى أن تتحول جميع الوحدات السكنية التي يتم بناؤها للمواطنين منخفضي الدخل إلى النموذج الصديق للبيئة في العمارات الخضراء، وهو ما سوف يؤثر بصورة إيجابية على مستقبل الإسكان في مصر ويخلق مزيدا من الفرص أمام القطاع الخاص المصري سواءً لشركات المقاولات أو شركات مواد البناء أو مؤسسات التمويل التي تتطلع للتوسع في منح التمويل الأخضر في الفترة القادمة.