ندوة في معرض الشارقة الدولي للكتاب تجمع الخشت والكاتب عبد الرحيم كمال لمناقشة تاريخ حركة الحشاشين وتأثيره على الفكر الإسلامي
تفاعل كبير من رواد معرض الشارقة حول كتاب “حركة الحشاشين” وأهمية استلهام الأدب للتاريخ بأسلوب يجذب القارئ المعاصر
الندوة استمرت لفترة أطول من الفترة المقررة لها بناء على إلحاح الجمهور
في إطار فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، عُقدت ندوة تحت عنوان "أصداء التاريخ القديم في الأدب" جمعت الدكتور محمد عثمان الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة السابق، والكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال، وأدارها الإعلامي الأستاذ غيث الحوسني، حيث ركزت الندوة على كتاب "حركة الحشاشين تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي" للدكتور محمد الخشت، والذي يتناول فيه تاريخ الجماعة التي عُرفت بارتباطها بالغموض والأساطير، والتي تمثل إحدى أكبر الانشقاقات في تاريخ الفرق الإسلامية.
وأوضح الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال، أن أهم المصادر التي اعتمد عليها في كتابة مسلسل الحشاشين، هو الكتاب الرائع للدكتور محمد الخشت عن هذه الطائفة، قائلًا: شهادة حق فأنا مدين للدكتور محمد الخشت ولكتابه العظيم بتفاصيله، وكل سطر فيه.
وفي مستهل كلمته، قال الدكتور الخشت إن معرض الشارقة الدولي للكتاب يمثل منبرًا ومنصة مهمة لتبادل الأفكار والرؤى الثقافية، وتعزيز الحوار بين المفكرين والمهتمين بالأدب والتاريخ وغيرها من المجالات والفنون والآداب.
وخلال الندوة، قال الدكتور محمد الخشت، إن دراسة الجماعات المتطرفة من الماضي يوفر رؤى حول جذور التطرف والصراعات الطائفية في العصر الحديث، مشيرًا إلى أن كتابه عن فرقة الحشاشين هو كتاب في علم الاديان والتاريخ الديني ويسعى لكشف النقاب عن بعض الحقائق التاريخية والعقائدية والدينية بشكل عام، لافتًا إلى أنه علينا أن نعي أهمية معرفة التاريخ من مصادر موثوقة، فالعديد من الأفكار التي تتداول حول الحشاشين اليوم هي خليط من الخيال والأسطورة، ولهذا السبب كانت دراستي عنهم محاولة لفك الغموض الذي يحيط بهذه الجماعة وإظهار تأثيرها على الفكر الإسلامي والسياسي في العصور الوسطى وأيضاً تأثيرها المستمر في العصور الحديثة.
وأوضح الدكتور الخشت، أن جماعة الحشاشين استخدمت الفكر المتطرف العدمي لتبرير أفعالها، وهي مسألة يجب أن نتوقف عندها ونعيد التفكير فيها اليوم، لافتًا إلى أن الحشاشين نشأوا في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية معينة، وقد تكونت أفكارهم كاستجابة لتلك الظروف مما جعلها تجذب العديد من الأتباع في ذلك الزمن نظراً لما كان لها من تأثير واسع النطاق فى المجتمع الإسلامى إبان فترة بالغة التعقيد، وهي الفترة التي كان يسيطر عليها الصراع بين مختلف الفِرّق العقائدية والسياسية، بل بين مختلف دول العالم الكبري وقتها.
وأكد الدكتور الخشت، أننا بحاجة إلى تسليط الضوء على الحركات المتطرفة من أجل كشفها وفضحها أمام نفسها وأمام العالم لأنها تعتبر سبباً رئيساً في أي عملية تراجع في العالم الإسلامي، مشيرًا إلى أنه تنبه مبكرًا في عام 1988 إلى أن حركة الحشاشين هي بئر استراتيجيات وتكتيكات الحركات المتطرفة كلها سواء كانت شيعية أم سنية، قائلًا: إن قصة الحركات المتطرفة في العالم الإسلامي بما فيها الحركات المعاصرة هي قصة مكررة بسخافة، نفس الاستراتيجيات والتكتيكات التي تؤدي إلى نفس الأهداف وتحقق نفس الفشل ثم تعود من جديد لتعيق تقدم العالم الاسلامي.
وتطرق الدكتور الخشت، إلى تأثير التاريخ القديم في إنتاج أعمال أدبية ودراميّة تخاطب القارئ المعاصر، وطرق استلهام الكُتاب للأحداث والشخصيات التاريخية وإسقاطها على الحاضر، مشيرًا إلى أهمية الأدب في إبراز جوانب معينة من التاريخ بأسلوب جذاب يتماشى مع اهتمامات الجمهور الحالي.
وقال الدكتور الخشت، إن المنطقة التاريخية التي ذهب إليها الكاتب المبدع عبد الرحيم كمال لم يسبق أن تم تسليط الضوء عليها كثيرا قبل ذلك، حيث كان يتم تسليط الضوء على الفترة التي قبلها أو فترة السقوط سقوط بغداد والتتار وغيرها، لكن هذه الفترة لم يكن من السهل أن يذهب إليها كاتب درامي يحيط ويستوعب ذهنيًا هذه الفترة، ولكن الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمي استطاعا أن يستخدما الأدوات الدرامية بشكل متميز جدا. ورغم الاختلافات العلمية معهم حول بعض الموضوعات والشخصيات إلا أنه يجب ان ندرك ان الدراما لها متطلبات وضروريات فنية تدفعها لتوظيف المخيلة والخيال بعيدا عن بعض جوانب الواقع.
وقد شهدت الندوة حضورًا وتفاعلًا كبيرًا من رواد معرض الشارقة للكتاب، والذين أبدوا تفاعلاً ملحوظًا وطرحوا تساؤلات حول موضوعات مختلفة من تاريخ الجماعات الإسلامية وتطور الأدب العربي. واستمرت الندوة لفترة أطول من الفترة المقررة لها بناء على إلحاح الجمهور، كما دارت مناقشات مطولة بعد انتهاء الندوة بين الجمهور والدكتور الخشت والكاتب عبد الرحيم كمال.
جدير بالذكر أن الدكتور محمد الخشت صاحب إنتاج فلسفي وأكاديمي غزير، حيث بلغت مؤلفاته 98 كتابًا وتحقيقًا وبحثًا علميًا محكمًا منها 43 كتابا منشورا و24 كتابا محققا من التراث الإسلامي، وترجمت بعض أعماله إلى لغات أخرى مثل (الألمانية والإنجليزية والفرنسية والأندونيسية وبعض اللغات الأفريقية)، وتم تصنيفه من كرسي اليونسكو للفلسفة ضمن الفلاسفة العرب المعاصرين في "موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين" الصادرة عن كرسي اليونسكو للفلسفة 2017، كما أصدر اليونسكو مجلدًا كاملًا عن فلسفته في عام 2020 تحت عنوان ( فيلسوف التجديد والمواطنة والتقدم: دراسات في فلسفة الخشت النقدية).