انطلاق المنتدى العربي السادس للمياه: بحث استراتيجيات الاستدامة والتعاون لمواجهة تحديات الأمن المائي
أطلق المجلس العربي للمياه فعاليات اليوم الأول من "المنتدى العربي السادس للمياه" تحت رعاية جامعة الدول العربية، بمشاركة كبار المسؤولين والخبراء وممثلي الحكومات والهيئات العربية والدولية. يهدف المنتدى إلى بحث القضايا الإقليمية البارزة المتعلقة بالمياه، ووضع "خارطة طريق" لمستقبل مستدام يضمن استدامة المياه وأمن العرب المائي.
شهدت الجلسة الافتتاحية المشتركة للمنتدى والمؤتمر العالمي للمرافق حضور خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بالإضافة إلى أكثر من 15 وزيراً و1400 مندوب وخبير و280 متحدثاً في مجالات المياه والمرافق. وقد أكد قادة المنطقة على أهمية الحفاظ على الأمن الغذائي والمائي العربي، وتوسيع مشاريع تحلية المياه باعتبارها ضرورة ملحة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الخليج لتلبية الطلب المتزايد على المياه، من خلال زيادة إنتاجية المياه وتحسين جودتها والحد من التلوث.
يهدف المؤتمر إلى عرض أحدث الحلول والتقنيات المستدامة التي تسهم في خفض انبعاثات الكربون وزيادة الكفاءة التشغيلية وتعزيز الأداء التجاري، ودعم التحول نحو مستقبل أكثر استدامة وكفاءة في قطاع المرافق. كما يشجع المؤتمر الحكومات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدني على المشاركة في حوارات عملية لمعالجة ندرة المياه واستنزاف الموارد المائية العذبة، مع التركيز على الموارد غير التقليدية للمياه.
وفي كلمته، أكد الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه، أن التحديات التي نواجهها ضخمة، لكن يمكن التغلب عليها بالتصميم والإبداع والتعاون. وأضاف أن الإرادة السياسية والقيادة هما أمران حاسمان، وطالب الحكومات بإعطاء الأولوية لأمن المياه ضمن أجنداتها الوطنية، بدعم من سياسات قوية وتمويل كافٍ، مع ضرورة القيادة على جميع المستويات لمعالجة هذا التحدي العالمي بفعالية.
وأشار أبو زيد إلى أن المنتدى العربي للمياه والمؤتمر العالمي للمرافق العامة ليسا مجرد حدثين تقليديين، بل هما حجر الزاوية للحوارات الحاسمة في صناعة المياه والمرافق العامة، حيث من المتوقع أن تعزز النتائج التعاون والرؤى المشتركة، وتربط بين قطاعين أساسيين في تشكيل مستقبل مستدام. ويشمل المعرض الذي يرافق الفعالية أكثر من 60 عارضاً من 24 دولة، حيث يعرضون التقنيات والحلول التي تدفع تقدم قطاع المياه، ويتيح المعرض فرصة للتواصل مع الممولين والشركاء التجاريين، مما يعزز فرص النمو الجديدة.
أوضح أبو زيد أن المياه والمرافق العامة مترابطة بشكل وثيق، حيث تعتبر المياه ضرورية لتوفير خدمات المرافق العامة المتنوعة وتوليد الطاقة الكهرومائية. وأكد أهمية معالجة تحديات إدارة موارد المياه في ظل مشهد المرافق العامة المتغير، وتقديم رؤى واستراتيجيات عملية لتعزيز استدامة ومرونة خدمات المرافق العامة المرتبطة بالمياه.
في ظل الأزمة العالمية غير المسبوقة في مجال المياه، أصبحت الحاجة إلى تنفيذ استراتيجيات فعالة ملحة بشكل متزايد. ومنطقة الخليج، التي تعاني من مناظر طبيعية قاحلة ونمو سكاني سريع، تواجه فجوة متزايدة بين الطلب على المياه والعرض.
ستركز الفعاليات على تقديم أحدث التقنيات والحلول المبتكرة لمواجهة تحديات استدامة قطاعي المياه والكهرباء، ودعم الجهود الوطنية والدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف السادس المتعلق "بالمياه النظيفة والصرف الصحي". ويتطلب معالجة هذه التحديات أجندات ذات أولوية وعملًا مشتركًا ونهجًا مبتكرًا، بما في ذلك نماذج تمويل جديدة تجمع بين الحكومة والقطاع الخاص.
وأكد أبو زيد على أهمية معالجة الخلل من خلال حلول مبتكرة وفعالة في مجالات مثل إدارة المياه، والبنية التحتية الذكية، وتوليد الطاقة وتوزيعها وتخزينها، فضلاً عن تحسين ممارسات الصحة والسلامة والبيئة. كما دعا إلى التركيز على التميز التشغيلي والتعاون الفعّال بين جميع الأطراف لتحقيق التقدم المستدام.
سيتناول اليوم النقاشات في هذه القضايا الملحة، حيث توفر هذه التحديات أيضًا فرصًا للتعاون والابتكار وتطوير استراتيجيات مرنة. يجب علينا أن نتحد لمشاركة المعرفة وتبادل الأفكار والعمل نحو حلول لمواجهة تعقيدات مشهد المياه لدينا. ويجب أن يكون المحور الثاني في اجتماعنا اليوم هو "الابتكار كحجر الزاوية للتكيف والمرونة". في عالمنا المتغير، يتعين علينا اعتماد استراتيجيات غير تقليدية ومبادئ الاقتصاد الدائري والحلول القائمة على الطبيعة.
واختتم أبو زيد بالإشارة إلى أن "التكيف" ليس مجرد مسألة بقاء، بل يتعلق بالازدهار في مواجهة التحديات. وسيركز المحور الثالث على "خارطة الطريق نحو مستقبل مائي مستدام"، حيث يتعين علينا توحيد جهودنا الإقليمية والأجندات العالمية للمياه لمواجهة التحديات الفريدة التي تواجه مجتمعاتنا. إن تحقيق مستقبل مائي مستدام يتطلب الوحدة والرؤية والعمل.
كما أشار إلى أهمية إشراك المهنيين الشباب في هذه المناقشات، حيث تعتبر أصواتهم وأفكارهم المبتكرة ضرورية لتطوير استراتيجيات فعّالة. وفي هذا الإطار، سيرتب المجلس العربي للمياه لتقديم جائزة تقديرية للمهنيين الشباب عن "الإبداع والابتكار في التكيف مع تغير المناخ من خلال توسيع استخدام موارد المياه غير التقليدية"، تهدف الجائزة إلى نشر الفائدة المستمدة من الابتكار وتجارب النجاح وأفضل الممارسات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
اختتم أبو زيد بالقول إن التحديات التي نواجهها ليست مستعصية على الحل، وأنه من خلال التصميم والإبداع والتعاون يمكننا التغلب عليها. بالإرادة السياسية والقيادة، يجب أن تعطي الحكومات أولوية لأمن المياه ضمن أجنداتها الوطنية، ويجب أن نعمل على تحويل مناقشاتنا إلى أفعال وأفكارنا إلى حلول. مستقبل المياه في منطقتنا يعتمد على ما نقوم به اليوم وفي الأيام القادمة.