لماذا يستهدف اليمين المتطرف في بريطانيا التواجد الاسلامي ؟
قال نيك توماس سيموندس الوزير المسؤول عن مكتب مجلس الوزراء في بريطانيا اليوم الجمعة إن الحكومة حثت الشرطة على البقاء في حالة تأهب مرتفعة تحسباً لاندلاع مزيد من أعمال الشغب خلال اليومين المقبلين في مطلع الأسبوع بعد هجمات واضطرابات وأعمال عنف عنصرية دارت على مدى الأيام الماضية.
وبدأت أعمال العنف الأسبوع الماضي بعد انتشار العديد من المنشورات الكاذبة على الإنترنت التي تشير بالخطأ إلى أن المسؤول عن مقتل ثلاث فتيات صغيرات طعناً في 29 يوليو في ساوثبورت بشمال غرب إنجلترا هو مهاجر مسلم.
واستهدف العنف الذي نفذه من وصفهم رئيس الوزراء كير ستارمر بأنهم "خارجون عن القانون من أقصى اليمين"، المسلمين والسود والمهاجرين بالأساس. وتعرضت فنادق تؤوي طالبي لجوء لتحطيم نوافذها ومساجد للرشق بالحجارة.
ولم يتضح بعد عدد الاحتجاجات العنيفة التي تشوبها أعمال شغب التي يخطط أقصى اليمين لها حالياً ولا إن كانت ستتم بالفعل. ووفقاً لمجموعة "ستاند أب تو ريسيزم" المناهضة للعنصرية، فهناك نحو 40 احتجاجاً مضاداً من المقرر خروجها غداً السبت.
وقال توماس سيموندس ": "رسالتنا ونحن نتجه لعطلة نهاية الأسبوع لأفراد شرطتنا هي البقاء في حالة يقظة والحكومة أيضاً ستبقى في حالة تأهب" وتابع قائلاً: "سنبقي الوضع في حالة تأهب مرتفعة.. نبدأ عطلة نهاية الأسبوع ونحن على استعداد لأي أحداث. أعتقد أن ذلك في غاية الأهمية".
كما تبحث الحكومة البريطانية إدخال تعديلات على قانون الأمن على الإنترنت المعني أيضاً بتنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي بعد تلك الأحداث التي تسبب فيها انتشار معلومات مضللة على الإنترنت.
وتم تمرير قانون في أكتوبر لكنه لن يدخل حيز التنفيذ قبل مطلع العام المقبل، ويسمح للحكومة بفرض غرامة على شركات تملك منصات التواصل الاجتماعي بما يصل إلى 10% من عائداتها العالمية إذا ثبت انتهاكها للقانون.
وفي الوقت الراهن، لا تواجه تلك الشركات غرامة إلا إذا أخفقت في منع المحتوى غير القانوني مثل التحريض على العنف وخطاب الكراهية. أما التعديلات المقترحة فقد تفرض عقوبات على الشركات إذا سمحت بمحتوى "قانوني لكن ضار" مثل انتشار المعلومات المضللة.
كان نور مياح طالباً في العام 2001 عندما هزت أعمال شغب بورنلي ومدناً أخرى في شمال إنجلترا مع مواجهات مع الشرطة وبريطانيين شباب أصولهم من جنوب آسيا، بعد سلسلة من الهجمات والحوادث العنصرية واتهمت السلطات يومها بأنها لم تحم بشكل كاف الأقليات في وجه الناشطين من أقصى اليمين ومع مرور أكثر من عقدين على ذلك، يتذكر نور مياح تلك المرحلة القاتمة فيما يدعو الشباب في أوساط جاليته إلى الهدوء.
وتم تدنيس قبور عائدة إلى مسلمين في مقبرة هذه المدينة التي تضم جالية كبيرة من كل من باكستان وبنجلادش، في حين تشهد مدن مجاورة أعمال شغب مناهضة للمهاجرين ومعادية للمسلمين.
ويروي نور الذي بات سكرتيراً في مسجد محلي لوكالة "فرانس برس" قائلاً: "شكّل العام 2001 مرحلة صعبة في بورنلي"، مضيفا قدماً منذ ذلك الحين ونهضنا من جديد. الجيل الجيد لديه أمل كبير".
تلقى نور، الاثنين، رسالة من صديق توجه إلى مقبرة بورنلي أفاده فيها بأن شاهدة قبر لعائلة غطيت بالطلاء. وأوضح قائلاً: "هرعت إلى المقبرة وكان هناك عائلتان قلقتان جداً وقد بدا عليهما الاضطراب".
وتحقّق الشرطة في القضية على أنها أتت بدافع عنصري. ويؤكد نور قائلاً: "من قام بذلك يحاول استفزاز المسلمين لتكون لهم ردة فعل، لكننا نحاول الحؤول دون ذلك من خلال المحافظة على الهدوء. لا أحد يستحق ذلك".
عزز تدنيس المقبرة شعور الخوف المتنامي في صفوف المسلمين في بورنلي منذ اندلاع أعمال الشغب المعادية للمسلمين والمهاجرين الأسبوع الماضي.
وأتت أعمال العنف هذه إثر اعتداء بسكين في 29 يوليو في ساوثبورت في شمال غرب إنجلترا قتلت فيه ثلاث فتيات صغيرات، على خلفية شائعات بثت عبر الإنترنت تفيد بأن المشتبه فيه طالب لجوء مسلم. في الواقع، ولد منفّذ الهجوم في ويلز. وذكرت وسائل الإعلام أن عائلته أصلها من رواندا ولم ترشح أي معلومات حول ديانته.
ويعرب نور نياح عن قلقه على زوجته التي تتوجه إلى المدينة واضعة الحجاب وقد طلب من والده التوقف عن التوجه إلى المسجد للصلاة "للحد من الوقت الذي يمضيه خارجاً".
ويوضح: "ساهمت في بناء هذا المسجد، حملت حجارة الآجر.. لكن يجب أن أفكر بأمن عائلتي وسلامتها" آملا بألا تصل أعمال العنف التي تراجعت في الأيام الأخيرة إلى بورنلي هذه المرة.
وفي شيفيلد جنوباً، تعرب أمينة بلايك عن قلقها أيضاً. على مسافة كيلومترات قليلة، هاجم مثيرو شغب فندقا الأحد يؤوي طالبي لجوء ووقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات الشرطة.
وتقول أمينة وهي عضو في مجلس إدارة مسجدين محليين "ثمة شعور كبير بالخوف" ولا سيما في صفوف المسلمات إذ تخشى بعضهن الخروج وهن يضعن الحجاب.
وعلى غرار عائلة نور مياح في بورنلي "تلزم الكثير من النساء المنزل هنا ولا يخرجن إلا برفقة رجل من العائلة".