«أسماء» كرست حياتها في خدمة الأطفال.. وأنشأت أول وحدة تخاطب في مستشفى حكومي
خاضت مجال لطالما يحتاج إلى التحلي بالصبر والهدوء، لذا فبقلب حنون ومزيد من الدراسة استطاعت أن تحقق النجاح المطلوب فيه، وانطلق تفوقها من حيز مصر ليصل إلى خارجها، هي أسماء علام، ابنة محافظة الشرقية التي أنشأت أول «عيادة علاج النطق والتخاطب» في ديرب نجم في مستشفى حكومي وترأستها.
«أنا خريجة تجارة وماكنتش حابة مجال العمل فيها أو دراستها، وبعد فترة بقيت أنزل أتدرب مع ذوي الاحتياجات الخاصة».. شرحت أسماء علام، مُؤسسة وحدة التخاطب في مستشفى ديرب نجم الحكومي، في بداية حديثها لـ«النهار» مجال دراستها غير المحبب لقلبها، والذي كان سببًا في تحول مسار حياتها بسبب ازدياد اهتماماتها بذوي الاحتياجات الخاصة، وقراءة كل ما يخص التعامل معهم، فضلًا عن ذلك أن حبها للأطفال كان مشجعًا لها في الالتحاق بمجال عمل التخاطب وعلاج النطق لأطفال ذوي الاحتياجات.
كشفت «أسماء» أن التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يكون مختلفًا تمامًا عن الاحتكاك بالأطفال الطبيعية، وذلك بسبب مضاعفة الاهتمام والعناية بهم بسبب حالتهم الصحية، لافتة:«علشان كده دخلت كلية العلوم ذوي الإعاقة والتأهيل جامعة الزقازيق الأولى في الشرق الأوسط، وعملت دبلوم عامة وخاصة تخصص اضطرابات اللغة والتخاطب، وقتها مقتصرش الأمر أني أكون باحثة عادية، علشان كده بدأت اتعمق في مناهج البحث العلمي وكمان بقيت أشرح المواد دي للطلبة».
سردت «أسماء» أنها تقوم بإعطاء هذه المحاضرات للطلبة مجانًا بسبب حبها للعلم، بالإضافة إلى ذلك إنشاء قنوات على «التليجرام» لمتابعة أي استفسارات، موضحة:«بعد كده حصلت على ماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية جامعة الدول العربية، وكمان الدكتوراه من جامعة عين شمس في المرحلة التمهيدية».
في عام 2022، شغل تفكيرها إنشاء وحدة تخاطب متخصصة في علاج النطق وصعوبات التعلم واضطرابات الإعاقات في أحد المستشفيات الحكومية، كي تكون على خطى مختلفة عن غيرها الذين يقوموا بإنشاء مراكز متخصصة في ذلك يكون لديها الربح المادي، لذا فكان قرارها إنشاء هذه الوحدة في مستشفى حكومي تابعة لوزارة الصحة والسكان، بالإضافة إلى تحديد الأنشطة المتنوعة التي تساعد في تدريبات العلاج، لافتة:«كل ده من مالي الخاص، وإدارة المستشفى مش بتساعدني أو بتدعمني في أي نشاط بقوم به».
حاولت «أسماء» استهداف البسطاء الذين لا يستطيعوا علاج أطفالهم من اضطرابات الإعاقات المختلفة، وذلك بسبب إنشاء هذه الوحدة في المستشفى الحكومي والتي تقوم بعلاج الأطفال دون الحصول على أي مبالغ مالية، لذا فحصلت على موافقة بإنشاء هذه الوحدة من وزارة الصحة والسكان بعدما طرحت فكرتها على مدير المستشفى، قائلة:«نسبة الشفاء ارتفعت وبقى في إقبال شديد أوي، وكمان الناس بقى عندها وعي».
لم تكتفٍ «أسماء» على علاج الأطفال فقط من الاضطرابات التي يعانوا منها، بل أنها أيضًا حاولت أن تقوم بالعديد من الأنشطة والحفلات الترفيهية، موضحة:«أنا مش موظفة وماعنديش دخل أقدر أدعم به تكاليف وحدة التخاطب بس بعمل ده بكل الحب».
لم تقتصر خدمات الوحدة على عيادة التخاطب أو الجلسات العلاجية فقط، إلا أن هناك العديد من الاحتفالات التي لطالما تريد «أسماء» تنظيمها، بالإضافة إلى المحاضرات والندوات التوعوية والتثقفية، لافتة:«الناس بسيطة جدًا وغير متعلمين وبالتالي الوعي غير موجود، علشان كده بحاول أعملهم الندوات باستمرار علشان يكون في تدخل مبكر لحالة أطفالهم».
استفادت «أسماء» من هذه التجربة، من خلال المكاسب المتنوعة التي حصلت عليها في حياتها، على الرغم من عدم وجود مصدر دخل دائم لها، موضحة:«حسيت أن ربنا بعتني للناس الغلابة دول علشان أساعدهم، وكمان كسبت خبرة في التعامل مع إعاقات واضطرابات مختلفة».
حكت «أسماء» أن مؤسسة «النساء في أفريقيا» نشرت عن مسابقة مشارك فيها 3 دول ويتم تنظيم ذلك كل عام، لذا سنحت إليها الفرصة في عام 2023 عندما اختيرت مصر والجزائر وجنوب أفريقيا للمشاركة في هذه المسابقة، ومن ثم قدمت في هذه المسابقة كرائدة أعمال في مشروعها الخاص في مجال ذوي الهمم، من خلال إنشائها وحدة التخاطب للأطفال البسطاء، لافتة:«أنا قدمت ونسيت لكن بعد فترة جالي إيميل أن تم اختياري، وقتها الفرحة ماكنتش سايعني وخصوصًا أنها مسابقة دولية وكانت تجربة جديدة».
بعد فترة حدثت تصفية داخل المسابقة، لذا بعد الفوز في المسابقة تم تأهيلهم لدراسة منحة مجانية «أونلاين»، ومن ثم حصلت على منحة في ريادة الأعمال، لافتة:«بعد كده بعتوا أسماء اللي تم تصفيتها من مصر وهتفوز بالجائزة المالية، وكانت قيمتها 300 دولار لاقيت اسمي وقتها كانت فرحتي كبيرة بإنجازي ده».
شرحت «أسماء» أنها اختارت مستشفى ديرب لأنها مدينتها، بسبب رغبتها في خدمة أهل بلدتها، كما أنها بالنسبة لها نقطة البداية وستنطلق بعد ذلك عندما تسنح لها الفرصة، مشيرة:«نفسي أعمم الفكرة على جميع مراكز الشرقية ومنها لجميع محافظات مصر، ولازم يكون معروف أن الفئة المستهدفة البسطاء فقط».
«بعد الأحداث الأخيرة في غزة، بقى في ناس كتير من الفلسطينيين في مستشفيات مصر، وعلشان كده مستشفى ديرب كان لها نصيب».. كشفت «أسماء» أن بسبب توزيع العائلات الفلسطينية على مستوى مصر، حاولت أن تقدم للأطفال المساعدة وخاصة الذين يعانوا من اضطرابات نفسية نتيجة للصدمات بسبب الحرب والأحداث المأساوية، بالإضافة إلى ذلك أن هناك أطفال يعانوا أيضًا من مشكلات واضطرابات في النطق والكلام أو تعديل السلوك، لذا كانت بالنسبة لهم المنقذ واليد الحانية بعد قسوة الحرب.
تسعى «أسماء» في تطوير ذاتها في مجال التخاطب وتعديل السلوك وغيرها من الاضطرابات الأخرى، من خلال المشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى دعم فكرة المؤسسة في المدراس، موضحة:«لو جالي شغل برا الشرقية أكيد هستفيد من الفرصة، ولكن برده هخدم أهل بلدي البسطاء».