النهار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 06:13 صـ 4 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

بين نارين «الغُربة والحرب».. حكايات على لسان الطلاب الفلسطينيين لـ«النهار»: «مابدنا مساعدات.. بدنا يوقفوا المجازر»

بين نارين «الغُربة والحرب».. حكايات على لسان الطلاب الفلسطينيين لـ«النهار»: «مابدنا مساعدات.. بدنا يوقفوا المجازر»
بين نارين «الغُربة والحرب».. حكايات على لسان الطلاب الفلسطينيين لـ«النهار»: «مابدنا مساعدات.. بدنا يوقفوا المجازر»

نشرات الأنباء وتطبيقات «السوشيال ميديا» تمتلئ بآخر الأخبار عن أحداث فلسطين المأساوية، ليتلقاها الطلاب الفلسطينيين المقيمين في مصر لظروف الدراسة بقلب ينبض بدقات سريعة يسيطر عليها الحسرة والقلق على ذويهم وأقاربهم بفلسطين أثناء القصف الدموي الغاشم من قبل العدوان الصهيوني.

«بيسان» سافرت إلى مصر قبل الحرب بيومين:« ما بدنا مساعدات.. بدنا يوقفوا المجازر»
«أول مرة أجاي مصر علشان الدراسة، وجيت قبل الحرب بيومين بس بالصدفة».. بدأت بيسان عيسى، 30 عامًا، خريجة آداب إنجليزي جامعة الأقصى، 30 عامًا، طالبة دراسات عليا في كلية لغات وترجمة جامعة الأزهر، حديثها لـ«النهار» بالمفارقة التي حدثت لها بسبب ظروف سفرها التي تزامنت مع اندلاع الحرب بيومين فقط في فلسطين، حيث أنها تركت ورائها عائلتها كاملة في غزة كي تأتي إلى مصر بهدف استكمال دراستها في جامعة الأزهر.


قبل اندلاع الحرب كانت أوضاع تواصل «بيسان» بأهلها طبيعية، إلا أنه مع اندلاع الحرب في بداية أكتوبر الماضي، تسبب ذلك في حالة من التذبذب وعدم الاستقرار وخصوصًا لشعورها الدائم بالقلق بسبب بعدها عن أهلها في مثل هذه الظروف القاسية، لافتة:«قعدت أيام طويلة مش عارفة أوصل لأهلي، ودايمًا حاسة بخوف عليهم»، مشيرة إلى أن والدتها وشقيقتها وأفراد من عائلتها توجهوا إلى جنوب غزة في خان يونس، إلا أن والدها رفض التخلي عن منزله وظل في غزة، قائلة:«إللي أسبوع ما كلمت البابا، ولو كلمتهم بتكون دقايق محدودة اطمن بس عليهم».


تحكي عن حالات الاستشهاد في عائلتها، حيث كان من بينهم زوج وابن خالتها، وذلك بسبب توجههما للاطمئنان على منزلهما في شارع الرشيد على البحر، وهذه المنطقة ضمن المناطق الخطرة، لافتة:«استهدفتهم القوارب البحرية، وبقالهم 10 أيام مرميين في الشارع، عربات الإسعاف مش عارفة توصلهم».
حالة من الصدمة تعيشها بسبب مشاهدتها للأحداث، على الرغم من مرورها بالكثير من الحروب إلا أن هذه المرة تختلف عن أي وقت آخر بسبب قسوة ما يحدث لوطنها، قائلة:«مفيش منطقة إلا ودمروها، بنام وبصحى أخاف اسمع خبر حدا من عيلتي»، مضيفة: «ما بدنا مساعدات ولا أكل ولا شرب، بدنا يوقفوا المجازر».. بكلمات تحمل الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ترفض «بيسان» كافة المساعدات التي يتم تقديمها وتريد عودة وطنها وأهلها ووقف إطلاق النار.

«ضحى» مولودة في مصر وقلبها في فلسطين:«كل حاجة في بلدي جميلة.. وكلنا إيد واحدة»
«أهلي عايشين في العريش ولكن عيلتي الكبيرة كلها في فلسطين».. اطمئنان يشوبه قلقًا حاولت أن تعبر عنه ضحى أنور موسى، 22 عامًا، طالبة بكلية الهندسة، أثناء حديثها لـ«النهار» بسبب تواجد أسرتها الصغيرة في العريش واستقرارها معهم في مصر مُنذ ولادتها، إلا أنه على الرغم من ذلك فأنها تعيش القلق مع سماع الأخبار غير السارة عن المواطنين في فلسطين خوفًا على أهلها وأفراد عائلتها الكبيرة.


رسائل متتالية تقوم بإرسالها «ضحى» لأفراد عائلتها في فلسطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن خيبة الأمل تسيطر على المشهد بسبب صعوبة التواصل المستمرة، ولكن مع ذلك في حالة رؤيتها الرد على من هذه الرسائل يعود توازنها من جديد، موضحة:«عمي استشهد هو وولاده السبعة ودار خالتي كلهم استشهدوا واليوم مرات عمي، وبنت عمتي وزوجها، ومش قدامنا غير الدعاء ليهم».
تحكي أن جميع أفراد عائلتها في غزة رفضوا النزوح وقرروا البقاء في ديارهم، قائلة:«أحنا بنتعلم منهم الصبر والمقاومة، ودايمًا يطلبوا مننا الدعاء لما بكلمهم»، وزارت «ضحى» فلسطين أكثر من مرة سواء من خلال المعبر أو الأنفاق، وهذا تسبب في تعلقها بها على الرغم أنها ليست محل ميلادها، لافتة:«كل حاجة في بلدي جميلة، والناس هناك ودودين وكلنا إيدنا واحدة».

«ياسمين» كادت تسافر فلسطين قبل الحرب ولكن الدراسة عطلتها:«نفسي اسمع صوت أهلي»
«أهلي في فلسطين ولكن والدي ووالدتي معايا في مصر».. بدأت ياسمين محمد حسين مزروع، من مواليد مصر، 31 عامًا، بكالوريوس تجارة جامعة الأزهر، طالبة ماجستير في الإحصاء، حديثها لـ«النهار» أنها في حالة قلق مستمر لأن أغلب عائلتها مقيمين في فلسطين في ظل الأحداث غير الإنسانية التي تحدث ضد الأهالي في وطنها، أسبوعان لا تستطيع الفتاة الثلاثينية التواصل مع ذويها وأقاربها داخل قطاع غزة، بسبب صعوبة شبكة الإنترنت لإيصال الرسائل.


أوضحت: «أوقات بنتواصل بالجيران لو معرفناش نحكي أهالينا، بنستنى يفتحوا الناس يقولولنا أنهم بخير فقط»، وننتظر الرد على الرسائل التي نقوم بإرسالها لجميع أفراد العائلة عبر التطبيقات المختلفة، وتحكي أن أهلها متواجدين في أنحاء مختلفة من قطاع غزة وليس في منطقة معينة، حيث أن بعضهم اضطر إلى النزوح من الشمال إلى الجنوب، قائلة: «عندنا حالات استشهاد من عائلتنا ومعارفنا وفي مصابين».
تسرد «ياسمين» أن الاتصال الدولي خطير بأهلها وأقاربها داخل فلسطين، لذا يكون اللجوء الوحيد بالنسبة لها هو التواصل عبر الإنترنت ولكن الشبكات غير متاحة بشكل دائم ومن ثم يكون التواصل صعبًا، موضحة:«أي اتصال عبر الهاتف يكون مراقبًا من قبل الاحتلال، وممكن يوصلوا لأي بيت ويضربوه»، و«كل رسايلهم لينا بيقولوا فيها أدعولنا»، كما روت فترة إقامة أسرتها في مصر، حيث كانت البداية عند تهجير جدتها ومجيئها إلى مصر عام 1948، وجدها كان في الجيش الوطني وحارب في اليمن، حتى تم نقله إلى مصر واستقر بها.

«انتصار» ترغب في زيارة وطنها:«قاعدين على أعصابنا بسبب خوفنا عليهم»

«مشتاق أزور فلسطين عمري ما روحتها، خايفة يجرى لأهلي حاجة قبل ما أشوفهم».. بدأت انتصار زياد الهمص، خريجة إدارة وسكرتارية، 23 عامًا، حديثها لـ«النهار» بوصف رغبتها في زيارة فلسطين والذي لم تستطع التوجه إليها مُنذ ولادتها في مصر، وخاصًة أنها برفقة أسرتها المكونة من الأب والأم والأخوات، ليبقى العدد الأكبر من عائلتها داخل وطنها فلسطين.
تحدثت «انتصار» عن أهمية «السوشيال ميديا» قبل الحرب، حيث أنها كانت سببًا في زيادة قربها من أهلها في فلسطين من خلال الاتصالات المستمرة الهاتفية ومكالمات الفيديو، موضحة:«الأيام اللي الإنترنت كان فاصل فيها بسبب الأحداث كنا قاعدين على أعصابنا بسبب خوفنا عليهم».
تحكي الفتاة العشرينية عن أول حالة استشهاد في عائلتها بفلسطين في 7 أكتوبر وهو ابن عم والدتها، حتى توالت حالات الاستشهاد في اليوم التالي لينال الشهادة أيضًا زوج ابنة خالتها، لافتة:«خالي بيته وقع وحصلهم إصابات هو وأولاده، وعنده بنت جالها صدمة وفقدت النطق».
«بحس أنهم همه اللي بيصبرونا، وبنتعلم منهم القوة، وأصعب موقف أننا نسمع خبر استشهاد حد منهم».. هكذا وصفت «انتصار» حالة أقاربها عند التواصل معهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أنها دومًا تجد منهم القوة والصبر رغم المصائب المتتالية عليهم مُنذ بدء العدوان الصهيوني.

موضوعات متعلقة