هل يمكن لتونس تدبير أمورها بعيداً عن ”صندوق النقد”؟
أمن المقرر أن تزور بعثة جديدة لصندوق النقد الدولي، تونس، في وقت لاحق قبل نهاية العام الجاري، من أجل "الالتقاء بالسلطات وتقييم أحدث التطورات الاقتصادية".
يأتي ذلك في وقت تنتظر فيه تونس إقرار برنامج قرض صندوق النقد الدولي منذ أكثر من عام، وهو البرنامج المتعثر على وقع الرفض التونسي للاشتراطات المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية من جانب الصندوق، وعلى رأسها ملف الدعم.
وفيما تتمسك تونس بموقفها الرافض لبرنامج الصندوق، فلم تتقدم من جانبها ببرنامج بديل، طبقاً لما أعلنه الصندوق أخيراً على هامش اجتماعات المغرب. فيما ذكرت تقارير صحافية أن تونس تتجه لوقف التعاون مع صندوق النقد.
ويعول اقتصاديون تونسيون في الوقت نفسه على بدائل محلية، تُمكن البلاد من تدبير أمورها بعيداً عن المؤسسات الدولية. لكنه في الوقت نفسه مسار يتطلب مزيداً من الإجراءات وبرنامج مُحدد لم تتضح معالمه بعد.
وتواجه البلاد وضعاً اقتصادياً متأزماً جراء الصدمات المتتالية -سواء الداخلية والخارجية- منذ العام 2011 مروراً بالتبعات الواسعة لجائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا وما فرضته من ضغوطات على الاقتصادات حول العالم.
ويتعرض الاقتصاد التونسي لضغوط تضخمية واسعة كغيره من الاقتصادات حول العالم تبعاً لحالة اللايقين التي تلف المشهد الاقتصادي العالمي. وقد بلغت معدلات التضخم 9 بالمئة في شهر سبتمبر الماضي، نزولاً من 9.3 بالمئة في أغسطس، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء.
هل تتبنى تونس برنامجاً بديلاً؟
يقول أستاذ الاقتصاد بكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بجامعة قرطاج، رضا الشكندالي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن زيارة صندوق النقد الدولي إلى تونس ستكون خلال شهر ديسمبر المقبل، وتأتي في إطار المراجعة الدورية التي يقوم بها الصندوق، لنشر تقديراته بالنسبة للنمو الاقتصادي وعدد من المؤشرات الأخرى.
ويشدد على أن الحكومة التونسية حتى الآن لم تقدم بديلاً عن البرنامج التقني الذي وجبت مراجعته خاصة وأن كل الفرضيات تغيرت ولابد من تحديد هذا البرنامج، لا سيما على مستوى الدعم الذي يُصر صندوق النقد على رفعه خلال السنة، بينما الحكومة تعارض ذلك؛ بحكم أن التضخم المالي مرتفع جداً ورفع الدعم بالنسبة للمحروقات خلال السنة سيزيد من معدلات التضخم ويؤدي للاحتقان الاجتماعي الذي لا يؤسس إلى أرضية سانحة لتنفيذ الإصلاحات الكبرى التي يطلبها صندوق.
ويؤكد المدير العام السابق لمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية والمستشار السابق بوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ضرورة أن يكون هناك طرح آخر، مردفاً: "أعتقد بأن الحكومة لم تقدم حتى الآن برنامجاً بديلاً يمكن أن تتفاوض فيه مع الصندوق".
أعلن صندوق النقد، نهاية الأسبوع الماضي،على لسان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جهاد أزعور، عن أن تونس لم تطرح مقترحات جديدة لبنود برنامج القرض (الذي تأخر كثيراً) بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن عليها أن تلغي الدعم الذي يشكل عبئاً ولا يوفر عدالة اجتماعية.
هذا الدعم -وفق أزعور- يحتاج إلى أن يطرأ عليه تغيير قبل أن يتسنى لمجلس صندوق النقد إقرار اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء لتونس.. "إصلاح نظام الدعم العمومي سيحرر موارد أكبر لتمويل الإدماج المالي ودعم الاستقرار الاجتماعي".