”المجلس الأعلى للثقافة” و ”مؤسسة الفكر العربي” يحتفيان بالفكر العربي في عقدين
أقامت "مؤسسة الفكر العربي" بالشراكة مع "المجلس الأعلى للثقافة" بأمانة الدكتور "هشام عزمي" فعاليات الملتقى الثقافي الخاص بإطلاق التقرير العربي الثاني عشر للتنمية الثقافية "الفكر العربي في عقدين "2000- 2020"، وذلك تحت رعاية الدكتورة "نيڤين الكيلاني" وزيرة الثقافة المصرية، ومناقشة المحورين السياسي والإجتماعي بالتقرير، بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال.
الجدير بالذكر أنه بدأ الدكتور "هشام عزمي" كلمته بتقديم العزاء إلى الشعبين المغربي والليبي الشقيقين في مصابيهما الجلل، داعيًا الحضور الكريم للوقوف دقيقة حدادًا على أرواح الشهداء.
وأوضح "عزمي" أن رعاية وزيرة الثقافة لهذه الاحتفالية الثقافية المهمة وإستضافة "المجلس الأعلى للثقافة" لها تأتيان تثمينًا للدور البارز الذي تقوم به مؤسسة الفكر العربي منذ إنشائها عام 2000، في دعم منظومة الفكر والثقافة في الوطن العربي.
فقبل عقدين من الزمن، عُقد إجتماع عربي موسع، ضم عددًا من القامات الثقافية والسياسية في الوطن العربي بغية الاتفاق على مشروع فكري ثقافي، يتكامل فيه الدعم المالي العربي مع الثقافة ومشروعاتها، وحيث إن المجتمعين كانوا من المؤمنين بأن النهضة تعتمد على الثقافة وأهلها، ولأن الثقافة أصبحت أهم وأكثر تأثيرًا في عالمنا المعاصر، تمخض عن الإجتماع مشروع مؤسسة ثقافية قائمة على مبدأ التضامن العربي، وعلى تبني قيم الفكر والحوار والإنفتاح، وتعزيز الوعي بالهوية واللغة والإنتماء، فكانت الثمرة هي مؤسسة الفكر العربي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير "خالد الفيصل".
مؤكدًا أن المؤسسة طوال مسيرتها التي تجاوزت عشرين عامًا، قد وضعت التنمية الثقافية العربية هدفًا رئيسًا لها، وجعلتها مرتكزًا أساسيًّا لتوجهاتها وبرامجها، حيث عملت على تعزيزها بإيمان راسخ بأن التنمية الثقافية العربية هي السبيل الأكثر جدوى لمواجهة التحديات وإحداث التغيير المنشود٬ لما تلعبه من دور في توفير المستلزمات الضرورية للتقدم بالتواصل والتفاعل والمعرفة، وهذه الأخيرة قوة وفقًا لقناعات فرانسيس بيكون، وبخاصة إذا أحسن استثمارها وتوجيهها بشكل صحيح.
وفي سبيل تحقيق ذلك، نظمت المؤسسة مؤتمرات وندوات ومحاضرات٬ رصدت الواقع الثقافي العربي بكل ما يحمله من إنجازات وتحديات وطموحات، حيث تحول مؤتمر “فكر” إلى فاعلية سنوية٬ وتعقد دوراته في عواصم عربية مختلفة، ويعتلي منابره القادة وصناع القرار، ويحضره كبار المفكرين والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين والشباب من أنحاء الوطن العربي، يجتمعون ويناقشون قضايا مجتمعاتهم، في محاولة لمواجهة التحديات، ومعالجة المشكلات، وإيجاد حلول ومخرجات.
ولقد شهدت القاهرة عام 2002 انطلاق الحراك الفكري والثقافي لمؤسسة الفكر العربي خلال مؤتمرها الأول “فكر1” تحت عنوان “المؤتمر الأول التأسيسي لمؤسسة الفكر العربي”، وقد دعا حينها إلى تأسيس مشروع ثقافي عربي قائم على الترابط الحضاري، وغايته النهوض بالثقافة العربية.
كما استضافت القاهرة مؤتمر “فكر14” (القاهرة 2015) تحت عنوان: “التكامل العربي: تحديات وآفاق”، وبحث في ضرورة الحفاظ على وحدة التراب الوطني، وتفعيل النظام الإقليمي العربي، وتعزيز الاستثمار العربي المشترك، وتطوير منظومة التعليم.
وإلى جانب المؤتمرات السنوية، فلقد دأبت مؤسسة الفكر العربي على إصدار تقرير سنوي عن التنمية الثقافية العربية، ويختص كل عام بحقل من حقولها، فقد أصدرت المؤسسة، بدءًا من العام 2008 إلى اليوم، اثني عشر تقريرًا للتنمية الثقافية، أسهم فيها مئات الباحثين والمتخصصين والمثقفين الإبداعيين والكتاب والفنانين والإعلاميين، وعالجت هذه التقارير العديد من حقول الثقافة والمعرفة، من أبرزها: الصناعات الثقافية، حركة التأليف والنشر، التعليم الجامعي وسوق العمل، المعلوماتية، الربيع العربي، التكامل العربي، الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون، البحث العلمي العربي، فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع. ويشكل مجموع هذه التقارير منجزًا علميًّا يمكن الرجوع إليه من الدارسين والباحثين العرب والأجانب.
وأضاف "عزمي" أن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدها الوطن العربي خلال العقد الثاني من القرن العشرين على وجه الخصوص كان لها أبلغ الأثر على الواقع الثقافي العربي، ، ومن هنا تجيء أهمية التقرير الذي يتم إطلاقه اليوم، ويتوزع هذا التقرير على خمسة محاور تدور أبحاثها حول واقع الفكر العربي وتحولاته في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، باعتبارهما يمثلان مرحلة مفصلية حافلة بالأحداث التاريخية والمتغيرات العميقة على الصعيدين العربي والعالمي.
وتدور المحاور الخمسة في آفاق الفكر السياسي العربي، والفكر الفلسفي، والفكر الاجتماعي، والنسوي، والتربوي، والذي توفر عليه كوكبة من المفكرين والمثقفين من عدة دول عربية.
مؤكدًا أن المجلس الأعلى للثقافة على مدى ما يزيد عن ستين عامًا، ظل يمارس دوره فى الحياة الثقافية والفكرية في مصر، وامتد تأثيره إلى الأوساط الثقافية في جميع أنحاء الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه.
فلقد شهد المجلس الأعلى للثقافة فى السنوات الأخيرة طفرة فى أنشطته، وأضحى مركز إشعاع للثقافة والفكر على المستوى المصرى والعربى، وقلعة من قلاع التنوير والاستنارة؛ من خلال المؤتمرات والندوات التى ينظمها ويشارك فيها لفيف من المفكرين والمثقفين العرب، والتى أصبحت مناسبة للتفاعل الثقافى على المستوى العربى، فضلًا عن مشاركة بعض أبرز الباحثين فى المؤسسات الأكاديمية فى العالم شرقه وغربه في أنشطة المجلس.
فمن مؤتمري الرواية والشعر اللذين يعدان الأهم والأشهر بين أقرانهما حيث أصبحا قبلة للمفكرين والمبدعبن العرب٬ إلى جوائز أدبية مثل مسابقة نجيب محفوظ ويوسف إدريس٬ وانتهاء بجائزة النيل للمبدعين العرب لتؤكد هذا الدور الرائد للمجلس في تكريم هؤلاء المبدعين من خلال هذه الجائزة التي تعد الأرفع علي مستوى الجوائز الثقافية في مصر.
وسلط عزمي الضوء على أهمية الخروج بالثقافة العربية من إطارها القطري للعالمية، مشيرًا أن التحدي الأكبر أمامها هو المحافظة على بقاء الثقافة العربية قوية بمكوناتها الأدبية والتراثية العميقة.
وأوضح عزمي أن تشخيص حالة الفكر العربي المعاصر، واستخلاص سماته العامة، والإضاءة على أبرز تياراته وإشكالياته انطلاقًا من الواقع الحالي، من المراجعات الضرورية، بغية استشراف السبل الآيلة إلى تجديد الفكر العربي وإمداده بالطاقات المحفزة لدعمه وتقدمه، وهو دور يجب أن تضطلع به المؤسسات الثقافية العربية وفي مقدمتها المجلس الأعلى للثقافة ومؤسسسة الفكر العربي وغيرهما من المؤسسات الثقافية الفاعلة على امتداد الوطن العربي الكبير، مضيفًأ: "ونحن نتطلع بصدق إلى العمل والتنسيق معها في كل ما من شأنه الحفاظ على الهوية الثقافية لبلادنا العربية، فكل تحد من التحديات التي نواجهها يحتاج إلى دراسة، بل دراسات متأنية، تخرج عن حدود النقاشات والتأطير النظري داخل قاعات المؤتمرات والندوات إلى إجراءات عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وظني أننا نمتلك من المعرفة والخبرة ما يمكننا من ذلك إذا انعقدت النية وخلصت".
وقال البروفيسور "هنري العويط" مدير مؤسسة الفكر العربي إن اختيار القاهرة ليجري منها إطلاق التقرير، ليس وفاءً فحسب لأنها احتضنت في مطلع هذا القرن الاجتماع الأول الذي شهد ولادة المؤسسة، ثم استضافت مؤتمرها الأول، وعددًا من أبرز منتدياتها ومؤتمراتها، بل هو اعتراف بريادتها الفكرية والثقافية التي هي محل إجماع، والتي أهلتها ليتم الاحتفاء بها.
مؤكدًا أن هذه الفعالية من الطبيعي أن تنظم بالشراكة مع المجلس الأعلى للثقافة الذي يتفق والمؤسسة على صعيد الرؤية والرسالة والأهداف، ومشيرًا إلى أن المؤسسة قررت تخصيصها الثاني عشر للفكر العربي وتحولاته وتحدياته وآفاقه في مطلع القرن الحادي والعشرين لأنها تعي أهمية الفكر المركزية، إيمانًا بأنه أداة التنوير، وقاطرة التطوير، ورافعة التنمية.