مصطفى وزيري يكشف فى حوار لـ”النهار” خطة تطوير المنطقة الآثرية بالهرم
اتخذت الدولة المصرية خطوات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، للارتقاء بكل ما هو متعلق بالآثار فى كل ملفاتها الشائكة، بداية من عمليات البحث والتنقيب، وصولًا إلى العرض بالمتاحف والمزارات السياحية والمعارض العالمية، ولم يغب عنها عمليات استرداد القطع الآثرية من الخارج، وترميم الآثار المنسية قديمًا؛ لتعيد إليها رونقها وبريقها.
أجرت "جريدة النهار المصرية" حوار مفتوح مع الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار والذي تحدث معنا بصدر رحب، عن كل ما هو متعلق بالآثار المصرية، وكشف لنا عن تفاصيل مثيرة سلطت الضوء على المجهود الكبير الذي بذلته الدولة فى هذا الملف.
وإلى نص الحوار...
في البداية.. نريد أن نتحدث عن ملف البعثات الأثرية الأجنبية العاملة فى مصر.. كم يبلغ عددها؟ ومناطق وتخصصات عملها؟
في مصر هناك ما يقرب من 250 بعثة أجنبية من 25 دولة تعمل علي مستوي الجمهورية، بعضها في أعمال الحفاير وبعضها في الترميم، و البعض الأخر في التطوير، وفي أعمال النشر العلمي والتوثيق، هذا هو دور البعثات الأجنبية.
وما هى مجهوداتها خلال الفترة الأخيرة؟
البعثات كان لها دور كبير جدًا قديمًا ولكن الأن مع تعاظم دور البعثات المصرية في الاكتشافات والمشروعات والترميمات، تغير الأمر، وأصبحت البعثات الأجنبية الفنض فقط أجنبي مع رئيس البعثة، وباقي فريق العمل مصريين، سواء العمال أو العامل الفني أو رئيس العمالة ومدير المنطقة، حتى المتخصصين فى مجال الترميم والتشريح مصريين، فنحن لدينا كفاءات مصرية متميزة فى مختلف التخصصات.
ما هى القواعد التى تحكم عمل البعثات الأثرية فى مصر بما يضمن تحقيق الاستفادة؟
هناك لجان تابعة للمجلس الأعلي للآثار طبقا للقانون وهى "اللجنة الدائمة للآثار المصرية" و"اللجنة الدائمة للآثار الأسلامية"، وأي بعثة أجنبية قادمة لتقديم أي عمل لابد أن تقدم الخطة الكاملة للمشروع من المدة والبنود لتلك اللجان، ويتم الموافقة علي بعض الأشياء ويتم رفض بعضها الأخر، كما يتم إعادة تقيم بعض المشاريع في حالة عدم الالتزام ببعض البنود، وفي حالة الموافقة يتم وضع الاشتراطات اللازمة لعمل البعثة.
وهل تلك اللجان مؤهلة لمراجعة خطط البعثات وتقيمها؟
اللجان الدائمة تضم علماء آثار من داخل وخارج المجلس الأعلي للآثار، وهناك أيضًا متخصصين من جامعات مختلفة، كجامعة القاهرة وعين شمس وجامعات أخري، وأساتذه في الآثار وتخصصات أخري.
وماذا عن حماية الآثار من مخاطر التهريب؟
لا يجرؤ أحد علي تهريب آثر واحد ناتج من حفائر علمية آثرية فهناك مرافقة من شرطة السياحة والآثار، أما التهريب في حالة تنقيب شخص عن الآثار داخل منزله فلا نستطيع معرفة ذلك، ولهذا يتم الضبط من خلال المنافذ وبالفعل أستطعنا ضبط العديد من الحالات، وتمكنا من معرفة الآثار التي تم تهريبها، وتم استردادها مرة أخري.
ملف إدارة استرداد القطع الآثرية المصرية من الخارج من الملفات الهامة.. ما هى أبرز الجهود التى بذلت خلال الفترة الأخيرة فى هذا الملف؟
هناك إدارة بوزارة السياحة مختصة باسترداد القطع الآثرية من الخارج، وأي متحف قبل أن يضيف أي قطع أثرية لمعرضه لابد من أن يعرف الداتا الخاصة بها، وهي كيفية الحصول عليها؟ ومن أين أتت؟ وغيرها، وفي حالة جلبها بطرق غير شريعة لابد من استراجعها، ونحن علي مدار السنوات الماضية استطاعنا استرجاع أكثر من 30 ألف قطعة آثرية بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، وبالتعاون مع مكتب معالي النائب العام، وتمكنا عن طريق علاقاتنا والتعاون المشترك مع الدول فى إيقاف حركة بيع هذه القطع بالطرق غير الشرعية، وطلبنا المستندات الخاصة بكيفية الحصول علي هذه القطع، والذي يعجز عن تقديم مستند يتم إيقاف القطعة وإعادتها مرة أخرى.
وما هى المعوقات والقواعد الحاكمة لاسترداد القطع الأثرية؟
لم يكن هناك صعوبات إلا في حالات خفيفة كالمزادات المتواجدة بلندن، فالحكومة البريطانية ليس لها سيطرة عليها، ولذلك بيتم عرض القطعة، وحينها نخاطب اليونسكو، والخارجية البريطانية، والسفارة المصرية؛ لإيقاف عرض تلك القطع، ولكن لا توجد سلطة لايقاف مثل هذه المزادات الخاصة.
تطوير هضبة الأهرام وتطوير قصر المانستيرلي، وجبخانة محمد علي وجامع سارية الجبل.. من بين المشروعات المهمة فى قطاع الآثار.. ما هى أخر ما وصلت إليه تلك الأعمال؟ وما هى المشاريع الذي سيتم افتتاحها قريبًا؟
بالنسبة لمنطقة التطوير في الأهرامات بدأ التطوير من عام 2008، رأينا أن المدخل ضيق، فقمنا بعمل مدخل جديد من طريق الفيوم، يليق بأهم آثر في العالم وهو الهرم الأكبر، ومخطط أن يدخل الزائر من منطقة الفيوم بالأتوبيسات الصديقة للبيئة، ويكون هناك من يستقبله لشرح المنطقة كاملة، وهناك أيضًا محطات لكل هرم للزيارة والشرح.
أما التطوير الجاري في جبخانة محمد علي وهي "مصنع البارود" علي الطريق الدائري وهي منطقة هائلة، بيتم الآن عمل ترميم معماري دقيق وهائل بإزالة بعض العشوائيات، وخاصة أن هذا المكان أعيد استخدامه "لسلاح الخيالة" التابع لوزراة الداخلية، وحاليًا بيتم تطوير المكان، وخلال أشهر قليلة سيتم الانتهاء من جبخانة محمد علي.
وعن جامع سارية الجبل.. بدأ العمل فيه منذ عام 2008 وتوقف ثم عاودنا العمل فى عام 2017 وخلال بضع أسابيع سيتم الانتهاء من الجامع، والذي يتمثل في ترميم معماري دقيق، وتم عمل القيشاني الذي تساقط، وزهور الألوان الجميلة، وما يميز هذا المسجد أنه مسجد عثماني في مصر.
وأخيرًا قصر المانسترلي بدأ العمل فيه منذ ما يقرب من سنتين وتمت إزالة الأخشاب وعمل الترميم وتم معالجة بعض الأخشاب من نقوش وترميات لتطوير القصر بشكل كامل.
هل ستشارك مصر في معارض أثرية أخري بالخارج خلال الفترة المقبلة؟
المعارض لها مرددود سياحي واقتصادي قوي جدًا والآثار هي القوة الناعمة لمصر، فالمردود الاقتصادي يتمثل فى جلب العملة الصعبة كالدولار، أما المردود السياحي فيتمثل فى جلب سياح من كل دول العالم.
وكيف يتم اختيار القطع الآثرية المشاركة في المعارض؟
معرض آثري يقصد به أخذ بعض القطع الآثرية بالتنسيق مع منظم المعرض التابع لجامعة أو متحف، وبيتم أختيار القطع الآثرية التي تتحمل السفر عن طريق لجنة من المرممين ثم يعرض الموضوع علي لجنة أخري "لجنة المعارض الخارجية"، لمعرفة القيمة المالية للدفع، وتسافر القطع بمرافقة مفتش آثار ومرمم، وضابط من شرطة السياحة والآثار.
وكيف يتم تأمين القطع الآثرية فى المعارض الخارجية؟
يتم التنسيق مع منظم المعرض، ولابد أن يكون الجو ملائم للقطعة، مع أخذ كافة التدابير الأمنية، ويتم تشكيل لجنة لمعاينة المكان للموافقة عليه أو رفضه، بعد كل هذه الاجراءات بنسمح بالسفر.
وما ردك على الشائعات التى تثار بأن الدولة المصرية تهدم الآثار القديمة بداعى التطوير؟
لم يحدث بأن الدولة المصرية قامت بمثل هذا الفعل، فالقيادة السياسية ورئيس مجلس الوزراء يتابعون باستمرار التطوير الذي يحدث بمختلف المناطق الآثرية، ولم يحدث أن تم هدم آثر واحد داخل جمهورية مصر العربية، منذ بدأ التطوير وحتي الأن، وأثناء عمليات التطوير إذا وجد عائق فالمشروع يلتف حوله كما حدث بمنطقة أبيدوس في سوهاج، حين تم الاتفاق مع وزارة النقل بتغير مسار القطار السريع حتي يبتعد عن المنطقة الآثرية فى أبيدوس، فالدولة بكل وزرائها تحترم تمامًا المناطق الآثرية، وهناك نهضة غير عادية في مشروعات إنقاذ وترميم الآثار، وافتتاحات متاحف وغيرها، فالدولة بالكامل تحترم الآثار ولم يتم هدم أى آثر بحجة التطوير، ولكن هناك بعض الأشخاص المخربة التى تدعي مثل هذه الشائعات.
لماذا يتم الاستعانة بالقطاع الخاص في تقديم وتشغيل الخدمات بالـ"المتاحف والمواقع الأثرية"؟
نحن كآثريين ومرممين رائعين، ولكن لم ندرس في كلية الآثار كيف نقدم الخدمات من مشرب ومأكل، فتم الاستعانة بشركات خاصة لتقديم وتشغيل الخدمات، وليس إدارة المواقع الآثرية والمتاحف، فإنه طبقًا لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنه 83 وتعديلاته الذي يقوم بادارة المواقع الاثرية والمتاحف هو المجلس الاعلي للآثار دون غيره، أما تقديم الخدمات نعطيها لشركات متخصصة بحكم خبرتها في انشاء مطاعم وكافتريات لتقديم المكولات والمشروبات للسائحين الزوار، بشكل ونوع يتلائم مع طبيعة المكان الآثري، ولا يجرح المنطقة الآثرية، الأمر ربما يبدوا جديد بالنسبة لنا، لكنه متبع في الدول الأوربية.
ما هو ردك على السماح بإقامة فعاليات واحتفالات خاصة المناطق الآثرية ؟
الفعاليات التي تتم داخل المناطق الآثرية لابد أن تكون مقدمة بشكل محترف لتظهر آثارنا للعالم، وتقدم لنا عائد مادي قوي، فالفعليات تتم في دول العالم بأكمله، وتكون بمثابة ترويج لصورة إيجابية عنها، تساهم فى الترويج للسياحة.. وأشير إلي حفلة "ترافيس سكوت" فهى لم يتم الموافقة عليها، فنحن كمجلس أعلي للآثار، لابد من أخذ كل الموافقات الأمنية من الجهات السياسية والرقابية والمعنية للحفاظ علي مصر الحبيبة.
أخيراً .. حدثنا عن المشروعات القادمة بالمجلس الأعلي للآثار من فعليات وافتتاحات؟
تم الانتهاء من متحف "عواصم مصر" بالعاصمة الإدارية، وتم الانتهاء من تطوير قصر محمد علي في شبرا وجاهز للافتتاح، وأيضًا تم الانتهاء من تطوير حصن بابليون، وسور مجري العيون ومعبد اليهود "عزرا" بمصر القديمة تم الانتهاء منه تمام، ومن أيام قليلة أيضًا تم الانتهاء من المتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية، وجاري تحديد التوقيت المناسب، لافتتاح تلك المشاريع، وسيتم تنسيق ذلك، لآن بع