النهار
الثلاثاء 2 يوليو 2024 09:04 صـ 26 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
البرتغال تتأهل إلى ربع نهائي يورو 2024 بعد الفوز على سلوفينيا بركلات الترجيح بعد 17 ساعات من البحث.. ارتفاع عدد ضحايا حادث انهيار منزل أسيوط إلى 6 وفيات الولايات المتحدة تطلب من كوريا الشمالية وقف التجارب الصاروخية الباليستية تجاه كوريا الجنوبية ميدو: الكرة المصرية تستند على لوائح جار عليها الزمن شبانة: بيان بيراميدز احتوى على ألفاظ مهينة ضد رابطة الأندية واتحاد الكرة قراران جمهوريان بتعيين ”عبود” رئيسًا لمجلس الدولة و”صديق” للنيابة الإدارية خلافات الأرض.. ضبط أب ونجله بتهمة قتل مزارع وإصابة عمه في مشاجرة مسلحة بقنا أسامة شرشر يكتب: لغز تشكيل الحكومة يوردانيسكو: رومانيا بحاجة إلى تقديم مباراة مثالية أمام هولندا بالصور.. المحال التجارية والورش بالمنوفية تغلق أبوابها في العاشرة وتلتزم بقرار مجلس الوزراء منهم عمرو دياب.. الإعلان عن أسماء مطربي مهرجان العلمين إسرائيل تعطي الضوء الأخضر للانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب خلال الشهر الجارى

تقارير ومتابعات

تحقيق: ”خطر الموت”.. نفايات المستشفيات على المكشوف

محررة النهار في معايشة داخل المستشفيات
محررة النهار في معايشة داخل المستشفيات

النهار تكشف فى مغامرة صحفية إهمال المؤسسات الصحية فى التخلص من المخلفات الطبية.. سرنجات وقفازات وكمامات فاسدة فى طرقات "القصر العيني".. وأكياس المخلفات مفتوحة للحيوانات الضالة ب"أكتوبر العام".. والقطن الطبى يفترش أرض "الجلاء التعليمي"

النائبة سناء السعيد تتهم وزارة الصحة بالتقصير وتعريض حياة المرضى للخطر.. واستشاري عدوى يحذر من انتشار أمراض الفيروسات الكبدية والإيدز .. وقانوني يكشف موقف القانون من المخالفين

النفايات الطبية مواد خطرة، ذات أضرار كبيرة على البيئة، تحتاج لتعامل خاص، وعزل بشكل أمن حتى لا تكون مصدر نقل العدوى لكثير من الأمراض، مما يؤثر بشكل كبير على سلامة المواطنين، ويهدد بانتشار أوسع لأمراض مثل السرطان، والفيروسات الكبدية، والألتهابات الرئوية وغيرها من الأمراض المزمنة.

المخاطر الكبيرة للنفايات الطبية دفعتنا للسؤال حول كيفية التخلص من تلك "النفايات" داخل المستشفيات المصرية، وخلال مغامرة صحفية أجرتها جريدة "النهار المصرية" داخل عدد من المستشفيات بنطاق محافظتي القاهرة والجيزة، كشفت عن مخالفات بالجملة تنذر بكارثة.

أكوام من "النفايات الطبية" داخل أكياس بلاستيكية مفتوحة رصدتها عدسة جريدة النهار بمستشفى "القصر العيني" القديم، موضوعة داخل غرف انتظار المرضي بالعيادات الخارجية، دون الألتزام بالحد الأدنى من الوقاية لحماية المترددين علي تلك العيادات من مخاطر النفايات وما ينتج عنها من أمراض خطيرة.

الأمر لم يتوقف عند العيادات الخارجية، فاستكملنا رحلتنا داخل المستشفي وقطعنا تذكرة زيارة ودخلنا غرف حجز المرضى لنجد أنفسنا بين عدة طوابق كل طابق ذو ممرات طويلة، على جانبيها أفترش المرضى والزائرين الأرض ليتناولوا الطعام، وبجوارهم صناديق المهملات، والتى أكتظت بمخلفات المرضي البيئية، ولكنها لم تخلو أيضًا من بعض المخلفات الطبية (كمامة، قطن، لاصق جراحة)، والتى تستلزم تعاملًا خاص.

واصلنا رحلتنا داخل المستشفي، وفى الطابق الأرض خلف غرف الزيارات، كنا على موعد مع مفاجأة أخري، عشرات من أكياس المخلفات القديمة الملقاة على الأرض وبجوارها تجمعت قطع من النفايات الطبية والتى تنوعت ما بين "سرنجات" و"قطن عمليات" و"قفازات طبية" و"بدل عمليات" ملقاة على الأرض وبجوارها أسرة مرضي مهترئة، ومرحاض وكميات كبيرة من "الجراكن" الفارغة.

ومن القصر العيني إلى مستشفي الجلاء التعليمى، الأمر لم يختلف كثيرًا بالدخل، فالنفايات لا تجد طريقًا مناسبًا للعزل، وأثناء تجولنا داخل المستشفي بإدعاء الزيارة، تراصت النفايات باعتدال على جانبي درج السلم، قفازات طبية ملقاة بإهمال تام، تجاورها أحيانًا الكمامات والقطن، والسرنجات الطبية، وكان المشهد الأكثر صعوبة، لكمامة طبية مليئة بالدماء وملقاة على الأرض داخل المستشفي دون أن تمتد له يد مختص لعزلها، ورفع الأذى عن المرضي والمترددين على المستشفي، وهكذا تكرر المشهد فى عدد من الطوابق.

قطعنا رحلتنا فى مستشفى الجلاء بعدما بدأ مظهرنا مثيرًا لشك العاملين بالداخل، وتوجهنا صباح اليوم التالى إلى محافظة الجيزة وبالتحديد إلى مدينة السادس من أكتوبر، ووصلنا إلى المستشفي العام، ودخلنا من البوابة الحديدية بعدما أخبرنا مسئول الأمن برغبتنا فى دخول قسم الطوارئ، وبدأت رحلتنا من هناك، المستشفي صغيرة تحتوى على قسم للطوارئ ومجموعة عيادات خارجية وغرف عمليات بسيطة، فضلًا عن مجموعة أكشاك خارجية للتطعيمات وغيرها.

رغم صغر حجم المستشفي وكثافة العاملين بها، إلا أن النفايات الطبية وجدت طريقها نحو الهروب من العزل الأمن، فانتشرت بعض أكياس النفايات الطبية داخل أروقة المستشفي، وأحكم إغلاق بعضها، ولكن البعض الأخر ظل مفتوحًا لدرجة أن قطة كانت تعبث بمحتويات الكيس، فأخرجت منه القطن الأبيض، وحينما سلطنا عليها الكاميرا فرت هاربة، ولكنها تركت خطر أكبر خلفها.

انتهت رحلتنا بعد أن أظهرت واقع آليم، وكشفت مخاطر كبيرة تهدد حياة المواطنين، وفتحت المجال للعديد من التساؤلات.

مخاطر مرعبة..

الدكتور كريمة فؤاد استشاري مكافحة العدوي وأستاذ بجامعة المنصورة تقول أنه فى البداية يجب أن نعرف تعريف النفايات الطبية، وهى التي تنتج عن القطاع الطبي بمرافقه المختلفة من عيادات ومختبرات وغيرها، وعادة ما تكمن خطورتها بكونها تحتمل أحتواء بعض أنواع سوائل جسم المريض، أو التي يمكن أن تحمل مسببات للأمراض، لذلك عادة ما يتم الاعتناء بها بطريقة خاصة وتصنيفها كذلك.

وتتابع فى تصريحات خاصة لـ"النهار"، أنواع وتصنيف النفايات الطبية تختلف تبعًا لخطورتها وطبيعتها، ولعل أبرزها النفايات الطبية الحادة حيث تعد هذه النفايات خطيرة لطبيتها المؤذية، وتشمل بشكل مباشر الإبر والمشارط والشفرات التي تستعمل في غرف العمليات والرعاية الصحية، أيضًا النفايات الناتجة عن أقسام المستشفيات والعمليات فهى عادة ما تشمل على أنسجة حية بشرية أو أعضاء جسم وسوائله، فضلًا عن الجثث وغيرها، والنفايات المعدية، والمشعة والسامة والضارة، والنفايات الصيدلانية، والكيميائية.

وتقول "فؤاد"، للمخلفات الطبية مخاطر عديدة على الصحة والبيئة فيمكن أن يؤدي الإهمال في التخلص منها بالطريقة السليمة إلى العديد من المخاطر، فعدا عن انتشار العدوى ومسببات الأمراض يمكن أن سبب المخلفات الإشعاعية حروقًا في الجلد وإصابات حادة بالإضافة إلى التسمم من المواد الكيميائية المستعملة، كما أن للتخلص الخاطئ من الإبر والنفايات الحادة خطرًا شديدًا، فقد أوضحت الأبحاث العلمية أن الشخص الذي يتعرض لإصابة واحدة في إبرة من إبرة مستخدمة على مريض مصاب بالعدوى لديه احتمالية بنسبة 30% للإصابة بفيروس الكبد الوبائي من النوع بي (HBV) ونسبة 1.8٪ للإصابة بفيروس الكبد الوبائي من النوع سي .(HCV) 0.3٪ للإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (HIV)

وتختتم، يمكن التخلص من النفايات الطبية باستعمال طريقة الحرق كطريقة أساسية للتخلص منها، إلا أنه هناك بعض الخيارات الأخرى المناسبة تبعًا لنوع النفايات المراد التخلص منه، وإن التخلص الآمن من النفايات الطبية الخطرة يحتاج الى وجود منظومة تسمح بجمع تلك النفايات سواء من المستشفيات بدءا من سرير المريض أو من المنازل وصولها إلى المحارق أو المدافن المخصصة لها.

الوزارة مقصرة..

النائبة سناء السعيد، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تقول أنها تقدمت بسؤال لوزير الصحة حول طريقة التخلص من المخلفات الطبية على مستوي المستشفيات الحكومية ومديريات الصحة، وطلبت تقرير مفصل بالإحصائيات عن هذا الامر، وعن المحارق الخاصة بوزارة الصحة، وعن مدي وجود شركات لإدارة مخلفات المستشفيات.

وتابعت فى تصريحات ل"جريدة النهار المصرية"، أنها تتهم وزارة الصحة بالتقصير في طريقة التخلص من النفايات وهو ما يزيد الأمر سواءً، كما توجهت بسؤال للوزارة عبر "النهار" وقالت: "هل يتم التخلص من المخلفات بطريقة آمنة؟ أم بيتم إلقاءها داخل وجانب المستشفيات فيزيد الوضع سوا علي المواطن المريض؟.

القانون صريح..

قال المستشار بلال نصر الدين، المحامي والخبير القانوني، أن عقوبة عدم التخلص من المواد الخطرة ومنها النفايات تصل إلى الحبس لمدة سنة أو الغرامة التي تصل الى عشرين ألف جنيهاً مصرياً.

وتابع أن المادة 85 من قانون رقم 4 لسنة 1994 والخاص بإصدار قانون في شأن البيئة ونص علي القائمين على انتاج أو تداول المواد الخطرة سواء كانت في حالتها الغازية أو السائلة أو الصلبة، أن يتخذوا جميع الاحتياطات بما يضمن عدم حدوث أي أضرار بالبيئة.

وأضاف "نصر الدين"، على صاحب المنشأة التي ينتج عن نشاطها مخلفات خطرة طبقاً لأحكام هذا القانون الاحتفاظ بسجل هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وكذلك الجهات المتعاقد معها لتسلم هذه المخلفات.

وأشار المحامي، نصت المادة ( 85 ) من القانون المذكور على العقوبة المقررة للمخالف فنصت على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد 30 , 31 , 33 من ذات القانون.