النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 08:21 صـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
تكريم نبيلة عبيد وأشرف زكي ونجوم الإعلام يحصدون جوائز أمال العمدة ومفيد فوزي بالصور..مروة يوسف تطرح أحدث أغانيها ” تسجيل خروج” ثلاثة جوائز للفيلمين ”أمانة البحر” والسوري ”فقدان” بمهرجان القاهرة للفيلم القصير بالم هيلز يتقدم خطوة جديدة نحو لقب دورى الجولف والجزيرة يطارده برشلونة يخسر صدارة الدوري بهزيمة قاسية أمام اتليتكو مدريد الشبراوي: نقف جميعا مع الرئيس في مواجهة خصوم الدولة المصرية عضو الأعلى للطرق الصوفية: الرئيس تحدث بكل وضوح.. وشعب مصر يقف مصطفاً للحفاظ على الدولة المسرح القومي يحتفل بمائة ليلة عرض لمسرحية ”مش روميو وجولييت” بليلة استثنائية في رأس السنة مجمع الملك فهد يستضيف ضيوف الدفعة الثانية من برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة الرئيس السيسي: خصوم مصر ليست من مصلحتهم نمو الدولة المصرية معي أو مع غيري محافظ الدقهلية في جولة تفقدية بطلخا لمتابعة مستوى النظافة انتهاء فعاليات تدريب الفرق الإشرافية بالإدارات على معايير الاعتماد ”جهار”

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: طبول الحرب فى النيجر

النائب والإعلامي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
النائب والإعلامي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

ماذا يجرى فى العالم؟!

العالم يبدو وكأنه يقف على كرة لهب، أو قنبلة مستعدة للانفجار فى أى لحظة، فها نحن نرى طبول الحرب تدق فى النيجر بغرب إفريقيا، فهذه القارة أصبحت موعودة بالانقلابات والحروب الأهلية والاقتتال الداخلى، وكأنها أصبحت مرتعًا ومغنمًا للجميع من عصابات الفساد الداخلى، ومافيا الفساد الخارجى.

فما يجرى فى النيجر بغرب إفريقيا يدعو إلى الأسى والألم، فهى دولة تعوم على كنوز فى باطن الأرض أهمها اليورانيوم والذهب وباقى المعادن، وبحركة متهورة ومتطرفة من بعض العناصر فى الجيش النيجرى، دقوا أول مسمار فى نعش دولة النيجر، وكل هذا بسبب الصراع على المناصب، بينما يجوع الشعب النيجرى تحت وطأة الفساد والبطالة من ناحية والحصار الاقتصادى من دول إيكواس (مجموعة غرب إفريقيا التى تضم 15 دولة) من ناحية أخرى، فيما تقود نيجيريا الجارة الحدودية المتداخلة معها قبليًّا واقتصاديًّا والحاضنة الاقتصادية للنيجر التى تمدها بالكهرباء والماء وكل وسائل الإعاشة.

والخوف الآن أن يتم تفكيك مجموعة إيكواس التى تمثل آخر مجموعة ذات ثقل للدول الإفريقية، وإذا تم تفكيكها وضربها من الداخل ستكون إفريقيا مستباحة أمام النفوذ الروسى أو الصينى الذى سيدخل فى صراع مع النفوذ الفرنسى والأمريكى، وكأن قدر الشعوب الإفريقية أن تدفع فاتورة فساد الحكام، والصراع على السلطة والثروة التى لا تنعم بها هذه الشعوب، ولكن تنعم بها الأنظمة وميليشياتها ورجالها الفاسدون.

فالنيجر الآن ستتعرض لهجوم عسكرى، إذا تم، سيُدخل البلاد والعباد فى مستنقع لا مخرج منه، والدليل على ذلك ما يجرى فى السودان الشقيق، فالصراع الدامى بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع يحرق كل شىء فى السودان، وهو الصراع الذى يمتد رويدًا رويدًا إلى كل الولايات السودانية.

وأمامنا أيضًا ما يجرى فى ليبيا الآن من اقتتال بين الكتائب الحكومية والخاصة، وكأن قدر الشعوب أن تدفع فاتورة هذا الفساد السلطوى، ولا ننسى أيضًا ما يجرى فى إثيوبيا من مواجهة محتملة بين الحكومة وقبائل الأمهرة التى عادت للسطح مرة أخرى بعد هدوء لم يمر عليه أكثر من عام، لتعود الحرب لتلقى بظلالها على أديس أبابا.

ولا ننسى بالطبع ما يجرى فى مالى وبوركينا فاسو والانقلابات العسكرية وسيطرة الميليشيات والجماعات الإرهابية على نصف البلاد ابتداءً من بوكو حرام وصولًا لداعش وغيرهما من الجماعات الإرهابية.

فماذا يجرى فى إفريقيا؟

ما يجرى أصبح هو المعتاد، والاستثناء هو الاستقرار والتنمية لصالح الشعوب وتقاسم السلطة والثروة، ولكن للأسف الشديد هذا لا يحدث فى إفريقيا بصفة خاصة، فهى عالقة بين نيران الحروب الأهلية والتدخل الخارجى.

فهل تستعين النيجر بمجموعة فاجنر الروسية، لصد هجوم مجموعة إيكواس، بعد إعلان رؤساء الأركان فى دول مجموعة غرب إفريقيا، تحديد موعد لم يتم الإعلان عنه لبدء الهجوم على النيجر، بدعم لوجستى من فرنسا وبغطاء أمريكى؟ والغريب أن أمريكا أرسلت سفيرة جديدة إلى النيجر رغم أنها تعلم أن من يدير البلاد هو المجلس العسكرى بعد القبض على الرئيس الشرعى والمنتخب محمد بازوم!

أعتقد– للأسف الشديد- أن مقتل الرئيس النيجرى أصبح شبه مؤكد، لو شنت قوات إيكواس عمليتها العسكرية على النيجر، فهذه العملية ستحول هذا البلد إلى دمار وخراب، وما يثير الأسى هو عدم وجود حكماء راشدين فى هذه الدول لفك فتيل الأزمة والفتنة التى ستأكل الأخضر واليابس، وكل ما نسمع هو كلام بلا طائل من وفود بلا سلطة، والنتيجة أنها تفرق أكثر مما تقرب وجهات النظر، لأن أوراق اللعبة فى النيجر ليست بأيدى أبنائه ولكن بأيدى الدول الكبرى التى تسرق ثروات الشعوب، وليذهب المواطن الإفريقى إلى الجحيم.

والحقيقة التى أصبحت مؤكدة الآن أن طبول السلام لا صوت لها، أما طبول الحرب فلها ألف صوت من طائرات وصواريخ وقنابل وأسلحة فتاكة، وهو ما نراه فى غرب إفريقيا وتحديدًا فى النيجر التى أصبحت سوقًا جديدة للسلاح الغربى الأمريكى والأوروبى، وامتدادًا أو بديلًا لسوق السلاح فى الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصًا أن احتمالية قيام صراع طويل بين روسيا والناتو وأمريكا ليست كبيرة، لأنه سيتحول إلى صراع بقاء ووجود، ربما يتطور لاستخدام أسلحة نووية، أما الصراع فى غرب إفريقيا والنيجر والسودان وليبيا وغيرها فهو صراع يسمح بنهب ثروات هذه الدول من خلال القوى الاستعمارية الجديدة، بعد أن تحولت الأمم المتحدة إلى مفعول به وليس فاعلًا له وجود وقرارات وآليات تنفيذ، فكل هيئات الأمم المتحدة معطلة، أمام الفيتو الأمريكى الذى يحكم العالم سياسيًّا، والدولار الأمريكى الذى يحكم العالم اقتصاديًّا.

فهل تتغير المعادلة الاقتصادية الأمريكية التى هى الوجه الآخر للمعادلة العسكرية من خلال دول بريكس الخمس وهى (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) ليصبح التعامل بالعملة المحلية وليس بالدولار وليكون هذا أول مسمار فى نعش البيت الأبيض؟!

ويبدو أن الطبيعة تعلن عن غضبها من هذا العالم الذى يحترق ويشتعل بالصراعات على السلطة والثروة، فها نحن نرى ونسمع يوميًّا حرائق للغابات فى أنحاء مختلفة فى العالم؛ حتى وصل الأمر لاحتراق جزر كاملة فى ولاية هاواى الأمريكية، وللأسف الشديد يقوم الرئيس الأمريكى بايدن بإرسال السلاح لدعم أوكرانيا بدلًا من أن يتوجه بالدعم لشعبه ومواطنيه، حتى بدأ البعض يظن أن الولايات المتحدة ستحترق مدينة تلو الأخرى وستكون هذه بداية النهاية للأمريكان.

وأخيرًا.. أعتقد أننا إذا فتشنا بهدوء فى كل مناطق الصراعات العالمية سنجد أن المستفيد الوحيد من كل هذه الأزمات والحروب هو الصهيونية الأمريكية وإسرائيل، التى تقوم بحرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى ظل انشغال العالم، وتطرد الفلسطينيين من أراضيهم فى القدس والضفة وغيرهما، بينما ترد الشعوب الغربية على هذا الاستهداف الإجرامى الممنهج بحرق ممنهج للمصحف الشريف وآخرها جريمة حرق المصحف فى هولندا، وكأن العالم يتحدى بعضه وينشر بذور التطرف بين الجميع.

فما يجرى من أحداث ومتغيرات وحروب فى العالم، يؤكد لنا أنه
(ما الدنيا إلا مسرح كبير تصفق له الشعوب المقهورة أحيانًا، ولا تصفق له فى كثير من الأحيان).