العالم يودع رجل ايطاليا القوي و اشهر رئيس حكومة من بائع مكانس الي ملياردير بسبعة مليارات يورو
وداعا ... رئيس الوزراء الإيطالى السابق سيلفيو برلسكونى الذى توفى بعد 4 أيام على دخوله مستشفى سان رافاييلو فى ميلانو في اعقاب معاناته من مضاعفات صحية وقالت صحيفة "الموندو" الإسبانية تحت عنوان "برلسكونى للابد" إن رئيس الوزراء السابق تمكن من الاستمرار فى الحياة السياسية رغم جميع الاتهامات التى توجهت اليه مشيرة إلى أن العالم كله سيتذكره مدى الحياة لأنه يعتبر "رجل إيطاليا" والاكثر ثراءا وقالت صحيفة كورييرى ديلا سيرا الإيطالية إن براسكونى علامة مميزة وفارقة فى البلاد فقد فاز بثلاث انتخابات وقيادة أربع حكومات لمدة تسع سنوات قياسية كما أن نادى إيه سى ميلان الذى يمتلكه استطاع الفوز بـ5 مرات دورى أبطال أوروبا فهو جمع بين السياسة والرياضة والإعلام.
وقال زعيم حزب "إيطاليا حية" ماتيو رينزي، إن "سيلفيو برلسكوني كتب التاريخ في هذا البلد. أحبه كثيرون، وكرهه كثيرون: اليوم يجب على الجميع أن يدركوا أن تأثيره على الحياة السياسية، بل على الاقتصاد، الرياضة والتلفزيون أيضاً كان غير مسبوق"، حسبما قالت وكالة آكى الإيطالية وكتب رئيس الوزراء الأسبق على صفحته في (فيسبوك): "اليوم، تحزن إيطاليا مع أسرته وأحبائه شركاته وحزبه أحر وأصدق عناق لكل من أحبوه في هذه الساعات أحمل معي ذكريات اجتماعاتنا، النصائح العديدة التي حظيت بها منه اتفاقاتنا وصداماتنا لكن قبل كل شيء المكالمة الهاتفية التي جعلني فيها سيلفيو، وليس الرئيس، أذرف دمعة متحدثاً فيها عن والدته"وخلص رينزي الى القول: "سنفتقدك أيها الرئيس، عسى أن يكون تراب الأرض خفيفاً عليك".
وفى أبريل الماضى تم علاج برلسكونى من عدوى رئوية مرتبطة بحالة مرضية مزمنة من سرطان الدم وكان قد أرسل رسالة فيديو إلى حزب فورزا إيطاليا، فى أول ظهور له منذ دخوله المستشفى قبل شهر، قائلا أنه مستعد للعودة إلى العمل، وأنه لم يتوقف عن العمل أبدا، حسبما قالت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية.
وظهر برلسكونى مرتديا قميصا وبذلة زرقاء اللون، جالسا على مكتب وخلفه العلمان الإيطالى والأوروبى مع لافتة فورزا إيطاليا، قائلا "لم أتوقف أبدًا ولا حتى فى الأسابيع القليلة الماضية لقد عملت على الهيكل الحزبى الجديد وأنا مستعد للعمل مرة أخرى وخوض نضالنا من أجل الحرية"وسجل برلسكونى الرسالة من غرفته فى المستشفى بعد أن منع الأطباء والأقارب إطلاق سراحه خوفا من أنه سيحاول حضور مؤتمر لمدة يومين لحزبه فى ميلانو.
وعن مسيرة برليسكوني يقول الدكتور ماجد الانور الخبير في الشئون الايطالية انه ولد فى 29 سبتمبر1936 وبدأ حياته المهنية ببيع المكانس الكهربائية كما اشتهر بالغناء فى الملاهى الليلية وعلى متن السفن السياحية وتخرج من كلية الحقوق عام 1961 ثم أسس شركة اديلنورد للإنشاءات حيث اشتهر كمتعهد لبناء المساكن فى مسقط رأسه بمدينة ميلانووبعد 10 سنوات، أسس شركة محلية لتجهيزات القنوات التلفزيونية تحولت فى ما بعد إلى أكبر إمبراطورية إعلامية فى ايطاليا والتى باتت تعرف باسم (ميدياست) حيث أنه فى عام 1980 أنشأ برلسكونى Canale 5 أول قناة خاصة فى إيطاليا، ويمتلك إمبراطورية إعلامية تضم أكبر ثلاث شبكات تلفزيونية فى البلاد كما أنه فى عام 1986 اشترى نادى إيه سى ميلان لكرة القدم وفى عام 1993 اسس حزبا سياسيا وأطلق عليه اسم فورزا ايطاليا فى العام التالى تولى منصب رئيس الوزراء وشكل ائتلافا مع حزبى التحالف الوطنى ورابطة الشمال اليمينيين ولكن التنافس بين الأحزاب الثلاثة بالإضافة إلى اتهام برلسكونى بالتهرب الضريبى أمام محكمة فى ميلانوأدى إلى انهيار الحكومة بعد سبعة أشهر.
وخسر الانتخابات فى عام 1996 أمام منافسه اليسارى رومانو برودى، لكنه عاد إلى السلطة فى عام 2001 فى ائتلاف مع حلفائه السابقين، وبعد عشر سنوات، هى الفترة الأطول التى يتولى فيها شخص رئاسة الحكومة فى ايطاليا منذ الحرب العالمية الثانية، خسر مجددا أمام برودي وخلال تاريخ عمله السياسى، نجا برلسكونى فى أكثر من 50 اقتراعا لسحب الثقة منه فى البرلمان.
و اضاف الدكتور الانور ان برليسكونى عاد إلى السلطة مجددا فى عام 2008 لكن حالة عدم اليقين السياسى التى كانت قد أحاطت به ظلت قائمة وقال مرارا أنه ضحية السلطات القانونية فى مسقط رأسه بمدينة ميلانو حيث واجه اتهامات بالاختلاس والتهرب الضريبى وتقديم معلومات محاسبية غير صحيحة ومحاولة رشوة قاض وفى عام 2009 قال برلسكونى على وجه التقدير أنه على مدار 20 عاما مثل أمام القضاء 2500 مرة فى 106 قضية وهو ما تكلف 200 مليون يورو.
ويذكر أن برلسكونى نجح فى تجنب العديد من التهم الجنائية التى وجهت له عبر السنوات الماضى، ولم تتم ادانته الا فى قضية تزوير ضريبى تجارى طرد اثرها من البرلمان، حيث أنه أدين فى 2011 بتهمة الاحتيال الضريبى، وحكم عليه بالقيام بعمل مجانى فى خدمة المجتمع لمدة عام إضافة إلى الاقامة الجبرية، وكان برلسكونى قدم فى 12 نوفمبر2011 استقالته من منصبه كرئيس لوزراء ايطاليا.
وتصنف مجلة فوربس الإقتصادية سيلفيو برلسكونى كأغنى رجل فى إيطاليا فى عام 2019، فهو يرأس إمبراطورية مالية تضم العديد من المؤسسات الإعلامية والإعلانية وشركات التأمين والأغذية والبناء، بالإضافة إلى ملكيته لنادى إيه سى ميلان، وتبلغ ثروته الان حوالى 7 مليار يورو، ولكنه لم يصبح اغنى رجل فى ايطاليا فى الوقت الحالى، وفقا لصحيفة كورييرى ديلا سيرا الايطالية.
ويعتبر برلسكونى من أكثر السياسيين فى العالم شهرة بعلاقاته النسائية المتعددة حتى وصل الامر إلى محاكمته بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرواكتسب رئيس الوزراء الايطالى سمعة خاصة تتسم بكثر الهفوات والتعليقات الصريحة، والتصرفات الهزلية حتى فى المحافل الدولية. لكن هفواته العاطفية اثرت بشكل مباشر على مساره السياسى بعد فضائح الفساد التى ابعدته هن المشهد السياسى لسنوات، كما أنه اشتهر بحفلات تدعى "بونجا بونجا" والتى تلقت العديد من الانتقادات وبدأت هذه الهفوات من تجسيد المشهد المهين لطلاق رئيس الوزراء وزوجته الثانية عبر وسائل الاعلام، وأثارت غضب الكنيسة فى إيطاليا ذات الاغلبية الكاثوليكية حيث ذهب المسؤول البارز فى الفاتيكان الكاردينال والتر كاسبر إلى أبعد من هذا حيث وصف خلاف الطلاق العلنى بأنه "مثل سيء" وسلوك برلسكونى بأنه "غريب وغير ملائم".
ووجهت محكمة إيطالية لبرلسكونى تهمة دفع أموال قيمتها 600 ألف دولار إلى محاميه البريطانى لشئون الضرائب ديفيد ميلز لتقديم إفادات خاطئة بشأن محاكمتين خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي. ورغم أن محاكمة بيرلسكونى قد علقت بعدما أجاز البرلمان الإيطالى فى 2008 قانونا يقضى بمنح الحصانة لرئيس الوزراء الإيطالى، لكن المحكمة الدستورية الإيطالية قضت فى 7 أكتوبر 2009 ببطلان الحصانة، مما مهد الطريق نحو معاودة اتخاذ إجراءات قضائية ضد برلسكوني.
بالإضافة إلى الرشوة واستغلال النفوذ فإن بيرلسكونى يواجه أيضا اتهامات بالتهرب من الضرائب، ففى 16 نوفمبر 2009، أجلت محكمة إيطالية النظر فى دعوى ضد رئيس الوزراء الذى يواجه اتهامات بتهرب ضريبى تبلغ قيمته 45 مليون دولار مارسته شركة "ميدياسيت".