تحقيق| ”تجارة الموت”.. مافيا العيادات الخاصة! يقتلون المرضي بأسم العلاج
خلال أقل من أسبوع ظهرت عدة وقائع لعيادات طبية في مناطق متفرقة بمحافظات مصر، غير مجهزة لإجراء جراحات دقيقة تستلزم أجهزة ومعدات وفريق طبي متكامل، ورغم ذلك غامر القائمون على تلك العيادات وتاجروا بالآم المرضى، وأجروا عمليات جراحية انتهت بكوارث طبية، دفع ثمنها المريض حياته.
تفتح جريدة "النهار المصرية" ملف العيادات والمجمعات الطبية التى تجرى عمليات جراحية دون أن تكون مجهزة بالشكل الكافي، الذي يضمن سلامة المريض وإسعافه العاجل فى حالة حدوث أى طارئ.
الراقصة والمجمع الطبى
مجمع طبى غير مرخص له إجراء أى عمليات جراحية، لعدم جاهزيته لمثل تلك العمليات، كان السبب الرئيسي فى وفاة الراقصة "غزل"، بعدما تعرضت للإجهاض نتيجة سقوطها فى دورة مياه، وتوجهت لمجمع العيادات لتنظيف الرحم، ولكنها أصيبت بنزيف حاد بعد إجراء الجراحة تسببت فى وفاتها.
الدكتور على محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة علق حينها وقال، أن المجمع غير مجهز حتى "لشيل ضفر"، وغير صادر له أي رخصة من وزارة الصحة على الإطلاق، وأن الوزارة تحركت لإغلاق المركز الطبي.
ضحوا بالأم والجنين
فقدت سيدة حياتها بعد غيبوبة دامت 5 أشهر، وسبقها مولودها، نتيجة إجراء عملية ولادة قيصرية داخل عيادة طبية بمحافظة قنا، وكشفت التحقيقات أن العيادة التى تم إجراء الجراحة بها، غير مرخصة، وغير مجهزة طبياً لإجراء تلك العملية، وخالية من غرفة عناية أو إفاقة أو جهاز تنفس صناعي أوكسجين، وقالت أن تلك العمليات لابد وأن تجرى في المراكز الطبية المتخصصة لذلك، وهو ما فوت على المجني عليها احتمالية إسعافها.
عملية داخل العيادة
داخل عيادة غير مجهزة لإجراء عمليات جراحية توفى مزارع يبلغ من العمر 45 سنة، أثناء خضوعه لجراحة بالرقبة، لإزالة كيس دهني، بمركز المحمودية بالبحيرة، وتبين أنه أصيب بحالة إغماء أثناء إجراء الجراحة، وكشف تقرير مناظرة الجثمان وجود جرح قطعي أعلى الرقبة طوله 6سم وبه 3 غرز حديثه وأثار لسحب دماء بيده اليمنى.
أرقام صادمة
بحسب وزارة الصحة، فإن قطاع العلاج الحر والتراخيص بالوزارة يشن حملات رقابية مكثفة في جميع المحافظات"، وأعلنت في بيان صحافي سابق، أنها أغلقت 2667 عيادة ومركزاً طبياً ومستشفى خاصاً مخالفة خلال شهر واحد.
ويوجد في القاهرة 89 ألف عيادة طبية خاصة، بحسب تقرير حكومي، بينما لا تتوفر أرقام رسمية عن عدد العيادات الخاصة على مستوى الجمهورية، ولكن معظمهم يعمل بشكل غير قانوني، وفق تصريحات سابقة لعلي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والمؤسسات غير الحكومية بوزارة الصحة، والتى قال فيها: "إن نصف العيادات الطبية بمصر غير مرخصة، وتعمل بشكل غير قانوني".
غرف عمليات أمنة
وحول دور نقابة الأطباء يقول الدكتور أبو بكر القاضي، أمين الصندوق بنقابة الأطباء، إن إجراء العمليات يستلزم وجود غرفة عمليات مجهزة بكافة الأجهزة وأمنة، مع ضرورة توافر الأكسجين داخل الغرفة، وأن تكون المنشأة الطبية مرخصة؛ لضمان سلامة المريض.
ووجه "القاضي"، المرضى بضرورة اختيار الأماكن المرخصة والمستشفيات والمراكز التي بها غرف عمليات مرخصة داخل ومجهزها؛ لإجراء عمليات بداخلها.
وأكد "القاضي"، على ضرورة تسهيل العراقيل في أصدار التراخيص الطبية، مما يؤدي إلي توافر أماكن مرخصة بشكل يغطي احتياجات المرضي، وذلك لصعوبة استخراج التراخيص فى الوقت الحالى.
القانون يحارب تجار الموت
يقول محمد عتري المحامي، أنه بحسب قانون تنظيم المنشآت الطبية المعدل عام 2004، فإن عقوبة مزاولة منشأة نشاط طبي قبل ترخيصها، هي الغلق، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف جنيه، وفي حال إعادة المنشأة غير المرخصة النشاط بعد غلقها نص القانون على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 20 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وتابع "عتري" الخبير القانوني، أما عن انتحال صفة الطبيب، فإن قانون مزاولة مهنة الطب حدد عقوبتها بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وغرامة لا تزيد على 200 جنيه، أو بإحدى العقوبتين، وفي حالة العودة يحكم بالعقوبتين معًا.
واختتم "عتري" حديثه قائلًا، عقوبة القتل الخطأ نتيجة الأهمال الطبى، نصت عليها المادة ( 238 ) من قانون العقوبات وتتراوح عقوبتها ما بين الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وترتفع للحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فى بعض الحالات.
البرلمان على خط الأزمة
وتقول الدكتورة "إيرين سعيد" عضو مجلس النواب، إن إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة مسئولة عن متابعة هذا الأمر، ولكن وجود تشريع كقانون "المسئولية الطبية" يزيد من مواجهة هذه الظواهر ويعطي سلطة أكبر للجهات الرقابية؛ للتعامل مع كافة المتحايلين.
وأكدت "إيرين" عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إن إتخاذ إجراءات صارمة وزيادة التحريات والتفتيش يحد من هذه الظواهر، علاوه علي توعية المواطن البسيط بمخاطر العدوي التي قد تنشأ من إجراء جراحة خارج غرفه العمليات، فالأمر لا يتعلق بتقليل نفقات الجراحة، فقد ينفق ما وفره علي علاج مضاعفات عدوي تسربت له من مكان غير مجهز.
وطالبت النائبة، بضروى زيادة الرقابة لمنع تلك العيادات من العمل عن طريق زيادة المفتشين وزيادة الشفافية، وتعيين أفراد يتمتعوا بنزاهة عالية، مع ضرورة تغيير أماكنهم من وقت لأخر لزيادة المصداقية.