علي هامش لقاء البابا تواضروس مع الصحفيين الايطاليين
السكن والطعام والتعليم والصحة أهم من حقوق الإنسان و ندين بشدة تدفق الأسلحة للحرب بين روسيا وأوكرانيا
علي هامش زيارته للعاصمة الايطالية روما ولقاءاته مع بابا الفاتيكان حيث عقد صاحبا القداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبابا فرنسيس، أسقف روما وبابا الڤاتيكان، صباح أمس الخميس، اجتماعًا ثنائيًّا مغلقًا بالمكتب البابوى فى القصر الرسولى بالڤاتيكان وبدأت بعده صلاة مسكونية حضرها وفدا الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، حيث تبادل المشاركون فيها تلاوة بعض الصلوات.
وألقى قداسة البابا تواضروس كلمة أعرب خلالها عن سعادته بزيارة الڤاتيكان، قائلًا: "فرحي اليوم كبير بالتواجد بينكم وأصافحكم بقلبي لا بيدي فقط"، وأضاف: "أنا ممتن لأنى متواجد على هذه الأرض، التي كرز فيها الرسل، ويسكنها مرقس الرسول كاروز ديارنا المصرية، ومنها خرج الكثيرون فى طريق طويل للكرازة باسم المسيح للعالم كله فاديًا ومخلصًا".
وأكد مخاطبًا بابا الڤاتيكان: "أنا على العهد أذكركم في صلاتي الخاصة يوميًّا كما تعاهدنا منذ زيارتي السابقة هنا" مضيفًا: "أصلي معكم من أجل كنيسة الله على الأرض أن يثبتها إلى دهر الدهور، لترفع على الدوام التسبيح السماوى".
التقى قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الخميس، مجموعة من الصحفيين، وقنوات التليفزيون الإيطالى، فى جلسة حوارية استغرقت حوالي 60 دقيقة تحدث قداسته فالبداية معهم عن سبب الزيارة، مشيرًا إلى أنها جاءت للاحتفال معًا بمرور 50 سنة على بدء الحوار الرسمي بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، بعد انقطاع دام 15 قرنًا من الزمان بعد مجمع خلقيدونية عام 451. وأيضًا للاحتفال بمرور عشر سنوات على إعلان يوم المحبة الأخوية الذى دعا إليه قداسته أثناء زيارته للڤاتيكان عام 2013، اللقاء الذي يمثل أهمية فى مسيرة المحبة حيث زار مصر قداسة البابا فرنسيس بعد هذا الإعلان بأربع سنوات فقط ووقعنا خلاله على بيان مشترك للسعي الجاد نحو التقارب والحوار. ولا يفوتنا أن نذكر سعي الآباء الذين سبقونا لفتح باب الحوار قبل أن يأخذ شكله الرسمي، حينما أرسل القديس البابا كيرلس السادس مراقبين لحضور المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965، وطلبه عودة رفات مارمرقس الرسول من روما إلى مصر 1968.
وحول أهمية الهدايا المتبادلة في هذه الزيارة قال قداسته أن قداسة البابا فرنسيس قدم لنا جزءًا من رفات الشهيدة كاترين وهي شهيدة مصرية تلقب بشهيدة الإسكندرية كاترين. ولا ننسى أن هناك ديرًا على اسمها بمصر وهو دير يوناني يتبع كنيسة الروم الأرثوذكس ولكنه يحمل اسم شهيدة قبطية.
وأضاف: ونحن من جهتنا أهدينا قداسة البابا فرنسيس صندوقًا يحوي أجزاء من ملابس الـ 21 شهيدًا الأقباط الذين استشهدوا بليبيا المحفوظ رفاتهم ومتعلقاتهم في كاتدرائية شهداء الإيمان في قرية العور بإيبارشية سمالوط، مع ثلاثة أربطة من التي رُبِطَت أيديهم بها وقت استشهادهم ذبحًا وهم يصلون داعين اسم الرب يسوع كما في فيلم الفيديو الذي سجل هذه اللحظات.
وأثناء هذا التبادل أعلن قداسة البابا فرنسيس عن اعتراف الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بشهداء الأقباط الـ 21 في ليبيا، شهداءً في الكنيسة، مشيرًا إلى أنه سيقوم بعمل مذبح باسمهم.
وعن مكانة هؤلاء الشهداء لدى الكنيسة القبطية أجاب قداسة البابا في البداية أريد أن أوضح لكم أننا علمنا في مصر باستشهادهم يوم 15 فبراير 2015 ولم يكن لدينا أية معلومات، وكان وقتها خبر مؤلم لكل المصريين وعلمنا في وقتها أن الجماعات المتطرفة هم الذين قاموا بهذا العمل الوحشي، وفي ذات اليوم زارنا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وقامت القوات المسلحة بغارات مكثفة على هؤلاء الإرهابيين وبقينا 3 سنوات لا نعلم شيء، وفى فبراير 2018 بدأنا نعلم مكان دفنهم وهنا كان تعاون بين مصر ليبيا، وتم عمل تحاليل ال DNA بين أهل الشهداء والشهداء، وعادت الرفات إلى القاهرة وذهبت ومعى عدد كبير من الآباء إلى مطار القاهرة الدولي لاستقبالهم، ونقلوا إلى قريتهم حيث تم بناء كنيسة لهم في قرية العور في صعيد مصر، وهي كنيسة كبيرة تضم اليوم رفاتهم وكل متعلقاتهم ونحن فى المجمع المقدس قررنا أن يكون هناك يوم عيد لشهداء العصر الحديث على أن يكون يوم 15 فبراير، اليوم الذي عرفنا فيه استشهاد أبنائنا بليبيا. واليوم قدمنا لقداسة البابا فرنسيس وثائق لمتعلقاتهم وهي أول مرة نقدم فيها جزءًا من متعلقاتهم خارج مصر ونؤمن أنهم قدموا لنا بركة كبيرة جدًا. وها هي الكنيسة الكاثوليكيّة تكرمهم أيضًا اليوم كما كرمتهم الكنيسة القبطية، فهؤلاء قدموا العرق بالجهاد الروحي والدموع بالصلوات الحارة والدم خلال الاستشهاد.
وتابع : "أخيرا أريد أن أقول أن الذين أرادوا أن يصوروا مشهد القتل بهذه البشاعة ليكون لهذا له أثر سلبي على نفسية المصريين ويؤثر على الوحدة الوطنية، استخدم الله هذا المشهد للخير، فكان هذا الفيديو أكبر كرازة للمسيح وصارت قصة الشهداء قصة صادقة في بلاد العالم وصاروا شفعاء.
وردًا على سؤالٍ عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر قال قداسة البابا أن حقوق الإنسان عديدة، فهي ليست مجرد الحقوق السياسية فقط وإنما هناك الحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية، ونحن في مصر بلد لنا اقتصاد محدود وتوجد نسبة من الفقر، والرئيس والحكومة الحقيقة يسعون بكل قوة من أجل توفير حياة كريمة للفقراء والجميع، وأعتقد أن حقوق السكن والطعام والشراب والتعليم والصحة تأتى قبل أى حقوق أخرى، ورغم ذلك نحن نعيش فى مصر فى استقرار وسلام وأيضًا هناك محبة بيننا أى بين المسيحيين والمسلمين ونحاول بناء مصر الجديدة معًا وبالفعل وصلنا إلى خطوات رائعة فهناك مجهودات كبيرة من قبل القيادات.
وعن إقامة صلاة يوم الاحد القادم فى بازيليك القديس يوحنا قال البابا إن أعداد أبناء الكنيسة القبطية بإيطاليا أعداد كبيرة وكل كنائسنا صغيرة ولا يمكن لضيق الوقت أن نزور كل كنيسة على حدة ولهذا سمح قداسة البابا فرنسيس كعلامة صداقة ومحبة أن نصلى هناك بطقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسيـة. وهو ما حدث مثله أيضًا في زيارتي عام 2018 فقد أقمنا قداسًا إلهيا في كنيسة سانت باولو. وأشار قداسته أن هذا الأحد هو الأحد الرابع في ترتيب الكنيسة بعد أحد القيامة ونلقبه بأحد النور وهي مناسبة جيدة أن نتحدث عن النور والفرح الذي يملأنا بقيادة السيد المسيح.
وعن الوحدة والحوار بين الكنيستين أجاب قداسة البابا: طريق المصالحة طريق طويل وهو يأتي بعد انقطاع 15 قرن من الزمان وأرى أنه يمضي بعدة خطوات فهو طريق يشبه الصليب: أولًا بناء علاقات المحبة علاقات قوية من خلال الزيارات وبعض الفعاليات المشتركة. الخطوة الثانية: الدراسة أي ندرس التاريخ والعقائد. والخطوة الثالثة هي الحوار وهو يكون حوارًا لاهوتيًا أو شعبيًّا على مستوى الخدام والشعب. وأخيرًا الصلاة لأنها تصنع المعجزات وبها نكون واحد بالمسيح. هذه الخطوات تستغرق وقتًا طويلًا ونحن نؤمن أن الروح القدس يعمل في وسطنا حتى نكمل هذا المشوار
وتعليقًا عن تأثير حرب روسيا وأوكرانيا على مصر قال قداسة البابا: أي حرب تصنع أزمة، والحرب بين روسيا وأوكرانيا أثرت على العالم كله وليس على مصر فقط، ونحن نستورد نصف احتياجات مصر من القمح من روسيا وأوكرانيا وصعوبة توريد القمح كان بمثابة أزمة ولكن نشكر الله نجحنا استيراده من أماكن أخرى، فهى حرب عبثية بلا اي قيمة. نحن ندين بشدة تدفق الأسلحة للحرب التي تؤثر على بلاد كثيرة خاصةً في قارة أفريقيا وآسيا، إنها مأساة إنسانية والنتيجة مؤلمة للكل نصلى من أجل أن تكون هناك حكمة لإيقاف هذه الحرب.