هل تتدخل الصين بدور الوساطة لأقرار السلام في السودان ؟
في اعقاب النجاح الصيني منقطع النظير في انهاء القطيعة بين السعودية وايران وبداية تدخلها في انهاء الحرب في اوكرانيا وفي الملف الثالث السوداني الذي يرشحها بقوة هو صمت الصين عن تأييد أي طرف في الصراع المسلح الجاري في السودان، إلى التطلع إليها كـ"وسيط محل ثقة"، لوقف القتال، خاصة مع حرصها على تأمين مصالحها هناك.
بتعبير خبيرين في العلاقات الدولية، فإن الصين "أكثر دولة في العالم" لها مصلحة في استقرار السودان، معددين الأسباب وراء ذلك إذا ما تدخلت بكين في هذا الصراع، فستكون ثالث أزمة دولية تمارس فيها دورها الجديد كـ"وسيط دولي" بعد الأزمة السعودية - الإيرانية، وأزمة أوكرانيا منذ اليوم الأول للاشتباكات التي اندلعت 15 أبريل، تسعى الصين إلى إجلاء رعاياها عن السودان، وسط قلق حول مشاريعها ومصالحها والعمالة الصينية.
السودان ثالث أكبر شريك تجاري للصين في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا وأنغولا، وسادس أكبر دولة مصدرة للنفط إلى الصين، حسب أرقام رسمية حتى اللحظة لم تعلن الصين موقفا معلنا من أطراف الصراع في السودان، لكنها دعت إلى وقف الاشتباكات والجلوس على مائدة التفاوض.
في تقدير الخبير في الشؤون الدولية، جاسر مطر، فإن الصين "هي أفضل دولة تستطيع القيام بدور الوسيط بين طرفي الصراع"، ويُرجع ذلك إلى:الطرفين يثقان فيها لأنهما على يقين أن بكين لا تدعم طرفا على حساب الآخر، عكس روسيا وأميركا.
الصين "أفضل" لديهما من الاتحاد الإفريقي، لوجود مقر الأخير في إثيوبيا، التي قد تميل لطرف على حساب الآخر.
كل ما يهم بكين الآن في السودان هو ضمان تدفق النفط، واستمرار التبادل التجاري، وهذا لن يأتي إلا بالاستقرار.
على هذا، يقترح مطر أن تتشكل الوساطة من أطراف عربية وإفريقية عن طريق الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي برعاية صينية.
يؤكد مازن حسن، الخبير في الشأن الصيني، على ما جاء في حديث زميله بشأن ثقة الأطراف السودانية في الصين، التي طالما اتسمت علاقاتها بالسودان بأنها "جيدة".
لفت بدوره إلى أن "الجميع يعلم أن ما يهم أميركا هو منع وجود شركة "فاجنر" الروسية في السودان، وما يهم روسيا هو تثبيت مقاتلي فاجنر، وعلى هذا تبقى الصين طرفا أكثر قبولا إذا تدخلت في وساطة مع الاتحاد الإفريقي" كذلك ينبه إلى أن السودان "يقع ضمن الاستراتيجية الكبرى الشاملة للصين، فهو إلى جانب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن تصبح حليفا رئيسيا لبكين في حال قررت تحمل مسؤوليات دولية أكبر".
قبل الانقسام إلى دولتين في عام 2011، كان السودان وجهة مهمة لاستثمارات الصين في الطاقة، حيث يمثل أكثر من 5 بالمئة من واردات النفط الخام الصينية.
لا تزال بكين أكبر مشترٍ للنفط من جنوب السودان، والذي يمثل نحو 2 بالمئة من احتياجات الصين النفطية، ورغم أن جنوب السودان لديه معظم احتياطيات النفط فإن معظم خطوط الأنابيب ومنشآت المعالجة مملوكة للسودان، ما يحدد تدفق النفط إلى حد كبير.
تتمتع الصين بحضور كبير في شركات النفط في كل من السودان وجنوب السودان، حيث تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من التنقيب عن النفط إلى إنشاء خطوط أنابيب النفط.
بكين واحدة من أكبر المستثمرين في السودان، حيث تعمل 130 شركة صينية في قطاعات البنية التحتية كالنقل والكهرباء والإنتاج كالزراعة، ولديها حصة سوقية تزيد على 50 بالمئة في الأعمال المتعاقد عليها.
علاوة على ذلك، السودان يضم قوة عاملة صينية كبيرة منذ عام 2020، وفقا لوزارة التجارة الصينية.