النهار
الأحد 23 فبراير 2025 05:19 صـ 25 شعبان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

صفقة «المصرية للاتصالات».. هل تصطاد عصفورين بحجر واحد أم ننتظر مغامرة جديدة؟

يبدو أن قطاع الاتصالات المصري، في انتظار سلسلة من التحركات الاستثمارية الكبرى والمؤكدة خلال الفترة المقبلة، بعد إعلان تنفيذ صفقة بيع 162.2 مليون سهم بما يمثل نحو 10% من أسهم الشركة المصرية للاتصالات، في السوق الثانوية، بقيمة إجمالية حوالي 121 مليون دولار (3.75 مليار جنيه)، فأى تحركات تجاه المصرية للاتصالات تعد عنصر بارزا في معادلة القطاع المستقبلية لاعتبارات ملكيتها للحكومة وكونها أكبر شركة في قطاع الاتصالات من حيث الحجم والقيمة السوقية.

فالمصرية للاتصالات بتنفيذها هذه الصفقة، انخفضت حصة الحكومة بها إلى 70% بعد أن كانت 80%، وهذه نسبة بيع مقبولة في الفترة الحالية، حيث تدفعها توجهات الحكومة لسد فجوة التمويل وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى جانب إعطاء مساحة أوسع للقطاع الخاص في الاقتصاد، حيث تتضمن مشاركة مؤسسات سعودية، بالإضافة إلى عدد من المستثمرين السعوديين الأفراد المتعاملين فى السوق المصرية.

صفقات مرتقبة

وفي حين نفذت صفقة شراء حصة من المصرية للاتصالات، فإنه وفقا لمحللين، ينتظر القطاع تحركات استثمارية أخرى خلال الفترة المقبلة يرجح تنفيذها بقوة، فخلال الأيام القليلة الماضية رصدنا تحركات قوية من جانب مجموعة “&e” الإماراتية التي تمتلك الحصة الحاكمة في شركة “اتصالات مصر”، اتجاه فودافون العالمية حيث رفعت حصتها بها لتصل إلى 14.6% من رأس المال المصدر للمجموعة البريطانية، لتشكل علامة فارقة في مستقبل شركة فودافون العالمية التي ظلت أسهمها في حالة ركود، إذ انخفضت بأكثر من 40% منذ أن تولى رئيسها التنفيذي “نيك ريد” في أكتوبر 2018 وحتى نهاية العام الماضي، وتراجعت إلى نفس المستوى الذي كانت عليه قبل عقدين من الزمن.

ووفقا لتقارير إعلامية تستكشف مجموعة”&e”، الاستثمار في أعمال “فودافون” بأفريقيا لتعزيز وجودها في الأسواق الدولية، حيث تدرس المجموعة الإماراتية جدوى تقديم عرض لشراء جزء أو حصة فودافون العالمية البالغة نحو 60% في مجموعة “فوداكوم” الجنوب الأفريقية، والتي أتمت عملية نقل ملكية 55% من شركة فودافون مصر لصالحها نهاية العام الماضي في صفقة بلغت قيمتها حوالي 59.6 مليار جنيه الأسبوع الماضي.

وأعلنت مؤسسة الإمارات للاتصالات «e&» منذ أيام عن توقيع اتفاقية تعاون استراتيجى مع «فودافون»، لتعزيز التعاون والعمل المشترك بينهما؛ من أجل تقديم أحدث المنتجات والخدمات المبتكرة فى قطاعى الاتصالات والتكنولوجيا، وتهدف الاتفاقية إلى التعاون الاستراتيجى؛ لتحقيق المزيد من التطور والنمو، ويُخطط كل من &e وفودافون لتعزيز التعاون وتطوير المزيد من الخدمات والحلول الرقمية التى تتجاوز الحدود الجغرافية للعملاء من مختلف الجنسيات فى عدة مجالات تتضمن قطاع المؤسسات والشركات؛ حيث تتعاون الشركتان لتقديم خدمات الاتصال الثابت والمحمول، والشبكات الخاصة المحمولة، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبرانى، والخدمات السحابية، وكذا التعاون فى قطاع المشتريات؛ حيث تقوم الشركتان بتبادل أفضل الممارسات، مع احتمال توحيد عمليات الشراء المشترك وقطاع مبيعات الجملة والتجوال؛ وقطاع التكنولوجيا لاعتماد تقنية «النفاذ الراديوى المفتوحة–OpenRAN».

وبموجب الاتفاقية، ينضم الرئيس التنفيذى لـ &e إلى مجلس إدارة فودافون كعضو مجلس إدارة غير تنفيذى، بموجب امتلاك &e حصةً من الأسهم تبلغ 14.6%، وتستطيع &e أيضًا ترشيح عضو مجلس إدارة غير تنفيذى ثانٍ مستقل عنها، إذا تجاوزت حصتها من الأسهم 20%، (تخضع لبعض التعديلات قبل الحصول على الموافقات التنظيمية)، ويحتاج تعيين هذين العضوين إلى الحصول على الموافقات التنظيمية المناسبة.

ووفقا لمحللين، فإن هذه التحركات ستؤثر بشكل أو بأخر على تواجد الشركتين الأم (فودافون،&e) في السوق المصري على المدى المتوسط والبعيد.

تقارير إعلامية أخرى كشفت في نهاية العام الماضي، أن الصندوق السيادي القطري يجري محادثات متقدمة لضخ استثمارات تقدر بنحو 2.5 مليار دولار في صفقات لشراء حصص بشركة فودافون مصر وشركات أخرى غير مدرجة في البورصة، وأفادت التقارير أن جهاز قطر للاستثمار الذي يدير أصولاً بقيمة 445 مليار دولار، يتفاوض على شراء 20% من أسهم “فودافون مصر” من حصة الشركة المصرية للاتصالات؛ التي تمتلك حِصة تصل إلى 45% من شركة فودافون مصر، تنخفض في حال تنفيذ الصفقة إلى 25%.

وتشير هذه المسارات من الصفقات المنفذة والمحتملة ، إلى قوة قطاع الاتصالات المصري الذي يحظى بالكثير من الاهتمام خلال الفترة الأخيرة نتيجة التجارب الناجحة التي حققها المشغلين في السوق، من جيث حجم النمو وأعداد المشتركين، إلى جانب توافر فرص نمو كبيرة واعدة له في المستقبل القريب مع تنوع أعمال الشركات وتوسعها في تقديم الخدمات التكنولوجية المتطورة كالحوسبة السحابية وخدمات المدن الذكية ومراكز البيانات وتوافر فرص كبيرة في هذه المجالات مع اتجاه الدولة المتسارع للتحول الرقمي الكامل.

فالحكومة تستهدف بيع أصول مملوكة لها بقيمة 2 مليار دولار، خلال العام المالى الجارى الذى ينتهى فى يونيو المقبل، ضمن خططها لتوفير الموارد الدولارية، وفقا لما أظهره تقرير صندوق النقد الدولى.

وبنظرة واقعية للصفقة، فإن المؤشرات تدعو إلى التفاؤل حيث شهد عرض بيع حصة من الشركة، إقبالا من المؤسسات المحلية والأجنبية لتغطية الطرح بمعدل بلغ 2.5 مرة، مما يدلل على رغبة متجددة للمؤسسات والشركات العالمية، للاستثمار في السوق المصرية، وإن كان من بوابة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي نجح في تحقيق معدلات أداء مرتفعة على المستوى الاقتصادي والحفاظ على مكانته في الصدارة كأعلى القطاعات نموًا على مدار الأعوام المالية الأربعة الماضية واخرها تحقيقه معدلات نمو بلغت نحو 16.3% فى العام المالى 2021/2022 .

دلالات الصفقة

وتشير دلالات الصفقة، إلى أن قطاع الاتصالات المصري، على موعد مع إعادة ترسيم جديدة في ظل عدد من الصفقات المحتملة المتوقع حدوثها بعد زحزة الموقف الحالي مدفوعا بجدية الدولة في إفساح المجال للقطاع الخاص، وإن كان القطاع يتمتع بمقومات هذا التحرر بشكل كبير حيث يضم القطاع أربع شركات لخدمات الهاتف المحمول، هي “فودافون مصر” التابعة لمجموعة “فودافون” البريطانية، و”أورنج مصر” التابعة لمجموعة “أورنج” الفرنسية، و”اتصالات مصر من e&” التابعة لـ”” الإماراتية، و”المصرية للاتصالات” الحكومية.

وتتمتع أسهم قطاع الاتصالات والتكنولوجيا فى السوق المصرية بجاذبية كبيرة سواءا مقيدة في البورصة او خارجها وفقا لمحللين، وذلك فى ظل التطور الكبير للبنية التحتية التكنولوجية، وحجم الاستهلاك الكبير، بالإضافة إلى انخفاض الأجور مقارنة بالشركات المتواجدة في المنطقة بالأسواق المحيطة، ما يجعل الاستثمار فى القطاع واعد للغاية للمستثمرين الأجانب والعرب، خاصة مع التحركات المرتقبة لإعادة تسعير خدمات القطاع لتناسب الارتفاعات المتتالية في مستويات التضخم.

فما هي أبرز حيثيات صفقة المصرية للاتصالات، وتأثيرها على سوق الاتصالات المصري في ضوء السياسات الجديدة التي تتبناها الشركات للدخول في مستويات جديدة من النمو تعتمد على القوة المالية والتكنولوجية والمذيد من الحراك والتداخل مع العديد من القطاعات الاقتصادية ؟

وتعمل الشركة المصرية للاتصالات تحت إدارة محمد نصر الدين الذى تولى المنصب نهاية مارس الماضي، على تعزيز دور الشركة فى استراتيجية الدولة نحو التحول الرقمى، من خلال تقديم خدمات الاتصالات بأعلى جودة وأحدث تقنيات تكنولوجيا الألياف الضوئية، والاستمرار فى إحلال شبكات الإتاحة، والتوسع فى الشبكات الرئيسية والفقرية والدولية لمواكبة متطلبات السوق لنقل البيانات بسرعات وسعات أكبر بجودة متميزة سواء للعملاء الأفراد أو الشركات والمؤسسات أو لمقدمى خدمات الاتصالات المرخص لهم بالسوق المصري.

وتنفذ الشركة أيضا وفقا لبيانتها الرسمية استراتيجية مستدامة ، كمحور ارتكاز رقمى إقليمى ومسار مثالى لحركة مرور البيانات من الشرق إلى الغرب؛ لتحقيق الاستغلال الأمثل للشبكة الدولية بالإضافة إلى التركيز على تقديم خدمات الحوسبة السحابية والتطبيقات للعملاء المحليين، عبر استكمال بناء وتطوير مراكز بيانات دولية بمقاييس عالمية وتنمية العائد من أعمال الكوابل البحرية ومحطات الإنزال والمسارات الأرضية الدولية، بالإضافة إلى التوسع فى الشبكة الدولية بالقارة الأفريقية ودول الجوار بهدف جذب ملاك المحتوى العالمى وإيجاد طرق مبتكرة لبيع السعات.

من جانبها قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر يعد من القطاعات التي جاءت في المقدمة من حيث عدد الصفقات وقيمتها في إطار نشاط الاستحواذ والاندماج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال النصف الأول من العام الحالي، مشيرة إلى أن أحدث تقرير صادر عن إرنست ويونج حول صفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،كشف عن تسجيل 524 صفقة في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022 بقيمة إجمالية بلغت 55.2 مليار دولار.

أسهم قطاع الاتصالات

وأشارت إلى أن أسهم قطاع الاتصالات والتكنولوجيا فى السوق المصرية جاذبة للغاية سواءا مقيدة في البورصة او خارجها ،وذلك فى ظل التطور الكبير للبنية التحتية التكنولوجية، وحجم الاستهلاك الكبير، بالإضافة إلى انخفاض الأجور مقارنة بالشركات المتواجدة في المنطقة بالأسواق المحيطة، ما يجعل الاستثمار فى القطاع واعد للغاية للمستثمرين الأجانب والعرب.

ونوهت حنان رمسيس،إلى أنه في ضوء التغيرات المتوقعة في ملكية أسهم شركات الاتصالات في مصر يجب العمل على زيادة عدد الشركات المقيدة فى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في البورصة المصرية خاصة بالتخصصات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، مشيرة إلي أن ذلك التوجه يدعم تنصيف الأسهم وقيمتها في الأسواق الإقليمية والدولية ويعزز من حوكمه القطاع.

وذكرت أن القطاع يواجه فرصًا وتحديات جديدة تفرضها التغيرات الاقتصادية الحالية والبيئة التنظيمية والتنافسية، في ظل الانتقال السريع من أسواق النطاق العريض وخدمات الداتا الأكثر تنافسية إلى الأمن السيبراني والحوسبة السحابية وتكنولوجيا انترنت الاشياء واتجاه الشركات لتغيير طبيعة عملها من مشغلي اتصالات لشركات فاعلة في القطاع التكنولوجي والتحول الرقمي.