مخدرات أونلاين.. رواج تجارة الكيف على الشبكة العنكبوتية.. «النهار» تفتح ملف التجارة الحرام عبر ”السوشال ميديا”
تعد قضية المخدرات واحدة من أخطر القضايا التي يعاني منها مجتمعنا، لتأثيرها المباشر على شريحة الشباب والتى تعتبر القوة البشرية التى تشارك بشكل أساسي فى عملية التنمية، والذي يلجأ بعضهم لتناول تلك المواد الخطرة بسبب الضغوط الكبير التى يتعرضون لها، أو حبًا فى التجربة وخوض المغامرة، ومسايرة أقرانهم فيما يفعلونه حتى لو كان خاطئا، خاصة إذا هوت القيم الدينية والأخلاقية لديهم.
ولكن مع التطور التكنولوجي الكبير الذى شهده العالم، تطورت أيضًا وسائل جلب المخدرات والاتجار فيها، وانتقلت مثل غيرها من التجارات إلى صفحات "الانترنت" وبالتحديد مواقع "السوشال ميديا".
وتفتح "جريدة النهار المصرية" ملف تجارة المخدرات على الشبكة العنكبوتية "الإنترنت".
أبو كيان باع مخدرات أونلاين وأول زباينه كانت الشرطة
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً لشخص يدعى «أبو كيان» يروج من خلاله للمخدرات بجميع أنواعها وتخصيص أرقام هاتفية لراغبي الشراء، ودارت فكرة ترويج المواد المخدرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ذهن أبو كيان، فقرر تنفيذ فكرته عن طريق نشر إعلان تضمن عبارة لجذب الانتباه تقول: "أبو كيان.. لجميع أنواع المكيفات.. جملة وقطاعي".
"أبو كيان" لجميع أنواع المخدرات
ونشر هذا الإعلان في البداية عبر صفحات مواقع التواصل الخاصة بمحافظة المنوفية، مصحوباً بعنوان ورقم الشكاوى ورقم للتواصل، والطريف في قصة تاجر المخدرات «أبو كيان» أن أول اتصال قد تلقاه كان من الأجهزة الأمنية، ليتم القبض عليه عقب ساعات من تداول منشوره على «فيسبوك» لبيع المخدرات.
وأبو كيان اسم الشهرة لشاب مسجل خطر تجارة مخدرات، وتم القبض عليه من قبل وعاد بعد ذلك للتجارة السوداء، ومن أجل جذب عملاء جدد قام بطباعة منشورات ببيع المخدرات جملة وقطاعي، وكان الملقب بـ «أبو كيان» ينقل نشاطه بين محافظتي المنوفية والقليوبية، ليتمكن من الهرب في حالة القبض عليه، ولكن تم القبض عليه بمعرفة رجال الشرطة.
ولحظة القبض على «أبو كيان» عثر بحوزته على 6 كيلو جرامات من الحشيش وأسطوانة هيروين و2 كيلو هيدرو ومبلغ مالي وبندقية خرطوش وعدد من الطلقات وعدد من المطبوعات باسم "أبو كيان".
واعترف المتهم بتجارته في المخدرات وطباعة أوراق للترويج لنشاطه؛ من أجل جذب عملاء جدد بعد نقل نشاطه إلى مكان حدودي بين محافظتي القليوبية والمنوفية.
ترامادول أونلاين
فى محافظة الجيزة، باع مسجل خطر "له معلومات جنائية" وروج العقاقير الطبية المخدرة والمهربة جمركيًا وغير المصرح بتداولها عبر مواقع التواصل الإجتماعى مستخدمًا محل سكنه كمخزن لترويج تلك العقاقير، ونشر عبر صفحات مواقع التواصل الخاصة بمحافظة الجيزة، أدوية وعقاقير مخدرة لترويجها بين عملائة وهو"مخدر الترامادول".
وتمكنت الإدارة العامة لمباحث الأحداث من ضبطه، وبحوزته 750 قرص مخدر لعقار "الترامادول" – 18 عبوة أدوية مهربة وغير مسجلة بإجمالى 3500 قرص - مبلغ مالى – هاتف محمول، وبمواجهته أقر بحيازته للمضبوطات بقصد الإتجار والمبلغ المالى من متحصلات بيع الأدوية المخدرة والهاتف المحمول للتواصل مع عملائه وتم إتخاذ الإجراءات القانونية.
الدولة تحارب المخدرات
تبنت مصر استراتيجية قومية متعددة المحاور لمكافحة الإدمان والمخدرات: تشريعيًا، وأمنيًا، واجتماعيًا، لما له من أضرار بالغة على المجتمع والأسرة وفئة الشباب بصفة خاصة.
وبحسب تقرير حكومى؛ فقد انخفضت نسبة تعاطي المواد المخدرة لـ 5.9 بالمئة، عام 2021 مقارنة بــ 10.2 بالمئة في عام 2014، وانخفضت نسبة الإدمان لـ 2.4 في 2021 مقارنةً بــ 3.4 بالمئة عام 2014.
أسلوبان للإيقاع بالمتهمين
يقول أحمد طاهر، الخبير الأمني، أنه بالفعل انتشرت تجاره المواد المخدرة عبر استخدام التطبيقات والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، واستغل البعض تلك التطبيقات للإعلان عن الاتجار في المواد المخدرة بكافه انواعا، وبدأ الديلر أو تاجر المخدرات الذي كان يتخذ مكانا ثابتا لتجارته أو الدليفري الذي كان يقوم بتوصيل تلك المواد الي وسلة أخرى وهي الإعلان عن نفسه.
وتابع "طاهر"، هناك صفحة اشتهرت فى الفترة الأخيرة أسمها "مملكة الحشيش"، والذى أعلن القائم عليها بكل وضوح عن تخصصها فى الاتجار بالمواد المخدرة، بل ووضع صورة للإعلان عن تجارته، ومولها إليكترونيًا داخل نطاق محافظة بنى سويف، إلى أن تم ضبطه بمعرفة الأجهزة الأمنية فى المحافظات.
وتابع "طاهر"، تلاقت إرادة التاجر والمتعاطي فظهرت تلك تلك الأساليب الالكترونيه المستحدثة بعيد عن أعين الجهات الأمنية الميدانية، أو كما يظنون، حتي المصادر السرية التي كانت تتعامل معها إدارات مكافحة المخدرات لم تعد تجدي، فأصبح لزامًا استخدام مصادر سرية أكثر تطورًا وحداثة، قادرة على اختراق هذا العالم الافتراضي.
وكشف "طاهر" عن أساليب التعامل مع تلك الصفحات، ويقول، هو أن يتم ضبط منشيء تلك الصفحات أو المعلن من خلال رصد صفحته وتحديد محتواها والتعامل الأمني معه، وتحديد المكان الذى تدار منه الصفحة، ومن ثم الخروج وضبطه، وهناك طريقة أخرى يتم فيها تكليف أحد المصادر السرية الموثوق بها في التعامل مع المتهم واقناعه برغبته فى شراء مواد مخدرة، وتحديد موعد البيع والشراء والاستلام وتوثيق الواقعة، ومن ثم ضبطه.
تتبع الصفحات ورصدها
يقول "وليد حجاج" خبير أمن المعلومات، إن انتشار صفحات تروج للاتجار فى المواد المخدرة، ظنًا منهم أنهم قادرين على الأفلات من قبضة أجهزة الأمن أمر مثير للاستغراب، لأن رصد وتتبع تلك الصفحات وضبط القائمين عليها أمر يسهل تتفيذه، خاصة فى ظل الإمكانيات الكبيرة التى تتمتع بها الدولة فى هذا المجال.
وتابع "حجاج"، أنه يجب على المواطنين حماية حساباتهم الإليكترونية وتأمينها ضد عمليات الاختراق، حتى لا يتمكن أخرين من الاستيلاء عليها، واستخدامها فى أنشطة غير مشروعة، ومن بينها "الاتجار بالمخدرات"، أو ما يعرف "بالمخدرات أونلاين".
واختتم "حجاج" حديثه مطالبًا بضرورة ربط الحسابات الخاصة برقم الموبايل للحفاظ على هذه الحسابات، منوها إلي أنه لابد من استخدام بيانات سليمة ورقم هاتف وبريد إلكتروني حقيقي يحمي حساباتك على السوشال ميديا.
العقوبة تصل إلى الإعدام
يقول "وليد عبد الوهاب" المحامى والخبير القانونى، أن قضايا ترويج المخدرات عبر وسائل "الانترنت"، ليس لها قوانين استثنائية وأنما تخضع لمواد التأثيم الواردة بقانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960، ويتم معاقبة المتهم فيها حسب القانون ومن الممكن أن تندرج تحت طائلة المادة 23 من قانون المذكور وأنها تعد من جرائم تصدير أو استيراد مخدرات حيث جرى نص المادة المذكورة على أنه (يعاقب كل من يقوم بممارسة الاتجار فى المواد المخدرة، بالسجن المشدد 3 سنوات إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى بعض الحالات والغرامة المالية، التى تصل إلى مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن 500 ألف جنيهًا، وهذا فى حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات.
وتابع "عبد الوهاب"، من الممكن أن يتم تأثيمها بالمادة 34 من القانون النذكوى، حيث يعتبر ترويج المخدرات أونلاين أن هناك حائزًا لها قد قام ببيعها أو شرائها أو سلمها أو نقلها أو قدمها للتعاطي والعقوبة هنا تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، كما أن الفقرة (ج) من هذه المادة تعتبر أن ترويج المخدر بهذه الطريقة المثالية بمثابة إدارة مكانًا لتعاطي المواد المخدرة.
انعكاس سلبى للمجتمع
يقول الدكتور عبد الله السيد أستاذ علم الاجتماع، أن انتشار المواد المخدرة فى المجتمع له العديد من الأسباب، من بينها الجهل والفقر ومصاعب الحياة، والتى تدفع بعض ضعاف النفوس اللى اللجوء لتعاطي المواد المخدرة ظنًا منها أنها قادرة على تغير حالهم، حتى ولو بالإيهام، وهذا علاجه فى العودة للقيم الأخلاقية وتعزيز الثقافة الدينية فى المجتمع.
ويتابع "السيد" فى حديثه لـ"النهار"، أن انتقال تجارة المخدرات لمواقع السوشال ميديا، تطور طبيعي للتطور التكنولوجي الذى يشهده العالم فى شتى مجالاته، فأصبح هناك مجتمع أخر موازي للمجتمع الحقيقي الذى نعيشه على أرض الواقع، يمارس حياة أخرى على صفحات "الانترنت"، ويمارس حياته بشكل طبيعى، ومن بين تلك الممارسات، تظهر ممارسات سيئة من بينها تجارة المخدرات، وهي انعكاس سلبى لما يحدثة فى المجتمع الحقيقى.
واختتم "السيد" حديثه قائلًا، علاج انتشار المخدرات على السوشال ميديا، يبدأ من علاج المجتمع الحقيق على أرض الواقع، لأنه يمثل انعكاس لما يحدث فى المجتمع الأخر الموجود على "الانترنت"، والعلاج كما قلت سابقًا، فى العودة للقيم الأخلاقية وتعزيز الثقافة الدينية فى المجتمع.