في ذكرى وفاة فاتن حمامة.. حكاية هروب «أبلة حكمت» من قبضة صلاح نصر
في 17 يناير قبل ثمانية سنوات تحديدًا في عام 2015، خيَّمت سحابة سوداء على سماء الفن، معلنةّ انتهاء «حكاية العمر كله»، لسيدة الشاشة الأولى، فاتن حمامة، بحثت خلالها «سيدة القصر»، عن كل «يوم سعيد»، وأمتعت خلالها جمهورها بأعمال متميزة، خلقت بها إمبراطوريتها الخاصة، رافعة شعار «لا تُطقئ الشمس»، إلا أن القدر خبأ لها اصطدامها في نهاية مسيرتها بـ«الطريق المسدود»، بعد تعرضها لضغوط المخابرات لتجنيدها، إلا أنها رفضت، فلم تعد أيامها بعد رفضها تتداول بين «يوم حلو ويوم مر»، إلا أن الله كان معها، وسطر لها الانفراجة التي أرست بها على «أرض السلام»، فما قصة «أبلة حكمت» مع المخابرات؟
بداية مبكرة
دخلت فاتن حمامة عالم السينما مُنذ نعومة أظافرها، بمشاركة بسيطة أمام الموسيقار محمد عبدالوهَّاب، في فيلم «رصاصة في القلب» عام 1940، واختتمتها بفيلم «أرض الأحلام» 1993.
كان لمجلة «الإثنين» التي كانت تصدر عن دار الهلال، دورًا في تسلل سيدة الشاشة العربية، إلى عالم الشهرة، منذ طفولتها، بعدما تقدم والدها في مسابقة نظمتها المجلة عام 1936، ولحسن حظها لفتت نظر المخرج محمد كريم إليها؛ وبناءً عليه رشحها لتعلب دورها في فيلم «رصاصة في القلب»، مع الموسيقار عبدالوهَّاب، حسبما جاء في كتاب «سيدة الشاشة إن حكت- فاتن حمامة.. مذكرات وذكريات»، لمدير مركز الهلال للتراث، والناقد السينمائي أشرف غريب.
رفض قاطع
على قدر المسيرة الفنية الحافلة التي أمتعت بها فاتن حمامة، جمهورها ومحبيها، إلا أن غُصةّ كبيرة كدرت حياتها لفترة بعينها، تلك الفترة التي أحكم فيها رئيس المخابرات المصرية، صلاح نصر، آنذاك، قبضته على الكثير من الفنانات، لتجنيدهن لصالح المخابرات.
لم تكن فاتن حمامة بعيدة عما تعرضت له زميلاتها من الوسط الفني، إلا أنها رفضت تجنيد المخابرات لها، ومن هنا بدأت معاناتها، والتي لم تنته حتى بهروبها خارج مصر، إلا أنها واجهت حملة تشويه ممنهجة بسبب رفضها، وفقًا لما أوردته في مذكراتها، التي ذكرها كتاب الناقد السينمائي، أشرف غريب.
تضييق وهروب
ودوَّنت «حمامة»، في مذكراتها: " عايشت ظلما كبيرًا تعرض له كثيرون من حولي، وتعرضت للتضييق في حركتي وسفري للخارج وأشياء أخرى، إلى أن اتصل بي شقيق فنان كان يعمل بهيئة الاستعلامات (يبدو أنها تقصد مرسي سعد الدين شقيق الموسيقار بليغ حمدي) وكنت قد انتهيت من تصوير فيلمي «الحرام» و«حكاية العمر كله»، والمشاركة في مسابقة مهرجان كان السينمائي الدولي، في هذا الاتصال طلب الرجل تحديد مقابلة مع أحد رجال المخابرات لأمر هام، ولم يكن أمامي سوى الترحيب بزيارته".
تضييق المخابرات على «سيدة الشاشة»، أثناء حركتها وسفرها إلى الخارج وعودتها إلى مصر، لم يكن وليد لحظة رفضها، والذي لم تكن تعلم له سببًا واضحًا؛ ألا أنها عانت منه أيضَا قبل لقائها بضابط المخابرات الذي عرض عليها العمل مع الجهاز، تاركًا لها مجموعة كُتب عن الجاسوسية، بعد محادثة طويلة عن التضحيات من أجل أمن مصر، إلا أن جوابها بالرفض القاطع، بعد فترة تفكير دامت أسبوعًا كاملًا، واستشارت خلالها بعض أصدقائها المقربين، ولكن زاذ خناق التضييق عليها بعد رفضها.
لم تجد فاتن حمامة أمامها سوى الهروب، عملًا بنصيحة أحد المقربين منها، بمغادرة مصر قبل أن يشتد عليها التضييق أكثر، المُرجح أنه كان الكاتب الصحفي علي أمين، وفقًا لما ذكره أشرف غريب في كتابه.
طوق النجاة
ظنت «أبلة حكمت»، أن بهروبها خارج مصر، ستسلم من ممارسات المخابرات عليها، إلا أن رياح صلاح نصر أتت بما لا تشته أنفسها، إذ تعرضت وزوجها عمر الشريف لحملة تشوية ممنهج، تورط فيها عدد من الصفحيين، عن قصد وغير قصد، حسبما أورد «غريب» في كتابه.
تغيير النظام، كان طوق النجاة بالنسبة لفاتن حمامة، والذي معه زال الخطر الذي يهددها، ما دفعها إلى العودة إلى مصر، بعدما أقنعها بالعودة، السيدة أم كلثوم والكاتب يوسف إدريس والروائي عبدالحميد جودة السحار، في فبراير 1970، قبل وفاة الرئيس جمال عبدالناصر بعدة أشهر.