النهار
الإثنين 23 ديسمبر 2024 04:24 صـ 22 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

”فاينانشيال تايمز”: على العالم استثمار قمة المناخ القادمة بمصر لتحسين إنتاجية الكهرباء

أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن إنتاج الكهرباء فى العالم مرتبط بالحالة التي سيكون عليها مناخ العالم في السنوات القليلة القادمة، سواء أكانت كهرباء مولدة بصورة تقليدية أو مولدة من سدود الأنهار أو حتى كهرباء نووية، مشيرة إلى أن انعقاد مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيرالمناخ (كوب 27) في شهر نوفمبر المقبل يأتي في وقت تشتد فيه تحديات التغير المناخي عالميا مقارنة بذي قبل، وهو ما يجعل دول العالم على المحك ما بين ضياع بيئتهم أو إنقاذها، لافتة إلى أن أكثر من 60% من كهرباء العالم تعتمد في إنتاجها على المياه.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء المنظمة الدولية للأرصاد الجوية تأكيدهم أن مشروعات الطاقة في معظم دول العالم باتت مهددة بضغوط كبيرة كنتيجة مباشرة للتغيرات المناخية الراهنة إذا لم يلتفت العالم إلى إصلاحها، والتعامل معها بكل الجدية الواجبة، وهو ما قد يترتب عليه إذا ظل العالم متغافلا عنها حدوث تراجع إمدادات الطاقة الكهربائية على المستوى العالمي في الأعوام القادمة وعودة 60 في المئة من سكان العالم تقريبا إلى عصور ما قبل الكهرباء .

كما نقلت الصحيفة البريطانية عن دراسة للمنظمة الدولية للأرصاد يعود تاريخها إلى العام 2020 قدرت فيها حجم الإنتاج العالمي من الكهرباء بما لا يقل عن 87 في المائة من مصادر حرارية و نووية والهيدروليكية و جميعها مصادر تعتمد على المياه في تشغيلها وإدارتها بما في ذلك تبريدها مثلما هو الحال في الكهرباء النووية ، فيما يعتمد اقتصاد العالم بنسبة 13% فقط على الكهرباء المولدة من طاقة الشمس و الرياح.

وفي حالة حدوث عجز عالمي في إمدادات المياه سيكون صعبا على مشروعات إنتاج الكهرباء الحرارية و النووية و الهيدروليكية مواصلة العمل وإنتاج الطاقة الكهربائية، وأشارت دراسة المنظمة العالمية للأرصاد إلى أن ثلث الكهرباء التى يستهلكها العالم تقريبا تأتى من المحطات الكهربائية التى تعمل بالبخار الناتج من المراجل و الغلايات العملاقة التي يتم ملؤها بالمياه و يدير البخر الناتج عنها توربينات التوليد.

وكشفت الدراسة كذلك عن أن 15 في المائة من الكهرباء التي يستهلكها العالم يتم توليدها من المحطات النووية وجميعها محطات تحتاج أجسام مفاعلاتها إلى تبريد دائم بالمياه المتجددة، ودون تلك المياه المتجددة سيتحول الأمر من إنتاج طاقة للحياة والتنمية إلى "كارثة نووية محققة تبيد الأخضر و اليابس".

وبالنسبة للمحطات الهيدروليكية، ذكرت الدراسة أنها تلبى 11 في المائة من احتياجات العالم من الكهرباء، مضيفة أن تشغيلها يعتمد في الأساس على تدفق التيارات المائية المستمر من المساقط المائية والنهرية لإدارة توربينات التوليد، مشيرة إلى أن ما يشهده العالم من جفاف لبعض الأنهار أو انحسار لمناسيب ارتفاعها نتيجة التغيرات المناخية وأثرها على الإيراد المائى للأنهار من مياه الأمطار سيكون إعلان وفاه لتوربينات الكهرباء في كثير من سدود العالم.

واستطردت دراسة المنظمة الدولية للأرصاد قائلة: إن قرابة ربع مشروعات سدود العالم التي تنتج الكهرباء والتي تقع على أحواض انهار أو بحيرات نهرية باتت تعانى من تهديدات "متوسطة الخطورة" أو "عالية الخطورة" نتيجة انخفاض المناسيب الناتج عن تراجع الإيرادات المائية للأنهار و أحواضها فى العالم.

من جهتها، نبّهت دورية "ووتر جورنال" العالمية، وهى دورية علمية متخصصة في شئون المياه، أنه بحلول العام 2050 ستكون نسبة لا تقل عن 61 فى المائة من سدود العالم التي تنتج الكهرباء الهيدروليكية تعانى من عطش محقق، أو من انهيارات محققة نتيجة الفيضانات النهرية وارتفاع المناسيب، أو من كلا التهديدين معا.

وأكدت "ووتر جورنال" على أن نسبة 2% من مشروعات السدود الخاصة بتوليد الكهرباء الهيدروليكية الجاري إنشاؤها تواجه تهديدات حقيقية من خطر فيضانات عارمة قد تعلو عليها و تطيح بتوربيناتها تماما مما يشكك في جدوى إقامتها في ظل استمرار حالة الاحتباس الحراري لغلاف الأرض، وأن 40% من تلك النوعية من سدود توليد الكهرباء مقامة بالفعل على رواد أحواض انهار تتهددها الفياضانات المدمرة.

على صعيد متصل، تؤكد تقارير ودراسات المنظمة الدولية للأرصاد أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمناخ كوكب الأرض؛ السيناريو الأول الأكثر تشاؤما هو ارتفاع درجة حرارة غلاف الكوكب بواقع 5ر3 درجة مئوية بنهاية القرن الحالي، والسيناريو الثاني الأكثر تفاؤلا هو ارتفاع درجة حرارة غلاف كوكب الأرض لأكثر من 5ر1 درجة مئوية، ويبقى السيناريو الثالث لحرارة الغلاف الجوى منحصرا بطبيعة الحال فيما بين هذين التقديرين.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الدراسات العلمية الصادرة عن المنظمة الدولية للمناخ و الأرصاد الجوية كانت قد كشفت عن أن حرارة غلاف كوكب الأرض قد ارتفعت بواقع 1ر1 درجة مئوية على الأقل منذ العام 1840.

وفى مقابلة مع "فاينانشيال تايمز"، قال البوفيسير جيروفرى أوبرمان الخبير في مجال الطاقة والمناخ بمنظمة الأرصاد الجوية ورئيس الرابطة الدولية لعلماء المياه ورئيس الصندوق العالم للحفاظ على الحياة البرية إنه يتمنى أن تحقق الإرادة العالمية نجاحا في الحد من زيادة حرارة غلاف الأرض بحلول العام 2050 برغم ما يتهدد العالم من أخطار الجفاف و المجاعات.

وأضاف أوبرمان أن الدراسات المستندة إلى تصوير فضائي و خرائط جوية تؤكد جميعها حدوث تراجع في مناسيب ارتفاع مياه الأنهار في الصين و في أوروبا و المكسيك ، و اعرب عن أمله في أن تتدارك حكوماتهم تلك التهديدات قبل أن تصل إلى حد تهديد مشروعات توليد الكهرباء المقامة عليها ، تلك المشكلة قد تحدث كذلك ولنفس السبب لمشروعات كهرباء أمريكية مقامة على روافد نهرية في "أريزونا وتكساس ونيفادا ومونتانا وكاليفورنيا وأركانسوس وأوكلاهوما"؛ حيث يقطع تلك الولايات جميعا نهر الميسيسيبى أطول أنهار العالم.

وقد دفع ذلك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى اعتماد 500 مليون دولار أمريكي بصورة عاجلة للإنفاق منها خلال الأعوام الخمسة القادمة على أعمال رفع مستوى تأمين محطات توليد الكهرباء الهيدروليكية المقامة على مسارات وروافد و أحواض نهر الميسيسيبى، كما دعت الإدارة الأمريكية الحالية مجتمعات الأعمال والمؤسسات الاقتصادية الكبرى إلى توجيه جانب من إنفاقها المجتمعي على مشروعات دعم صمود الولايات المتحدة في مواجهة التغيرات المناخية الكبرى القادمة.

وبحسب الفاينانشيال تايمز، فقد دفعت الاحتمالات المتصاعدة لجفاف الأنهار في الصين نتيجة ارتفاع حرارة الجو و الجفاف خلال الصيف الماضي إلى توقف توربينات التوليد الكهربائي النهرية في إقليم سوشهان بصورة جزئية و ممتدة وهو ما استتبع على فوره إرجاء البدء في مشروعات استثمارية كانت مؤسسات يابانية و أمريكية عملاقة منها تويوتا و ابل و فوكسكوم تنوى إقامتها في الإقليم بسبب خوف تلك المؤسسات من انقطاعات الكهرباء فيه.

في المقابل ستواجه دولا مثل كندا وأوغندا وروسيا وزامبيا وغانا وفنزويلا والهند تحديات من نوع آخر لمشروعات توليد الكهرباء المقامة على أحواض انهار تمر بأراضيها ألا وهو ارتفاع مناسب مياه تلك الأنهار بصورة قد تفوق قدرة سدود توليد الكهرباء على الصمود أمامها ومن ثم حدوث انهيارات جزئية أو كلية لتلك السدود وتوقف ما بها من توربينات لتوليد الكهرباء بما سيجعل الأمر برمته "كارثة كهرباء محتملة".

موضوعات متعلقة