النهار
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:21 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

لماذا الدولار الأمريكي والنفط هما الأقوى في وقت الأزمات؟

يعتبر الدولار الأمريكي والنفط من العناصر الحيوية لاقتصادات العالم، و قد يتسأل البعض عن أسباب قوة الدولار الأمريكي وصمود سلعة النفط بالعالم، ولا يجد إجابة محددة عن لماذا الدولار يغلب العملات القوية الأخرى وبل يرتفع امامها في أوقات الأزمات، وكيف للنفط الصمود كطاقة أمام الطاقات الأخرى. الاجابة هي أن الأسباب عميقة ولها خيوط اقتصادية طويلة تحتاج فهم المسألة من جذورها.

في هذا التحليل الأقتصادي الدقيق سنعرج عن أهم أسباب قوة الدولار الأمريكي في وقت الأزمات وصمود سلعة النفط العالمية في وقت الأزمات.

الدولار الأمريكي:

تأثير التوزيع الجغرافي للدولار الامريكي - يعتمد الأقتصاد العالمي على عملة الدولار الأمريكي، كون الدولار هو عملة القياس العالمية، هذه المسألة أتفق عليها بين دول العالم الكبرى أثناء اتفاقية بريتون وودس بعد الحرب العالمية الثانية بعام 1950. وهي لعدة أسباب هامة منها: خروج الولايات المتحدة من حربي الأولى والثانية قوية اقتصادياً، وتأثير تداول الدولار الأمريكي على مناطق شاسعة من العالم والتجارة الحرة المتبادلة مع الولايات المتحدة، وخصوصاً الشرق الأوسط والأقصى من آسيا، وهي منطقة ذات الكثافة السكانية الاكبر في العالم والأكثر إنتاجاً إقتصادياً. وبما أن الدولار يتداول بقوة في هذه المنطقة، إذاً الدول التي تخزن إحتياطاتها بالدولار الأمريكي هي في حالة سيولة دائمة وحركة أقتصادية نشطة حتى في وقت الأزمات، ما يضفي الأستمرارية على طلب الدولار الأمريكي وصمود قيمته.

السوق المالي للولايات المتحدة هو أسواق العالم - خلافاً لبلدان العالم، يعتبر السوق المالي الأمريكي هو سوق عالمي مفتوح لأهم الشركات العالمية من آسيا و أوروبا وأفريقيا وحتى أستراليا واليابان. فالسوق المالي الأمريكي يحتضن أهم وانجح الشركات المسجلة في بورصاتها للتداول عليها، وأي انهيار في الأقتصاد الأمريكي هو مرتبط بأنيهار تلك الشركات وارباحها بشكل مباشر. ولهذا دائما يضخ البنك الفيدرالي الأمريكي في كل أزمة مليارات الدولارات لحماية اقتصاد الولايات المتحدة الذي جزء منه عالمي. شهدنا مثلاً صعود الدولار الأمريكي بنسبة 20% منذ العام الماضي و وكذلك تذبذب أسعار الأسهم وكذلك بعض العملات الرقمية بالسوق الأمريكي ( العالمي) خلال هذا الشهر، وهو نتيجة لسياسة أمريكا النقدية لحماية إقتصادها المحلي والذي هو عالمي في آن واحد.

النفط:

مخزن إستراتيجي – صمد النفط منذ أكتشافه في العشرينات من القرن الماضي، وتربعه كأهم سلعة حيوية مطلوبة على الإطلاق بالعالم. فتحول جيل طاقة الفحم الحجري إلى النفط، كانت قفزة نوعية في إحداث تغييرات جيوسياسية وكذلك صناعية هامة. فأهم المنشأت الحيوية منها الدفاع والأمن والغذاء والنقل لاتعمل إلا بالطاقة الكربونية، كما أن النفط هو من السلع المربحة بأسواق المال العالمية، فمثلما يباع ويشترى كذلك يتداول على سعره بأسواق التداول من خلال أسهم شركات النفط الكبرى.

الطاقة المتجددة لاتكفي أحتياجات العالم - ومن ضمن أسباب صمود النفط، أن الطاقة المتجددة أو النظيفة لاتكفي تدفئة العالم وغير ملائمة لتشغيل جيوش عسكرية وكذلك النصف الشمالي من الكرة الأرضية يفتقر إلى طاقة الشمس ومخازن اليورانيوم.

التنويع في أستخدام الطاقة المتجددة قد يكون فكرة جيدة، ولكن لم يثبت أهميته حتى الأن، فمثلاً تعتمد اوروبا على 40% من أحتياجاتها في الطاقة من الغاز الروسي، وعند انقطاع هذا المصدر الحيوي بسبب غزو أوكرانيا، لازالت الدول الأوروربية في حالة بحث وترقب لتعويض هذه النسبة المفقودة بالتعاون مع دول أخرى عبر البحار، وهذا ما يجعل النفط من أهم وأقوى السلع العالمية المطلوبة حتى يتضاءل في السنوات المقبلة.