النهار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 10:13 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

التعلم بدون الالتحاق بمدارس.. نهج تعليمي مثير للجدل يسمح للأطفال بمتابعة اهتماماتهم

يبدو أن التعلم بدون الالتحاق بالمدارس، من الأفكار الأكثر إثارة للجدل في مجال التعليم في الوقت الحالي. وعلى الرغم من عدم وجود تعريف محدد رسميا له، فإن الـ"لا مدرسية" أو التعلم بدون الالتحاق بمدارس، هو عموما نهج يسمح للأطفال بمتابعة اهتماماتهم عندما يتعلق الأمر بالتعلم.

وتقول الكاتبة والمحللة كولين هرونسيتش، في تقرير لها نشره معهد "كاتو" الامريكي، إن مفهوم عدم الالتحاق بالمدارس يعتبر راديكاليا بالنسبة للكثير من الأشخاص الذين اعتادوا على نظام الدراسة الحالي.

ولكن بالنظر إلى ما وراء نظام "كيه 12" الحالي (ويقصد به المراحل التعليمية من رياض الاطفال وحتى الصف الاثنى عشر)، فمن الواضح أن الأفكار التي تكمن وراء اللا مدرسية لها تاريخ طويل، حتى وإن لم يكن المصطلح كذلك.

ومن المعروف أن الأطفال يتعلمون منذ نعومة أظافرهم، فهم يتعلمون كيفية التدحرج على الارض والجلوس والوقوف والسير والتحدث والأكل والشرب، بدون أن يقضوا لحظة واحدة داخل الفصل الدراسي مع المعلمين. إنهم في سعي دائم للتعرف على كل ما يحيط بهم، وكيفية عمل الأشياء، وماذا سيحدث في حال لمسوا شيئا ما.

وتوضح هرونسيتش، أنه مع تقدم المرء في العمر، من الممكن أن يحفز هذا الفضول الطبيعي لديه كل أنواع التعلم، إذا كان لديه الحرية في مواصلته.

ويعد هذا صحيحا بشكل خاص في عصر الإنترنت، حيث يمكننا البحث عن أي شيء من خلال مجرد ضغطة زر واحدة.

ويمكن للأطفال أن يصيروا مستكشفين للطبيعة التي حولهم، من خلال قيامهم بمغامرة بسيطة في الفناء الخلفي للمنزل، أو في إحدى الحدائق المحلية، أو في غابة قريبة على سبيل المثال.

ويمكنهم البحث بصورة أعمق (بمساعدة شخص بالغ عند الحاجة إليه) مع الاستعانة بالمكتبة أو الإنترنت أو بمجموعة متنوعة من التطبيقات.

ومن الناحية التاريخية، فقد كان الكثير من التعلم يتم في المنزل من خلال الآباء أو مع الاستعانة بمعلم، وذلك قبل أن يتوفر نظام الدراسة الحديث.

وكان الأطفال يتعلمون المهارات الحياتية التي يحتاجون إليها من خلال عائلاتهم، مثل تعلم الزراعة والطهي والصيد والحفاظ على الطعام.

كما تعلموا التجارة لكي يصيروا من ذوي المهن.

أما القراءة والكتابة فغالبا ما كان يتم تعلمهما في المنزل، وصارتا بوابة لتعلم المزيد. وبدلا من تلقي التوجيهات الرسمية، فكان الأطفال يتعلمون في الأغلب من خلال العمل.

وتقول هرونسيتش، إنه في كثير من الأحيان في الوقت الحالي، يتم القضاء على الفضول الطبيعي الذي يكون لدى الاطفال من خلال نظامنا المدرسي الحديث.

فعلى سبيل المثال، دق الجرس كإشارة للتحرك بدلا من استعداد الطفل للمضي قدما، يتسبب في منع تساؤلات الأطفال.

ويجب على الأطفال الذين يحتاجون إلى وقت إضافي أن يمضوا قدما بدون أن يكون لديهم فهم كامل.

ويتعلم الأطفال في سن مبكر أن النجاح في المدرسة يتعلق باتباع القواعد. وغالبا ما يكون التعليم فكرة ترد متأخرة في أحسن الأحوال.

وترى الكاتبة والمحللة، أن تعليم الأطفال بدون إلحاقهم بالمدارس، يوفر لهم طريقة أخرى للتعلم، كما أنه طريقة تحافظ على فضولهم الطبيعي وتغذية، مضيفة أن ذلك لا يعني عدم وجود قواعد أو أبوة أو معلمين. إنه يعني فقط تتبع اهتمامات الطفل بدلا من أن يملى عليه ما يتعلمه.

وقد تبدو مساعدة الطفل على متابعة اهتماماته أمرا مزعجا. ولحسن الحظ، أن هناك مراكز لموارد اللامدرسية، كما أن هناك "مدارس" بدوام كامل لفكرة اللامدرسية، يمكنها أن تساعد في ذلك.

ومن الممكن العثور على تلك المدارس من خلال الإنترنت، عن طريق التعلم من المنزل والمجموعات الأخرى المتعلقة بالتعليم.

ويوجد لدى اللامدرسيين عدة فصول تتضمن أمثلة، مع كيفية العثور على المزيد. أو، في حال لم يتوفر ذلك في منطقة ما، فإنه من الممكن للمرء حتى أن يبدأ بنفسه.

ومع الاهتمام المتزايد بالتعلم الموجه للأطفال، صارت هناك فرص عمل مثيرة متاحة لأصحاب المشاريع الناشئة.

ومن الممكن أن يكون التعلم بدون الالتحاق بالمدارس غير متاح للجميع، شأنه شأن أي طريقة تعليمية أخرى.

وهناك بعض الأطفال الذين يكونون مهيئين لهذا النوع من التعليم، ولكن البعض الآخر لا يتماشى معه. وتقول الكاتبة إنها وجدت مع أبنائها أن هذا النوع من التعلم ينجح في بعض المواد بشكل أفضل من غيرها، وذلك ربما لأن هناك موارد أفضل متاحة للبعض، مؤكدة على أن الأمر يستحق النظر فيه، في حال كان المرء يريد إعادة تنشيط أبنائه وتشجيع روح الفضول لديهم.