الرئيس الإريتري يعرقل جهود السلام بين تيجراي وإثيوبيا.. والشباب يفرون للسودان لعدم تجنيدهم إجباريا
يعتقد الرئيس الإريتري أن القوات المسلحة الليبرية عازمة على التدخل في بلاده والإطاحة به، لذا، فمن غير المرجح أن يسحب قواته طواعية دون أن يقوم بتأمين حدوده من هجمات 'تيجراي".
• تعاني إريتريا العديد من المشكلات وأصبحت السوق المركزية في "أسمرة" شبه فارغة؛ بسبب عدم وجود قوة عاملة من الشباب
• إثيوبيا تسعى لإنهاء الصراع مع "تيجراي"، لكن إريتريا تعرقل المفاوضات
نشرت مجلة "الإيكونومست" تقريرًا، سلط الضوء على أزمة الشباب في إريتريا، حيث تجبرهم الدولة على التجنيد والذهاب للقتال في الحرب الأهلية في إثيوبيا، كما أنهم لا يمكنهم مغادرة بلادهم دون إذن الجيش، ومنذ فترة طويلة يرفض الجيش السماح لهم بالسفر؛ نظرا للحاجة إليهم في الحرب، ويشعر ذلك الشباب باليأس من المستقبل في إريتريا، ويدفعهم ذلك إلى الفرارإلى السودان حتى يتمكنوا من الهجرة إلى الخارج.
وأوضح التقرير أن الرئيسين الإثيوبي "آبي أحمد" والإريتري "أسياس أفورقي" وقعا منذ أربع سنوات، في العاصمة الإريترية "أسمرة" وثيقة الإعلان المشترك للسلام والصداقة، والتي أعيدت بموجبها العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين البلدين منذ عام 1998، وانتهت بها الحرب الحدودية التي أودت بحياة 80 ألف شخص.
وبحلول نهاية العام 2020، عادت إريتريا إلى الدخول في الحروب الأهلية مرة أخرى، إذ تدخلت إلى جانب إثيوبيا في حربها الأهلية ضد قوات جبهة تحرير شعب "تيجراي"، وفي هذا السياق، صدرت أوامر إريتريا بدخول المجندين في إقليم "تيجراي" الإثيوبي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في شهر مارس 2021، وعد "آبي أحمد" بسحب القوات الإريترية من البلاد، وفي يونيو الماضي، عندما خرجت معظم قوات الجيش الإثيوبي من "تيجراي" تبين أنه لا تزال هناك أعداد كبيرة من الجيش الإريتري في الإقليم، وخلال العام الماضي ساعدت القوات الإريترية في فرض حظر على معظم شحنات الطعام إلى "تيجراي"، ما دفع ما يقرب من مليون شخص نحو المجاعة.
وفي مارس الماضي، وافقت الحكومة في إثيوبيا على هدنة مع قوات الجبهة الشعبية لتحرير "تيجراي"، ودفع ذلك القوات الإريترية بالاتجاه نحو الحدود. وفي هذا الصدد، ذكر التقرير أن مسار الحرب الأهلية في إثيوبيا يعتمد الآن إلى حد كبير على متى وكيف تغادر القوات الإريترية إثيوبيا؟، ويعتقد "أفورقي" أن القوات المسلحة الليبرية عازمة على غزو إريتريا والإطاحة به، لذا، فمن غير المرجح أن يسحب قواته طواعية دون أن يقوم بتأمين حدوده من الهجمات التي تشنها القوات الشعبية لتحرير "تيجراي".
وبحسب بعض المفاوضين الأوروبيين الذين يشاركون في محادثات بين الحكومة الإثيوبية وقوات جبهة تحرير "تيجراي"، فإن إريتريا لم تبد استعدادها لخفض التصعيد مع قوات "تيجراي"، ويتوقع بعض المحللين أن يؤدي ذلك إلى هجوم قوات "تيجراي" شمالًا على "أسمرة" إذا استمر "أسياس" في رفض الانضمام إلى المحادثات.
وأجرت مجلة "الإيكونومست" حوارًا مع بعض السكان في إريتريا لسؤالهم بشأن تدخل الجيش في الحرب الأهلية الإثيوبية وتأثير ذلك عليهم، وجاوب البعض بأنهم لا يعتقدون أن القوات الإريترية ستتمكن من تحقيق مكاسب في ذلك الصراع، فيما أعرب أحد الكهنة عن رفضه للحرب، موضحًا أن الشباب والأطفال يموتون دون فائدة، نظرا لأن إريتريا ليست طرفًا في الحرب.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن إريتريا تعاني العديد من المشكلات، حيث إن السوق المركزية في "أسمرة" شبه فارغة؛ بسبب عدم وجود قوة عاملة من الشباب لإدارة المحلات؛ لأنهم منشغلون في الحروب، كما تعاني البلاد من نقص شديد في الأدوية، وزيادة الجرائم.
وألمح التقرير إلى أن الشباب تعترض على نظام التجنيد الوطني منذ فترة طويلة، ويفر مئات الأشخاص عبر الحدود إلى السودان حتى لا يتم تجنيدهم، وفي مارس الماضي، زادت الاعتقالات العسكرية وفتحت الحكومة معسكراً جديدًا للتدريب بالقرب من "أسمرة".
وتطرق التقرير إلى أن "آبي أحمد" يسعى إلى إنهاء الصراع مع قوات "تيجراي"، لكن إريتريا تعرقل المفاوضات، وبعد يوم من إطلاق سراح بعض قادة الجبهة الشعبية، أجرى "أفورقي" مقابلة ادعى فيها حق التدخل في إثيوبيا للقضاء على إثارة المشكلات التي تصدر عن قوات "تيجراي" لأنها تهدد حدود البلاد، ومنذ ذلك الحين، قام "آبي أحمد" بعدة زيارات إلى "أسمرة" لإقناع "أفورقي" بعدم تقويض الهدنة، ويحذر دبلوماسي إثيوبي من أن تدخل إريتريا في الشؤون الداخلية لإثيوبيا يعرقل عملية السلام.
وفي السياق ذاته، أكد بعض المسؤولين أن أحد أهداف إريتريا منع القوات "تيجراي" من الوصول إلى الحدود ع السودان، حيث إن طريق تلك الحدود يمكنهم من جلب الإمدادات، بما يشكل خطرًا على أمن إريتريا.
ختاما، أشار التقرير إلى أن القادة الإثيوبيين والقادة في "تيجراي" ما زالوا يأملون في السلام، ويجرون مشاورات منتظمة من أجل الوصول إلى اتفاق، وتم السماح بدخول شاحنات الإغاثة إلى "تيجراي"، وخلال الأسبوع الماضي أفرجت الشرطة الفرنسية عن أسرى الحرب، وما يثير المخاوف في الوقت الحالي أن تشن إريتريا هجمات جديدة على "تيجراي".