شعبان خليفة يكتب رسالة للأبناء: احذروا العقوق فإنه شرٌ كله
بر الوالدين أمرٌ إلهى حتى لو كانا كافرين لا خلاف فى ذلك بين أهل العلم، وإن كان أهل الجهل وصلوا بالعقوق بالوالدين ولو كانوا مؤمنين مخالفين أوامر الله ومطيعين لما يسمونهم أمراء وهم سفهاء، وإن شئت فاقرأ قول الله تعالى:
﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَى ثُمَّ إِلَى مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. (سورة لقمان: آية 15).
والخطاب من الله موجهٌ لكل مولود ألا يشرك بالله؛ فهو الأمر الوحيد الذى لا يمكن الخضوع فيه لأى جهد يبذله الأب أو الأم مع الابن، وما عداه فإن الأمر فيه مصاحبة بالمعروف أى مصاحبة بالبر والصلة لا بالإثم والقطيعة، وقد استدل أهل العلم من العلماء الثقات بهذه الآية على وجوب صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وبالقول الحسن فى مخاطبتهما. ومن لطيف خطاب الله، عز وجل، أنه لم يطلب من الابن حالة مجاهدة الوالدين له ليشرك بالله أن يعقهما بل قال عز وجل «فلا تطعهما».
مع التأكيد على لزوم برهما، والاستمرار فيه، ولهذا قال جل شأنه: «وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا» أى: صحبة إحسان إليهما بالمعروف، ومما قاله الإمام البغوى فى تفسير الآية إن فيها الأمر بالعشرة الجميلة للوالدين حتى لو كانا كافرين.
وأجمع أهل العلم على أن مصاحبة الوالدين الكافرين بالله فى الأمور الدنيوية التى لا تتعلق بالدين لابد أن تكون مصاحبة كريمة حسنة، يرتضيها الشرع، وتقتضيها مكارم الأخلاق، ومن فعل غير لك فقد خالف الشرع الذى جاء الأمر فيه صريحًا ببيان أن بر الوالدين هو فعل كل عاقل صالح تاب وأناب وأطاع الله بإخلاص، ومن سلك غير هذا لم يلتزم الشرع ولم يستجب لأمر الله بوجوب بر الوالدين وهو بابٌ عظيم من أبواب الجنة فاز من طرقه وخاب من ولى وجهه. عنه
وقد حسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الأمر، فما ترك لغيره قولًا على وجوب صلة وبر الوالدين وإن لم يكونا على الإسلام، فقد قالت أسماء بنت أبى بكر الصديق، للنبى، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن أمى قدمت علىّ وهى راغبة أفأصلها؟ قال: «نعم» ومعنى راغبة أى عن الإسلام أو عن وصلها. وبر الوالدين فيه خير الدنيا والآخرة ربح من فعله وخسر من خسره.