النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 08:03 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

غاز بوتين.. عجز أوروبي محتمل في مواجهة روسيا في أوكرانيا

في فجر يوم 24 من هذا الشهر اجتاح الجيش الروسي الحدود الأوكرانيه في عملية عسكرية تحدى فيها بوتين أوروبا، مما جعلها أيام مظلمة وحزينة من أجل الحرية ومن أجل الديمقراطية على حد وصف الاتحاد الأوروبي، وبينما ينظر العالم برعب إلى غزو بوتن لأوكرانيا، تواجه أوروبا أكبر أزماتها منذ عقود من الزمن، القارة العجوز الآن أماممعضلة أما أن تقف بجانب أوكرانيا بوابة أوروبا أما أنت تكون في الحياد خوفا من قطع الغاز الروسي.

انتشر دعوات بعد الهجوم للتضامن والتعاطف مع أوكرانيا في أغلب أنحاء أوروبا، لكن الأفعال أبلغ من الكلمات، لكن الأمر الواقع أن حكومات أوروبا متواطئة في الهجوم الروسي وبينما احتل الغاز عناوين الأخبار في الآونة الأخيرة، فإن إدمان دول أوروبا على النفط الروسي هو الذي ساعد في تأجيج حروب بوتين، في جورجيا، وأوكرانيا.

أظهرت عدة تقارير أوروبية أن زيادة قيمة واردات النفط الخام الروسية إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، زادت عملية الإنفاق الدفاعي الروسي أيضًا.

اعتمادا على هذه التقارير ناشدت عدة منظمات اوروبية بفرض عقوبات على بوتين وأعوانه، كما طالب عدد من الدبلوماسيين الأوكران في دول الاتحاد الأوروبي بفرض حظر أوروبي على النفط والغاز الروسي واستبعادهما من "سويفت"، كما ناشدوا المواطنين الأوروبين بمساعدة أوكرانيا من خلال ترك سياراتهم التي تعمل بالبنزين في المنزل، وأن يقللو من استخدام الغاز في التدفئة قدر الإمكان، على الأقل حتى يسحب بوتين جيشه.

ورغم هذا فإن الاستراتيجية المسربة التي اعتمدتها المفوضية الأوروبية في التعامل مع أزمة الطاقة لم تذكر النفط حتى، وهذا ما سيجعل أوروبا ترسل 80 مليار يورو إلى بوتين في عام 2022، تساعده في حربه ضد أوكرانيا.

النفط الروسي عصب أوروبا

يستخدم ثلثا نفط الاتحاد الأوروبي في النقل، في أزمة الطاقة في السبعينيات، قدمت الحكومات خططًا شاملة للحفاظ على الطاقة، بما في ذلك أشياء مثل أيام خالية من السيارات وحدود السرعة، ولكن هذه الأيام ينبغي على الحكومات الأوروبية الذهاب إلى أبعد من ذلك، وينبغي لها أن تحدد للدول الأعضاء هدفا يتمثل في خفض استخدام النفط والغاز بعدة نقاط مئوية سنويا في عامي 2022 و 2023، وينبغي إعادة تخصيص مئات المليارات من أموال التعافي في الاتحاد الأوروبي لتحقيق هذا الهدف.

لكن هذا ليس ما تفكر فيه أوروبا، وتتمحور استراتيجيتها المباشرة بشكل رئيسي حول الغاز الطبيعي المسال وتخزين الغاز وزيادة استخدام الميثان الحيوي والهيدروجين، إنها استراتيجية معيبة وكأنها نسخة من استراتيجية الطاقة للاتحاد الأوروبي للفترة 2014-2015، والتي لم تفعل شيئًا لمنع ارتفاع الطلب على النفط والغاز، فضلاً عن زيادة الاعتماد على روسيا.

وتتضمن الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي وصفات أفضل بكثير: الكفاءة، والطاقة المتجددة، والكهرباء، طاقة الحرية كما يسميها وزير المالية الألماني، لكن خطة الاتحاد الأوروبي تعاني من نقطة ضعف أساسية واحدة، ولن يكون له أي تأثير عملياً قبل عام 2030، وما لم نغير ذلك، فإن الطلب على النفط والغاز سيظل ثابتاً أو يرتفع مع تخفيف القيود، وبعبارة أخرى، فإننا نواصل الركوب مع بوتين.

وفي مواجهة أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945 واحتمال حدوث مغامرات عسكرية جديدة في دول الاتحاد الأوروبي، نتوقع أن تقترح المفوضية خطة جادة لمعالجة الاعتماد على النفط من روسيا. وإلا ستظل أوروبا متواطئة في حرب روسيا لأوكرانيا.