النهار
السبت 6 يوليو 2024 04:16 مـ 30 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

وليد أبوطالب يكتب: الرؤية.. أم الاستضافة؟

علي مدار ثلاثين عاما ظل ترزية القوانين في مصر يفصلون كثيرا من القوانين التي تتفق واهواءهم ومصالحهم الشخصية دون أن ينظروا بعين الاعتبار لكثير من المشاكل الأسرية والتي قلما يخلو منها بيت في مصر فعلي سبيل المثال لا الحصر مشكلة رؤية الصغار وكيفية تنظيمها في قانون الأحوال الشخصية ومن بعده قانون الأسرة الحالي.فإن المحاكم تعج بالآلاف من القضايا التي تتعلق بحق رؤية أحد الأبوين لصغارهم في يد الطرف الآخر وفي ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة فكثيرا ما تدب الخلافات بين الزوجين التي تنتهي بهما إلي الطلاق بعد أن يكون هذا الزواج قد أسفر عن أطفال غالبا ما يكونون هم الضحية الأولي لهذا الطلاق حيث يكون الصغار في حضانة والدتهم حتي سن الخامسة عشرة فإذا ما تزوجت الأب بأجنبي عن الصغار انتقلت الحضانة إلي ما تليها من النساء حيث أم الأم ثم أم الأب إلي آخره من الحاضنات وهنا تدق المشكلة حيث يتعذر دائما علي الأب رؤية صغاره بيد الحاضنة أيا كانت وهنا يلجأ الأب للمحكمة طالبا تنظيم عملية رؤية صغاره حيث نظمت المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 29 المضافة بالقانون 100 لسنة 85 عملية رؤية الصغار وقصرت حق رؤية الصغار علي الأبوين والأجداد دون غيرهم من أقارب الصغار وغالبا ما يصدر حكم القضاء بتحديد مكان الرؤية وموعدها والتي جري العرف القضائي علي أن تكون مرة كل أسبوع لمدة ساعتين أو ثلاث في مكان تحدده المحكمة يتوافق مع الظروف النفسية للصغير فمثلا لايجوز تنفيذ حكم الرؤية في قسم الشرطة وفي تنفيذ هذه الأحكام من الناحية العملية مشاكل جمة.. فمثلا: ما الحال إذا امتنعت الحاضنة عن إحضار الصغير لتنفيذ حكم الرؤية في المكان والميعاد المحدد لها في الحكم مرات متتالية هنا يضطر صاحب الحق في الرؤية للجوء إلي القضاء مرة ثانية بإجراءآت طويلة ينذر خلالها القاضي من بيده الصغير لامتناعه عن تنفيذ حكم الرؤية ثم له أن يصدر حكما مؤقتا بنقل الحضانة إلي من يلي من بيده الحضانة من أصحاب الحق فيها.إجراءات طويلة ومملة تعكر النفوس وصفو الحياة لدي المتقاضين من الآباء والأمهات وتترك أثرا سلبيا وجرحا لا يندمل من نفوس الصغار.ومن هنا ومن هذه الصحيفة الغراء وبهذه السطور المتواضعة وتمشيا مع روح ثورة 25 يناير وبرلمان الثورة فإننا نهيب بالسلطة التشريعية والقائمين علي سن القوانين في مصر النظر بعين الاعتبار إلي تعديل قانون وقواعد تنظيم رؤية الصغار ونقترح أن يتغير مفهوم رؤية الصغار تماما إلي استضافة الصغار وهي حق طالب الاستضافة أبا كان أم أما أم غير ذلك من أقارب الصغار حتي الدرجة الثالثة مثلا مدة لاتقل عن 48 ساعة يقيم خلالها الصغير ويتعايش مع صاحب الحق في الاستضافة حيث يقيم الصغير مع والده أو والدته أو غير ذلك ينهل من حنانه ويتمتع بدفء احضانه علي أن توضع ضوابط صارمة لضمان تنفيذ حكم الاستضافة علي من بيده حضانة الصغير حتي لايمنعها عن طالب الاستضافة وقتما شاء فيضطر الأخير إلي اللجوء مرة أخري للقضاء وذلك كله حفاظا علي خلق جيل سوي من الأطفال في ظل ظروف فرضتها عليهم قسوة الحياة وهي انفصال والديهما.لذا فإننا نهيب وبصرخة عالية نتمني أن تصل للقائمين علي سن القوانين في مصر النظر للقوانين المهملة والتي خلفت الكثير من القضايا التي اكتظت بها المحاكم وليس ما أشرنا إليه فقط من نصوص قوانين تحتاج إلي نظرة من المشرع فهناك كثير من القوانين التي تحتاج إلي عين ثاقبة تبرز مساوئهما ليضعها أمام المشرع لينظر إليها نظرة جادة في ظل متغيرات الحياة التي ألمت بالشعب المصري في الآونة الأخيرة.