مستقبل وطن: وضع الإقتصاد المصري بعد عامين من تعويم الجنيه مبشر والأفضل قادم
أعد مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحى، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، تقرير حول الاقتصاد المِصري بعد عامين من تَعوِيم الجُنيه، ويلقى هذا التَّقرير الضوْء على مُؤشرات الاقتصاد المِصري بالمقارنة بين الفترة السابقة والتالية لتعويم العملة المحليَّة، ومدى استيعاب آثار القرار السلبيَّة والاستفادة من جدواه الاقتصاديَّة فى ضوء التغيرات العالَميَّة والخُطط التنمويَّة للدولة المِصرية.
وأوضح التقرير أنه صدر قرار تحرير سعر صرف الجُنيه المِصري مُقابل العُملات الأخرى في 3 نوفمبر 2016، وأثار حالة من الجدل بين معارض نظر إليه نظرة سلبيَّة، ومؤيد اعتبره خُطوة تأجلت كثيرًا. وقد جاء القرار كأحد إجراءات برنامج صُندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي، بهدف تأكيد الثقة في الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار، واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل القنوات الشرعيَّة، وإنهاء تمامًا السوق الموازي، لافتا إلا أنَّه بإجراء تقييم مَبدَئي، يُمكن القول أنَّه برَغْم الموجة الانتقاديَّة التي تعرَّضَ لها قرار تعويم الجُنيه المِصري نتيجة الارتفاعات التي شهدتها أسعار السِّلْع والخدمات، إلا أنَّ الصورة المُجملة لوضع الاقتصاد المِصريّ إن صحَّ الوصف فهي جيدة ومُبشِّرة بأنَّ القادم أفضل، حيثُ تدلُّ مُعظم المُؤشرات الكُليَّة على تعافي الاقتصاد المِصري، مع استعداده الحالي للانطلاق.
واستعرض التقرير مدى معالجة السياسات والإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة لدوافع تعويم الجُنيه المِصري قبل عامين، حيث كانت الاضطرابات في أسعار صرف الجُنيه المِصري مُقابل العُملات الرئيسة، وتزايد عجز ميزان المدفوعات ولاسِيَّما في شقيه الخدميّ والماليّ، ونقص العُملة الأجنبيَّة لَدى القطاع المَصرفي المحليّ..الخ، كانت دوافع للإقبال على إصدار قرار تحرير سعر صرف العُملة المحليَّة وتركها لعوامل العرض والطلب، ولكن بعد عامين من التحرير كان التطور في تلك الدوافع، من حيث تحسن المركز المالي للجهاز المَصرِفي والسوق الثانويَّة، وتعزيز احتياطي النقديّ الأجنبيّ، وتضاؤل عجز ميزان المدفوعات، وإنهاء حالة عدم استقرار قيمة العُملة ومنع المُضاربات بها، ورفع مُعدلات الادخار المحلي والسعى لمُعالجة الخلل في توزيع الدخل.
وأشار التقرير، إلى شيوع الثقة الدوليَّة بالاقتصاد المِصري باعتبارها المكسب الأكبر بعد عامين من التعويم، حيث عانى الاقتصاد المِصريّ في فترات سابقة من شيوع عدم الثقة لدى الأفراد والمُؤسسات، وسبق أن اتخذت الحكُومة سياسات تصحيحيَّة لعلاج ما يُواجه الاقتصاد من مشكلات. ورصد التقرير أبرز مؤشرات استعادة الاقتصاد المِصريّ للثقة الدوليَّة فى مُوافقة صُندوق النقد الدوليّ على دفع شرائح قرض الـ12 مليار دولار وفقًا للجدول المُحدَّدة، وكذلك مُوافقة العديد من المُؤسسات الماليَّة والاقتصاديَّة الدوليَّة على إقراض مِصر إيمانًا منها بالقدرة المِصريَّة على السداد، وكان آخرها توقيع مِصر اتفاقًا مع البنك الدولي في 13 أكتوبر؛ لدعم البنية الأساسيَّة عبر استكمال "برنامج خدمات الصرف الصحي المُستدامة بالريف"، بقيمة 300 مليون دولار. واعتبر التقرير إشادة التقارير والمُؤسسات الدوليَّة بالاقتصاد المِصرىّ خير شاهدًا على تحسن ذلك الاقتصاد والمرآة التى تعكس للمُستثمرين الأجانب مدى قابلية السوق المِصريَّة وجودتها وصلاحيتها لاستقبال استثماراتهم، حيثُ تقدمت مِصر فى تَقرير مُمارسة أنشطة الأعمال لعام 2019 بنحو ثمانية مراكز.
وأكد التقرير أن ارتفاع مُعدلات التضخم يشكل تحدٍّ في طريقه للتلاشي، فالهدف الرئيسى للبنوك المركزيَّة هو السيطرة على التضخم والتحكم بأسعار الفائدة، من خلال سياسته النقديَّة للتحكم بالمعروض النقديّ لتوجيه النمو الصحيّ الاقتصاديّ للبلد، والمُحافظة على الاستقرار الاقتصاديّ من خلال الحفاظ على مُستوى عام مُستقر للأسعار. ومع موجة الارتفاع القياسيَّة التي شهدتها أسعار المُستهلكين والمُنتجين مع تراجع قيمة العملة المحليَّة كنتيجة لقرار التعويم، بالتوازي مع عددٍ من الإجراءات التقشفيَّة الأخرى الخاصة بسياسة الدَّعم والإنفاق الحكُومي، أعلن البنك المركزيّ في مايو 2017 تبني سياسة استهداف التضخم وخفضه إلى 13% في نهاية 2018، وذلك من خلال إجراءات مثل رفع سعر الفائدة البنكيَّة لامتصاص السيولة النقديَّة فى السوق،ورفع نسبة احتياطيّ البنوك لَدى البنك المركزيّ، حيثُ اُتخذ في شهر أكتوبر2017 قرارًا برفع نسبة الاحتياطيّ النقديّ التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لَدى البنك المركزي إلى 14%، بدلًا من 10%، والتي كانت ثابتة منذُ عام 2012، وبالفعل نجحت تلك السياسة في احتواء الموجات العالية من التضخم التي بلغت ذُرْوَتها في يوليو 2017، حيث تخطي الـ 34% على أساس سنوي، ليصل إلى 15.7 في نوفمبر 2018.
وأشار التقرير إلى ارتفاع أعباء الدين العام معتبرا أنه التحدي الحالى أمام الاقتصاد المصري، موضحا أن تحذيرات المؤسسات الدولية فى هذا الإطار تكشف أنَّ الاقتصاد المِصريّ استطاع أنَّ ينتقل من مرحلة المرض إلى التعافي. وقدم التقرير فى خاتمته عدد من التوصيات ذات الصلة.