التنظيم الدولى للإخوان بين تميم و ارودغان
بقلم : شعبان خليفة
تَنحى الزعيم الروحى لتنظيم الإخوان يوسف القرضاوى عن رئاسة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين و تم إجراء انتخابات فى تركيا جاءت بالمغربى أحمد الريسونى بديلاً له ....كما تحركت قيادات إخوان ليبيا الموجودين بتركيا للسيطرة على الانتخابات البرلمانية القادمة والدفع بمرشح اخوانى لانتخابات الرئاسة ... هذا فضلاً عن الإستغلال الإعلامى للأحداث التى تجرى بالمنطقة و على رأسها ملف مقتل خاشقجى ... كلها ملفات شائكة ومتشابكة فى لعبة كبيرة يقودها الرئيس التركى رجب طيب اردوغان الذى بدا فعلياً و قد احكم سيطرته على التنظيم الدولى للإخوان الذى فى طريقة لرسم خريطة جديدة للإخوان فى البلاد التى يتواجدون فيها بالتوافق مع أمير قطر تميم بن حمد .. الخريطة الجديدة تقوم على المناورة فى محاولة لإعادة الجماعة الموصومة بالإرهابية إلى حلبة السياسة من جديد .. عبر استراتيجية جديدة ظاهرها اللين و باطنها عودة التنظيم المفكك فى صورة اكثر تشدداً ..
مناورات
البداية من إخوان ليبيا بوصفها الجارة المباشرة لمصر حيث السقوط المدوى لجماعة الإخوان و حيث بدأ حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بالتحرك من خلال خطط شيطانية تتماشى مع التطورات الأخيرة لتغيير وجوه لامعة، والدفع بوجوه جديدة في المؤتمر العام للحزب، المقرر عقده في يناير 2019، تحظى بدعم أكبر من المفتي المقال الصادق الغرياني والإخواني علي الصلابي، المقيمين في تركيا ووثيقى الصلة باردوغان .
فحسب المعلومات المتاحة تسعى جماعة الإخوان فى ليبيا إلى تشكيل تحالفات جديدة تمكنها من الحصول على عدد مناسب من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة، والوقوف خلف دعم شخصية في انتخابات الرئاسة حتى لو لم يكن إخوانى فهو مرشح الجماعة و المتحالف معها .
بحسب المعلومات أيضاً فأن حزب العدالة والبناء سيفتح باب الترشح لرئاسته نهاية هذا الأسبوع وأن تغييرا قد يطال غالبية القيادات و الدفع بقيادات جرى اختيارها فى تركيا ، من بينها عماد البناني، عضو المكتب السياسي لحزب العدالة والبناء، عضو مجلس شورى الجماعة، الذى أبرز المرشحين لخلافة محمد صوان الرئيس الحالي للحزب، والهدف حدوث تغيير في الاستراتيجية التي تنتهجها جماعة الإخوان، بحيث تتجه للعودة إلى التشدد بشكل كبير بعد أن تظاهرات الجماعة بقدر من المرونة السياسية، لم يقودها لحصد مكاسب ملموسة حيث أنه من المعروف أن عماد البناني، يمثل التيار المتشدد داخل الجماعة، ويفضل استخدام لغة القوة في التعاطي مع الأطراف المنافسة للإخوان، و على راسها المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي.
توزيع ادوار
و إذا كان ما يجرى فى ليبيا من مناورات من إخوانية هو ضمن لعبة توزيع أدوار يخطط لها التنظيم الدولى من الأراضى التركية بعد هيمنة اردوغان على التنظيم فأن تنحى الشيخ المثير للجدل يوسف القرضاوي عن رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، و الذى جاء بعد يوم واحد من دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى إنهاء المقاطعة المفروضة على بلاده من قبل السعودية ومصر والإمارات والبحرين منذ شهر يونيو 2017 ياتى فى ذات السياق حيث كان القرضاوى عقبة من العقبات فى العلاقات بين قطر و دول المقاطعة على عكس المغربي أحمد الريسوني التى أسفرت الانتخابات التي أجراها الاتحاد خلال اجتماع الجمعية العمومية التي عقدها في أسطنبول عن فوزه كرئيس للاتحاد خلفا للقرضاوي.
فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و كما هو معروف بمثابة هيئة شرعية وفقهية مرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. ويضم الاتحاد رجال دين فقط، ولا يحمل صفة تنفيذية أو سياسية، بينما يتولى التنظيم الدولي التخطيط والتنظيم والتوجيه في القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.
ويقول الاتحاد إنه يضم حاليا عشرات الآلاف من علماء المسلمين، من 57 دولة إسلامية، إضافة إلى بلدان أفريقية وأوروبية ومن أميركا الشمالية واللاتينية، كما يركز اهتمامه على الأقليات والمجموعات الإسلامية خارج مجال بلدانه الأعضاء ، ويجمع الاتحاد تحت مظلته، أكثر من 50 هيئة علمائية إسلامية، من الدول الإسلامية وغيرها.
نهاية القرضاوى
و رغم أن البعض يذهب للقول بأن القرضاوي قد يكون له دور جديد على الساحة إلا أن هذه التفسيرات تتجاهل أن القرضاوى يبلغ من العمر 92 عاما، ويعاني من مشكلات صحية متفاقمة، أثرت على مستوى تركيزه وقدرته على الخطابة التي كان يتميز بها من قبل. كما ظهر القرضاوي في عدة مناسبات عامة مؤخرا مهزوزا وغير قادر على التعبير عن أفكاره بما يرجح خروجه من المشهد لصالح آخرين تحديدهم بيد اردوغان والتنظيم الدولى للإخوان .
كما يشكل تنحي القرضاوي أيضا مقدمة لفصل الاتحاد عن أنشطة ومهام أفرع تنظيم الإخوان المسلمين بشكل عام. فطوال سنوات أعقبت تأسيسه، حرص قادة أفرع التنظيم في العالم العربي وفي الغرب على عدم لعب الاتحاد دورا كبيرا وحاسما في رسم النهج السياسي الذي يتبناه الإخوان المسلمون. وبقيت سلطة اتخاذ القرار منحصرة بشكل كبير في يد قادة التنظيم الدولي ومكتب إرشاد الجماعة الأم في مصر قبل الإطاحة بمرسى و بداية خريف الجماعة التى يقبع قادتها أما فى السجون أو هاربين خارج مصر فى تركيا وقطر .