غدا.. انطلاق الانتخابات الإيطالية وعودة «رئيس الوزراء السابق» للمشهد السياسي
تنطلق غدا الأحد الانتخابات الإيطالية، التي تجرى لأول مرة بعد اعتماد القانون الانتخابي الجديد في نهاية العام الماضي، والذي غير النظام الانتخابي المختلط القائم في البلاد، حيث سيتم انتخاب ثلث النواب في الدوائر المنفردة، والثلثين المتبقين سيتم انتخابهم على أساس القوائم الحزبية، وتنتخب إيطاليا على الصعيد الوطني برلمانا يتألف من مجلسين، هما النواب وعدد أعضائه (630 عضوا)، والشيوخ ويضم (315 عضوا منتخبا، بالإضافة إلى نخبة من أعضاء مجلس الشيوخ لمدى الحياة)، وينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبع سنوات في جلسة واحدة لغرفتي البرلمان.
وتبدي بعض الأوساط في المفوضية الأوروبية تخوفا من أن تسفر الانتخابات الإيطالية عن تحالف حكومي هش يجعل منها غير قابلة للإدارة ولا يسهم في الدفع باتجاه تعزيز المشروع الأوروبي، حيث تراجعت ثقة الإيطاليين في الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الأخيرة الماضية، لعدم شعور الكثيرين من الإيطاليين بفوائد الانضمام للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يسهم في تفسير سبب تراجع الحزب الديمقراطي الحاكم الذي يمثل يسار الوسط في استطلاعات الرأي.
وتتسم انتخابات عام ٢٠١٨ باحتدام الصراع السياسي بين الأحزاب الإيطالية المتنافسة، والعودة القوية لرئيس الوزراء السابق سلفيو برليسكوني للمشهد السياسي مرة أخرى.
وتسيطر قضايا اللاجئين والأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيطاليا منذ نحو 10 سنوات على المشهد السياسي، ويسود الذعر بين اللاجئين المهددين بالترحيل والإيطاليين الذين يخشون عودة الفاشية، إلى جانب توقع عزوف نحو 40 في المائة من الشباب عن المشاركة الانتخابية وفقا لاستطلاعات الرأي، فيما يسيطر على تلك الانتخابات خارجيا حالة من القلق والشلل تؤثر على أداء الاتحاد الأوروبي.
ويتنافس في الانتخابات الإيطالية أربعة أحزاب سياسية هي الحزب الديمقراطي الحاكم في إيطاليا بزعامة ماتيو رينزي الذي تعهد بتقليص الدين العام إلى أقل من 100 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وخفض الضرائب على العمال والشركات، والضغط لتطبيق سندات اليورو وإعانات تأمين ضد البطالة على نطاق الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ما قدمه الحزب من وعود انتخابية أخرى، مثل حق السفر مجانا على خطوط السكة الحديد لمدة ستة أشهر للعاطلين عن العمل، وتعيين 10 آلاف في جهازي الشرطة والمطافئ، وإعفاءات ضريبية لمساعدة الشباب على الاستقلال بحياتهم عن أهاليهم.
والمنافس الثاني في الانتخابات (حركة خمسة نجوم الشعبوية)، ويرأسها لويجي دي مايو، المناهض للحكومة وللنظام بشكل عام، والذي يعد باستثمار بـ 50 مليار يورو في مجالات استثمارية عامة لتسهيل الإجراءات الإدارية ومحاربة البيروقراطية في مختلف أشكالها، فضلا عن تشجيع فرص الابتكار والتكنولوجيا، وخفض الإنفاق العام، وتخفيض الضرائب التجارية، والاقتصاد (الخالي من الكربون) بحلول عام 2050، وإلغاء إصلاحات المعاشات التقاعدية التي رفعت سن التقاعد والإصلاحات القضائية والتعليمية، إلى جانب تراجع حزبه عن موقفه المتشدد من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنه لايزال يطالب باتفاقيات مع أوروبا متعلقة بإصلاح السياسات المالية.
المنافس الثالث حزب (رابطة الشمال) وأمينه العام ماتيو سالفيني، ويتضمن برنامجه الانتخابي إعطاء اهتمام كبير للبحث العلمي والتعليم،
ودعم عقود العمل الدائمة وتعزيز الإنفاق العام، والتوزيع الضريبي التدريجي، وتحقيق سبل الرفاه العام، وخفض الإنفاق العسكري، داعيا إلى مواجهة "أسلمة إيطاليا" وإغلاق نحو 800 مسجد، ومحذرا من نموذج المحاكم الشرعية التي صارت بديلا للقانون المدني في المملكة المتحدة.
أما المنافس الرابع والأبرز على الإطلاق فهو اليميني العجوز المخضرم رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو بيرلسكوني البالغ من العمر 81 عاما، والذي ترأس الحكومة الإيطالية 4 مرات، فعلى الرغم من شطبه من الخارطة السياسية لإيطاليا بعد استقالته الأخيرة، وسلسلة الفضائح والتهم التي لحقت به، ومنعه قضائيا من لعب دور سياسي حتى عام 2019، إلا إن فرصه في الفوز تعد جيدة، وقد اختار بيرلسكوني أن يلعب دور الظل أي في حال فوزه في الانتخابات حيث سيدعو شخصا آخر من حزبه لأن يشكل الحكومة.
يظل بيرلسكوني منافسا قويا في تلك الانتخابات، حيث يملك برنامجا انتخابيا جاذبا للناخبين التقليديين والناخبين المسنين والطبقة الوسطى ورافضي اللجوء، وطرح فكرة إضافة منصب "وزير شؤون العمر الثالث"، وزيادة المعاشات التقاعدية لعدة آلاف من اليورو شهريا، ويرى ضرورة ترحيل 600 ألف شخص من المهاجرين، وإقرار نظام ضريبي موحد بدلا من المتصاعد.
وقد عقد بيرلسكوني تحالفا انتخابيا مع سالفيني جاره في اللهجة المعادية للمهاجرين، وحزبين آخريين يسعى من خلالهما إلى الفوز في الانتخابات المقبلة، ودعا إلى استبعاد أعداد كبيرة منهما، وتعطي استطلاعات الرأي حزب (رابطة الشمال) 14 في المائة من أصوات الناخبين، أي أقل بنقطتين فقط من حزب بيرلسكوني، وتشير إلى أن غالبية الإيطاليين يميلون إلى التصويت لصالح أحزاب متشككة بالمشروع الأوروبي، واليمينيين المتطرفين الذين يرون الهجرة غير الخاضعة للسيطرة هي السبب الوحيد وراء جرائم العنف، ويلقون باللائمة على حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين.