النهار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 08:42 مـ 4 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

تعميم منظومة الكروت الذكية للبنزين والسولار ..ضربة قاضية لأباطرة السوق السوداء

لم يتبق سوى أيام قليلة على تطبيق منظومة الكروت الذكية  للسولار والبنزين والمقرر تطبيقها منتصف يونيو القادم في جميع المحطات على مستوى الجمهورية وبدون تحديد أي كميات للمواطنين وبدون تغيير في الاسعار، وهذا ما أكده المهندس خالد عبد الغنى، مدير مشروع الكروت الذكية للمواد البترولية ، الأمر الذي أثار تفاؤلاً في الشارع المصري، خاصة وأن هذه المنظومة قد تكون البداية للقضاء على أزمة اختفاء السولار والبنزين والقضاء تماماً على طوابير السولار والبنزين بمحطات الوقود والتخلص أيضاً من السوق السوداء.

ورغم حالة التفاؤل من أن تطبيق هذه المنظومة سيواجه مافيا التهريب والسوق السوداء للبنزين والسولار إلا أنه مازالت هناك مخاوف من احتكار محطات الوقود والتلاعب بحصص المواطنين في ظل غياب الرقابة على محطات الوقود.

جدير بالذكر أن منظومة الكروت الذكية للسولار والبنزين،  ستكون لكل السيارات والمركبات المسجلة بجميع المحافظات، وجارٍ بالفعل تسليم البطاقات لمالكي المركبات من خلال إدارات المرور بجميع المحافظات.

وينبغي ألا ننسى أن وزارات المالية والبترول والتموين مازالت تواصل استكمال عمليات إصدار الكروت، هذا بجانب أن  وزارة المالية ستقوم خلال الأسبوع الجاري بتدشين حملة إعلامية لحث المواطنين على الذهاب لوحدات المرور لاستلام الكروت، كما قامت بإطلاق موقع الكتروني يمكن من خلاله توصيل الكارت الذكي للمنزل.

لذا حاولت " النهار" أن تتعرف من الخبراء والمسئولين على النتائج التي قد تترتب على تعميم تطبيق هذه التجربة بدءاً من منتصف يونيو المقبل.

في البداية أكد الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي ووكيل وزارة البترول السابق، أن الحكومة قررت تطبيق هذه المنظومة وتعميمها بجميع المحافظات لتجبر جميع من يملكون عربات ومركبات على ترخيصها لكي يحصلوا على السولار والبنزين بسعره المدعم، أما الأشخاص الذين لم يرخصوا عرباتهم فسيحصلون عليه بالسعر العالمي.

وأوضح زهران أن من أكبر الأخطاء التي ستقع فيها الحكومة أنها توضح موقف سائقي الــ" توك توك" من هذه المنظومة خاصة وانها وسيلة المواصلات الوحيدة التي مازالت غير مرخصه وهذا الأمر ينذر بغضب شعبي إذا لم تحدد الحكومة موقفها منهم.

وطالب زهران حكومة المهندس إبراهيم محلب بتشديد الرقابة على محطات الوقود خاصة وأنها المتهم الرئيسي في تهريب السولار والبنزين في ظل تواطؤ أصحاب المحطات مع أباطرة التهريب خاصة وأن منظومة الكروت الذكية لن تستطيع وحدها  الحد من تجاوزات محطات الوقود .

 

وأيده في الرأي حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، قائلاً إن تعميم تطبيق منظومة الكروت الذكية للسولار والبنزين البداية للقضاء على السوق السوداء كما انه يعد البداية الحقيقية لمواجهة مافيا التهريب  خاصة وأن معدل تهريب المواد البترولية سنوياً تقدر بنحو 25% من إجمالي إنتاج المواد البترولية سنوياً ، موضحاً أن تطبيق هذه المنظومة بوجه عام سيدر لخزانه الدولة مليارات الجنيهات سنوياً وهذا ما كشفته وزارة البترول إذ أكدت أن هذه المنظومة ستوفر أكثر من 35 مليار جنيه من مخصصات دعم الطاقة.

وتابع عرفات حديثه لـ" النهار" قائلاً:" إنه كي تجني هذه المنظومة بنتائج إيجابية لابد على وزارة التموين بالتعاون مع البترول أن تقوم بإحكام الرقابة على الكميات البترولية المطروحة بمحطات الوقود وشن حملات تموينية على محطات الوقود من وقت لآخر للتأكد من استلام المواطنين لحصصهم المقررة يومياً".

بينما يرى أحمد عبد الغفار، عضو الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن منظومة الكروت الذكية للسولار والبنزين هي البداية الحقيقية لضبط منظومة توزيع الوقود فى مصر، إلا أن غياب التنسيق بين وزارة البترول والشعبة العام للبترول التي تمثل نحو3000 مستودع و3000 محطة وقود ينذر باندلاع أزمة خلال الفترة المقبلة، إذ إن تعميم هذه المنظومة دون وضع آليات للتطبيق سيجعل مصير هذه المنظومة الفشل.

وأضاف عبد الغفار أن التنسيق بين الوزارة والشعبه سيؤدي لتجنب حدوث أي اختناقات أثناء تطبيق المنظومة، موضحاً في الوقت ذاته أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن تطبيق المنظومة يعد بداية حقيقية ضبط كيفية توزيع الوقود من خلال محطات الوقود ستكون البداية الحقيقية لمنع سرقته وتهريبه فى السوق السوداء، فضلاً عن أن تطبيق لمنظومة سيضمن تحسين أوضاع المستودعات ومحطات الوقود.

وأوضح عبد الغفار أن جميع المركبات المسجلة فى مصر والمرخصة هي التي ستتمكن من التموين بالوقود، وغير ذلك لن يحصل على لتر واحد بالسعر الرسمي للوقود بينما سيحصل عليه بالسعر العالمي وليس بالسعر المدعم الذى سيقتصر فقط على مستحقيه من المواطنين الأمر الذي سيضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، لافتاً إلى أن هذه المنظومة ستلعب دوراً إيجابياً في ترشيد استهلاك المواد البترولية الأمر الذي سيوفر للدولة مليارات الجنيهات سنوياً، خاصة وأنه ستوفر للدولة نحو 30% من المواد البترولية.

وأشار عبد الغفار إلى أن منظومة الكروت الذكية للسولار والبنزين ليست بجديدة، إذ إنها مطبقة بالكثير من البلدان العربية ، خاصة وأنها تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع المواد البترولية فضلاً عن أنها البداية للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى.

في حين يرى جورج عياد، الخبير البترولي، أن منظومة الكروت الذكية ستلعب دوراً إيجابياً في عدم السماح لأي مركبة غير مرخصة بالسير نهائياً، الأمر الذي سيقضي على إشكالية الزحام، إذ إن السيارات المرخصة فقط هي التي سيحق لها الحصول على كميات الوقود من محطات الوقود.

وأضاف عياد أن هذه المنظومة ستجعل الدولة قادرة على التحكم فى معدلات استهلاك الوقود، كما أنها ستجعلها قادرة على القضاء نهائيًا على أى محاولات تهريب الوقود، فضلاً عن أن تطبيق هذه المنظومة سيوفر للدولة سنوياً ما يعادل 36 مليار جنيه من مخصصات دعم الطاقة، موضحاً أن الأشكالية التي ستواجهها وزارة البترول من هذه المنظومة هي كيفية تقنين الأمور خاصة  في ظل تنوع السيارات وتنوع المواد البترولية التى تستخدمها كل سيارة، لذا فإنه لابد على الحكومة أن تضع دراسة متأنية لهذا الأمر قبل تعميم المنظومة على محافظات الجمهورية.

في حين اعترض الدكتور كمال القزاز، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، على تعميم تجربة الكروت الذكية للبنزين والسولار، قائلاً إن هذه المنظومة ستؤدي لخلق أزمة كبيرة خلال الفترة المقبلة وذلك في حالة تعرض ماكينات صرف الكروت لعطل ما، فهذا الأمر سيثير غضب المواطنين ومن ثم ستندلع المشاجرات بين المواطنين والعاملين بمحطات الوقود، لذا فإنه لابد على الحكومة أن تجد بدائل وتضع حلولا في حالة حدوث هذه الإشكالية.

وأضاف القزاز أن هذه المنظومة معقدة وكلفت الدولة مليارات الجنيهات في تنفيذها، إذ إن هذه المنظومة كان من المقترح تطبيقها منذ عام 2011 إلا أنه نظراً لتكلفة تطبيقها العالية تم تأجيلها، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن المواطنين يواجهون إشكاليات عديدة في استخراج الكارت الذكي سواء من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة البترول أو من خلال منافذ المرور، فكيف يمكن للدولة تعميم التجربة دون أن يستخرج جميع المواطنين الكروت الذكية.

وأشار القزاز إلى أن الدولة تعلن عن تطبيق منظومة الكروت الذكية دون أن تقوم بتوفير المنتجات البترولية في الأساس، وهذا الأمر ينذر بأزمة قادمة لا محالة، موضحاً أن الإعلان عن تطبيق المنظومة أدى  لإثارة البلبلة لدى المواطنين ودفع الكثير منهم للاتجاه لتخزين كميات كبيرة للاستفادة منه تخوفاً من رفع أسعاره خلال الفترة المقبلة.