النهار
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 03:40 صـ 29 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

بالمستندات نكشف الفساد فى ميناء دمياط

تحتاج مصر وبأقصى سرعة حفاظاً على الأمن القومى و حماية للمال العام بتغييرات جذرية فى إدارة منظومة النقل البحرى خاصة ما يتعلق بالموانىء وفى هذه السطور نتساءل عن ذلك الفساد الذى  يجرى فى ميناء دمياط؟ ولماذا يفشل كل الوزراء بل ورؤساء الحكومات المتعاقبة  فى وقف الفساد هناك؟ وماهو سر شركة « ديبكو « التى كبدت مصر خسائر بالملايين ؟ وإلى متى تستمر منظومة الفساد فى التوغل والانتشار دون رادع اسئلة عديدة مطروحة نكشف اجابتها بالمستندات فى السطور التالية :-

فى البداية نشير إلى أن ميناء دمياط  يعتبر من أهم الموانئ العالمية فى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. وقد حوّل رؤساء هيئة  المؤانى فى العهود السابقة  ميناء دمياط إلى عزبة خاصة ولم يرتفعوا إلى مستوى أهمية وقيمة  هذا الميناء الذى يمكن بالإدارة الحديثة المخلصة للوطن أن يصبح  أهم الموانئ العالمية فى منطقة شرق البحر المتوسط. الغريب أن هيئة ميناء دمياط والتى كلفت الدولة  أكثر من نصف مليار منذ إنشائها عام 1986 وحتى تاريخه لم تعمل بالصورة التى تتناسب مع أهمية هذه المشروعات بإمكانياته الهائلة وظل عزبة خاصة لرؤساء هيئة الميناء المتتابعين دون متابعة ومحاسبة على إهدار المال العام.  كما رصدت الأجهزة الرقابية التى تجاهلها المسئولون حتى فى المشروعات البسيطة مثل  عملية  التشجير التى قام بها اللواء إبراهيم يوسف -رئيس هيئة الميناء الأسبق- لم تخلس هى الأخرى من إهدار المال العام وبمبالغ كبيرة ، حيث استورد يوسف  نخيل أسبانى بمبلغ 15 مليون جنيه لتشجير وتزين ميناء دمياط  وهى أموال كان من الممكن أن تساهم فى تطوير ميناء دمياط وتطوير رصيف الحاويات لاستقبال السفن العملاقة من الأجيال المتقدمة. كمايعتبر ملف شركة ديبكو وبالمستندات  أحد أهم ملفات الفساد الموجودة داخل ميناء دمياط  إن لم يكن أهمها على الإطلاق، حيث يعود ذلك لمخالفات الشركة الجسيمة لبنود العقد المبرم بينها وبين هيئة ميناء دمياط التى جعلت لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشورى فى مابعد الثورة  تستدعى الدكتور جلال سعيد -وزير النقل السابق- للتشاور بشأنها ووضع التوصيات لحل أزمة الشركة التى تكبد مصر خسائر فاقت الـ20مليون جنيه.

لغز «ديبكو «

وقد حصلت شركة «ديبكو» على فرصة تلو الأخرى  لاستكمال تعاقداتها مع الميناء ووزارة النقل، حيث تأخرت فى التنفيذ والتشغيل فى إنشاء محطة حاويات عميقة تستوعب أمهات السفن العملاقة والأجيال الحديثة. ولم تلتزم بالمواصفات الإنشائية المنصوص عليها فى التعاقد فى الجزء الذى قامت بتنفيذه ، وبدلاً من الالتزام بما عليها قامت بإرهاب مصر بالتحكيم الدولى.

ما دفع العاملين بهيئة ميناء دمياط، لعمل وقفة احتجاجية، ضد الإضرار بمصالح الهيئة نتيجة للتراخى فى استخدام حقهم القانونى فى فسخ العقد مع الشركة الكويتية للحاويات «ديبكو»، ما تسبب فى عدم تنفيذ المرحلة الثانية للميناء، وأوقف تطويره ومشروعات التعميق.

وبحسب رئيس الشركة القابضة للنقل البرى والبحرى: فإن مشروع تطوير ميناء دمياط والمستثمر من قبل شركة « ديبكو»  لا يزال يعانى من عراقيل،إلا أن هناك تحركا حكوميا لإزالة الخلافات بين الشركاء فى هذا المشروع، بهدف التوصل إلى حل إيجابى يخدم الشركة المستثمرة فى المشروع عن طريق شركة تابعة مصرية. ومن ناحية أخرى تعهدت شركة حاويات دمياط بتحمل تكاليف تطوير الأرصفة الأربعة العاملة عليها فى ميناء دمياط وفقًا للاتفاق بين الطرفين لأن تعميق غاطس أرصفتها سيتكلف نحو 800 مليون جنيه لتدعيم الأرصفة لتتحمل الأعماق الجديدة.. كما تأتى تجاوزات  نائب الحزب الوطنى المنحل اللواء رفعت الجميل الذى يمتلك مجموعة شركات داخل الميناء نموذجًا صارخًا،  حيث يفعل فى الميناء ما يشاء ويقوم بمخالفة  اشتراطات وقوانين الموانئ. وقد سبق ان تمكنت  مباحث التموين من التحفظ على كميات من السولار والبنزين داخل محطة تموين خاصة بعضو مجلس شعب أسبق عن دائرة كفر سعد والموجودة داخل ميناء دمياط وتعمل فى تموين سيارات الشركة الخاصة به وغير مرخصة لمزاولة النشاط, وتعمل منذ بدء تشغيل الميناء سنة 1986. وتبين من التحقيقات أن المحطة ملك لرفعت الجميل -عضو مجلس الشعب الأسبق عن الحزب الوطنى المنحل- وتتاجر فى المواد البترولية المدعمة.  وتحفظت مباحث التموين على كمية الوقود التى كانت موجودة بالمحطة أثناء عملية الضبط، وتقدر قيمتها بـ681ألف جنيه تم تحرير المحضر رقم 16308جنح مركز شرطة دمياط، لسنة 2012. كما تنتشر  المحسوبية فى تعيين العاملين والفنيين بالميناء عن طريق الواسطة، وحرمان أبناء دمياط من هذه الوظائف فى الشركات الموجودة بالميناء خاصة ما يجرى فى شركات البتروكيماويات، . بينما تتربع مشكلة  التلوث الموجود فى محيط الميناء على رأس الفساد والتى من المحتمل أن تقضى على السمعة الدولية للميناء، حيث تخطى 5% وتعد هذه أكبر نسبة تلوث فى العالم وذلك لوجود مصانع البتروكيماويات ومصانع الموت ولا يستفيد من أبناء محافظة دمياط إلا السموم من هذه المصانع .

عمالة رخيصة

ولم يسلم الميناء فى الحقبة الإخوانية من كوارث اضافية حيث جاءت شركة تركية ملوثة للبيئة لتزيد الطين بلة من خلال انشاء  مصنع لصباغة الملابس بالمنطقة  ويقوم بالصرف فى مياه البحر فضلًا عن تلويث الهواء بمداخنه التى تخرج ألسنتها فى سماء دمياط  وأيضًا قلة الرواتب بهذه الشركة بالمقارنة بمثيلاتها من الشركات المحيطة بالميناء استغلالًا للعمالة الرخيصة من أبناء دمياط لتخفيض نفقات الإنتاج وكالعادة يستفيدون من تصدير الملابس بملايين الجنيهات ونحن نستفيد بالأمراض وقلة الرواتب وكأنهم استعبدوا هذا الشعب. وكشف أمين صندوق النقابة العامة أنه تم منح العاملين بشركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع أرباحاً عن 44 شهرًا منها 12 شهرًا مكافأة الوزير و22 شهرًا مكافأة الجمعية العمومية للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى و 15% من الفائض أو10 شهور. وأوضح أن الشركة القابضة للنقل البحرى والبري، تعاملت مع العاملين بدمياط للحاويات بقسوة من خلال منحهم مكافأة لهذا العام 22 شهرًا، بينما منحت الجمعية العمومية لكل من شركتى «الإسكندرية للحاويات، وبورسعيد للحاويات» 25 شهرًا، مما اعتبره العاملون بشركة دمياط ظلمًا بينًا من الشركة القابضة التى تكيل بمكيالين على رغم من أن الشركات الثلاثة حققت كل منها المستهدف. ويتساءل العاملون بشركة دمياط للحاويات: لماذا تم منح العاملين بشركتى الإسكندرية للحاويات وبورسعيد للحاويات مكافأة الجمعية العمومية 25 شهرًا، بينما تم منح شركة دمياط 22 شهرًا فقط؟

فساد وإهدار مال عام

وقد سبق  لرئيس هيئة النيابة الإدارية أن اصدر امراً بإحالة 10 مسئولين من القيادات بميناء دمياط للمحاكمة، بتهم الفساد واهدار المال العام.

حيث كشف المستشار عبد الناصر خطاب المتحدث الرسمى للنيابة الإدارية  وقتها بأن النيابة قد كشفت النقاب عن قضية فساد جديدة داخل ميناء دمياط تورط فيها المتهمون بالتلاعب فى تنفيذ عملية تطوير بوابة الدخول والخروج وإنشاء كوبرى معدنى وعمل مظلات دون الحصول على موافقة رئيس الوزراء .

وتضم قائمة المتهمين كلاً من سامى خليل - مدير عام الشئون التجارية وأنور مصطفى مدير عام الشئون المالية ومحمد عبد الغنى - مدير عام الشئون الهندسية ومحسن حسونة - مدير عام الهندسة المدنية « سابقون وحالياً بالمعاش» ومحسن عوض محاسب ومحمد الكفراوى وهشام على ومحمد صديق - مهندسون وأشرف إبراهيم - فنى وأحمد السيد - كاتب بهيئة الخدمات الحكومية.

كشف تقرير الاتهام الذى أشرف على إعداده المستشار على رزق مدير فرع الدعوى التأديبية أن المتهمين الأول والثانى عرضا على رئيس مجلس إدارة هيئة ميناء دمياط مذكرة للموافقة على تنفيذ عملية تطوير بوابة الدخول والخروج وعمل مظلات لهما وإنشاء كوبرى معدنى بطريقة الممارسة المحدودة رغم عدم توافر إحدى حالات الطرح بهذه الطريقة بقصد التهرب من الحصول على موافقة رئيس الوزراء باعتباره السلطة المختصة بحساب القيمة المالية لهذه العملية التى تتجاوز حدود إختصاص رئيس الميناء بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.

وتبين من أوراق القضية أن المتهم الثالث أعد مقايسة تقديرية للأعمال الأصلية دون تحديد المواصفات الفنية والقيمة المالية لبنود الأعمال لكل بند على حده بالمخالفة للقانون - وقام بالعرض كتابة على رئيس الميناء بالمخالفة للحقيقة تعذر تنفيذ بندين من بنود الأعمال الأصلية للممارسة وطلب إعادة طرحها ببنود أخرى ضمن أعمال مستجدة رغم علمه بتنفيذ المقاول لهذين البندين وحصول على مستحقاته .

كما كشفت التحقيقات أن المتهم الثانى والرابع والخامس بوصفهم أعضاء اللجنة المشكلة لإعداد المقايسة التنفيذية للأعمال المستجدة بالممارسة أعدوا هذه المقايسة بقيمة إجمالية 1.5 مليون جنيه دون تحديد المواصفات الفنية والقيمة المالية لبنود الاعمال ولكل بند على حده بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات .

وتضمن تقرير الاتهام أن المتهمين من السادس حتى التاسع بوصفهم أعضاء لجنة الاستلام الابتدائى استلموا بعض الأعمال بموجب محضر استلام ابتدائى رغم وجود ملاحظات ببعض البنود وكانت تستوجب إرجاء الاستلام لحين إنهائها وأثبتوا بمحضر الاستلام الإبتدائى ما يفيد تنفيذ الأعمال فى موعدها بالمخالفة للحقيقة والواقع رغم علمهم بتنفيذ معظم البنود فى تاريخ لاحق للموعد المحدد للتنفيذ مما أدى إلى إعفاء المقاول من توقيع غرامة مالية علية للتاخير فى إنهاء الأعمال ، وامتنع الأخير عن تنفيذ التكليف الصادر له من النيابة الإدارية بفحص الوقائع محل التحقيق وعدم التعاون مع اللجنة المشكلة لهذا الغرض وانتهت التحقيقات إلى إحالة جميع المتهمين للمحاكمة.