النهار
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 01:37 صـ 28 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

«الخمسين ».. لجنة لم ينجح أحد !

فى الوقت الذى فرح فيه الملايين بتشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، عقب عزل محمد مرسى وسقوط نظام الإخوان، جاء أداء اللجنة مُخيبًا للآمال ، حيث أن اللجنة تشهد كل يوم صراعًا داخليًا، خاصًة أن كل فصيل سياسى يسعى إلى فرض رأيه وإظهار هيمنته على الآخرين، بل وإدخال مواد تُفيد حزبه أو التيار الذى ينتمى إليه، الأمر الذى تسبب فى نشوب العديد من المشكلات التى لم تصبح خافية على الجميع.

ويأتى حزب "النور" السلفي، على رأس الذين يحاولون فرض سيطرتهم داخل لجنة الخمسين، مُستغل الفرصة باعتباره الممثل الإسلامى الوحيد، وأثار زوبعة بخصوص المادة 219 ووقف فى وجه الجميع، مُصرًا على تنفيذها، فى الوقت الذى أجمع الباقى تقريبًا على حذفها.

ولم يكن "النور" الوحيد الذى تشبث برأيه، فالعمال والفلاحين متشبثون بنسبة الـ50%، على الرغم من عدم استفادتهم بها، حيث أن أصحاب المال والسلطة هم المستفيد الحقيقي، والمرأة تتمسك بنظام الكوتة، والقضاة يعتبرون أن لجنة الخمسين تسلب اختصاصاتهم، والجيش يُطالب بمحاكمة المدنيين عسكريًا، وغيرها من الأمور التى يسعى كل من فى اللجنة، لتفسيرها إلى صالحه حتى يستفيد.

"النهار" رصدت أبرز الخلافات والمصالح الشخصية المتواجدة فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور والتفاصيل فى السطور التالية :-

الأكثر اشتعالاً : مواد الهوية وهى الثانية والرابعة والمادة 219

أثارت المادة 219 التى وضتعها جماعة الإخوان المسلمين فى دستور 2012، وتنص على «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السُّنة والجماعة»، جدلًا كبيرًا بين كافة الأحزاب والقوى السياسية، حيث أكد الجميع على أن هذه المادة تُعكر صفو المجتمع المصري.

وجاءت المادة 219، مفسرة للمادة الثانية من الدستور، التى تنص على «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، وتمنح هيئة كبار العلماء سلطة التحكم فى إصدار القوانين، الأمر الذى يتناقض مع مبادئ الدولة المدنية ويحولها إلى دولة دينية، مما سيؤدى إلى انتشار الطائفية والعنف فى البلاد.

ولكن أصر حزب «النور» السلفي، على وجود هذه المادة، على الرغم من أن الجميع يريد الاكتفاء بالنص على أن مبادئ الشريعة المصدر الرئيسى للتشريع، وأكد «النور» على نزولهم إلى الشوارع والميادين فى حالة إلغاء المادة 219، كما هدد فى أكثر من مناسبة بالانسحاب من لجنة الخمسين لتعديل الدستور، مما سيُضعف اللجنة وسيؤثر على عملية الاستفتاء، باعتباره التيار الإسلامى الوحيد فيها، الأمر الذى فسره الكثيرون بأن «النور» يضغط على اللجنة لتلبية مطالبه، وهو ما يتحقق فى النهاية بالفعل.

وكشف المهندس صلاح عبد المعبود، ممثل حزب «النور» فى لجنة الخميسن، مؤخر عن تخوف حزبه من تفسير المحكمة الدستورية حول كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية، خاصًة أن الخيارات المطروحة لا تزيل هذا التخوف، وشدد على وجود 3 بدائل للموافقة على حذف المادة 219، «الأول» حذف كلمة مبادئ من المادة الثانية، و»الثاني» دمج المادة 219 والمادة الثانية فى مادة واحدة كما جاء فى الإعلان الدستوري، أما الحل الثالث، فهو أن يضع الأزهر تفسيرًا جديدًا لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية يتوافق عليها الجميع.

 

صراع الإلغاء والإبقاء:  نسبة الـ50 % للعمال والفلاحين

فى الوقت الذى تسعى اللجنة لإلغاء نسبة الـ50% للعمال والفلاحين، ويرى الرأى المؤيد لإلغائها أن طبقة العمال والفلاحين الحقيقيين لم يستفيدوا منها، وأن أصحاب المال والنفوذ هم المستفيد الحقيقي، لازال يُصر البعض وعلى رأسهم بالطبع فئة العمال على بقاء هذه النسبة، حيث عقد اتحاد عمال مصر الديمقراطي، برئاسة يسرى معروف، عضو لجنة الخمسين، مؤخرًا جلسة مع لجنة الحوار المجتمعى للجنة الخمسين، وتطرق خلالها إلى مطالب قيادات النقابات المستقلة فى وضع حماية صريحة لحرياتهم النقابية داخل الدستور ووضع حد أدنى وأقصى للأجور وتجريم الفصل التعسفي.

كما تطرق عضو لجنة الخمسين عن العمال، خلال الجلسة إلى نسبة الـ50% عمال وفلاحين، وشدد على ضرورة الإبقاء على هذه النسبة لمدة انتخابية واحدة، مع وضع ضوابط لها حتى يستفيد منها العمال والفلاحين الحقيقيون، وحتى لا يتم الوقوع فى نفس أخطاء السنوات الماضية من سطو غير العمال والفلاحين على هذه النسبة.

خصوصية أم لا خصوصية: وضع القوات المسلحة والمادة 174 فى انتظار الحسم

يشهد وضع المؤسسة العسكرية المتمثل فى آلية تعيين وزير الدفاع والمحاكمات العسكرية للمدنيين فى المادة 174، فى حالة الاعتداء على المنشآت العسكرية، جدلًا كبيرًا فى الدستور الجديد، حيث ترى أغلبية الأصوات أن الأولى فيها تحصين للوزير، كما تواجهه أيضًا جزئية المحاكمة العسكرية للمدنيين، موجة غضب شديد من أعضاء اللجنة، والنشطاء السياسيون، حيث يروا أن فى ذلك فشل لثورتى يناير ويونيه، فيما تُصر المؤسسة العسكرية على وجودهما، مُعتبرة أن إلغائهما تدميرًا للقضاء العسكرى ومساسًا بشكل مباشر بالقوات المسلحة.

ووسط حالة الرفض التامة لوضع القوات المسلحة فى الدستور، خرج الأنبا أنطونيوس عزيز، ممثل الكنيسة الكاثوليكية باللجنة، ليُعرب عن موافقته على هذه المادة، وقال: «المادة الخاصة بمحاكمة المدنيين عسكريًا كما جاءت بمسودة لجنة الخبراء لا ضرر منها، وخصوصًا أن المحاكمة العسكرية للمدنى تكون فى حالة اعتدائه على منشآت عسكرية أو أفرادها، أما فى حالة الخلافات الشخصية فينظر الأمر أمام القاضى الطبيعي».

كما طالب موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالموافقة على تعيين القائد العام، سواء بشكل دائم أو وضعها كفترة انتقالية لمدة دورتين رئاسيتين أو ثلاث دورات، مشددًا على أن منصب القائد العام لا يقل عن منصب النائب العام الذى وضعت له احتياطات عند اختياره.

رئيس الكرامة: الخلافات كتير وهناك فريقين داخل اللجنة فى بعض القضايا

من جانبه، قال القيادى بجبهة الإنقاذ محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور،  إن من  أهم  المواد الخلافية داخل اللجنة متعلقة بنسبة  الــ50%  عمال وفلاحين ووجود  مجلس الشورى  من  عدم،  وإجراء انتخابات بشكل فردى  أم  بنظام القوائم،  بالإضافة  للخلاف المتعلق بالمواد الخاصة بالقوات المسلحة، خاصة  الجزء الذى يخص القضاء العسكرى واختيار وزير الدفاع، أما عن صلاحيات الرئيس فهى  منتهية تماماً ولا يوجد أى خلافات  عليها  من  قبل أعضاء اللجنة.

وأوضح رئيس حزب الكرامة، أن هناك فريقين داخل اللجنة فريق يطالب بإلغاء نسبة  الــ50%  عمال وفلاحين، وفريق أخر يرغب فى بقائها مع وضع ضوابط تمنع التلاعب فى صفة المرشح،  مضيفا أن نفس الأمر بالنسبة لمجلس الشورى، مشيرا إلى أن هناك مجموعه ترى أن مجلس الشورى لا فائدة من  وجوده وترغب فى إلغائه وإنشاء مجلس شيوخ ، وهناك فريق آخر يصر على بقاء الشورى، ويؤكد على ضرورة استمراره.

ونفى سامي، وجود أى ضغط من قبل القوات المسلحة بخصوص مواد الجيش بالدستور، لافتا إلى أن المؤسسة العسكرية لها ممثل باللجنة يعرض وجهة نظر المؤسسة كأى ممثل لأى جهة أخرى يعبر  عن رأى هذه المؤسسة.

واستنكر رئيس حزب الكرامة وصف أداء لجنة الخمسين بالعك، وهو الوصف الذى نعت به الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستورى أداء اللجنة، وقال "سامي" : نحن لن نصدر دستور من أجل الاختلاف عن  دستور الإخوان  2012، وربما  يكون  هناك  مواد لم تتغير من دستور 2012، مشددا على أن هدفهم هو  الخروج بدستور يستجيب لتطلعات وأفاق الشعب المصرى  والنظر إلى المستقبل.

النيابة الإدارية ومجلس الدولة: القضاة مختلفون حول من يتولى الحكم فى التأديب

شكل نادى قضاة مجلس الدولة لجنة ما أطلق عليه "أزمة سلب اختصاصاته"، وهو ما اعتبره اعتداء على كيان المجلس، بمنح سلطاتة إلى النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.

أكد نادى القضاة، فى مذكرة رسمية مؤخرًا أنهم استقروا على وضع القضاة بشأن باب السلطة القضائية، وأهم هذه المطالب هى اختيار النائب العام من قِبَل المجلس الأعلى للقضاء دون النص على مدة تعيين النائب العام وتركها لقانون السلطة القضائية، وعلى ضرورة النص على سن تقاعد القضاة فى الدستور، كما أوضح رئيس النادي، فى مذكرة أنه يرفض التهجم عليه أو النيل من مكانته فى التعديلات الدستورية، بالإضافة إلى محاولة سلب اختصاصات مجلس الدولة فى إعداد العقود وتسوية المنازعات، الأمر الذى آثار حفيظة لجنة الخمسين، التى جاء ردها عن طريق محمد سلماوي، حيث أبدت رفضها وتحفظها على تصريحات القضاة.

حجاج أدول: الحريات لا خلاف عليها المشكلة فى المحاكمات و الانتخابات

من جهته، قال حجاج أدول، عضو لجنة الخمسين ممثلا عن النوبة، إن اللجنة فيما يخص مواد الحريات متفقة تماما، موضحا أن هناك اتفاق داخل اللجنة على كل ما يخص حرية المواطن وحرية الإنسان، وحرية الإبداع، وحرية الصحافة، مشيرا إلى أن إطلاق الصحف بالإخطار، مضيفا بأنهم متفقين على التعددية الثقافية فى مصر.

وأوضح ممثل النوبة بلجنة الخمسين، أن هناك اختلاف داخل اللجنة حول بقاء مجلس الشورى من عدمه، لافتا إلى وجود فريق يطالب بالإبقاء عليه مع منحه بعض الصلاحيات، وفرق آخر يطالب بإلغائه ويرى عدم جدواه، مشددا على أنه يرى أن بقاء «الشورى» بشكله الحالى خطأ، مؤكدا أنه مع الإبقاء عليه ولكن بعد منحه بعض من الصلاحيات.

وأضاف «أدول» أن هناك خلاف آخر داخل اللجنة بخصوص أى نظام انتخابى أفضل، مشيرا إلى أن هناك فريقان الأول مع النظام الفردي، والثانى من نظام الانتخابات بالقائمة، مشددا على أن اجتماع لجنة الخمسين للتصويت على ما انتهت له اللجان الفرعية الثلاثة، سينهى الخلاف.

وحول المواد المتعلقة بمحاكمة المدنين أمام القضاء العسكري، أكد «أدول» أنه هناك خلاف دائر حول هذه الجزئية، مشيرا إلى أن هناك قطاع عريض يرى ضرورة إلغاء محاكمة المدنيين عسكريا، مشيرا إلى أن داخل هذا القطاع فريق يرى الإبقاء عليها بشكل مؤقت فى ظل الإرهاب الذى نواجهه، ثم الإلغاء بشكل نهائى فيما بعد، مضيفا بأن هناك فريق آخر يرى الإبقاء عليها فيما يخص حالات التعدى على المنشئات العسكرية وبعض الحالات الأخرى.