النهار
الخميس 4 يوليو 2024 01:49 صـ 27 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

د. رفعت سيد أحمد يكتب: فرنسا تحتل مالى من اجل إسرائيل

د . رفعت سيد أحمد
د . رفعت سيد أحمد

لا ينبغي أن يمنعنا نقدنا أو خلافنا مع تيارات التشدد الديني المنتشرة في أرجاء عالمنا الإسلامي من البحث عن الحقيقة وإعلاء شأنها ، فهذا هو العدل الذي علمنا إياه الإسلام، وعلمتنا إياه قيم الموضوعية والإنصاف ، مناسبة هذا القول هو ما يجري في (مالي) من عدوان فرنسي إجرامي ضد المدنيين الماليين ذو الأصول العربية بخاصة ، بحجة مقاومة الجماعات الأصولية بقيادة تنظيم القاعدة .


إن الحقائق هناك تقول بغير ذلك ، إنها تقول أننا أمام عدوان عنصري مجرم كاره للإسلام والمسلمين هادف إلي (النفط) و(الغاز) تماماً كما فعل في ليبيا والآن في سوريا حين تزين العدوان الأطلسي وعملاؤه بأزياء الثورات والتغيير ، في حين أن الهدف الأساسي كان ولايزال هو النفط وضرب وحدة البلاد وتفكيك المقاومة خدمة لمشروعهم المسمي بالشرق الأوسط الجديد !!.


* إن ما يجري في (مالي) ليس سوي مخطط يستهدف حقول النفط التي تتلمظ لها أفواه وبطون الاقتصاد الغربي بزعامة فرنسا ، وما قصة القاعدة والإرهاب سوي ذريعة لتنفيذ هذا المخطط الاستعماري الغربي .. الجديد الآن هو ما ذكرته تقارير دبلوماسية ومخابراتية قادمة من مالي تفيد ان التدخل الفرنسي العسكري لمواجهة الجماعات الإسلامية في هذا البلد المسلم قد يصب في مصلحة إسرائيل وخططها التوسعية في القارة الإفريقية بأسرها.


الهدف الاستراتيجي الاسرائيلي يتلخص في التغلغل داخل الدول الإفريقية علي حساب الوجود العربي، ولتحقيق هذا الهدف تعكف الدبلوماسية الإسرائيلية علي تحريض الدول الإفريقية وحكوماتها ضد هذا الوجود، وتعرض في الوقت نفسه خبراتها الفنية وعلاقاتها الدولية الواسعة، خاصة مع المؤسسات المالية لتمويل وبناء مشاريع ضخمة فيها.
إحدي الدراسات الإسرائيلية - وفقاً لجريدة " القدس العربي " - قالت ان رئيس دولة مالي يشعر بالاستياء الشديد من الدول العربية، او بعضها علي الأقل، لانها لم تدن ما وصفها بتجاوزات جماعات إسلامية متشددة في بلاده، بينما ادانت التدخل العسكري الفرنسي. وعاير العرب بان الدول الإفريقية جميعا، باستثناء أربع دول، قطعت علاقاتها مع إسرائيل تضامنا وبإلحاح من العرب.
الرئيس المالي ربما يردد أقوالاً إسرائيلية تجافي الحقيقة تماما، فمؤتمر القمة الإسلامي الذي انعقد في القاهرة بحضور حوالي ستين دولة، ثلثها من الدول العربية أيد التدخل العسكري الفرنسي في الأزمة المالية، وعارض أي محاولات انفصالية لتقسيم البلاد.
قطع العلاقات مع اسرائيل موقف اخلاقي ومبدئي تفرضه جميع الاديان والاعراف والقيم الانسانية، فاسرائيل دولة معتدية، احتلت ارضا عربية وغيرت الهوية الديموغرافية فيها، وشردت الملايين، وشنت العديد من الحروب ضد جيرانها، ومالي وعدد كبير من الدول الافريقية تضم اغلبية مسلمة تعتبر احتلال القدس، وتهويد مقدساتها اهانة لمليار ونصف المليار مسلم.. إذن لا داعي للمزايدة أو ادعاء البطولة .
* هذا وتحدثنا الحقائق الجديدة أن إسرائيل تغلغلت في دول حوض النيل، ومولت مشاريع لبناء سدود لتحويل المياه خاصة في أثيوبيا (سد النهضة) ، وحرضتها علي تعديل اتفاقات توزيع المياه بما يؤدي الي تقليص حجم كمية المياه الذاهبة الي مصر دولة المصب، والسودان دولة الممر، وكان نظام مبارك متواطئاً في هذه الجريمة ، واليوم الوضع الرسمي العربي مهلهل ويعيش حالة من الضعف غير مسبوقة ، الأمر الذي يوفر المناخ الملائم جدا للتغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية.
فمصر وتونس غارقتان في مشكلاتهم الداخلية الموروثة من أنظمة الاستبداد السابق ودول الخليج تعيش لحظات قلق كبري في انتظار الربيع الخليجي القادم ، وليبيا وسوريا واليمن والبحرين لم يكتمل فيهم المشهد السياسي ، وتعيش حالات فوضي وصراعات تزلزل بنية الدولة وقد تغرقها في حروب أهلية طويلة المدي ، كل هذا المناخ الممزق يمثل بيئة ملائمة للتدخل الإسرائيلي في إفريقيا والاستفادة من العدوان الفرنسي العنصري ضد مسلمي (مالي) وضد ثروات العرب والمسلمين النفطية في المنطقة الحدودية بين الجزائر ومالي، إن إسرائيل ستتقدم في مالي قريباً ، وستساعد فرنسا سواء مباشرة أو عبر وسطاء قريبين وعلينا أن ننتبه وأن نحبط هذا المخطط ، ولا ينبغي أن تدفعنا خلافاتنا مع الجماعات والقوي الإسلامية المتشددة في مالي أو في غيرها ، إلي عدم إدراك أبعاد المؤامرة الفرنسية - الغربية- الإسرائيلية لاختراق واحتلال ونهب ثروات البلاد الإفريقية وفي مقدمتها (مالي) أعظم وأعرق بلاد إفريقيا وأكثرها حميمية تاريخية بالإسلام !!.