النهار
الأربعاء 16 أبريل 2025 06:32 مـ 18 شوال 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
”إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي” محور دورة تدريبية بجامعة أسيوط رئيس جامعة المنوفية يكرم الفائزين في مسابقة أفضل المشروعات التطبيقية ضمن فعاليات مهرجان الاسبوع البيئي الثاني عشر NVIDIA ” تطلق عائلة ” GeForce RTX 5060 ” وتوسعة” DLSS 4 ”لتعزيز قدرات عشاق الألعاب الالكترونية محافظ البحر الأحمر يوقع بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة لإقامة حفلات فنون شعبية للسائحين الأجانب مفتي الجمهورية ومفتي تشاد يلتقيان على هامش مؤتمر أبو ظبي لبحث أوجه تعزيز التعاون لا يمكن وصف شعور اللعب بجانبه.. سوبوسلاي يتغنى بمحمد صلاح توقيع بروتوكول تعاون بين معهد التخطيط القومي والمركز القومي للبحوث كاف يحذر أورلاندو قبل مواجهة بيراميدز الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة فيديو نشوب مشاجرة وإطلاق أعيرة نارية بالمنيا للسعة الكاملة أمام صن داونز.. الأهلي يشكر وزير الداخلية والقيادات الأمنية للموافقة بعد تصدر محمد رمضان الترند.. ما هي مهنة الخوال التي شبهه بها الجمهور بهدف ناصر منسي الزمالك يتقدم على سموحة 1-0 بالشوط الأول

المحافظات

”مشهد دموي فظيع.. القتل فيه شنيع”.. النيابة العامة تترافع بقضية إنهاء حياة ربة منزل علي يد زوجها غدراً

وكيل النائب العام المستشار محمد عز العرب
وكيل النائب العام المستشار محمد عز العرب

شهدت محكمة جنايات شبرا الخيمة، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار أيمن عفيفى سالم، وعضوية المستشارين عبد العزيز على محمود، وشيرين صلاح حمدي، ومحمود أبو اليزيد جاب الله، وأمانة سر هاني خطاب، مرافعة نارية لـ«محمد عز العرب»، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، في القضية رقم 18365 لسنة 2024 جنايات قسم أول شبرا الخيمة، و المقيدة برقم 2397 لسنة 2024 كلي جنوب بنها مرافعة تحت عنوان "شريكة الحياة ضحية الغدر والطغيان" قضية راح ضحيتها زوجة علي يد زوجها بدائرة قسم أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.

بدأ المستشار محمد عز العرب، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، بسم الله مالك الملك و الملكوت .. بسم الله القاهر فوق عباده بسم الله الحكم العدل بسم الله القائل في محكم آياته.

بسم الله الرحمن الرحيم" ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يتفكرون"صدق الله العظيم.

الزوجة سكن الزوج وشريكة حياته ورفيقة عمره تسكن إليها نفسه وتهنأ بها روحه

فالحمدلله الذي جَعَل في العلاقةِ الزوجيةِ مَودةً ورَحمةً وبِراً.. وخلقَ الإنسانَ ساعياً إلي السكنِ و الإستقرارِ.. فيسرَ له برحمتهِ وفضلهِ زوجاً من نفسهِ ليسكنَّ إليها.. فالزوجة سكن الزوج ، و شريكة حياته ، و رفيقة عمره، تسكن إليها نفسه ، و تهنأ بها روحه... والله عز وجل جعل الرابطةَ الزوجيةَ رابطةً عُّظمىَ .. ركنَاهَا زوجٌ و زوجةٌ .. يجمعُ بينهما.. محبةٌ ووفاءٌ ،ومودةٌ و صفاءٌ ،ووفاقٌ واتفاقٌ ، و آدابٌ وحسنُ أخلاقٍ، فلا ريب أن الشرائعَ السماويةَ قدست الزواجَ .. واعتبرته أعظمُّ المسائلِ لكون طرفيه (الرجلُ والمرأةُ) هما أساسُ تكوينِ بنان المجتمعِ وسببُ بقائهِ، فلقد حرم الله على طرفيها أن يظلّمَ أياً منهما الآخرَ أو يتجاوزَ أو يتعدىَ على شريكهِ في الحياة... وحَددَ سبحانه وتعالى قواعدَ للحفاظِ على العلاقةِ الزوجيةِ وبيَّنَ أحكاماً و سبلاً لإنهائها بإرادةِ طرفيها دون أن يظلمَ أحدٌ منهما الآخر أو يُّسمَحُ لأحدٍ كائناً من كان أن يتجَرَأ على إفسادهاِ.


جريمة قائمٌة على غدرٍ وخسةٍ ووحشيةٍ ووضاعةٍ


وقال "عز العرب" لقد استهليت مرافعتي في تلك الدعوى بالحديثِ عن قدسية الزواج و ميثاقه الغليظ على الرغِّمِ من أن الجريمةَ هي القتلُ العمديُ ..فحديثنا اليوم في محرابكم المقدس و على منبر العدالة في قضيتنا اليوم و التي فيها الزوجَ قاتلٌ.. والزوجةَ مقتولةٌ.. والأبناءُ قد غَدُّو مُيتَمون.. ذلكم القتل لم نرى لحدثهِ مثيلاً.. ولم نجد له نعتاً بديلاً.. قتلٌ قائمٌ على غدرٍ و خسةٍ ووحشيةٍ ووضاعةٍ .. واقعاً مريراً و أليماً عِشنَاه وتَعَايشنا معه على مدارِ أيامٍ و شهورٍ.. عندما كنا نتصفحُ أوراقَ الدعوى بين حينٍ و آخر ...


خنت العهد فلتنتظر القصاص وعذاب الله الأليم

ونسألُ أنفُسنَا أيها المتهم: لماذا نحرتها ذبحاً باليمين!..
لماذا أضمرتَ لها الشرَ سنين! ..
وَخُنتَ ميثاقَ اللهِ العظيمِ!
بعد أن أقسمتَ باليمين
أنك لها الحافظُ الأمينُ!
والزوجُ المعينُ..
خَرجتْ من دارِ النعيمِ إلي قبِر الجحيمِ .. لم تكن تعلم بإنك الذئبُ اللئيمُ.. الذي اختطفها من أحضان المحبين المكرمين.. فَرُغت عليها ضرباً باليمين، وأنزلت بها الأوجاع و الالآم لسنين.. فصرت من جند إبليس بحنسك اليمين، وبنقضك العهد مع الله العظيم، و لكن هندُ كانت من الصابرين المحتسبين فأجرها عند رب العالمين.. وكنت مع أهلها على مر السنين حلاف مهين، بأنك لن تكون معها من الغادرين المعتدين ، فخنت العهد فلتنتظر القصاص وعذاب الله الأليم .. فأنت اليوم من الآثمين ولجرمك كاشفين و للأدلة مبينين وللعدالة مطالبين.

قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ" صدق الله العظيم
و قد صدق رسولنا الكريم صلوات ربي و سلامه عليه حينما قال:" لو أن أهل السماوات و الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم


شخص المجني عليها والمتهم
واستكمل المستشار محمد عز العرب، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، قائلا جئنا اليوم في ساحة عدلكم لنقص و نروي حقيقة الظلم الذي أتاه الجاني قبل المجني عليها..

قضت معه 19 عاماً تعاني ظلماً طاغياً
فالمجني عليها في تلك الدعوى هي هند محمد محمود إبراهيم - رحمة الله عليها – ولدت في الثامن من شهر يوليو من عام 1987 م، نشأت في كنف أهلها مشهودٌ لها منذ صِبَاها بحسنِ و طيبِ خُلقِها، واستقامةِ سُلوكِها وانضِباطِ قَوُلِها و فِعلِها، فالحياءُ كِسائُها و رِدَائُها و الأدبُ زِينتُها وحُلِيُها، وصلت من النضجِ أَتَمه و من الجمالِ أكمَله وما أن أتمت الثامنة عشر من عمرها سعى المتهم لخطبتها و ها هو تزوجها ولم تكن تعلم أنها ستلقى حتفها على يده فتركت أهلها و غدت لمسكن زوجها مصدر أمنها ولم تكن تعلم أنه نهايتها، قضت في كنفه قرابة التسعة عشر عاماً تعاني ظلماً طاغياً.

مستكملا عز أن المتهم تعمد إيذائها و لم يحسن معاشرتها و لم يراعي حق الله فيها فكان لعهد الله خائناً و لأمانة الله مضيعاً
راح يضربها ضرباً مبرحاً فتجرعت منه العذاب كؤوساً فأضحت تفر منه لأهلها.


أنجبت منه طفلان متحملة مسئوليتهما فوضعتهما على درب العلم منذ البداية
وعلى الرغم من ذلك سعت جاهدة بالصبر على سوء معاشرته و تحمل إيذائه فلم تبارح مسكنه سوى مرات معدودات حينما كان يضيق بها الحال ذرعاً لإسائته معاملتها فأنجبت منه طفلان هما " عبدالمحسن" " عمر" و دأبت على تربيتهما مخلصة لربها في القيام بدورها راعية لهما متحملة مسئوليتهما فوضعتهما على درب العلم منذ بداية نشأتهما حريصة على دفعهما لذلك الطريق دفعاً.


نفس خبيثة لا رحمة ولا شفقة انتوت الإنتقام والدمار

بينما كان المتهم على النقيص يحثهما على اللهو و الانحراف فكان محرضاً لهما على عدم الإكتراث لنصح أمهما لهما بمواصلة تعليمهما.. وهاهو المتهم يا سادة/ محمد عبدالمحسن صادق البالغ من العمر ثلاث و أربعين عاماً القابع أمامكم خلف القضبان؛ سقناه لساحتكم مكبلاً بالأصفاد، و لد في كنف أسرة ميسورة الحال، إلتحق للعمل بإحدى الشركات، فصل منها فأضحي ناقماً لأنعم الله .. فاتجه إلى الإدمان وعكف على تعاطي المخدرات ، فباء بغضب من الله ، و ضربت عليه الذلة و المسكنة، وأصابه الضنك و الشقاء، فذهب يشكو لأخوته، فعطفوا عليه ببعض من المال، فأعطاه إن خالته حانوتاً بالمجان، و لكن ما انفك عن الشيطان ، فأضحى في دروب الضلال ، فلا أبالغ في القول بأن أنعته بالخائن الغادر و بالظالم الطاغي و بالمجرم العتيد، نفس خبيثة لا رحمة و لا شفقة انتوت الإنتقام و الدمار فقطعت الأوصال و الأرحام فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

كان ماكراً مراوغاً لا يعظم قسماً و لا يفي بوعد
قال عز العرب، الهيئة الموقرة لئن كان الشك لا يجد سبيله إلي غائر يقيننا بإحاطتكم بصحيح واقعة دعوانا المطروحة بساحة عدلكم ؛ ونفاذكم إلي دقائقها حدثاً و ظرفاً زماناً و مكاناً ، إلا أن الوفاء بعبء الأمانة يحملنا إلي استقراء هذا الواقع في وجيزه غير المخل بعناصره ترتيباً إلي مؤداه، لتكمتل بذلك صورة الواقعة التي نحيل بها المتهم... فنستهل البيان للواقعة بالمرور سريعاً على ما سبقها من أحداث ففي غضون عام 2005 تزوج المتهم / محمد عبدالمحسن بالمجني عليها / هند محمد زواجاً شرعياً وفق كتاب الله و سنة رسوله.. و لكن المودة و المحبة بين الزوجين لم تعرف بينهما مستقراً ومقاماً و دب الخلاف و الشقاق بينهما... فلم يكن الزوج يحسن المعاشرة و لا يفهم معنى المشاركة و لا يدرك حجم و عظم الأمانة التي حمل بها و أخذ عليه العهد بصونها و رعايتها.. فتناسى قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم " و عاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً و يجعل الله فيه خيراً كثيراً " صدق الله العظيم.. فأنتهج المتهم نهجا ًمعادياً مع زوجته فراح يتعدى عليها ضرباً مبرحاً ظناً أن قوامة الرجل إنما تتحقق بإرهاب الزوجة و إنزال الهلع و الفزع بها بإيذاء جسدها، ورغم ذلك استمرت المجني عليها في رباط الزوجية و شاء الله أن تنجب من ذاكم المجرم طفلين، فهل يكف المتهم عن إضمار الشر لها؟ لا بل تمادى في طغيانه! فظل ينزل بها الإهانات، وكلما اشتكت إلي حكم من أهله و حكم من أهلها تظاهر لها بإستقامته وعودته لرشده فكان ماكراً مراوغاً لا يعظم قسماً و لا يفي بوعد و لا يصدق بكلم.

واستغرق كل هذا الشقاق بين الزوجين قرابة التسعة عشر عاماً، إلي أن نفذ رصيد ستر المتهم.. ففي عام 2015 فصل من عمله وصار مدمناً للمخدرات و نظراً لسوء حالته المادية و عجزه عن الإنفاق على زوجه وأبنائه مد له أهله يد العون و المساعدة آملين منه صلاح حاله واستقامة امره.


دفع بأبنائه إلي دروب الضلال والفشل والضياع
فأتخذ المتهم من أحد الحوانيت مكاناً لعرض الألعاب الإلكترونية ولاستقبال الشباب المغيبين التائهين في ظلمات الضلال اللذين ليس لهم من هم إلا إضاعة أموال أهليهم التي ينفقونها عليهم حتى أنه دفع أبنائه إلي ذلك المستنقع و يوجههما إلي حيث دروب الضلال و الفشل و الضياع فهو على النقيض من زوجته المجني عليها التي كانت خير أم لأبنائها مكترثة بأمرهم لتوصلهم الي بر الأمان في ذاكم الزمان الملبد بالغمام الملغم بالمفاتن المغريات و بالمفاسد الملهيات فماذا تظنون المتهم فاعل بزوجته البريئة التي ضاقت عليها الأرض بما رحبت و عانت وتجرعت من غصص الزمان؟ إستعرت في قلبه لسنوات وشهور نار الحقد و الانتقام،إلي أن اتخذ قراره بإنه لا مسار لإنهاء الأزمات و الخلافات إلا بالخلاص، فبيت النية و تفكر بروية و صمم على تحقيق المنية، و أعد لهذا الغرض سلاحاً أبيضاً قاطعاً قاتلاً كتر اشتراه بثمن بخس من أحد الحوانيت وما أن اختمر ذلك المخطط في وجدانه راح يتدبر كيفية تنفيذ جرمه فاحتفظ بسلاحه داخل مسكنه بغرفة نومهما قبيل الواقعة بشهر ينتظر الفرصة للإنقضاض على المجني عليها.


مشهد دموي فظيع القتل فيه شنيع
واستكمل المستشار محمد عز العرب، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، قائلا في ليلة الثالث و العشرين من شهر سبتمبر من العام ألفين و أربعة عشرين اعتزم المتهم تنفيذ مخططه الإجرامي، فطلب من أبنائه ( عبدالمحسن) و ( عمر) مغادرة المنزل و حثهما على التوجه للحانوت، بينما المجني عليها كعادتها لا تريد بأبنائها إلا الخير فنصحتهما بالإستعداد للتوجه صباحاً للمدرسة، إلا أن المجرم ألح عليهما إلحاحاً بالنزول للهو بالحانوت و انفرد بالضحية متظاهراً لها برغبته في الجلوس معها و مسامرتها لرغبته في تغيير الحال و إنهاء الخلاف فجلسا بغرفة نومهما و على فراش الزوجية وهو ما أرداه الجاني سعياً للنيل منها فأطال معها الحديث و مكثا يتبادلان العتاب، و قضى المتهم الساعات يحاور الضحية و يختلق معها الحوار تلو الحوار و شاغله الوحيد متى ستحين الفرصة للفتك بالضحية، و في لحظة سكون و هدوء من المجني عليها و هي مستلقية بجسدها على الفراش و ممسكة بهاتفها الجوال استل القاتل السلاح و انقض عليها و جثم فوقها و نحرها من جيدها و أضحت الدماء تسيل في كل مكان مشهد دموي فظيع القتل فيه شنيع مأساة مروعة و كأن بلسان حالها تردد:
أهكذا ترديني قتيلة ... أهكذا تهديني بقطع جيدي
.. أهكذا تفنيني ... أهكذا تستبيح دمائي
أهكذا تنزع روحي .. أهذا هو رد الجميل

قطع الأوصال والأرحام ترك المجني عليها تشكي لرب العباد
فوالله سيدي الرئيس .. إنه لمشهد تزرف لبشاعته العيون دماً قلب كالحجر أو أشد قسوة قتل بدم بارد شخص استباح الحرمات و الدماء قتل من تعيش في كنفه سنوات وسنوات قطع الأوصال و الأرحام .. ترك المجني عليها تشكي لرب العباد .. ظن أمه سيفلت رجمه من عدالة الأرض فهاهو اليوم بين أيدينا لينال ما اقترفت يداه من إثم و نقول له انتظر عقاب السماء أيضاً .


وفاء الضحية لك قابلته بالخذلان و النكران والغدر

ونقول لتلك الشرذمة فتكتك بمن قبلت العيش معك في بيت واحد.. استرعت الله فيك و ارتضت ان تكون شريك حياتها .. صانت نفسها مترفعة عن كل نقيصة و حفظت عليك عرضك و مالك و وولدك و قضت عمراً تسهر على راحتك و رعايتك و تربية نشأئك .. فهذا يا قاتل جزء ضئيل من وفاء الضحية لك قابلته بالخذلان والنكران و الغدر و الإنتقام.


واستكمل عز العرب، لا تكاد عقولنا تستوعب ما أتاه الجاني .. فقد قتل زوجته و ذبحها ذبحاً مؤلماً لم نرى له مثيل حينما ناظرنا موضعه بالجثمان .. ارتجفت قلوبنا من هول ما كانت عليه الضحية مستلقية على ظهرها منحور جيدها تنفجر من شريانها الدماء و قد انقطعت أنفاسها و صعدت روحها إلي بارئها بعد معاناة دامت لسنين و سنين فقتلها المتهم شر قتلة و ستشكوه إلي الله و لا ريب أن الله بالقصاص ليس عنه ببعيد، فقال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)" ... صدق الله العظيم

وقال سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات – وعد منها – قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق".. صدق رسولنا عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم

و قال أحد الشعراء:
و إياك قتل العمد ظلماً لمؤمن فذاك بعد الشرك كبرى التفسد
كفى زاجراً عنه توعد قادر بنار ولعن ثم تخليد من غير مخرج


واشار عزب العرب، الي الهيئة الموقرة قائلا بحثنا في الأوراق و قلبنا الأمور بموازين العدل الذي أمرنا به رب العباد و بالقسطاس المستقيم فلم نهتدي لمبرر لهذا القتل السافر الذي قارفه المتهم الآثم و إننا على يقين بإنكم حينما كنتم في خلوتكم المقدسة تطالعون تفاصيل ذلك الحادث الأليم قد هداكم الله لقضاء عدل قائم على القصاص من الظالم المعتدي الذي لم يرحم من أفنت عمرها في خدمته و طاعته.

أدلة الدعوى و أسانيدها

السيد الرئيس .. السادة القضاة الكرام أدلة دعوانا لما نجد في جمعها عناء و جاءت مكملة مؤيدة بعضها البعض لا تناقض و لا تنافر بل إن متهم تلكم القضية وضح لنا كيف قتل الضحية و في رحاب مثل تلك الدعوى سنعرض على مسامعكم الدليل تلو و الدليل على ما اقترفه المتهم من ظلم و آثام من ضلال و انتقام ونستهل ادلة دعوانا بالآتي:

أولاً : الأدلة القولية:
و التي تمثلت في (إقرار المتهم بالتحقيقات نصاً كيف أضمر الشر و أصر على الفتك و انتوى القتل و اعتزم الامر و نفذ بالغدر) فأقر نصاً بالصحيفة الخامسة من التحقيقات التي أجرتها معه النيابة العامة حينما سألناه.

و عندما سألناه أن يفيض علينا بوصف تعديه على المجني عليها أعطنا تصوراً حياً جعلنا نرى الجريمة كأنها تحدث امام أعيننا ونراها رؤيا العين


الأبن يشهد علي جريمة الأب
إقرارات لا حصر لها تصب جميعها في سبيل إقامة الحجة على القاتل و الأخذ بناصيته و القصاص منه .. فالجزاء من جنس العمل .. و من قتل يقتل.. و شاهد شاهد من اهلها فسبحان الله الحق العدل الذي لا يقبل على عباده الظلم و يحرمه فشاءت إردة الله أن يجعل للمجني عليها شهوداً يبروزن مدى الظلم و القهر الذي حل بها و أول الشهود نجلها وفلذة كبدها " عبدالمحسن محمد عبدالمحسن" و الذي أتى ليشهد أمامنا بدافع منه لما رأه طوال فترة عيشه بالمنزل كم الإهانة و الإعتداء الذي يمارسه ذاكم المجرم على أمه
فحينما سألناه نصاً بالتحقيقات بالصحيفة الثانية عن معلوماته بشأن الواقعة
فاجاب " هو أنا عايز أقول أن ابويا هو اللي بيضرب أمي و إن هما على طول ما بينهم خلافات و مشاكل بسبب حاجات كلها بسيطةو أنا عمرى ما شفت أمي لا بتضربه ولا بتشتمه وهو اللي كان بيضرب و بيشتم و كانت على طول مستحملة العيشة معاه عشاني و أخويا عمر.

وبسؤاله عن طبيعة الخلافات التي كانت بين والده المتهم ووالدته المجني عليها
فشهد قائلاً " هو ابويا اللي كان على طول بيضربها و بيشتمها بسبب حاجات تافهة زي إن الأطباق مش مغسولة"
و سألناه نصاً
س/ هل سبق وشهدت تعدي والدك على والدتك؟
ج/ايوا هو على طول كان بيضربها و كان بيهددها بالقتل
س/ و هل دار بينك وبين والداك ثمة حوار بشإن إزهاق روح والدتك/ هند محمد محمود؟
ج/ هو قالي قبل كدا بطل تقف في صف مامتك و اللي هيقف قدامي انا هدبحه
س/ و هل سبق وشهدت تعدي والدتك على والدك؟
ج/ لا هي عمرها ما ضربته
و عندما ناقشناه عن يوم ارتكاب والده لجريمة قتل والدته
س/ و أين كنت بتاريخ 23/9/2024؟
ج/ أنا كنت في البيت و نزلت السايبر كدا على الساعة 8 مساءا
س/ و هل استبيت من والدك سبب قيامه بتوجيهك لك و لشقيقك بمغادرة المنزل؟
ج/ أنا مسألتوش بس هو أكيد عمل كده عشان يستفرد بأمي و يقتلها
س/ و هل دار حوار بين والدك ووالدتك قبل مغادرتك المنزل؟
ج/ أنا سمعته بيقول لي امي خلي العيال ينزلوا يروحوا السايبر و هي ردت عليه قالتله دول عندهم مدرسة بكره وهو قالها مش مشكلة
و أما عن الشاهد الآخر وهو / محمود محمد عبدالراضي خليل أحد الجيران المقيمين بالعقار محل الواقعة و الذي تقدم طواعية للإدلاء بشهادته:
حيث شهد أن المتهم دائم تعطي المواد المخدرة و دائم الخلافات مع المجني عليها و قرر بالصحيفة رقم ( ) أنا أعرف أنهم على طول بيتخانقوا مع بعض في البيت وكنت بسمع الشتيمة اللي هو بيشتمها عشان هما ساكنين فوقيا
هو أنا كنت بسمعه بيشتمها و أنا في مرة شوفت هند الله يرحمها نازلة من البيت مضروبة.. و أنا اعرف أن هند الله يرحمها ست محترمة و كويسة و طيبة جدا و عمري ما سمعت عنها حاجة وحشة و مالهاش في المشاكل و عمرها ما عملت مشاكل مع حد أي إنصاف هذا.. و أي براءة من الله هذه .. حقاً المجني عليها ظلمت و قهرت وقتلت و لاندري بأي ذنب قتلت!!


تقرير الطب الشرعي

واستكمل المستشار محمد عز العرب، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، قائلا سيدي الرئيس حضرات السادة المستشارين إن الأدلة الفنية في الأوراق قد ساندت الأدلة القولية في دعم الدليل و الإسناد قبل المتهم فقد جاء تقرير الطب الشرعي لا عوار فيه و لا علة جازماً كاشفاً الآتي:
1-بتوقيع الكشف الظاهري و بإجراء الصفة التشريحية على جثمان المتوفاة هند محمد محمود فتبين أن الإصابات المشاهدة و الموصوفة بمقدم العنق أعلى و أسفل هي اصابات ذات طبيعة قطعية حيوية حديثة غائرة حدثت من المصادمة بجسم او أجسام صلبة ذات حافة حادة أيا كان نوعها و هي جائزة الحدوث من مثل السلاح الأبيض المضبوط
2- تعزى الوفاة للجروح الذبحية الموصوفة بالعنق و ما أحدثته من قطع بالأوعية الدموية الرئيسية بيمين ويسار العنق و القصبة الهوائية و المرئ أدت إلي نزيف دموي إصابي غزير و صدمة نزفية غير مرتجعة

3- الأصابات في مجموعها جائزة الحدوث من التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة و في تاريخ معاصر و تاريخ الواقعة و أن الوفاة معاصرة و التاريخ الوارد بمذكرة النيابة العامة
4-و كما ثبت بتقرير المضاهاة بين العينات عينة الدماء المعثور عليها بالسلاح الابيض و عينات الحمض النووي ( دي إن ايه) المستخلصة من آثار الدماء التي وجدت على ملابس المتهم و الأخرى التي علقت بثياب المجني عليها فتبين أن البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من التلوثات الدمويةمن عدد اثنين بنطال و كذا من الكتر تطابقت مع بعضها البعض كما تطابقت مع البصمة الوراثية للحمض النووي المستخلص من دم على ثوب المجني عليها/ هند محمد محمود.


الأدلة المادية
و مازالت دعوانا زاخرة بالأدلة المثبتة لجرم المتهم فوجدنا من الادلة المادية ( المعاينة و المناظرة التي أجرتهما النيابة العامة على مسرح الواقعة و ما أسفر عنهما من ادلة ساعدت في توطيد و توثيق الإتهام و كذا المعاينة التصويرية التي حاكها المتهم فمثل لنا الجريمة كما ارتكبها بإتقان

تحريات المباحث
و آخر ما نسترسله و نشير إليه في أدلة دعوانا هي القرائن: و تمثلت فيما أنتهت اليه تحريات جهة البحث حيث وردت شهادة مجري التحريات وهو الرائد يوسف محمد يوسف الشامي - رئيس مباحث قسم أول شبرا الخيمة متطابقة مع ما أقر به المتهم و ما أوضحته شهادة الشهود حيث شهد بإن تحرياته النهائية توصلت إلي قيام المتهم محمد عبدالمحسن محمد بقتل زوجته المجني عليها/ هند محمد محمود و ذلك على إثر خلافات زوجية دائمة و مستمرة فأعد المتهم العدة و خطط للجريمة و جهز سلاحاً أبيض ( كتر) و في يوم الجريمة الموافق 23/9/2024 أقنع أبنائه باللهو في الحانوت ليختلي بالمجني عليها حتى يتسنى له ارتكاب ما عقد العزم عليه وهو قتل زوجته و ما تهيأت له الأجواء و بعد أن أدار الحديث لساعات مع المجني عليها و هي مستلقية على ظهرها بحجرة نومهما حتى استل السلاح الأبيض الذي احتفظ به قريباً منه و أنهال عليه طعناً بالرقبة محدثاً بها جروحاً ذبحيةو قطعية أدت إلي نزيف دماء و تيقن على الفور.


حديث القانون
السيد الرئيس .. إن على يقين بواسع علمكم بأحكام القانون و التي سطرتموها من قبل بأحرف من نور فنستميح عدلكم عذراً في تناول و عرض ما حوته الاوراق من جريمة ألا و هي جريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار و التي توافر لها ركنيها
1- الركن المادي : و الذي يقوم على عناصر ثلاث ( السلوك ؛ علاقة السببية ؛ النتيجة ) وهو ما رأيناه قد تحقق جلياً في الأوراق إذ قارف المتهم بيديه الآثمتين جريمة القتل العمد فأتي نشاطاً و سلوكاً إيجابياً فاستطال به روح النفس المعصومة إزهاقاً متخذاً في ذلك أداة الجريمة وهي سلاح أبيض قاتل بطبعه و طعن المجني عليها بموضع قاتل برقبتها فتوفيت في الحال و بالتالي تكون النتيجة متحققة على إثر ذلك النشاط كنتيجة لازمة للفعل.
2- و أما الر كن المعنوي : فمن المعروف أن جريمة القتل جريمة عمدية ذات قصد خاص بالإضافة الي القصد العام و المتمثل بعلم الجاني بفعلته النكراء و إرادته الموجهة على خطى من علمه ؛ فضلاً عن إرداة مخصوصة تستخلص من نوازعه شره و سعيه في إزهاق روح المجني عليها فالمتهم في تلك القضية أقدم على جريمته منتوياً الظفر بروح المجني عليها فلم يذرها إلا جثمان هامداً

و أما عن توافر ظرف سبق الإصرار فشاهده يخلص في ما اختمر في ودان المتهم من الإقدان على جريمته و تفطيره برويه فاعد سلاحه قبل الواقعة بشهر و ظل يتحين الفرصة لتنفيذ مخططه طيلت تلك الأيام و احتفظ بذلك السلاح بأحد الأدرج بغرفة نومه و تشبث المتهم بالإصرار على قتل و إزهاق روح المجني عليها .. فلما اشتعل الغل في صدره سعي يدبر لقتلها شر تدبير و ما إن ظفر بها و أيقن أن الظروف سانحة هيأ سلاحه و أعمله فيها حتى فارقت الحياة و قد بينا و جسدنا لظرف سبق الإصرار في مواضع شتى بمرافعتنا و لا شك أن تشدد جريمة القتل قانوناً متي لحق بها ظرف سبق الإصرار أو الترصد أو كلاهما معاً.


ذئب افترس بمخالبه و يديه شريكته في الحياة،

وأختتم المستشار محمد عز العرب، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، مرافعته قائلا السيد الرئيس .. السادة قضاة الحق و العدل لقد سردنا على مسامع حضراتكم تفاصيل الحادث الأليم و أقمنا و طرحنا أدلتنا بكل نزاهة و شفافية .. لكن أسمحوا لي أن أقول و إن كانت الجريمة التي حوتها الأوراق قد سماها التشريع قتلاً فالقتل أهون من أن يحتويها إنها حملت بشاعة مزقت العيون بكاء و غيمت السماء عزاء جريمة و اي جريمة .. جريمة عبرت عن خسة بشرية.. جريمة جسدت أوزار الإنسانية و أخذتنا إلي مأساة حقيقة متهم اخترق بفعلته نواميس الكون، ذئب افترس بمخالبه و يديه شريكته في الحياة، أفاك قاتل غادر خائن قتل و لا يبالي، اعتدى بكل وحشية و دنوية على زوجته من جعلها الله أماً راعية لأولاده، اعتدى على من أفنت عمراً في خدمته، سيدي الرئيس القضية واضحة طعنات و طعنات دماء متفرقات.. فجر و انتقام ذبح و قطع و نحر فأي أرض تحمل ذلك المجرم اللعين و أي سماء تظله و أي نفس بين جنبيه تحيا و أي حق يدعيه بظلمه.

النيابة العامة تطالب بالإعدام شنقاً للمتهم

الهيئة الموقرة جئناكم اليوم و قد أثقل كاهلنا بأمانة حملنا إياها مجتمع ينشد في يومنا هذا و من مقامنا هذا القصاص يتلهف سماع نبأه لتطمئن قلوب وجلت و تقر أعين دمعت و تطيب نفوس جزعت و تسكن روح المجني عليها التي أحسبها جاءت متعلقة بأستار منصتكم الشامخة تستصرخكم (القصاص القصاص) فالقصاص ليأمن كل إنسان على روحه و يزجر من حدثته نفسه بإن يقتدي بالمتهم و ينتهج نهجه وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون و إني لأصدع بها و أقولها بكل حزم و صراحة دون مواربة و لاتورية جئناكم اليوم نطالب بالعقوبة الكبرى ( الإعدام شنقاً) فلا خير يرجى من محاولة تقويم فاسد كهذا و إن كانت التشريعات الحديثة تنحى منحى التوسع في فرض العقوبات الرامية لتقويم السلوك المعوج ؛ فإنها في الوقت ذاته لا تمنع بل تحض على استئصال كل عنصر فاسد لا يرجى منه صلاح ويكون بقاؤه شراً مستطيراً.

الحديث للمجتمع
وأما حديثي للمجتمع فنقول بسم الله الرحمن الرحيم
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا صدق الله العظيم.

فيا أيها الرجال استوصوا بنسائكم خيراً ؛ فالمرأة فيها الضعف و الوهن وإنها أمانة عند زوجها فلا يكرمها إلا كريم و لا يهنها إلا لئيم؛ ويا أيها الزوج العاقل الرشيد اتق الله في نفسك و في زوجك ، لا تكلفها ما لا تطيق و أعنها عند الضيق ، و أشفق عليها عند التعب، و داوها إذا مرضت ، و راعها عند ظرف حملها و نفاسها و رضاعها، و أجزل لها الشكر و الثناء ، و تلقاها ببر و بشر ، و أعلم أن قوامتك عليها لا تعني الظلم و القهر و الغلبة و الاستبداد و الاحتقار؛ بل هي قوامة تحفظ لها كرامتها و عفافها و كونوا كسيد الرجال صلى الله عليه وسلم وكان آخر وصاياه فاستصوصوا بالنساء خيراً!


فالحديث الأخير للمتهم

فأقول له عمدت الي القتل فما أعظمه؟ و ارتكبت من الكبائر ما ظننت انه أصغره فها نحن جئنك بك اليوم لتنال ما ارتكبته يداك من إثم فها نحن أمام قضاة بالحق ناطقون و بأقلامهم قاضون.. قال رب العزة في محكم التنزيل ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون).

حكمكم حكم العدل فأنتم قضاة العدل في الأرض


الهيئة الموقرة إن كانت القاعة قد ضجرت بما سمعت فأنزلوا عليهم السكينة بحكمكم الرادع و لا يسع النيابة العامة أخيراً إلا أن تشكر هيئتكم الموقرة على سعة صدرها و طيب سمعها و هي موقنة تمام اليقين أن طريقكم طريق الحق و أن حكمكم حكم العدل فأنتم قضاة العدل في الأرض و خلفاء الله في الأرض.. وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم و ألهمكم الصواب و الرشادإنه نعم المولى و نعم النصير.


استوصوا بالنساء خيراً

بسم الله الرحمن الرحيم يقول الحق تبارك و تعالى " و من ءايته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون" صدق الله العظيم.

السيد الرئيس .. الهيئة الموقرة .. إخترنا بداية لمرافعتنا كلام العظيم جل في علاه .. كلام ربنا الحكيم العليم .. كلام لا يعقله إلا أولوا الألباب و لا يدرك معانيه إلا المؤمن بالله .. منه المبتدى و إليه المنتهى .. به العدل يقام و الظلم ينجلي .. والغمة تنكشف .. آياته و أحكامه رفعت من شأن الإنسان و كرمته تكريماً و نزهته تنزيهاً عن كل الراذئل و النقائص .. وضع فيه الله أساساَ لكل العلاقات و الأمور التي يحياها البشر منذ ولادتهم في الحياة و إلي أن تحين آجالهم ... و جعل لكل علاقة ميثاقاً تقوم وفقاً له و لكل ميثاق قواعد و حدود .. و من تلك المواثيق التي شرعها الله عزوجل – ميثاق الزواج – فوصفه بالميثاق الغليظ لحث طرفيه على تعظيمه و المحافظة على استدامته و توقيره فلا تهوان فيه .. و مرد ذلك هو كون طرفي عقد الزواج جنسي البشر الرجل و المرأة و هي الفطرة التي فطر الله عليها بني الإنسان منذ الماضي السحيق حيث كان الأب آدم و الأم حواء عليهما السلام .. و المتأمل في الآية الكريمة التي تلوناها على مسامع حضراتكم في مستهل مرافعتنا سيجد أنها كلمات معدودات لكن قد لا يدرك البعض عظم ما تضمنته .. فالله تفضل على بني الإنسان بإن جعل منهم الجنسين ذكراً و أنثى و ألف و جمع و قارب بينهما بالرحمة و بالمودة .... و هذا هو أسمى الحب و أرقاه و لا يستقيم الكون بوجود جنس واحد و غياب الجنس الآخر و هذا من حكمة الله البالغة .. فالرجل خلق ليكون منبعاً للرحمة و الحنان و الأمن للمرأة في الحياة و هي بدورها تكون له سكناً و سنداً و معيناً على تحمل مشاق و صعوبات الحياة فكلاهما يكمل الآخر .. فالنساء شقائق الرجال.. و لكن ما تجدر الإشارة إليه أن المرأة حظيت بالعناية الآلهية و جعل الله الرجل هو المنوط برعايتها و الإحسان إليها لضعفها في كل مراحل حياتها و في جميع أحوالها سواء كانت طفلة ..أو بنتاً.. أو زوجةً أو أماً.. فهي خلقت من ضلع أعوج....
كما قال رسول الله صلى عليه وسلم" استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع ؛ و إن أعوج ما في الضلع أعلاه؛ فإن ذهبت تقيمه كسرته ؛ و إن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً".. فالرفق بالمرأة مطلوب .. و الإحسان إليها مرغوب.. و اللطف معها واجب على كل مسئول سواء كان أباً ، أو أخاً، أو زوجاً لها .. فوالله ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم.

موضوعات متعلقة