النهار
الجمعة 28 مارس 2025 09:19 صـ 29 رمضان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

بعد حصولها على لقب الأم المثالية بالغربية.. هناء مكرم: قررت ألا أضيع ثمرة أهداني الله إياها.. والكنيسة هي صاحبة الفضل علي وتكشف سر خطير للـ ”النهار”


لا دور أعظم من دور الأم، فهي النبع الذي لا ينضب من العطاء، مانحة الحب غير المشروط، ولكن هناك نوع خاص من الأمهات يفوق دورها دور الأم العادية، أم حملت على كاهلها أعباءً كثيرة، ليست التربية فقط؛ بل إنها قامت بدور الرجل والمرأة، تخلت عن دورها كامرأة وتحملت الإنفاق والرعاية والتربية، أم نموذجية ضربت أروع الأمثلة في المثابرة والجهاد والعراك مع عقبات الحياة.
"هناء مكرم" الفائزة بلقب الأم المثالية بمحافظة الغربية، من القصص الملهمة لأمهات صنعن الفارق في حياة أبنائهن.. تروي لل"النهار" قصة الكفاح التي أعقبها النجاح

أجرت الحوار/ وسام المصري

اسمي هناء مكرم رمضان عوض، أبلغ من العمر 49 عامًا، وأقيم بمدينة طنطا، لدي من الأبناء اثنين: مارينا صيدلية بإحدى المستشفيات الحكومية، وكيرلس معيد بكلية الطب جامعة طنطا.

س: صفي لنا مسيرة حياتك منذ البداية؟
حصلت على دبلوم صنايع قسم ملابس جاهزة، وتزوجت في عمر العشرين، لم ألبث أن أنعم بحياة سعيدة حتى مرض زوجي بعد 4 سنوات فقط من زواجنا، وأصيب بمرض السكري الذي تسبب في فقد نظره تدريجيًا بعد إجراء أكثر من عملية جراحية في الشبكية، فاضطر إلى ترك عمله، حيث كان يعمل مساعد صيدلي، ولم يكن مؤمنًا عليه وبالتالي لم يكن له أي معاش شهري، أصيب بعدها بفشل كلوي ولجأ للغسيل الكلوي مرتين أسبوعيًا، اضطررت خلال هذه الفترة إلى البحث عن عمل إلى أن وجدت شيئًا مناسبًا إلى حد ما في مصنع ملابس، ومن هنا بدأت رحلة الكفاح.

س: ما هي بداية الأزمات في حياتك؟
بداية الصعوبات عندما أصيب زوجي بالفشل الكلوي وعمل جلسات الغسيل الأسبوعية؛ فكنت مشتتة ما بين ذهابي معه للمستشفى في الخامسة فجرًا، ثم العودة للمنزل لإيقاظ أبنائي وتوصيلهم لمدارسهم المختلفة، ثم الذهاب لعملي في العاشرة صباحًا لأقضي فيه 8 ساعات عمل شاق بالمصنع، ثم أعود للمنزل لأبدأ رحلة مسائية أخرى شاقة ما بين العناية بعلاج زوجي وتحضير الطعام الخاص به، وطعام آخر لأولادي، واحتياجات البيت المختلفة، واستمر هذا العناء لعدة سنوات، وصدقيني لا أعلم كيف كان يأتيني الله بكل هذه القوة.

س: ما هي اللحظة التي شعرتي فيها بالانهيار؟
وفاة زوجي التي تزامنت مع أداء ابنتي لاختبارات الثانوية العامة، فصمدت وتماسكت لأقصى درجة لأجل إكمال المسيرة، وحتى لا تتهدم أول الأحلام، محفزةً إياها بتحقيق حلم والدها بأن تصبح صيدلانية، وبتوفيق من الله نجحت مارينا في الثانوية العامة بتفوق، وحصدت مجموعًا كليًا يؤهلها للالتحاق بكلية الطب البشري، متفوقة بذلك على كل أقرانها، وكان ذلك تعويض السماء لي، ولكن مارينا صممت على الالتحاق بكلية الصيدلية تنفيذًا لرغبة والدها، وتخرجت فيها بتفوق، ولكن بعد عبء مادي كبير.

س: ما الذي كنت تحرصين على غرسه في أبناءك؟
أشياء كثيرة، أهمها الوازع الديني، فحرصهم على تواجدهم بالكنيسة وأداء الصلاة أكثر ما كنت أحرص عليه في غرسه بداخلهم، الأمر الثاني هو تحمل المسئولية منذ الصغر، حتى أنه عندما تمت خطبة ابنتي قرر ابني كيرلس أن يخوض تجربة العمل أثناء دراسته بالجامعة كي يساعدني في تجهيز أخته، حينها رفضت بشدة خوفًا على مستواه الدراسي، ولكنه تمسك بقراره وبفضل الله تمكن من التوفيق بين الأمرين، مستندًا على مبدأي: "اللي بدأ يكمل"، وبالفعل تخرج كيرلس في كلية الطب جامعة طنطا وكان من أوائل دفعته، وعين معيدًا بالكلية ذاتها بقسم القلب والأوعية الدموية.

س: من قدم لك في مسابقة الأم المثالية؟
الكنيسة هي صاحبة الفكرة، وأبنائي هما من قاما بالإجراءات، والحقيقة أن الكنيسة هي صاحبة الفضل عليّ في رحلتي الشاقة وهي فقط من وقفت بجانبي.

س: هل كنت تتوقعين الفوز؟
الحقيقة لا، وقلت فقط: "لتكن مشيئتك يارب"، ولكن توقعت لي الفوز إحدى موظفات وزارة التضامن الاجتماعي لإعجابها بصعوبة الرحلة.

س: متى شعرت بتعويضات الله عن سنين الشقاء؟
عند زواج ابنتي، حينها أحسست أني أديت رسالتي معها على أكمل وجه، وهذا الشعور يختلف عن يوم تخرجها في كلية الصيدلة والذي أدركت فيه أن تعبي لم يهدر.

س: اكشفي لنا عن سر اسمك الثلاثي "رمضان" نظرًا لكون حضرتك قبطية
"جدتي مكنش بيعيش لها عيال فلما ربنا رزقها بجدي اتولد في شهر رمضان، فأسمته "رمضان" تيمنًا ببركة الشهر الكريم، وإيمانًا بالوحدة الوطنية".

س: وجهي كلمة لكل أم وضعت في نفس الظروف
أولادكم هم ثمرة الحياة المرة، على قد ما هتكملوا معاهم على قد ما هتلاقوا.