”الشهامة درب الأبطال”.. النيابة العامة تترافع بقضية إنهاء حياة مدرب جيم علي يد سائق

شهدت محكمة جنايات شبرا الخيمه، الدائرة الرابعة، برئاسة المستشار دكتور رضا أحمد عيد رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين مصطفي رشاد محمود مصطفي، وأحمد محمد سعفان، ومحمد حسنى الضبع، وأمانة السر عاصم طايل، مرافعة قوية لـ "مروان شكشوك"، وكيل النائب العام بنيابة جنوب بنها الكلية، في القضية رقم "24393" لسنة 2024 جنايات ثان شبرا الخيمة، والمقيدة برقم 2153 لسنة 2024 كلي جنوب بنها (قضية مقتل المجني عليه / صلاح خالد صلاح علي) علي يد سائق بدائرة قسم ثان شبرا الخيمه بمحافظة الـقليوبية.
وبدأ "شكشوك" مرافعته بقوله... بسم الله الرحمن الرحيم.. باسم الله الحق.. باسم الله العدل.. بسم الله القائل في محكم تنزيله.. مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ ﴾ صدق الله العظيم.
وقال السيد الرئيس الهيئة الموقرة.. لقد أوضح لنا الله في هذة الآية الكريمة كيف سوى بين قتل النفس الواحدة وبين قتل الناس جميعاً؛ تعظيماً لأمر قتل النفس بغير حق، فهو أمر عظيمُ القُبح في كل الشرائع والأديان.. صدق الله العظيم سُبحانه.. جئناكم اليوم بواقعة قُتل الناس فيها جميعاً وبحقً جريمةً لم تقتل نفساً واحدة فقط، بل قتلت معها معاني الخير والشهامة زرعت الخوف في النفوس حتى بات الإحسان جريمة والإصلاح مخاطرة، كأن العدل قد تبدد وكأن الرحمة قد وئدت قبل أن تولد نقف اليوم أمام قضية تهتز لها القلوب وترتعد لها الأوصال وفجعت بها العقول وأزهقت روح بريئة دون جرم وامتدت يد الغدر لتكتب سطوراً من الظلم والطغيان.
( الشهامة درب الأبطال)
مستكملا سيدي الرئيس الهيئة الموقرة.. نقف اليوم في ساحة العدل حيث تُرفع المظالم.. وتُنطق الأحكام بأسم الحق حيث يمحى الباطل بسيف القانون.. ويُرد لكل ذي حقً حقه غير منقوص هنا في محراب العدالة، لا يُعلى صوتٌ فوق صوت الإنصاف ولا يُحتكم الا لميزان لا يميل ميزانٍ اقامه الله ليكون للناس دستوراً وللمجتمع حصنناً من الفوضى والعدوان ولكن، ما أقسى أن نقف اليوم أمام دمٍ أهدر ظلماً روحاً ازهقت غدراً عينناً بكت قهراً اباً نعى ولده حسرةَ.. اماً ودعته وجعاً وأهلًا تساءلوا بأى ذنبٍ قُتل ظن المتهم بأنه في غابة لا سلطان فيها الا للمخالب.. والأنياب.. لا شريعة تحكم.. ولا قانون يردع فتوهم أن القوة حقٌ ولاصوت يعلو فوق صوت البطش والدم المسفوك.. ظن أن الدنيا فوضى وأن القانون محض كلمات جوفاء و أن العدالة لا تطاله وأن القصاص سرابٌ.. بعيد المنال تناسى ان الله يمهل ولا يهمل وأن العدالة لسيت غائبة، بل تنتظر لحظة الأنصاف وما هي إلا لحظات حتي يقتص الله من الظالم فيذوق من الكأس التي أذاقها لغيره أما حسبت للحظةٍ أن هناك عينناً لا تنام.. أما خفت دعوة المظلوم الي تصعد إلي السماء بلا حجاب.. أما علمتم أن الدماء لا تضيع، وأنها تظل تصرخ حتي يُقتص لها.. هيهات فاليوم يوم القصاص.. اليوم يرفع الظلم.. اليوم ترد المظالم.. ستقتص منك عدالة الأرض اليوم وغداً ستقتص منك عدالة السماء هناك حيث لا قاضٍ الا الله وحيث يكون المقتول خصمك يشهد عليكم ويرفع شكواه قائلاً يا رب بأي ذنبٍ قتلتُ.. وقفت بينهم حائلاً بين ضياعهم.. لا عدوا بل ناصحاً.. لا خصماً بل للشر محارباً.. اخشى أن تزل أقدامهم في طريق المهالك مدَّ يديه ليحجزهم عن الشر فكانت إيديه أسرع الي غدره.. وبدل أن يكون حامياً كان اول ضحيةٍ في ساحةٍ ظنها مأمنه وكان حال لسانه يقول بأي ذنب قتلت.. لم أكن سوى صوتٍ أراد أن يُطفئ نار الفتنة فكان جزائي أن تُزهق روحي بطعنة غادرة ظننت أن الخير منجاة.. وأن الشهامة درب الأبطال.. فلماذا صار عقاب الاصلاح موتاً... و لماذا صار جزاء من يحاول إيقاف العنف أن يسقطوه قتيلاً ناديتُ بالحق فأنطلقت سكاكين وظل في الصدرِ صوتي يشتكي الطعنَا.. أما كنتُ استحق حياةً كريمة.. أما كان لي في الغد حلمٌ وموعد مع الأمل.. كيف جعلتموني ذكرى علي شفاه الباكين فهذة كانت آخر كلمات المجني عليه التي كانت تحتضر علي شفتيه أحتبست حروفه في حلقٍ.. جقَّ من الذهول فليشهد التاريخ أن الحق لايضيع بيننا ابداً بميزان إنصاف حكيم نزن القضايا باليقين.
(العدل في الأرض مقيم لا يعرف الهوى وينصف كل من أشتكي)
وأكد "شكوك" لا نميل إلي هواهُ ..ولا نحابِي الظالمينِ.. سنقتص ممن قد تمادى وجرمه في الأرض سادا.. فدم البريء لنا أمانة والحق يعلو لا يُبادَا.. سنسوق قاتليه قِصاصاً كي ينالوا جزاء فعلِما.. فكما أذاق الموت ظلماً سيرى العدل حقاً... لن ينجو الظالم من يدينا والعدل في الأرض مقيم فلا يعرف الميل ولا الهوى وينصف كلً من أشتكى.
"الوقائع"
(واقعة تحمل الخسة والدنائة)
وتابع شكشوك بقوله الهيئة الموقرة.. جئناكم اليوم بواقعة تفوح منها رائحة الغدر.. واقعة تحمل بين طياتها الخِسة والدنائة.. الغدر والخيانة.. أنها مأساة دمٍ سال بغير حق.. و نفسٌ أزهقت ظلماً ومجتمع كاد أن يتلى بشريعة الغاب.. لولا أن أقدم المتهم الي ساحة العدل.
(نفس أثمة الشر فأوغلت في الجريمة)
وأضاف المستشار "شكشوك" نقف أمام عدالتكم بين الضحية والجلاد.. فرق السماء والأرض.. بين نفسٍ طاهرة سعت للخير فخُذلَت.. ونفسٍ أثمة احترفت الشر فاوغلت في الجريمة بلا ندم فالمجني عليه كان شاباً في مقتبل العمر رياضي الجسد نقي الروح عاش حياته يحلمُ بغدٍ أفضل كان يري المستقبل طريقاً طويلاً يحتاج الي جهدٍ وكفاح فبذل فيه من عرقة ما استطاع رياضته كانت عنوان انضباطه ، والتزامه كان سمة خلقه أحب والديه حبُ العاقلين ، فكان لهما سنداً قبل أن يكون ابناً حملَ في قلبه خيراً يفيضُ على من حوله لا يري مظلوماً إلا وينتصر له، ولا يري فتنةً الا ويسعي لإطفائها لم يكن يهوى الشجار.. لكنه كان يرفض أن يري الباطل صامتاً فكانت تلك النخوةُ أخر ما نطق بهِ حين وقفَ بينَ المتخاصمين لا ليشعل النزاع.. بل ليطفئ نار الفتنة فأبى الغدر إلا أن يكون هو الفصل الاخير في حاكيته.. وأما المتهم كريم.. فلم يكن يوماً كريماً لا في خلق ولا في فعل.. لم يكن كريم النفس، ولا كريم القلب كريم !! بل اي كرم في قلبٍ امتهن الاجرام وأي شرفٍ في يدٍ لم تعرف الا الغدر.. عاش عمره يجود بالسوء، يوزع الشر كما يوزع الخيرون المعروف لم يكن كريماً بل كان حملاً ثقيلاً خطراً اينما سار شراً أينما.. وجدَ لم يعرف للعلم طريقاً.. ترك طريق البناء ليحترف الهدم... اختار ان يكونَ سيفاً مسلولاً علي رقاب الأبرياء أن يكون خطراً يتربص بالمجتمع، ان يري العنف وسيلة والبطش لغة و الجريمة أسلوب حياة فلم يكن غريباً أن تمتد يدهُ بالغدر، ولم يكن عجياً أن يقابل النخوة بالخيانة والشهامة بطعنةٍ في الرقبة.
( العدل ينصف حق الخير)
ومن جانب آخر قال الهيئة الموقرة شابان الأولي يبني والآخر يهدم كان اللقاء الأخير بين من يرى الخير حياةً ومن يري الشر سبيلاً كانت اللحظة الفاصلة التي خُط فيها المصير أيعقل أن تكون الشهامةُ طريقاً إلي القبور... أيترك الغدر يعبثُ فسادا دون حساب.. إن العدل لا يُنصف قتيلا فقط بل ينصف حق الخير في أن يبقي ويقطع يدَ الشر قبل أن تمتد إلي ضحية جديدة.
(واقعتنا لهب مشتعل)
مشيدًا بقوله الهيئة الموقرة تبدأ وقائع دعوانا كبداية كل مأساة شرارة صغيرة كان يمكن ان تطفأ بكلمة لكنها سرعان ما تحولت إلي لهبٍ مشتعل، نار استعرت من الغضب تصاعدت ـ تصاعدت ألسنتها حتي التهمت روحاً بريئة روحاً لم تكن طرفاً في الخصام، بل جاءت تحمل لواء الخير فجاءها الرد من يد آثمة، بطعنة غادرة، طعنة لم تفرق بين ظالم ومظلوم.. بدأ المشهد بشجار عابر كلمات أشتعلت بها الأجواء، عيون تملؤها نيران الغضب، قبضات تُنذر بعاصفة لا تبقي ولا تذر و الجميع واقف بين مترقب ومتحفز حتي أطل المجني عليه يهداً الأوضاع ولكن كيف لمن وسوس شيطانه إلي الغدر والخيانة أن ينصت إلي من يمد يده للسلم فرفض المجني عليه أن يكون شاهد زور، ألقى بكلماته لينزع فتيل الأزمة مدّ يده لا ليضرب، بل ليوقف نزيف الحقد لكن يدا أخرى كانت أسرع، يدٌ لم تعرف للرحمة معنى ولم تفرق بين من جاء يُصلح يفسد و في لحظة وفي غفلة من الجميع، إرتفعت المطواه وهوت علي رقبته في الموضع الذي تنبض فيه الحياة، حيث لا رجوع بعده، حيث الكلمة الأخيرة للغدر والخيانة سقط المجني عليه، تدفق دمه علي الأرض وكأن الحياة قد تسربت من يديه وكأن صرخته الاخيرة لم تكن صرخة ألم بل كانت استغاثة بعدالة تنتظر الإنصاف.
قائلاً يا من لم تكن يوماً كريماَ ظننت أن الهرب نجاة وأن الليل سيمحو الدم .. طعنت.. ومضيت.. سفكت و هربت لكن هيهات هيهات.. أما علمت أن للعدل عيناً لا تنام ركضت بقدمين مرتجفتين، تظن أن الظلام سيسدل ستاره، وأن الدروب ستمحو أثارك، لكن هيهات هيهات ايها القاتل خلف القضبان ما الذي جنيت.. أأصبحت سيداً بعد سفكِ الدماء... أأورثتك الطعنة مجداً أم لعناتٍ تلاحقك إلي الفناء.. كنت تظن بهروبك أنك ستهرب من عدالة الأرض.. ولأي مكان ستهرب من عدالة السماء.. فررت من العيون، لكن أين تفر من عين الله التي لا تغفل ولا تنام هذة كانت وقائع دعوانا استعرضناها في محراب عدلكم سقناها في عجالة لحرصنا علي ثمين وقتكم واقعات بتبعث في النفس الحسرة والالم تنبيء بجهل قد استشري وشر اصبح يصادق العقل كأنه المأوي.
(الأدلة)
وأشار وكيل النائب العام السيد الرئيس الهيئة الموقرة.. بسم الله الرحمن الرحيم..( قل هاتوا برهانكم أن كنتم صادقين) نعرض الآن أمام عدالتكم أدلة الإتهام في هذه الدعوى والتي تعددت وتنوعت وترابطت وتساندت، فلم تدع للمتهم مخرجاً أو سبيلاً للفكاك من ثبوت إرتكابهما للجريمة.. ولسنا في حاجة لعرض كافة الأدلة الثابتة في الأوراق قبل المتهم، وإنما نكتفي بعرض بعض منها، لتستقر العقيدة ويطمئن الوجدان ليقين ثبوتها في حقهما، فقد قام الدليل قبلهما من واقع أدلةٍ قولية... وفنية حصلتها أوراق القضيىة أثبتت يقينناً إرتكابهما لجناية قتل المجني عليه /صلاح خالد صلاح علي بغير سبق إصرار أو ترصد بين إقراره بتحقيقات النيابة العامة وشهادة الشهود وتقارير مصلحة الطب الشرعي ، جاءت جميعها جازمة بإرتكابهما للجريمة.
( الأدلة القولية )
وما نستهل دليلنا في تمثل في إقرار المتهم / كريم محمد عبد المجيد بتحقيقات النيابة العامة نصاً كيف أضمر الشر وأصر علي الفتك وانتوى القتل ونفذ بالغدر... فأقر نصاً أنا جالي مكالمة من ولاد عمي تعالي عايزين نقعد نتكلم ونحل موضوع الخناقة ديه ومش عايزنا نتخانق وبعدين لقيت أخويا ماسك في خناقة مع محمود ماضي علشان مش عجبه أننا نتصالح علشان الناس جوم عندنا البيت وبهدلوا الدنيا ولقيت محمد ماضي ضرني بالقلم علي وشي وقالي انت السبب في كل ده وساعتها حسين بإهانة وأننا اتقل مننا جامد ولاد عمي كمان اللي انا بتعبرهم أخواتي قلبهم مش علينا وحق أمي فروحت مطلع الفرد وضارب بيه محمود وبعد كده طلعت أجري علشان الطلقة موت محمود وعورت حاتم عصمت فضلاً عما جاءبه الشاهد الأول /محمد ماضي عبد النبي إبراهيم شقيق المتوفي إلي رحمة مولاه المتوفي الي رحمة مولاه بالصحيفة الرقيمة 3، أنا عمي صابر كلمنا واشتكلنا من ولاده محمد، و محمود صابر علشان هما عايزين يعملوا مشكلة فأحنا عايزين نهديهم وفعلاً كلمناهم وجوم في المخزن بتاع أخويا وأحنا بنتكلم شدينا مع بعض في الكلام لقينا محمود صابر طلع فرد خرطوش كان معاه وأحنا، حاولنا ناخده منه وفعلاً الفرد وقع علي الأرض وساعتها محمد شاف المنظر ده راح ورا خطوتين وراح مطلع الفرد وضرب طلقه جات في محمود وراح حط الفرد في بطنه تاني.. وقد تأيدت أقوال ورواية الشهود سالفي الذكر بما شهد به النقيب (محمود خالد محمد النجار ) معاون مباحث ثان شبرا الخيمة مُجري التحريات – من أنه تحرياته السرية دلته علي نشوب مشاجرة بين المجني عليه والمتهمان محمود صابر ومحمد صابر علي أثرها قام المتهم محمد صابر عبد النبي باخراج سلاح ناري فرد خرطوش وأطلق منه عياراً صوب المتوفي إلي رحمة مولاه أستقر مقذوفة بجسد المجني عليه فأحدث إصابته التي أودت بحياته وكذا إصابة المجني عليه حاتم عصمت محمد صالح قاصداً من ذلك قتله بإستخدام السلاح الناري محل الواقعة.
وأضاف "شكشوك" أن الأدلة الفنية في الأوراق قد ساندت الأدلة القولية في دعم الدليل والأسناد قبل المتهمان.. وتتمثل في تقرير الطب الشرعي من إصابة المجني عليه عبارة عن إصابات نارية رشية حيوية حدثت من عيار ناري بحمل مقذوفات رشية خرطوش أطلقت من سلاح معد لإطلاق هذا النوع من الأعيرة وتعزي الوفاة إلي الإصابات النارية الرشية يالعنق والصدر والبطن وما أحدثته من تهتك بدار القصبة الهوائية والمرئي وبنسيج الرئتين والقلب والكبد وجدار المعدة ونزيف دموي إصابي غزير مما أدي إلي الوفاة.. اما عن حديث القانون فل نخوض فيه كثيراً.. فأنتم سادته فهذة بضاعتكم وردت إليكم.. فالحديث فيه أمام حضراتكم كمن يضيئ الشمس بسراج بل أسمحوا لي أن اتكلم بما يمليه علي واجبي فالجريمة التي نحن بصددها جريمة قتلً عمدي بغير سبق إصرار فتحققت بركنيها المادي والمعنوي :-
1- محل القتل فيها يشترط أن يكون إنسان دابة فيه الحياة.
2- فعل القتل فيها الذي يشتمل فيما يصدر عن الجاني من فعل عمدي ينتج عنه القتل وقد تجسد فيما إتاه المتهمان من تعدي علي المجني عليه / محمود ماضي عبد النبي إبراهيم بسلاح ناري حتي أردوه قتيلاً.
3- نية القتل وهي التي تميز جرائم القتل عن غيرها بعنصر خاص القصد فيها ازهاق روح المجني عليه.
4- علاقة السببية بين الفعل ونتيجة ازهاق الروح والتي تجسدت في أن الوفاة قد حدثت نتيحة طعنِة في مقتل وان علاقة السببية قد توفرت بين ذلك الفعل وتلك النتيجة كما جاء بتقرير الصفة التشريحية آنف البيان.
وإستكمل مرافعته أما بشأن الركن المعنوي للجريمة، فتلك الجريمة من الجرائم العمدية التي يتطلب لقيامها عنصري العلم والأرادة، والتي توافرا في المتهمان من أنه قد كان عالماً بما إتاه من فعل متجهةً إرادته لتحقيق الأثر من ذلك الفعل وهو الوفاة.
(الخاتمة)
(دماء سفكت لمجرد الشر)
أختتم "شكشوك" مرافعته قائلاً سيدى الرئيس السادة القضاة الإجلاء لعلنا وبعد أن أستعرضنا واقعات دعوانا وقد سوقنا، أدلتنا والمولى عزوجل قد تولانا وكما بدأنا ننهى مرافعتنا بقوله سبحانه وتعالى.. بسم الله الرحمن الرحيم:- ((يأيها الذين أمنوا كُتب عليكم القصاص في القَتلى)) صدق الله العظيم.. نقف اليوم أمام سيادتكم مُمثلين عن المجتمع بأسرة نلوذ بعدلكم، وها هو المجتمع يتساءل: ترى ماذا سيكون عقاب المتهم؟ ما الحكم العادل فيه لا تحسبن يا سادة أن قتل المجني عليه تألم له أحباؤة فقط، بل لقد تألم المجتمع بأسرِه لموته ورحيله عن دنيانا، فقتل الأبرياء يدمينا وأقول لمن كان يظن نفسه كريم.. بأي قلبٍ طعنت.. بأي يدٍ أمتد غدرك.. ما الذي أغراك بسفك الدماء.. قتلت لمجرد الطعن طعنت لمجرد الطعن.. وسفكت لمجرد أن الشر قد تمكن منك.. حتى صار القتل عندك كالماء تشربه بلا رهبه.. وكالهواء تتنفسه بلا ندم قول لي ماذا جنيت.. أأصبحت أقوى حين أزهقت روحاً بريئة.. أأصبحت أعظم حين غدرت بمن لم يؤذك؟.. إما كنتَ تستطيع أن تكون غير ما كنت.. أما كان في وسعك أن تمد يدك بالخير بدلاً من أن تمدها بالغدر.. أما كان لك أن تكون كريم النفس بدلاً أن تكون بخيلاً بالرحمة سخياً بالشر لكنك اخترت طريقاً لا رجعة منه.. سلكت درباً لايؤول إلا الظلام وها هو العدل اليوم واقف أمامك يطالبك بدفع ثمن الدم الذي أهرقته بلا حق.. أما انتم يا ابناء هذا المجتمع.. لا تتركوا هذة الجريمة ترسم الخوف في قلوبكم، لا تسمحوا للغدر أن يجعلكم تترددون في الوقوف مع الحق، لا تجعلوا دم هذا الشاب.. الطاهر يكون رسالة للخذلان.. بل ليكن رسالة للثابت إذا كان هناك من يقتل الخير، فلابد أن يكون هناك من يحيمه إذا كان هناك من يطعن الشهامة، فلابد ان يكون هناك من يحييها.. لا تخافوا أن تقولوا الحق.. ولا تترددوت في أن ترفعوا الظلم.. لا تسمحوا لليأس أن يغزو قلوبكم، فقيمة الإنسان في موقفه وشرفه.. في وقفته، ومن ترك الخير خوفاً من الشر فقد أعطي للشر سلطاناً لا يستحقه قفوا دائماً مع الخير.. دافعوا دائماً عن الحق لا تتركوا الظلم يمد جذوره، فالعدل وحده هو من يبقى والغدر وإن طال أمده، فمصيره إلي زوال وأنا في مقامي هذا ممثلاً للمجتمع وأنتم علي منبر العدالة ظلِ الله في أرضه.
(حكمكم العادل إنذار)
مضيفاً أهيب بحضراتكم أن تجعلوا من حكمكم العادل إنذاراً لكل من تسول له نفسه إتيان مثل هذا الجرم فيما بعد، أجعلوا حكمكم ناهياً هن كل أمر سوء تأمر به النفس في هذا الشأن - أجعلوه طارداً لكل وسواس يوسوس به الشيطان للنفس لإرتكاب مثل ذلك الفعل.. فأنها تُطالب بتوقيع أقصى عقوبة علي المتهم جزاء بما أقترفت يداه من جُرم... وفقكم الله وسدد علي طريق الحق مسعاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
