مصر تناور بالذكاء الاصطناعي.. تأمين البيانات ضد مخاطر الاختراق على رأس أولوياتها بالمرحلة الراهنة

بعد الموقف المشرف لمصر ورفضها تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية والمصرية، دخلت مناورة من نوع خاص بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على مصر والأردن، والتي تمثلت في تجنب الاعتماد على الشركات الأمريكية فيما بتعلق بحماية البيانات والأمن السيبراني، والاتجاه شرقاً نحو الصين وشمالا نحو أوربا للتوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومحاولة جذب شركات التكنولوجيا العالمية للاستثمار في مصر للاستفادة من هذه الشركات في التجربة المصرية في الذكاء الاصطناعي.

ففي زمن تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي لاسيما التطور الكبير الذي نشهده في الذكاء الاصطناعي يصبح تأمين البيانات من مخاطر الاختراق على رأس أولويات الدول والحكومات، إذ يعد الحفاظ على البيانات أحد أهداف الأمن القومي، وهو ما فطنت إليه مصر سريعاً بعد التكهنات بدخول منطقة الشرق الأوسط إلى المصير المجهول.

ومؤخراً شهدت الايام الماضية تحركات مصرية خارج الاطار السياسي والدبلوماسي، إذ اتخذت بعض الخطوات الجادة بالسعي للحصول على التقنيات الحديثة لحماية البيانات والأمن السيبراني، عبر مشاركتها في قمة الذكاء الاصطناعي التي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس، ومحاولة الاستعانة بالشركات العالمية لحماية البنية التحتية الرقمية، وتطوير أنظمة الحماية الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي لمكافحة الهجمات الإلكترونية، فضلاً عن التعاون مع دول الاتحاد الأوربي لوضع استراتيجيات فعالة لحماية البيانات، بالإضافة إلى مناقشة الأطر الأخلاقية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع القيم الإنسانية، وكذلك تعزيز التعاون مع الجهات التنظيمية العالمية في هذا المجال.

قمة باريس للذكاء الاصطناعي

وتزامنت قمة باريس للذكاء الاصطناعي مع الصفعة القوية التي تلقتها الولايات المتحدة عقب دخول الصين بقوة في مجال الذكاء الاصطناعي، وظهور تطبيق ديب سيك الذي أطاح بعمالقة الذكاء الاصطناعي الأمريكية، فيما رفضت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا التوقيع على البيان الختامي للقمّة، بسبب المطالب بأن يكون الذكاء الاصطناعي مفتوحًا وشاملاً وأخلاقيًّا وآمنًا وجديرًا بالثقة، حيث تسعى الدول الأوربية لفرض قواعد تنظيمية واستثمارات واسعة في الذكاء الاصطناعي

جذب المزيد من الاستثمارات

من جانبها اتخذت مصر من المشاركة بالقمة طريقاً نحو الريادة التكنولوجية واستقطاب الشركات العالمية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، أبرزها الاتفاق على إنشاء مركز للبحث والتطوير لشركة إيرباص Airbus العالمية المتخصصة فى مجال هندسة الطيران والفضاء والتي تعد أكبر شركة طيران وفضاء فى أوروبا وفيما يتعلق بالأليات الجديدة بالذكاء الاصطناعي استعانت مصر بمجموعة أورنج العالمية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجالات التدريب والرياضة، بالإضافة الي الاستفادة من التجارب العالمية لتطوير حلول تقنية تلائم السوق المصري.

كما تم الترويج لمصر في القمة كواجهة رائدة في صناعة التعهيد والتكنولوجيا الرقمية، واستعراض التسهيلات والحوافز الحكومية لدعم الشركات التكنولوجية في إطار استراتيجية مصر الرقمية.

حماية البيانات من أولويات المرحلة الراهنة

من جانبه أكد المهندس وليد حجاج، خبير أمن المعلومات ومستشار الهيئة الاستشارية العليا للأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات،لـ «النهار» أن حماية البيانات ضد مخاطر الاختراق تعد من أولويات المرحلة الراهنة، خاصة في ظل الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي تكون فيها تأمين البيانات بنفس أهمية تأمين الحدود واحتياجات الدول من السلع الاستراتيجية، لافتاً إلى أن مشاركة مصر بقمة الذكاء الاصطناعي يعد اتجاهاً جديداً نحو التكنولوجيا الأوربية والصينية كبديل أفضل من الشركات الأمريكية كما تأتي ضمن جهود مصر في تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوير منظومة الأمن السيبراني لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية.

وأوضح «حجاج» أن تلويح «ترامب» بفرض عقوبات على مصر قد تأتى من بينها العقوبات حول تصدير التكنولوجيا الحديثة على غرار العقوبات الأمريكية على الصين وعدداً من الدول، الأمر الذي يستلزم توفير بدائل جديدة بعيداً عن التكنولوجيا الأمريكية التي قد يتوقف استخدامها في أي وقت.

وقال حجاج:" إن الانفتاح على أوربا والصين سيساهم في تبادل الخبرات مع الحكومات والشركات حول أفضل الممارسات في الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن زيادة الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا، وتحسين جودة الخدمات الرقمية المقدمة في مصر. بالإضافة الي توفير فرص عمل جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي. وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للابتكار والتكنولوجيا الرقمية.