النهار
الأحد 19 يناير 2025 04:35 صـ 20 رجب 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

ثقافة

الناقد والروائي أحمد إبراهيم الشريف: لا تصنيف بين الكُتاب إلا من باب من الأكثر شهرة

د. أحمد إبراهيم الشريف.. روائي وناقد وكاتب صحفي
د. أحمد إبراهيم الشريف.. روائي وناقد وكاتب صحفي

في محاولة لفهم المجتمع الثقافي وتحدياته من خلال الأهتمام بأحد القضايا المرتبطة بمجال الثقافة حاولنا فهم بعض النقاط والمتمثلة في دور الأدب في الأرتقاء بالثقافة، من خلال بعض الأمثلة من الرواية والترجمة والقصة وغيرها، دون الخوض في كافة المجالات تسهيلاً لرؤية الإشكاليات التي تعوق تطور الثقافة، بل وأيضاً تشكل الثقافة الجماهيرية، لذا لجأنا إلى المتخصصين بهذا المجال لفهم طبيعة المشكلات الثقافية، فكان لنا حوار مع النقاد والروائي والصحفي الأستاذ أحمد إبراهيم الشريف، فكان لنا هذا اللحوار:

أحمد إبراهيم الشريف

- من يصنع ثقافة المصريين حالياً؟

قال الناقد أحمد إبراهيم الشريف: لقد تغيرت الأمور تمامًا، ولم يعد كاتب واحد مهما كانت قدراته وموهبته قادرًا على أن يصنع وحده ثقافة المصريين، وذلك لأن السوشيال ميديا قد وسعت دائرة القراء، على عكس ما قد يظن البعض، وهذه التوسعة بسبب اختلاف الأذواق والفئات العمرية منحت فرصا أكثر لأنواع مختلفة من الكتابات والأفكار في أن تقدم قدرتها التأثيرية على المتابعين.

بالطبع، نرى أن الغالب في التأثير نوع من الكتابات والأفكار التي يرها البعض "خفيفة" مقارنة بكتابات السابقين أمثال عباس محمود العقاد وطه حسين في الفكر أو نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم في الإبداع، لكن علينا معرفة أن كل وقت وله "عالمه الإبداعي"، كما أن من عيوب السوشيال أنها غيرت طريقتنا في التفكير، فجعلتنا ساعين للخفة والأفكار السريعة الجاهزة.

كتاب شباب

- ما رأيك بروايات الرعب وإعادة إصدار ترجمات مختلفة لنفس الرواية؟

روايات الرعب أو كتابة التشويق بالمجمل لها تاريخ عالمي شهير، وفي مصر شهدت السنوات الأخيرة زيادة في هذا النوع من الكتابة، وذلك لأنه يتناسب مع فئة معينة من القراء الذين يحبون التشويق، وبعض الكتاب حققوا نجاحا وانتشارا كبيرين.

هذا النجاح جعلنا نقرأ عن طبعات متعددة للعمل، وبغض النظر عن مدى دقة هذه الطبعات، لكن لا نستطيع أن ننكر أن هذا النوع من الكتابة عليه إقبال كبير، وعلى الرغم من كون البعض يعده "موضة" لكن الحقيقة أنه لن يندثر أو يتوقف، حتى لو تراجع بعض الشيء مع الوقت لكنه سيستمر.

روايات مترجمة

- الترجمة تحتل صدارة الرواية في مصر.. حقيقة؟ وماهي الاسباب؟

لست متأكدا من هذه المعلومة، ربما تكون صحيحة، وربما لا، لكن من خلال اطلاعي بوصفي صحفيا ورئيسا لقسم الثقافة في اليوم السابع، أعتقد أن الرواية العربية موجودة بقوة، ولا تغلب عليها الروايات المترجمة.

نعم، نحب قراءة الأدب المترجم، لكن رأيي أن تأثيره لم يعد بالصورة القديمة، بمعنى أنه لا يوجد كاتب عالمي الآن له تأثير الكتاب القدامى العالميين على المبدعين العرب، وأنا ممن يحبون التوازن في هذا الشأن، فلا مانع من قراءة الأدب المترجم في جميع المجالات، مع الاحتفاظ بخصوصية الإبداع والتأليف.

- هل يمكن تصنيف بعض الكتاب المعاصرين والجدد كروائيين وصناع للثقافة حالياً.. احمد مراد نموذج وغيره

عملية التصنيف ستكون شاقة، خاصة أنني من المؤمنين بأن حكم القيمة في الإبداع حكم غير سليم ( فلا يجوز أن أقول على كتابة ما أنها أقل أو أفضل) لأن لكل كتابة قراءها ولكل مبدع متابعيه.

الصواب هو تقبل الجميع، وأن نجعل القارئ والمتلقي هو الفيصل في هذا الأمر، فلا تصنيف بين الكتاب إلا من باب من الأكثر شهرة ومن الأقل، وحتى هذا التصنيف غير دقيق، ربما كاتب مشهور في مكان ما ومجهول في مكان آخر، فالمجمل أنا ضد فكرة التصنيف.

التصنيف بشكل ما قد يفيد في الدراسات العلمية الدقيقة والأكاديمية، أنا حاصل على درجة الدكتوراه في النقد، لكن لا أميل للتصنيف الحاد، ربما النقاد الأكثر أكاديمية مني يفعلون ذلك، لأنهم مطالبون أمام طلباهم بالإجابة عن أسئلة القيمة.

البير كامو

- لماذا تفتقر مكتباتنا للأعمال المسرحية؟

يرجع ذلك لتراجع الاحتشاد لفن المسرح نفسه، فلم تعد المسارح حافلة مثلما كانت في السابق ولم نعد تراها محتشدة بالعروض والجماهير، ولأن الدراما شغلت الناس أكثر، ووصل الأمر أن الكتاب والمؤلفين صاروا على يقين بأن تسويق "سيناريو مسلسل" أكثر ربحًا وانتشارا من تسويق نص مسرحي، كل ذلك وأسباب أخرى كثيرة انعكس على التأليف نفسه.

وأوجه الشكر للمسرحيين القابضين على الجمر فعلًا، والمصرين رغم الظروف – كتابا وممثلين ومخرجيين – أن يواصلوا العمل في فن المسرح.

وللعودة مرة أخرى، فالأمر يحتاج إلى خطة ناجحة تبدأ من المدرسة التي غاب عنها المسرح المدرسي ومن بعده المسرح الجامعي إلى تحفيز الكتاب وتشجيعهم على الكتابة والتأليف.

- انتشار ظاهرة أصحاب الرواية الوحيدة

هناك شكلان لهذه الظاهرة، الأول البعض يكتب رواية واحدة ويتوقف، والشكل الثاني أن أحدهم يكتب روايات لكن يظل الناس لا يعرفون له سوى عمل واحد ناجح.

على كلٍ فإن هذه الظاهرة ليس لها سبب واحد، بل لها أسباب متعددة اقتصادية واجتماعية، لكن من رأيي أن السبب الأهم والأخطر هو مفهوم الكاتب عن فن الرواية، بمعنى أن البعض ينشغل بعد كتابة عمله الأول بسبب سفره وعمله، لكن هناك من يتوقع أن الكتابة ستجعل وضعه الاجتماعي أفضل، وعندما لا يحدث ذلك يصاب بالإحباط، وقد يتوقف عن الكتابة.

أما جانب الشهرة الذي بصيب عملا دون آخر، فهو رزق إلهي أولا وأخيرا، عندما يكتب الله النجاح لعمل فإن يسوق له عوامل نجاحه.

روايات تاريخية

- البحث في التاريخ لكتابة رواية اما تاريخية او مقتبسة من احداث واقعية.. الأسباب

الرواية التاريخية موجودة في الآداب منذ قديم، وأنا لا أتفق مع القول السائد بأن البعض يلجأون إليها من أجل الحصول على جوائز، بل إن معظم الكتاب يكتبونها لأسباب منها تحدي القدرة على الكتابة، ودرامية القصة، والرغبة في التعبير عن حدث ماضٍ، و قول ما لا يمكن قوله.

وطالما اتفقنا على أهمية الرواية التاريخية فإن البحث في التاريخ ضرورة من أجل أن تخرج هذه الأعمال متناسبة مع ظروفها وعصرها ومعبرة عن طريقة تفكير أبطالها وشخوصها.

- أهمية الرواية في تشكيل الوعي والثقافة

الفن الروائي، بوصفه أحد الفنون المهمة والأكثر انتشارًا الآن، لا يمكن أن نغفل دوره في تشكيل الوعي والثقافة، خاصة أن روايات كثيرة تهتم بالجانب المعرفي وتكشف عن جوانب لا نعرفها في الحياة منها ما يتعلق بالمعلومات التثقيفية ومنها ما يهتم بطبائع الإنسان وردود أفعاله ودوافعه.

- تأثير الرواية على الثقافة بشكل عام

تأثير الرواية على الثقافة بشكل عام له جانبان، إيجابي وسلبي، الأول في أنه صنع دوائر متعددة من القراء، أما السلبي فتمثل في تجنيه على بقية الفنون أخرى مثل فني المسرح والشعر، حتى أن كثيرا من الشعراء صاروا يكتبون نصوصا روائية.