التمور المصرية.. من الإنتاج المحلي إلى الأسواق العالمية
تعتبر التمور من أهم المحاصيل الزراعية التي تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الأمن الغذائي. في رحاب المركز القومي للبحوث، اجتمع نخبة من العلماء والخبراء لمناقشة واقع ومستقبل التمور في مصر، ودورها الحيوي في تحقيق التنمية الاقتصادية.
تأتي هذه المناقشات في إطار جهود تعزيز قيمة التمور كمنتج زراعي ذو جدوى اقتصادية كبيرة، وإدماجها في الصناعات المختلفة لزيادة القيمة المضافة.
أكد الخبراء خلال الاجتماع على أهمية الاستثمار في زراعة النخيل وإنتاج التمور، باعتبارها زراعة اليوم وصناعة الغد واستثمار المستقبل القادر على النهوض باقتصاد الدولة.
وسلط الضوء على التحديات التي تواجه هذا القطاع وأهمية تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة واستخدام التقنيات الحديثة لتحقيق نمو مستدام وزيادة الإنتاجية والجودة.
الدكتور أمجد القاضي: مصر تحتل المركز الأول عالميًا في إنتاج التمور
أفاد الدكتور أمجد القاضي، مدير مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي، بأن مصر تتبوأ المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج التمور، حيث تنتج سنويًا حوالي 1.8 مليون طن، ما يمثل 19% من الإنتاج العالمي و24% من الإنتاج العربي، وأوضح أن عدد أشجار النخيل المثمرة في مصر يزيد على 16 مليون نخلة.
شهدت السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في زراعة الأصناف ذات القيمة السوقية العالية. وقد سجلت مصر أعلى حجم صادرات في عام 2023، حيث بلغت حوالي 73 ألف طن من التمور الطازجة ومشتقاتها، وامتدت صادراتها إلى 77 دولة.
وبذلك، تقدمت مصر من المركز الثاني عشر إلى المركز التاسع عالميًا، واحتلت المركز الثاني على مستوى إفريقيا.
قال الدكتور أمجد القاضي إن الفترة الحالية شهدت توسعًا كبيرًا في الاستثمار في زراعة النخيل وإنتاج التمور، ليس فقط في مصر، بل على مستوى الدول المنتجة للتمور، وأضاف أن هذا التوسع يفرض ضرورة تعظيم القيمة المضافة لهذه التمور عبر إدخالها في صناعات مختلفة.
وأشار القاضي إلى أن قطاع التمور في مصر يواجه عدة تحديات، منها وجود نسبة كبيرة من المزارع القديمة والزراعات العشوائية، والاستخدام المحدود للميكنة الزراعية والتطبيقات الرقمية.
وأضاف أن اتباع الأساليب التقليدية وعدم استخدام التقنيات الحديثة يؤدي إلى انخفاض الجودة والإنتاجية والقيمة التسويقية للتمور. وأوضح أن 50% من الإنتاج يشمل أصناف رطبة مرتفعة الفاقد، و25% أصناف بذرية مجهولة.
وفي هذا السياق، دعا القاضي إلى التوسع المدروس في إنتاج الأصناف ذات القيمة السوقية المرتفعة والتي تجود زراعتها في مصر.
وأشار إلى أن وزارة الصناعة، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، أطلقت أول استراتيجية مصرية لتطوير قطاع التمور في عام 2016، والتي تم تحديثها مؤخرًا.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الوزارة خريطة مناخية لأهم أصناف التمور في مصر بالتعاون مع المجلس التصديري للحاصلات الزراعية وجائزة خليفة، كما تم تأهيل مصانع التمور الخاصة للحصول على شهادات الجودة العالمية واعتماد الهيئة القومية لسلامة الغذاء.
خبير زراعة النخيل: مستقبل واعد لنخيل المجدول في مصر
وفي ذات السياق أوضح الدكتور باسم بكر، خبير زراعة النخيل وأستاذ الفاكهة بالمركز القومي للبحوث، أن زراعة نخيل المجدول (الميدجول) في مصر تتمتع بمستقبل واعد للغاية، بعد نجاح زراعته في مختلف أنحاء الجمهورية بجودة عالية.
وأضاف بكر أن هناك طلبًا عالميًا متزايدًا على التمور، مشيرًا إلى أن إنتاج 600 ألف طن من تمر المجدول يمكن أن يحدث تحولًا اقتصاديًا كبيرًا في الدولة، وأوضح أن متوسط إنتاج النخلة الواحدة يصل إلى ما بين 60 و80 كيلوغرامًا بعد مرور عشر سنوات، ويقدر إنتاج الفدان الواحد من 5 إلى 6 أطنان، كما يتراوح سعر طن المجدول المفروز درجة أولى بين 4000 و8000 دولار.
الدكتورة رانيا عبد الغفار: زراعة الأنسجة وسيلة واعدة لتطوير النخيل
وذكرت الدكتورة رانيا عبد الغفار، أستاذ زراعة الأنسجة بالمركز القومي للبحوث، أن القيادة السياسية تولي اهتمامًا كبيرًا بزراعة النخيل، مع التركيز على الأصناف ذات القيمة الاقتصادية مثل البرحي والمجدول والخلاص والسكرى والعنبر وعجوة المدينة.
وأضافت أن هناك خطة لزراعة ما بين 1.6 إلى 1.8 مليون نخلة في منطقة توشكى، مما يجعل من الضروري استخدام تقنية زراعة الأنسجة النباتية لتلبية متطلبات السوق.
وأوضحت عبد الغفار أن تقنية زراعة الأنسجة توفر مزايا متعددة، بما في ذلك إنتاج كميات كبيرة من الفسائل باستخدام عدد قليل من الأمهات، والحصول على نباتات خالية من الأمراض الفطرية المنتشرة في كثير من البلدان. كما تضمن هذه التقنية تجانس الفسائل وسرعة النمو، مما يتيح حصاد المحصول بعد أربع سنوات فقط من زراعته في الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن زراعة الأنسجة لا تتأثر بالظروف المناخية أو مواسم الزراعة، حيث تتم عملية الإكثار تحت ظروف خاضعة للتحكم.