النهار
الإثنين 18 نوفمبر 2024 01:47 صـ 16 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

ثقافة

أرشيف ماسبيرو.. أرشيف الثقافة الفنية المصرية

سينمات مصر
سينمات مصر

لم تكن دعوات المحافظة على التراث الفني وليدة تصريحات الفنان محمود حميدة في مهرجان الجونة لهذا العام، بل كانت دعوى سابقة بعقود، منذ بداية ظهور قنوات القمر الصناعي وظهور عصر القنوات المدفوعة، هذا التراث الذي لم يكن له قانون في تلك الفترة حيث ان القانون يتم سنه بعد الحدث، وبالتالي فكان التراث السينمائي على المشاع، اي بكونه ملك لمنتجين وافراد ومؤسسات مختلفة، الأمر الذي سهل لبيع تلك الأعمال للقنوات الخاصة بمبالغ زهيدة في وقتنا الحالي وضخمة إلى حد ما في ذلك الوقت.

افلام قديمة

أهمية التراث الفني المصري تكمن في مدى سطوعه وانتشاره وقدرته على مخاطبة جمهور ليس في مصر فحسب، بل في العالم العربي والغربي أيضاً، لذا فأن أمتلاكه قوة ثقافية لا تعدلها قوة على مدى التأثير الثقافي والمجتمعي، وعلى الرغم من تخصيص موضوعنا للفن المصري حصراً في الأعمال الفنية السينمائية الا ان الموضوع يتخطى لأبعد من ذلك بكثير، حيث ان تلك الأعمال الفنية كانت وليدة أدب وقصص قصيرة ومسرحيات واعمال ادبية مصرية خالصة بأمتياز، تمتاز بالأصالة والقدرة على إيصال المعنى للمتلقي وبالتالي التأثير فيه.

افلام قديمة

والموضوع ليس خطأ فرد او مؤسسة بقدر ما هو خطأ جمعي، يتمثل في تعددية الأبداع الثقافي المصري، كالمنتج الخاص والأعمال القائمة على انتاج مؤسسي لمؤسسة في الدولة، او حتى لشركات خاصة.. ذلك التعدد جعل من مصر قبلة للثقافة الفنية في ارجاء العالم، لتنوع أعمالها المختلفة، والتي كانت تخاطب الشرائح المختلفة في المجتمع المصري، وادى ذلك التنوع إلى المسارعة في المنافسة بين القطاع العام والخاص بل بين الخاص والخاص نفسه، الأمر الذي اعطى للمبدعين والروائيين والكتاب والمخرجين وكل صاحب موهبة للبروز على الساحة، والتأثير فيها بالعامل الثقافي الفني.

هذا الخطأ المشار إليه متمثل في اهمال العديد من الأعمال في ارشيف التلفزيون، مما تسبب في هلاكها، وايضاً عدم وجود نموذج لحصر وترميم تلك الأعمال كونها جزء من التراث الثقافي المصري، وجزء من التاريخ الأنساني.

وفعلاً كما أشار محمود حميدة في المؤتمر المقام على هامش مهرجان الجونة تلك الأعمال كانت موجودة كنيجاتيف قابل للهلاك بسهولة، وعدم معرفة البعض لأهميته واستخدامه لأستخلاص الفضة به حقيقة بالفعل. فهو خطأ تم التنبيه عنه منذ عقود، ولم يأبه له أحد، نظراً لأرتفاع التكلفة وايضاً عدم السيطرة على السوق الفني المتمثل في العديد من الأفراد المنتجين وشركات الأنتاج وحالياً المنصات الالكترونية والتطبيقات. ولكن يمكننا استجلاب نموذج غربي موجود حالياً وناجح ايضاً.

فيلم قشر البندق

تتواجد بالفعل منصة غربية تحاول أرشفة التاريخ الانساني المتمثل في كل ما ينتجه الأنسان عبر الأنترنت، والغريب ان تلك المنصة قائمة على الجهود الذاتية والتبرعات، عملت لسنوات حتى استطاعت استيعاب المليارات من البيانات في مختلف المجالات، وتحاول بقدر الأمكان زيادة السعة التخزينية لها لأستيعاب المواد الجديدة التي تظهر على الساحة.

الأستعانة بذلك النموذج ولكن في إطار مؤسسي خاضع للدولة مع سن قوانين من شانها حماية التراث بقدر الإمكان سيستلزم بالتالي إعادة النظر في التشريعات الخاصة بالأعمال الفنية، وايضاً النظر في قوانين حرية الأبداع الانساني بكافة اشكاله، بل وايضاً سيعيد النظر في قوانين المعلومات وتداولها، سيكون ذلك أشبه بمشروع ثقافي مصري خالص تتعاون فيه المؤسسات الهامة في الدولة للحفاظ على التراث المصري.

افلام قديمة

ويمكن الأستفادة من ذلك المشروع على عدة أصعدة، في التعليم والسياحة والثقافة والأثار والأعلام وغيرهم، من حيث إتاحة تلك البيانات بشكل توافقي يساهم في رفع الوعي داخلياً، والدعاية للثقافة والدولة المصرية خارجياً. اما عن تشكيل لجنة للحصر والتنفيذ فيمكن تخطيطها بسهولة لتباشر عملها في اسرع وقت، ولكن هل ستظل تلك دعوى ام ستأخذ حيز التنفيذ؟ سواء من الدولة او من القطاع الخاص!

موضوعات متعلقة