مسؤولة أممية: حظر عمل الأونروا يهدد الاستقرار بالمنطقة و سيخلق فراغاً لدى لجيل كامل من الفلسطينيين
حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" من أن إنهاء دور الوكالة، يهدد ركائز الاستقرار في المنطقة كلها، لأنه في الفراغ الذي ستتركه وراءها، سيقع الأطفال الفلسطينيون فريسة للكراهية والتطرف والإجرام
وأكدت سحر الجبوري رئيس مكتب ممثل رئيسة مكتب ممثل "الأونروا" في القاهرة في كلمة لها اليوم في اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين لبحث الرد العربي على قرار إسرائيل حظر انشطة الأونروا- إن القوانين المشينة التي اعتمدها الكْنيست الإسرائيلي في 28 أكتوبر، والتي تخنق عمل الوكالة، سوى استكمال لحلقات سلسلة هذه الهجمات.
وقالت "لقد دفعت الوكالة ثمنا باهظا طوال الحرب المدمرة على غزة، خلال قيامها بمهامها وتنفيذ التفويض الممنوح لها من الجمعية العامة، لأكثر من عام ، وذلك جرّاء التجاهل المتعمد لأرواح موظفيها ومقارها وعملياتها الإنسانية. فقُتل 237 (مائتان وسبعة وثلاثون) زميلا لي وتدّمر كليا أو تضرر 200 (مائتا) مبنى من مباني الوكالة في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
وأردفت قائلة أنه برغم المخاطر الجمة والتهجير القسري والمآسي الشخصية وتحت القنابل، يواصل موظفونا بكل تفانٍ وإخلاص تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني.
وعلى مدار السنوات الماضية قاومت الوكالة وتصدّت – بفضل مساندتكم ومساندة المجتمع الدولي - لكل محاولات التشويه والاستهداف والاتهامات التي واجهتها، لكننا اليوم نرى إسرائيل تسعى لإنهاء دور الوكالة.
وقالت إنه سيترتب على هذه القوانين، إذا ما تم تطبيقها، عواقب عملياتية وقانونية وخيمة، تحرم الوكالة من الحماية والوسائل الأساسية التي تمكنها من أداء مهامها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وتعرض سلامة موظفيها ومنشآتها لخطر جسيم.
ولفتت إلى أن هذه التشريعات توجه ضربة قاصمة للخدمات في قطاع غزة، مما يضع على المحك توزيع المساعدات الغذائية وخدمات الإيواء والرعاية الصحية، بل وكل الجهود الإنسانية للأمم المتحدة والتي تعتمد على الوكالة في تقديمها.
وشددت على عدم وجود أية منظمة أممية أو غير حكومية دولية بديلة قادرة على تقديم هذه الخدمات شبه الحكومية لهذا العدد الكبير من السكان، محذرة من أن توقف العمل الإنساني كليّا في ظل غياب البديل سيؤدي إلى كارثة، في وقت تشتد فيه معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أصلا في جحيم مطبق.
وقالت رئيسة مكتب ممثل الأونروا في القاهرة "إنه على المحك أيضاً تعليم أكثر من 650,000 طفل فلسطيني في غزة والضفة الغربية، مما يعني ضياع جيل بأكمله. كما يوجه القرار ضربة قاصمة للخدمات في قطاع غزة. فعلى المحك توزيع المساعدات الغذائية وخدمات الإيواء والرعاية الصحية ناهيك عن الجهود الإنسانية الكليةّ للأمم المتحدة والقائمة أساساً على الوكالة، ولا سيّما في ظل غياب أي بديل. وهذا سيُفاقم من معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون أصلا في جحيم مطبق.
وأضافت أنه مع تعطل التعليم والخدمات الصحية وخدمات الدعم الاجتماعي لأكثر من 150,000 فلسطيني في الضفة الغربية، فإن تعطل الاستجابة الطارئة للوكالة التي تعقب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، لتزداد حالة عدم الاستقرار والأمن في المنطقة بشكل خطير. إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق هذه القوانين في ضوء ما يحدث في لبنان سيؤدي إلى انهيار عمليات الوكالة، مما يعرض آلاف الأشخاص الذين يأوون في منشآتها إلى الخطر.
وقال "إنه لا يمكن تجاهل التداعيات السياسية الكارثية على أفق التوصل إلى حل سياسي مستقبلي للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني المستمر منذ عقود. فهذه التدابير تسعى بوضوح لإنهاء تطلعات الشعب الفلسطيني نحو تقرير المصير وإغلاق الباب نهائيًا أمام حل الدولتين، مما يشكل انتكاسا للجهود المستدامة لتحقيق السلام في المنطقة. وهي تنتهك بشكل صارخ أحكام محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وشددت على أنه إذا كان الهدف من هذه الإجراءات إنهاء قضية اللاجئين وحق العودة، فهذا فهم خاطئ للحقائق. فحقوق لاجئي فلسطين، بما فيها حق العودة، أُقرت بقرار الجمعية العامة رقم 194 قبل إنشاء الأونروا. وعليه فحقوقهم قائمة بذاتها وستبقى تمامًا كما ستبقى مخيمات اللاجئين في غزة والضفة الغربية شاهدة على معاناة شعبها وحقوقه، دون أي ارتباط بوجود الأونروا.
وقالت إنه في الوقت الذي تشتعل فيه وتتوسع النزاعات والاضطرابات في المنطقة، فإن إنهاء دور الأونروا ستنهار إحدى ركائز الاستقرار في المنطقة. ففي الفراغ الذي ستتركه وراءها، سيقع الأطفال الفلسطينيون فريسة للكراهية والتطرف والإجرام. ولعلكم تتفقون معي، أن الحاجة للوكالة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
وأشادت بما قدمته الدول العربية من دعم استثنائي للوكالة خلال العام المنصرم، ولكنها ناشدت الدول العربية بتكثيف هذا الدعم. وقالت "لا أعني هنا الدعم المالي فقط وإن كان هاماً فما زلنا بحاجة إلى 80 مليون دولار لنتمكن من مواصلة جهودنا حتى آخر العام، بل وأعني أيضا الدعم السياسي القوي والملموس للضغط تجاه منع تطبيق القوانين الإسرائيلية وتفكيك الأونروا وبالتالي تهميش دور الأمم المتحدة ككلّ وتقويض النظام الدولي متعدد الأطراف".
وأكدت أن مستقبل الأونروا مسؤولية جماعية مشتركة، ومن المهم الحفاظ على دورها وحمايته في المرحلة الراهنة وفي المرحلة الانتقالية وحتى تسليم خدماتها إلى حكومة فلسطينية يتفق عليها. وأخيرًا، أدعو إلى وضع مسار سياسي فعّال يؤدي إلى حل الدولتين، مما يسهم في إنهاء معاناة لاجئي فلسطين بشكل جذري.